كل مواطن لديه بيتزاه وريشاه وكفتاه.. نجومنا تحديداً- أتحدث عن الأغلبية منهم بالطبع- كل منهم يحدد العلاقة بالمنفعة، ولهذا في بدايات الثورة رأينا التردد يعلو أغلب الوجوه.. «أحمد بدير» كان أحد النماذج الصارخة لا يدري هل يرقص فرحاً بالثورة أم يبكي علي «مبارك» ولهذا اختار أن يرقص ويبكي في نفس اللحظة فهو يهلل فرحاً في قناة فضائية باقتراب رحيل «مبارك» وينتقل إلي قناة أخري لنراه هو بشحمه ولحمه ودموعه وابتساماته يبكي من أجل أن يستمر «مبارك».. ربما «بدير» ليس من حزب الريش مثل «عفاف» ولكن من المؤكد أنه يعلم أن ولاءه للسلطة يضمن له أن يشتري لو أراد العجل كله.. «شعبولا» كان مباشراً غني قبل الثورة بأسبوع «أنا ح انتخبك يا ريس لو حتي دمي سال وأن ماترشحتش انت أنا ح انتخب جمال» وبعد الثورة قال: أنا غنيت للرئيس لأنه رئيس أمال أغني لمين والآن أغني لشباب التحرير ولو الإخوان كسبوا ح اقرأ قرآن.. «شعبان» حالياً يواصل علاقته بالسلطة ويقدم السبت لينتظر الحد، انضم «شعبان» إلي فريق «عمرو موسي» ويعد له أغنية يقول في بدايتها «أنا ح انتخبك ياعمرو لو حتي أروح فيها اللومان.. أنا بكرهك يا مبارك أنت وجمال وماما سوزان»!! إننا بصدد قانون المنفعة لأن السُلطة في العالم الثالث تعودت علي أن تسيطر علي الفنان وكانت تمتلك في الماضي قبل الانتشار الفضائي منذ 51 عاماً كل وسائل الإعلام ولهذا من الممكن أن نجد عذراً وقتها لحالة الخضوع المطلق في تلك السنوات لأن الرفض كان يعني أن تذهب للجانب الآخر من الشمس.. الآن العلاقة قائمة علي المصلحة المباشرة، الدولة مثلاً كانت تضمن لعادل إمام مكانة خاصة لا تمس من خلال الرقابة فهو مستثني حتي أن «مبارك»- طبقاً لما ذكره «عادل»- هو الذي أجاز أفلامه التي ترفضها الرقابة.. أكثر من ذلك فإن الدولة تملك أيضاً سلاح الضرائب الذي تشهره لو أرادت في وجه كبار النجوم والمعروف أن الوسط الفني يتعامل بنظام العقد المعلن والعقد السري وأحياناً هو ليس عقداً لكنه مجرد اتفاق بين المنتج والنجم.. العقد المعلن الذي علي أساسه يدفع الفنان نسبة 2% لنقابة الممثلين وأيضاً يسدد ضرائبه وهو في العادة لايتجاوز 01% من الرقم الحقيقي الذي يتقاضاه.. الدولة تعلم والفنان يعلم أن الدولة تعلم أنه لا يسدد بالضبط ما عليه للشعب، الكل يعلم والكل يغض الطرف طالما أن الولاء المطلق هو عنوان تلك العلاقة فلا إثم عليه، أكثر من ذلك لا يمكن أن يحظي فنان بالتكريم إلا إذا وافقت الدولة علي شهادة حسن السير والسلوك التي تؤكد مبايعته للنظام ولهذا لا يضيعون الفرصة إلا ونافقوا الرئيس وجمال وماما سوزان، راجعوا مثلاً كل أحاديث النجوم في برنامج «واحد من الناس» سوف تكتشفون أن 09% منهم من مؤيدي «مبارك» وداعمي توريث الحكم لجمال.. الآن هم الأعلي صوتاً في فضح فساد «مبارك» وشجبهم للتوريث. الخضوع للنظام واحدة من قواعد الولاء التي يطبقها الفنانون منذ زمن بعيد، ولكن علينا أن نقيس الخضوع بالزمن عندما يقولون وكأنهم جابوا التايهة أن «أم كلثوم» فعلتها وغنت للملك «فاروق» في الأربعينيات مبررين غناءهم لمبارك وأعني بالغناء ليس فقط «اخترناه اخترناه واحنا معاه لما شاء الله»، ولكن كل ما هو نفاق مرئي ومسموع ومقروء، من نافقوا «مبارك» بالأقوال والأفعال يلجأون إلي شماعة «أم كلثوم»، أقول لهم أن «أم كلثوم»، فعلتها مرة واحدة في زمن لم يكن هناك سوي الإذاعة كوسيلة تواصل وحيدة، أي أن الدولة كانت تستطيع لو لم تخضع «أم كلثوم» أن تقصيها تماما عن الحياة الفنية كما أن «الملك فاروق» حتي مطلع الأربعينيات كان يمثل للشعب المصري رمزا للعدالة وأملاً في تقدم الوطن، أما الذين غنوا لمبارك فلقد كان يمكن أن يقولوا لا ويتحملوا بعض التعنت وأمامهم الفرصة لكي ينطلقوا من خلال الفضائيات غير الحكومية إلي جمهورهم، ولكنهم نافقوا النظام وكانوا يحصلون دائماً علي الثمن، إنه ولاء مدفوع الأجر.. نعم، كل نجم في علاقته بالنظام يغني علي «ليلاه» أو «ريشاه» أو «بيتزاه»!!