قبل نحو ثلاثة أعوام، وتحديدا في أبريل 2022، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إطلاق حوار سياسي واسع حول أولويات العمل الوطني، مؤكدًا أن «مصر الجديدة» هي دولة ديمقراطية مدنية حديثة تتسع لكل أبنائها.. لم يكن حديث الرئيس حينها عابرًا، بل جاء معبرًا عن رؤية للمستقبل تدرك أن أخطار الخارج لا يواجهها إلا استقرار الداخل، وأن هذا الاستقرار لا يُبنى إلا بقوة مؤسسات الدولة ورسوخها. وكان البرلمان في مقدمة تلك المؤسسات، باعتباره صوت الشعب وسلطة التشريع، والذي تشهد انتخاباته الجارية سلسلة من التعثرات؛ يراها كثيرون «خطايا»، ويرى فيها آخرون «أخطاء»، بينما برر البعض ما حدث أنه جاء في إطار «تنافس انتخابى شريف»، إلا أن النبض الحقيقي يبقى في نظرة المواطن إلى برلمانه: هل سيأتي معبرًا عنه لخمس سنوات مقبلة؟. وهل استطاعت النخب السياسية أن تحقق ما أراده الرئيس لمصر الجديدة؟. «الوطنية للانتخابات» تسارع الزمن تسارع الهيئة الوطنية للانتخابات الزمن لإنهاء مهامها الخاصة بإجراء انتخابات مجلس النواب 2025، إذ ينتهي الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب يوم 11 يناير 2026، ويبدأ الفصل التشريعي الثالث للمجلس بموجب القرار الجمهوري ببدء دور الانعقاد الأول لمجلس النواب، بدءًا من اليوم التالي لانتهاء الفصل التشريعي الثاني، وذلك بعد اكتمال تشكيله من النواب المنتخبين وعددهم 568 عضوا و28 نائبا بالتعيين بقرار جمهوري، ليصبح العدد الإجمالي596 نائبا. وقد انتهت الأسبوع الماضي، أعمال التصويت في الدوائر ال19 الملغاة التي تقرر إعادة الانتخابات بها ضمن المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب 2025، إضافة لجولة الإعادة في دائرة واحدة فقط بنظام الفردي وهي دائرة إطسا بمحافظة الفيوم. وبالنسبة لمواعيد التصويت في جولة الإعادة في الدوائر ال19 الملغاة -إن وجدت-، يبدأ الصمت الانتخابي لجولة الإعادة في الدوائر ال19 يوم 23 ديسمبر، ويجرى التصويت لإعادة الدوائر ال19 بالخارج يومي 24 و25 ديسمبر، ويجرى التصويت لإعادة الدوائر ال19 بالداخل يومي 27 و28 ديسمبر، بينما تعلن نتيجة جولة الإعادة في الدوائر ال19 يوم 4 يناير المقبل. وخلال الأسبوع الجاري، تُجرى الانتخابات في ال30 دائرة انتخابية بالمرحلة الأولى والتي تم إلغاؤها بحكم المحكمة الإدارية العليا، وقد حددت الهيئة الوطنية للانتخابات موعد التصويت في تلك الدوائر يومي 8 و9 ديسمبر بالخارج ويومي 10 و11 ديسمبر بالداخل وفى حالة وجود إعادة يكون التصويت فى الخارج يومى 31 ديسمبر و1 يناير وفى الداخل يومي 3 و4 يناير. وتجرى هذه الانتخابات في 10 محافظات، وهي الوادي الجديد: الدائرة الأولى قسم الخارجة، الدائرة الثانية مركز الداخلة والفرافرة، ومحافظة أسوان: الدائرة الأولى قسم أول أسوان، الدائرة الثالثة مركز النوبة، الدائرة الرابعة مركز إدفو، ومحافظة الأقصر: الدائرة الأولى قسم الأقصر، الدائرة الثانية مركز القرنة، الدائرة الثالثة مركز إسنا، ومحافظة الإسكندرية: الدائرة الأولى قسم أول المنتزه، ومحافظة المنيا: الدائرة الأولى قسم أول المنيا، الدائرة الثالثة مركز مغاغة، الدائرة الرابعة مركز أبو قرقاص، الدائرة الخامسة مركز ملوى، الدائرة السادسة مركز دير مواس، ومحافظة الجيزة: الدائرة الأولى قسم الجيزة، الدائرة الثالثة مركز البدرشين، الدائرة السادسة قسم بولاق الدكرور، الدائرة السابعة قسم العمرانية، الدائرة التاسعة قسم الأهرام، الدائرة العاشرة قسم أكتوبر، الدائرة الثانية عشر مركز منشية القناطر، ومحافظة البحيرة: الدائرة الرابعة مركز المحمودية، الدائرة الخامسة مركز حوش عيسى، الدائرة السادسة مركز الدلنجات، الدائرة التاسعة مركز كوم حمادة، ومحافظة سوهاج: الدائرة السابعة مركز البلينا، ومحافظة أسيوط: الدائرة الأولى قسم أول أسيوط، الدائرة الثانية مركز القوصية، الدائرة الرابعة مركز أبو تيج، ومحافظة الفيوم: الدائرة الثالثة مركز سنورس. أما بالنسبة للمرحلة الثانية، فقد أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات نتائج الجولة الأولى منها، ووفقا للجدول الزمني يجرى التصويت لإعادة المرحلة الثانية بالخارج يومي 15 و16 ديسمبر، ويجرى التصويت لإعادة المرحلة الثانية بالداخل يومي 17 و18 ديسمبر، وتعلن نتيجة جولة الإعادة للمرحلة الثانية يوم 25 ديسمبر. مشاهد إيجابية رغم الأخطاء التي شابت العملية الانتخابية في مرحلتها الأولى، إلا أن ذلك تبعه تحركات ونتائج انعكست إيجابا على المشهد الداخلي، بدءًا من تدخل الرئيس السيسي ودعوته للهيئة الوطنية للانتخابات بعدم التردد في إلغاء التصويت الخاص بمقاعد النظام الفردي في الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب بالكامل أو جزئيا في بعض الدوائر إذا تعذر الوقوف على إرادة الناخبين «الحقيقية»، ثم إلغاء «الوطنية للانتخابات» نتائج 19 دائرة انتخابية، انتهاءً بإلغاء المحكمة الإدارية العليا الانتخابات في 30 دائرة. ربما تلك الإلغاءات أدت لوضع البرلمان المقبل في «خطر التشكيك»، لكن هذا الخطر كان سيصبح أسوأ إن لم يتم تداركه قبل المرحلة الثانية، التي شهدت في جولتها الأولى حزمًا واضحا من «الوطنية للانتخابات» وأجهزة وزارة الداخلية. وهناك زاوية إيجابية أخرى، حيث رأى كثيرون أن قدرة المستقلين على المنافسة في الانتخابات بالمرحلتين وتحقيق عدد لا بأس به كان مصدر أمل لهم. أخطاء غير مؤثرة من جانبها أصدرت أحزاب القائمة الوطنية بياناً أكدت فيه أن الانتخابات البرلمانية الجارية تتم تحت إشراف الهيئات القضائية وبضمانات قانونية واضحة، مع منافسة انتخابية حقيقية تعكس جدية الدولة في ترسيخ مسار ديمقراطي قائم على الالتزام بالقانون. وأشارت إلى أن أي أخطاء أو مخالفات محدودة لا تؤثر على مجمل العملية الانتخابية، ولا تستدعي إعادة الانتخابات إلا وفق قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات أو أحكام قضائية، وهو ما يعكس نزاهة الإجراءات وحرص الدولة على تصويب المسار القانوني عند الحاجة. كما أعربت الأحزاب عن رفضها لحملات التشويه المنظمة ومحاولات بث الفوضى من بعض الجهات، مؤكدة أن النقد الموضوعي حق مشروع للجميع دون التأثير على الرأي العام. ودعت الأحزاب كافة القوى السياسية إلى التنافس الشريف والاحتكام لصناديق الاقتراع واحترام أحكام القضاء، مع التأكيد على أن القانون هو الإطار الحاكم والمشاركة الشعبية حجر الأساس للعملية الديمقراطية، وأن الوحدة الوطنية فوق كل الاعتبارات الحزبية أو المصالح الشخصية. وأكدت أهمية رفع مستوى الوعي السياسي لدى الشباب لضمان دولة قوية وشعب واعٍ، مشيرة إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يواصل ترسيخ مؤسسات الدولة وتصحيح المسار بغض النظر عن ضجيج المشككين.