طوال 25 عامًا هو عمرى فى مجلة روزاليوسف كان السؤال الذى يطاردنى من الجميع: لماذا تعمل فى مؤسسة «ضد الإسلام» أو «مجلة شيوعية» أو «مجلة حمراء» وهو ما كان يطارد غيرى من كل الزملاء العاملين فى روزاليوسف ولم يصدق أحد أن روزاليوسف بها «مسجد» كبير داخل المؤسسة.. وأننا نصلى ونصوم مثلهم أو بمعنى أشمل أننا مسلمون كأغلب المصريين. روزاليوسف كافرة هذا ليس عنوانًا براقًا، بل هو ما وصلت إليه رسالة دكتوراه فى جامعة الأزهر فرع المنوفية.. وصلتنا دعوة لحضور مناقشة الرسالة، فطلب منى الأستاذ عبدالله كمال أن أحضر المناقشة قائلا: «نحن على أعتاب معركة كبيرة» قبل بداية المناقشة صلينا الظهر فى مسجد الجامعة وبدأت بعدها مناقشة رسالة بعنوان «روزاليوسف فى اتجاهات الفكر الإسلامى» انتهت الرسالة بأن المجلة وكتّابها «خالفوا الفكر الإسلامى وعملوا ضده وعليهم العودة لصحيح الدين» وبدأت معركة كبيرة ضد الرسالة التى أطلقنا عليها «رسالة الكفران» ومحتواها غير الصحيح، وتضامن مع المجلة كبار الكتّاب وأساتذة الجامعة بمن فيهم الأستاذ الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر وقتها الذى طلب إعادة الرسالة وتنقيحها، ونجحت المجلة والمثقفون المصريون فى وقف الرسالة قبل أن تصبح مرجعًا علميًا محكمًا يمكن الاستناد إليه فى توصيف المجلة.
الإسلام والإخوان روزاليوسف لها موقف واضح ومعلن على صفحات المجلة، وفى الدراسات العلمية وهو «روزا ضد فكر الإخوان وضد مخططاتهم ومؤامراتهم» وموقف روزاليوسف من التنظيم الإرهابى كان هو الكاشف لجرائمه ومؤامراته على الدولة طول تاريخه منذ أسسه المرشد الأول حسن البنا؛ بدعم من المخابرات البريطانية مرورًا باستيلاء الإخوان على الحكم بعد أن استغلوا الجميع لصالحهم من القوى السياسية التى صدقت شعارات الإخوان الزائفة مرورًا بالمغيبين من المصريين الذين رأوا فى التنظيم المخلّص والمنقذ والذى سيطبق شعاراته الزائفة.. ولكن سرعان ما كشف التنظيم عن نفسه وكشف وجهه الإرهابى ضد المصريين الذين أدركوا الحقيقة سريعًا؛ وأفشلوا المخطط قبل أن تضيع دولتهم.
لم تتهاون روزاليوسف أو تهادن التنظيم على الإطلاق فى الوقت الذى كان التنظيم يستغل بعض المطبوعات سواء بشراء آلاف النسخ منها أو من خلال إعلانات لشركات التنظيم العلنية والخفية والمؤيدة له.. ولم تخضع روزا لتهديدات التنظيم وإرهابه وطوال تاريخها لم تخضع لذهب الإخوان أو سيفهم.
لم يكن الإخوان طوال تاريخهم مع الشعب بل مع مصلحتهم، ولكن يظهرون عكس ما يبطنون مستخدمين مبدأ «التقية» كى يظهروا أنهم بجانب الناس وما هم من الناس.. التنظيم الإرهابى.. ولم تكن روزاليوسف لتغض الطرف عن هذا السلوك المشين واستخدام البسطاء لتحقيق حلم الإخوان فى الاستيلاء على الدولة.. بل كانت طوال تاريخها فى صف الدولة المصرية سواء ضد الملك أو ضد الوفد، وبالطبع ضد الإخوان فى الوقت الذى ارتمى الإخوان فى حضن السلطة -وقتها- وأطلقوا شعار» الله مع الملك» بحثًا عن مكاسب شخصية على حساب الوطن.
طوال تاريخها لم تهادن روزا تنظيم الإخوان بل كانت هى العدو الأول لهم من خلال كشف ألاعيبهم للمصريين.. وطوال مائة عام لم تحيد عن هذا المبدأ وكانت صفحاتها بمثابة الرصاص الذى تطلقه على جسد التنظيم الذى كان يئن تحت الطعنات التى توجه له.. وكان كتّابها بمثابة جنود المعركة الذين تقدموا الصفوف فى معركة الوعى ضد التنظيم وأفكاره ومخططاته.
حاولت الجماعة الإرهابية ربط توجهها الفكرى على أنه هو توجه الإسلام الوسطى المصرى، وكانت تروج كذبًا على أن أى انتقاد لها ولمخططاتها هو انتقاد للإسلام مستغلة المشاعر الدينية لدى المصريين.. فى هذه السطور سنسرد وقائع بسيطة تجيب عن السؤال التاريخى «هل روزاليوسف ضد الإخوان؟» وقائع كنا شهودًا عليها، وما كتبناه كان توثيقًا لهذه الفترة التى كان تنظيم الإخوان رغم صدور قرار باعتباره جماعة محظورة قانونًا إلا أن نشاطاته كانت موجودة ومؤمراته أيضًا.. بل وصل التنظيم المحظور بداية من عام 2000 إلى قوة لا يستهان بها.
السيطرة على النقابات المهنية بدأت سيطرة التنظيم المحظور على النقابات المهنية من خلال إقامة المعارض السلعية بأسعار مخفضة، وبدأت بنقابة المهندسين وتوسعت لباقى النقابات باعتبارها تضم عددًا كبيرًا من المنضمين لها ليبدأ بعدها سيطرة التنظيم على النقابات ومجالس إداراتها وتدور النقابات المهنية بين سيطرة أعضاء التنظيم أو فرض الحراسة القضائية، كما حدث فى معظم النقابات المهنية كالمحامين والمهندسين.. وحتى بعد عودة هذه النقابات وفك الحراسة تعمد أعضاء التنظيم من شعبة المهنيين من إفساد الانتخابات النقابية، بل وإفساد الحياة النقابية ذاتها.
طلال الأنصارى يكشف دور الإخوان فى انقلاب تنظيم الفنية العسكرية جاء طلال الأنصارى المتهم الثانى فى تنظيم الفنية العسكرية إلى روزاليوسف يريد نشر مذكراته التى تكشف بكل دقة كيف تم الإعداد والتجهيز للانقلاب على الرئيس السادات عام 1974 وهو ما عرف بتنظيم الفنية العسكرية.. المذكرات التى حملت عنوان «هارب من الإعدام» يحكى فيها عن دور زينب الغزالى التى قدمت أعضاء التنظيم للإخوان لتنفيذ الانقلاب واغتيال الرئيس السادات وتسليم الدولة للإخوان، وكشف فيها عن دور المتهم الأول «صالح سرية» الإخوانى فى قيادة التنظيم بداية من التخطيط للتنفيذ، وكيف كان يذهب لزينب الغزالى فى منزلها ويلتقى بقيادات الإخوان لوضع السياسة التى سيتم إقرارها بعد اغتيال السادات فى العام التالى لتحقيق انتصار أكتوبر العظيم.
ميليشيا العرض العسكرى بجامعة الأزهر
حذرت روزاليوسف طوال تاريخها من أن الإخوان تمتلك ميليشيا عسكرية مدربة من شبابها تمهيدًا للصدام مع الدولة، وكانت تستغل المعسكرات الصيفية التى تقيمها لأعضائها للتدريب على الفنون القتالة وهو ما تجلى فى العرض العسكرى الذى قام به طلاب جامعة الأزهر من طلاب اتحاد أطلقوا عليها «الاتحاد الحر» فى ديسمبر 2006 مستعرضين مهاراتهم العسكرية أمام مكتب الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر وقتها احتجاجًا على فصل عدد منهم بعد إعلانهم عن إنشاء اتحاد طلابى موازً للاتحاد الرسمى.. وارتدى نحو 50 طالبًا زيًا أسود، ووضعوا أقنعة على رؤوسهم مكتوبة عليها «صامدون» وأجروا استعراضًا لمهاراتهم فى لعبتى ال«كونغ فو» و«الكاراتيه» وردد المتظاهرون هتافات ضد السلطات الجامعية وضد الحكومة وقام طلاب الإخوان بتظاهرات مماثلة فى عدد من الجامعات الأخرى. واقتحم طلاب الإخوان المعتصمون باب رئيس الجامعة وكانت المنطقة أمام وأسفل مكتب رئيس الجامعة عبارة عن ثكنة إخوانية بشعارات وهتافات ضد الجامعة ولم يكن العرض العسكرى ذروة فصولها بل امتد لاستخدام السلاح الأبيض والخرطوش ضد الطلاب وبعضهم من المنتمين وغير المنتمين للتنظيم الإرهابى.
التنظيم الإرهابى والسيطرة على الدولة ميليشيا الأزهر العسكرية كانت بروفة لما قام به التنظيم الإرهابى ضد المعتصمين أمام قصر الاتحادية وأمام مكتب الإرشاد بالمقطم احتجاجًا على إدارة الدولة من مكتب الإرشاد وضد الإجراءات التى اتخذها الرئيس الإخوانى محمد مرسى ضد كل أجهزة الدولة وقبل كل ذلك اعتراضًا على «أخونة الدولة».. ما قام به طلاب الإخوان فى الأزهر كان هو ما صلب عقيدة الإخوان فى العنف وتكفير الآخر وكان بداية السيطرة والاستيلاء على مفاصل الدولة.
عند الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية فى 2012 كانت روزاليوسف أمام مكتب الإرشاد انتظارًا لإعلان النتيجة وفور الإعلان عن فوز مرسى تعالت الصيحات من داخل المكتب وارتفعت الحناجر «الله أكبر ولله الحمد» شعار الإخوان التاريخى وكان بداية ارتفاع الجماعة على حساب الدولة وخرج علينا مسؤول مكتب الجيزة ليؤكد أن «مرحلة الإخوان قد بدأت» وأن الإخوة صلوا ركعتى شكر لله على الفوز بالدولة وليس بالانتخابات لتبدأ بعدها فصلًا من محاولة «ابتلاع الدولة» فى بطن الجماعة.
لم تسكت روزا وقتها وأعلنت صراحة أن «الدولة» أهم من «الجماعة» وبدأت وقتها فى كشف مخططات التنظيم باعتبارها قائدة هجوم الصحافة على التنظيم وأفكاره الذى لم يتوانى فى الهجوم عليها ومحاولة تصفية المؤسسة وضيّق الخناق على المطبوعة بوقف التمويل ومهاجمتها بأنها «ضد الدولة» ولم يقل أنها «ضد الجماعة» فى محاولة لتصفية الحساب وهى مواقف لم ترهب روزا ولا العاملين فيها وواصلت المجلة رحلتها فى كشف التنظيم ولم تدعها اتهامات الإخوان بأنها مجلة حمراء أو مجلة شيوعية، بل واصلت طريقها فى كشف التنظيم.
ثورة 30 يونيو طريق التنظيم الإرهابى للسيطرة على مفاصل الدولة كان مفروشًا بالدم والشهداء من أبناء الوطن الذين كشفوا حقيقته وسارعوا للتخلص منه بعد الكوارث التى ارتكبها من حصار المحكمة الدستورية والاعتداء على المعتصمين أمام الاتحادية وحرق خيامهم، وبعد ترك إدارة الدولة لمكتب الإرشاد، وبعد أن فقدت الدولة هويتها السياسية والاجتماعية.
فى يوم 30 يونيه 2013 اندلعت «ثورة التطهير» فى كل بقاع مصر وكان الثوار حاضرين أمام مكتب الإرشاد أو «قلعة الإرهاب» وانتقموا من التنظيم وتم إحراق المقر بعد أن هرب كل من فيه وتركوا المكان كعادة كل التنظيمات الإرهابية.
داس المتظاهرون على صور المرشد داخل مكتبه المحصّن بمقر قلعة الإرهاب بعد اقتحام المكان وإحراقه تمامًا، ونشرت عشرات الوثائق عن إدارة التنظيم الإرهابى الذى لم يكن يعرف عنه شىء، وعرف الجميع كيف كانت تدار الدولة وكيف كان الرئيس الإخوانى مجرد موظف ضمن عناصر التنظيم يتلقى الأمر من مكتب الإرشاد وينفذه.
كانت روزاليوسف ولاتزال تكشف كيف يقوم التنظيم بخداع المواطنين، وكيف يستخدمون مبدأ «التقية» فى إظهار غير ما يبطنون، وكيف استخدموا المظلومية فى الظهور بمظهر الحمل الوديع وهم فى حقيقتهم ذئاب لا تتهاون فى الانقضاض على فريستهم.. كشفت روز اليوسف فى تحقيق صحفى كيف يرفض أبناء الإخوان الانضمام إلى التنظيم،، ليس فقط لرفض أبنائهم الانضمام إليها، ولكن لانتقاد الأبناء لأفكار الجماعة بعد أن خلعوا عباءتها، ويكشف ازدواجية المعايير داخل الكيان المحظور بتفعيل مبدأ «السمع والطاعة» وعدم تطبيقه على المتميزين من أبناء القادة.
قائمة قيادات الإخوان سواء المرشدين أو أعضاء مكتب الإرشاد أو حتى أبناء الرعيل الأول الذى عاصر حسن البنا مؤسس الجماعة مليئة، ويصعب حصرها.. على رأس القائمة أبناء المرشدين السابقين الذين فضلوا العمل بعيدًا عن الجماعة تمامًا، فأبناء مصطفى مشهور لم ينضموا للتنظيم، وكذلك الأمر بالنسبة لأبناء مأمون الهضيبى، نفس الحال تكرر مع المرشد محمد مهدى عاكف لم يدخل أبناء المرشد فى التنظيم وفضلوا العمل بعيدًا عن الاتهام بالانتماء للجماعة، أيضا أبناء إسماعيل الهضيبى القيادى السابق فى الجماعة الذى تخرج أبناؤه فى الجامعة الأمريكية ولم يكن لهم أى نشاط أو موقع إخوانى على الإطلاق.
هذه الازدواجية تؤكد أن الإخوان تنظيم مخادع هدفه تحقيق المنصب السياسى بعيدًا عن الشعارات الدينية التى ينادون بها حيث يدفعون باتباعهم إلى التهلكة ويبقون أبناءهم بعيدًا عن أى خطر ليتعلموا فى المدارس الأجنبية.
التمويل السرى للإخوان يظل ملف تمويل الإخوان أحد أكبر الأسرار فى تاريخ الجماعة ما بين يوسف ندا عضو التنظيم الدولى للجماعة والملياردير المقيم فى لندن وبين خيرت الشاطر وكل مشروعاته الاقتصادية والممول للعرض العسكرى أو ميليشيا الأزهر فى عام 2006، وعلاقته مع حسن مالك حيث أسسا معًا شركة «سلسبيل» لتجارة أجهزة الكمبيوتر أحد مصادر أموال الإخوان كما صنفتها القضية المعروفة إعلاميًا بقضية سلسبيل فى عام 1992. نجح الشاطر فى إدارة أموال التنظيم وضارب فى البورصات العالمية خارجيًا ونجح فى إقامة عدة مشروعات داخليًا سواء فى مجال المعارض أو المدارس.