رغم الجهود المستمرة لتحديث وتطوير شبكة السكك الحديدية، التى شملت إدخال قطارات جديدة، تحديث البنية التحتية، لا تزال حوادث القطارات تُلقى بظلالها الثقيلة على حياة المواطن، حادث قطار مطروح الأخير؛ يعيد إلى الواجهة تساؤلات مؤرقة: لماذا تستمر الحوادث؟؛هل يكمن الخلل فى العنصر البشرى فقط؟؛ أم أن هناك خللاً هيكليًا فى المنظومة نفسها؟ تحقيقات النيابة قررت نيابة مطروح الكلية برئاسة المستشار حسن أباظة، تحت إشراف المحامى العام الأول المستشار مدحت المناوى، صرف كل من سائق قطار الضبعة ومساعده من سرايا النيابة العامة صرفًا مؤقتًا؛ على ذمة القضية 1400 لسنة 2025 جنح الضبعة؛ حيث تم الاستماع إلى شهادة كل من قائد طاقم القطار ومساعده أمام النيابة العامة، بالإضافة إلى ناظر محطة مرسى مطروح والعمال الفنيين بالمحطة. دلت التحقيقات الأولية، إلى أن سبب تأخر انطلاق القطار من محطة مرسى مطروح لمدة 40 دقيقة، بسبب تزويده بعربة ركاب إضافية لاستيعاب الزيادة فى حجز التذاكر، انتهى فريق التحقيقات؛ من سماع شهادة 47 مصابًا؛ يتلقون العلاج فى مستشفيات الضبعة ورأس الحكمة، والعلمين، حيث أوضحت أقوالهم أنهم لم يستطيعوا الجزم بتحديد المسئول عن الحادث. وزارة النقل الفريق كامل الوزير، وزير النقل نفى ما أُثير حول وجود لودر على القضبان، وأن هذه الرواية ليس له أى أساس من الصحة؛ كما أن ما تردد بشأن هبوط أرضى فى السكك الحديدية غير صحيح تمامًا، مؤكدًا أن الجرار والعربات الأمامية بحالة سليمة ولا يوجد أى أثر لاصطدام بمعدات أو حدوث انهيار أرضي. المعاينة الأولية؛حددت موقع المشكلة عند العربة الرابعة خلف الجرار مباشرة؛أظهرت أن السبب المبدئى هو انفصال "البوجي" الهيكل المعدنى الذى يربط عجلات العربة بالشاسيه، مما أدى إلى خروج القطار عن مساره. حوادث القطارات فى عام 2024 فقط، ارتفعت الحوادث بنسبة %21.5 مقارنة بعام 2023، حيث سجلت 220 حادثة مقارنة ب 181 حادثة، بلغ عدد المتوفين فى تلك الحوادث 57 شخصًا، ارتفع عدد المصابين إلى 104 مصابين، بخلاف حوادث الأفراد التى حصدت أرواح 727 شخصًا وأصابت 324 آخرين، ورغم أن معدل قسوة الحوادث «عدد الوفيات لكل 100 مصاب»، انخفض من 103.9 عام 2023 إلى 54.8 عام 2024، إلا أن استمرار ارتفاع عدد الحوادث؛ يطرح علامات استفهام كثيرة حول فعالية هذه الجهود، ما إذا كانت كافية أو موجهة بالشكل الصحيح، خاصة فى ظل استمرار وقوع خسائر بشرية ومادية جسيمة. التطوير فى هذا التحقيق روزاليوسف فتحت ملف تطوير السكة الحديد فى مصر مع عدد من خبراء هندسة الطرق؛ لمعرفة آرائهم حول أسباب تكرار حوادث القطارات وهل العنصر البشرى هو المسئول عن هذه الحوادث التى أصبحت متكررة؟!! د.عبد الله أبو خضرة أستاذ هندسة الطرق والنقل فى جامعة بنى سويف، قال إن هيئة السكك الحديدية تطبق بالفعل معايير الأمان الحديثة، التحديث مستمر منذ عام 2014، خاصة فى نظم الإشارات والتحكم الإلكترونى، ما أسهم فى الحد من الحوادث خلال السنوات الأخيرة. وقال إن ما تحقق على أرض الواقع منذ 2014، يشير إلى تحسن مرفق السكة الحديد بشكل كبير، معدل نقل الركاب ارتفع من 700 ألف راكب/يوم عام 2014 إلى 1.2 مليون راكب/يوم عام 2024، مع استهداف 2 مليون راكب/يوم بحلول 2030. وأضاف د.عبد الله أبو خضرة، أنه ارتفع نقل البضائع من 4.5 مليون طن إلى 6 ملايين طن، مع خطط للوصول إلى 13 مليون طن سنويًا، فضلا عن تنفيذ وتحديث أكثر من 840 مزلقانًا وتأمينها إلكترونيًا وتم تشغيل نظام الحجز الإلكترونى فى محطات كبرى لضبط دخول الأرصفة. واستطرد قائلا: «لو تكلمنا عن ما تحقق بالفعل من خطة تطوير السكة الحديد، الوحدات المتحركة تمت إعادة تأهيل 100 جرار من إجمالى 220 جرارًا مخطط، إعادة تأهيلها وتوريد 210 جرارات جديدة، توريد 6 قطارات تالجو فاخرة من شركة تالجو الإسبانية، ودخلت جميعها الخدمة، توريد 1047 عربة من إجمالى عقد توريد 1350 عربة ركاب جديدة من شركة «جانز مافاج» المجرية، الانتهاء من إعادة تأهيل 5000 عربة بضائع طرازات مختلفة من إجمالى 9000 عربة. بالنسبة لتطوير البنية الأساسية، أشار «أبوخضرة» إلى أنه تم الانتهاء من تطوير 312 محطة قائمة بالفعل من إجمالى 708 محطات؛ منها 114 محطة ضمن المرحلة الأولى لمبادرة حياة كريمة، إنشاء محطات جديدة، تم الانتهاء من إنشاء محطة قطارات صعيد مصر بمنطقة بشتيل، المقامة على مساحة تعادل 4 أضعاف مساحة محطة رمسيس الحالية، لا يمكن أن نغفل، إنشاء خطوط سكك حديدية، حيث تم التخطيط لإنشاء خطوط جديدة ضمن الممرات اللوجستية لربط الموانئ الجافة والمناطق اللوجيستية مع خطوط السكك الحديدية الحالية، حيث تم إنشاء خط سكة حديد «كفر داود/ السادات» بطول 38 كم ضمن الممر اللوجيستى «القاهرة/ الإسكندرية» وهو أول خط سكة حديد جديد يُنشأ منذ 30 سنة، 4 محطات تضمنت 3 محطات ركاب لخدمة القرى ومدينة السادات 1 محطة شحن بضائع عملاقة لخدمة المنطقة الصناعية بالسادات والميناء الجاف بها. إنشاء وإعادة تأهيل وتطوير خط سكة حديد «الفردان/ بئر العبد» بطول 100 كم، تطوير 6 محطات على الخط «القنطرة شرق - جلبانة - بالوظة - رمانة - نجيلة - بئر العبد»، جار إنشاء خط «الروبيكي/ العاشر من رمضان/ بلبيس» بطول 63,5 كم. 841 مزلقانًا مطورًا وقال د.عبد الله أبو خضرة، إن الدولة انتهت من تطوير الشامل ل841 مزلقانًا؛ من إجمالى 1120 مزلقانًا مخطط تطويرها على الشبكة؛ تطوير نظم الإشارات والتحكم؛ بهدف تحويل خطوط الشبكة من النظام الميكانيكى إلى النظام الإلكتروني؛ لزيادة معدلات السلامة والأمان، زيادة عدد القطارات والرحلات بالخطوط؛ تقليل زمن الرحلة، عدم الاعتماد على العنصر البشرى فى تسيير حركة القطارات؛ تطوير ورش السكك الحديدية بحوالى 33 ورشة رئيسية لزيادة الإنتاجية بها ورفع مستويات الجودة بهذه الورش. و أكد د.عبد الله أبو خضرة، على أن الدولة اهتمت بتنمية العنصر البشرى، حيث تم وضع خطة شاملة لرفع كفاءة وتطوير العنصر البشرى، باعتباره الركيزة الأساسية بمنظومة السكك الحديدية؛ من خلال التأهيل والتدريب بالكلية الحربية والكلية التكنولوجية العسكرية والمعهد العالى لتكنولوجيا النقل، نفذنا خطة لإعادة تأهيل وتدريب العناصر الحالية لرفع درجة الوعى لديها لاستيعاب أساليب التشغيل الحديثة للوحدات المتحركة الجديدة، استطاعت هيئة السكك الحديدية فى فترة قصيرة تعيين 550 مهندسًا بعد الانتهاء من تدريبهم لمدة 6 أشهر بالأكاديمية العسكرية المصرية، بالإضافة إلى تعيين 3350 تكنولوجيًا وفنيًا ومساعد قائد قطار بعد الانتهاء من تدريبهم بالكلية التكنولوجية العسكرية لمدة 3 أشهر. تحويل المدرسة الثانوية الصناعية بوردان إلى المعهد العالى لتكنولوجيا النقل بنظام 4 سنوات (2+2)، تخريج 400 فنى فوق متوسط و115 تكنولوجيًا حتى الآن، يعملون حاليا بهيئة السكة الحديد. صفر حوادث يقول د.عماد نبيل، استشارى الطرق والنقل الدولى، أن الحديث عن حوادث القطارات لا يجب أن يكون من منطلق نفيها تمامًا أو المطالبة بعدم حدوثها على الإطلاق، بل من زاوية فهم السياق العالمى ومعايير الأمان المعتمدة دوليًا، الحوادث فى جميع شبكات النقل حول العالم موجودة، سواء فى الطرق أو السكك الحديدية أو الطيران، لكن ما يُفرّق الدول المتقدمة عن غيرها هو التحكم فى معدلات الحوادث والبقاء ضمن النسب المقبولة عالميًا. واستطرد قائلاً: «إن الحوادث لها معدلات مقبولة، مثلًا فى الطرق تجد معدل الحوادث 3 لكل 1000 نسمة، الفكرة ليست أن نمنع الحوادث تمامًا، بل أن نحافظ على معدلاتها تحت المستويات الدولية المسموح بها». وأشار د. عماد نبيل، إلى أن فكرة الوصول إلى صفر حوادث ما تزال هدفًا صعب التحقيق، حتى فى الدول الأكثر تقدمًا، قليل جدًا من دول العالم – يمكن دولتين أو ثلاث فقط – نجحت فى الوصول لمعدل شبه صفرى لحوادث القطارات، بقية الدول الحوادث فيها واردة لكن بمعدلات منخفضة». 1