رغم كل التحديات والعقبات التى تقف حجر عثرة، أمام مسارات التهدئة لأزمات المنطقة، تواصل الدولة المصرية، جهودها الهادفة للتهدئة ووقف نيران الحرب، لاسيما المستمرة فى قطاع غزة، وأيضًا دعم استقرار دول الجوار المباشر، لاسيما فى ليبيا والسودان، التى تواجه أزمات وصراعات داخلية شديدة التعقيد. والواقع أن الجهود المصرية، لا تتصدى فقط لنزعة الصراع الممتدة فى المنطقة، وإنما تصطدم بعقبة التعنت وغياب الإرادة الحقيقية للسلام من حكومة الاحتلال الإسرائيلى، وتلك الإشكالية الأساسية التى تواجه مسار وقف إطلاق النار فى غزة. من هذا المنطلق، تتحلى القاهرة، ب«الصبر الدبلوماسى، والسياسي»، فى مواجهة عقبات وقف إطلاق النار، وسط عجز دولى لوقف نزيف الدم الفلسطينى، وتمارس دورها التاريخى، إنقاذًا للوضع الإنسانى الكارثى فى القطاع، وتكثف جهودها واتصالاتها مع كل الأطراف، أملًا فى كتابة مشهد النهاية، من فيلم العدوان على غزة المأساوى. ولم تتوقف الاتصالات والتحركات المصرية، رغم كل التعنت الإسرائيلى، وتواصل دورها وفق أولويات تسعى لتحقيقها، تبدأ بوقف إطلاق النار، ورفع الحصار عن القطاع، وصولًا للهدف الأساسى، وهو إحلال السلام الشامل بإعلان دولة فلسطين المستقلة. ورغم أن جهود الوساطة التى تقودها الدولة المصرية، بالتعاون مع قطروالولاياتالمتحدةالأمريكية، منذ اليوم الأول للعدوان على غزة، فى السابع من أكتوبر 2023، قدمت فترتى هدنة قصيرة، عاود بعدها الاحتلال الإسرائيلى عدوانه، إلا أن القاهرة، لم تفقد الأمل فى الوصول لمرادها، بوقف شامل لإطلاق النار، ودعم حقوق الشعب الفلسطينى، وهنا تتحرك القاهرة فى عدة اتجاهات: - صياغة مقترحات لوقف إطلاق النار، وفق محددات، تعمل على إنهاء الصراع، وإنقاذ الوضع الإنسانى، وحماية الأمن القومى المصرى، ولم تتوقف الأطروحات المقدمة من الوسطاء فى سبيل تحقيق تلك الاهداف حتى الآن. - تكثيف الاتصالات الدبلوماسية، مع الأطراف الإقليمية والدولية، بهدف استئناف وقف إطلاق النار، وضمان استدامته، ذلك أن الأوضاع فى غزة، تتصدر جميع اتصالات ومحادثات القيادة السياسية، مع المسئولين الدوليين، وأيضًا فى اتصالات وزير الخارجية مع نظرائه. - تسعى القاهرة، بكل جهد، لرفع الحصار المفروض على قطاع غزة، منذ شهر مارس الماضى، ووضع نهاية لسياسة التجويع، والتعنت الإسرائيلى، الرافض لدخول المساعدات الإنسانية للمدنيين فى القطاع، خصوصًا وأن القطاع بات يعانى من مجاعة إنسانية، وسط صمت وعجز دولى واضح. ولعل خير شاهد على ذلك، وصف مقررة الأممالمتحدة المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز، ما ترتكبه إسرائيل بالأراضى الفلسطينيةالمحتلة بأهوال «يوم القيامة»، وحملتها المسئولية «عن واحدة من أقسى جرائم الإبادة الجماعية فى التاريخ الحديث»، وقدمت هذا الأسبوع تقريرًا عن عوامل الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين منذ 22 شهرًا. ولعل من المفارقات الماثلة، أن التدخلات الدولية، استطاعت احتواء التصعيد العسكرى فى جبهات عدة، كما فعلت الولاياتالمتحدة، بين إيران وإسرائيل، وقبلها بين الهند وباكستان، وصولًا لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، غير أن الوضع فى غزة ما زال عصيًا رغم مرور ما يقرب من عامين، من العدوان الإسرائيلى على القطاع. ورغم ذلك، ما زالت تتحلى القاهرة، بسياسة «الصبر الطويل»، لصياغة حلول سياسية ودبلوماسية، لصراعات المنطقة، وعلى رأسها الوضع فى غزة، بعدّه نقطة البداية للتهدئة فى الإقليم، وتواصل نفس النهج، فى أزمات دول الجوار المباشر، ولعل خير شاهد على ذلك، مباحثات الرئيس عبد الفتاح السيسى، الأسبوع الماضى، مع قائد الجيش الليبى خليفة حفتر، والتى أكد خلالها دعم الاستقرار فى ليبيا، وأيضًا مع رئيس مجلس السيادة السودانى، الفريق عبد الفتاح البرهان.. فالهدف والغاية المصرية واضحة، هو الاستقرار، والحفاظ على وحدة وسيادة تلك الدول.