لم تحتل مصر موقفها فى مقدمة دول العالم فى الدفاع عن القضية الفلسطينية من فراغ، لم تنازع أحدا على هذا الدور فالأمور محكومة بالتاريخ والجغرافيا الأول يقول إن القاهرة تعتبر القضية الفلسطينية الدائرة الأهم فى دوائر الأمن القومى تبنتها منذ اللحظة الأولى لظهورها، خاضت من أجلها مواجهات عسكرية سال فيها دماء زكية على أرض فلسطين وفى رمال سيناء ولهذا لم يكن غريبا أن تتعامل دول العالم مع مصر على أنها الراعى الإقليمى لعملية السلام فى الشرق الأوسط.. وجاء العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى منذ عام؛ ليؤكد ويرسخ هذه المفاهيم فقد قادت مصر تحركا دوليا بعد أيام من بدء العدوان عندما دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى مؤتمر القاهرة للسلام الذى شارك فيه 30 من قادة ورؤساء وكبار مسئولى دول العالم حيث كانت الرؤية المصرية التى سعت إلى طرحها منذ البداية واضحة ومحددة وهى وقف العدوان والسماح بالدخول الفورى والمستمر للمساعدات الإنسانية بعد أن تحول قطاع غزة إلى سجن كبير يفتقد الحد الأدنى من مقومات الحياة وتدمير شامل للبنية التحتية ووصل حجم المساعدات التى قدمتها إلى حوالى 87 بالمائة والأهم هو رفض مخططات إسرائيل فى استثمار عدوانها وتمرير عمليات تهجير الفلسطينيين فى خطوة باتجاه تصفية القضية والعمل على إيجاد حل شامل وعادل للأزمة ينتج عنها استقرار المنطقة لم يتوقف الأمر عند ذلك فقد كانت شريكا مهما فى جهد ثلاثى مع قطر وواشنطن فى التوصل إلى اتفاق للتهدئة أثمر هدنة لعدة أسابيع والإفراج عن عدد من المعتقلين واستمرت فى هذا الجهد والذى أجهضه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو بطرح مطالب مستحيلة التنفيذ أو التراجع عن تعهدات سابقة. هذه محاولة للاقتراب والكشف بالتفصيل عن حقيقة الدور المصرى خلال عام من العدوان. (هناك عقود لا يحدث فيها شيء، وهناك أسابيع تحدث فيها عقود) صاحب هذه المقولة الزعيم الروسى الشهير فلاديمير لينين. وهى تجسد بكلمات قليلة حقيقة أن ما شهدته المنطقة ليس فى أسابيع، كما أشار، ولكن خلال عام كامل، لم يكن على بال بشر، حيث لم يتوقع أكثر المراقبين وأعتى المحللين أو حتى الذين يعملون على استشراف المستقبل أن نعيش وقائع ما حدث منذ عام بالتمام والكمال عندما بدأت عملية طوفان الأقصى التى أصبحت حدا فاصلا بين عالمين ما قبله وما بعده، سيتم تسجيلها فى كتب التاريخ كأحد أبرز أحداث القرن الحادى والعشرين، حيث كان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يروج لعالم جديد فى منطقة الشرق الأوسط تكون تل أبيب محوره وأساسه، كان يحلم بمسار تطبيع العلاقات مع كل دول الجوار، وقف قبلها بأيام أمام الأممالمتحدة يعرض خرائط أحلامه ولكنه مع أول تحرك لفرد من أفراد المقاومة باتجاه غلاف غزة اكتشف أنها كانت أضغاث أحلام، كوابيس سوداء، خطوطا على الرمال سرعان ما جاءت أمواج الطوفان العاتية حتى أزالتها من الوجود لم يكن الأمر متعلقا بنتنياهو الذى سعى إلى كتابة تاريخه الخاص بأنه بانى إسرائيل الكبرى وصاحب الإنجازات التى تفوق الآباء والأجداد المؤسسين لإسرائيل بل وصلت إلى كرامة الجيش الإسرائيلى الذى عاش فى وهم بأنه الجيش الذى لا يقهر أنه درة تاج الدولة وفخرها حتى إن البعض يتحدث عن أن إسرائيل جيش صنع دولة. الرد كان مأساويا بقدر الحدث مذابح فاقت كل تخيل وكل تصور فى حق المدنيين العزل فى قطاع غزة. استهدف نتنياهو ومعه شركاؤه على المستوى العسكرى لإزالتها من على الخريطة لتسويتها بالأرض حيث خطط لمن سيعيش بعد المحرقة أن يسعى إلى النزوح الثانى أو الثالث فى تاريخ الشعب الفلسطينى سعى أيضا إلى إنهاء أى مقومات لحلم الدولة الفلسطينية عندما أدخل الضفة الغربية ضمن بنك أهدافه، ترك العنان لغلاة المستوطنين تحت سمع وبصر الجيش فى مخطط لتوسيع الاستيطان وزيادة أعداد المستوطنين ودخلت ساحات أخرى على خط المواجهة من لبنان حيث حزب الله واليمن من قبل جماعات الحوثى والعراق، تحالف القوى المسلحة صعد فى الأسابيع الأخيرة من معدلات استهداف قيادات فى العديد من جماعات المقاومة وفى أكثر من ساحة حتى وصل إلى قلب العاصمة الإيرانية طهران حتى باتت المنطقة أمام مخاوف حقيقية من حرب إقليمية تلوح مقدمتها فى سماء المنطقة قد تأتى على الأخضر واليابس. وقد خصصت «الأخبار» عددا من الحلقات بمناسبة مرور عام على السابع من أكتوبر، حرصنا فيه على تسجيل الصورة كما هى من جميع جوانبها، رصدنا توابع زلزال السابع من أكتوبر من خلال رصد وثائقى لكل مذابح إسرائيل واعتداءاتها على البشر والحجر، توقفنا عند انعكاس ما حدث على جميع الساحات العربية والإقليمية وبالطبع من داخل إسرائيل وبحثنا عن (طاقات نور) ضمن هذه المأساة فلم نجدها سوى فى الموقف المصرى الواضح والصريح الذى نجح فى وقف مخططات التهجير والنزوح وكان عاملا مساعدا فى تخفيف معاناة أهل غزة من خلال المساعدات الإنسانية وكذلك زيادة الوعى الشعبى فى كل دول العالم حول حقيقة العدوان الإسرائيلى الذى تمثل فى مظاهرات طلبة الجامعات فى العديد من دول أوروبا وأمريكا ومن زيادة معدلات المقاطعة لكل ما يتعلق بإسرائيل ومن يساندها. وهذا هو الجزء الثانى ◄ وأد مبكر لمخطط تهجير الفلسطينيين على مدار تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلى الممتد منذ عام 1948، ظلت مصر المساند والداعم الأكبر للقضية الفلسطينية وتطلعات أبناء الشعب الفلسطينى فى إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم. ولا تزال مصر مستمرة فى جهودها الدءوبة تجاه قضية العرب الأولى. ومع مرور عام على العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، مخلفًا عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين أغلبهم من الأطفال والنساء، وقفت الدولة المصرية بجدية وحزم تجاه جرائم الاحتلال، وتبذل جهودًا مضنية من أجل وقف النزيف المستمر ومعالجة الأوضاع الإنسانية الكارثية فى غزة عبر عدة مسارات متوازية. قرأت القيادة المصرية المشهد مبكرًا مع اندلاع الأحداث، وأكدت مرارًا وتكرارًا رفضها التام لتصفية قضية فلسطين وتهجير أهلها لتقف حائط صد أمام تنفيذ مخططات إسرائيل الشيطانية بالتهجير، فبعد أيام قليلة من بداية العدوان على القطاع، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال مؤتمر صحفى مع المستشار الألمانى أولاف شولتز خلال زيارته للقاهرة، رفض مصر تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير فلسطينيى القطاع إلى سيناء، موضحًا أن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء سيتبعه تهجير من الضفة الغربية إلى الأردن. وأضاف أن ما يحدث فى غزة الآن ليس عملا ضد حماس، وإنما محاولة للتهجير. ■ فلسطينيون خلال نزوحهم داخل قطاع غزة فى اطار محاولة اسرائيل الفاشلة بتهجير الفلسطينيين خارج أرضهم حلم إسرائيل بتهجير الفلسطينيين من أرضهم لم يغب يومًا، واستغلت حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة أحداث السابع من أكتوبر 2023، لإيقاظ الحلم القديم، وسعى الاحتلال إلى تفريغ قطاع غزة من سكانه عبر القصف الوحشى المتعمد واستهداف المدنيين من خلال اتباع سياسة الأرض المحروقة. مع مرور عام على العدوان الإسرائيلى المستمر على غزة، استهدف جيش الاحتلال كل مظاهر ومقومات الحياة الأساسية داخل القطاع، لجعله مكانًا غير قابل للعيش، باستهداف المستشفيات والمدارس والجامعات، حتى أماكن الإيواء والمخيمات، وهى سياسة منهجية محددة اتبعتها إسرائيل لنزع الأمان عن كل القطاع وحرمان السكان من الإيواء أو الاستقرار. وقدرت الأممالمتحدة أن 90% من السكان تعرضوا لأضرار جسيمة، وعلى رغم كل الظروف الصعبة يتمسك الفلسطينيون بأرضهم. وعلى رغم تلك المحاولات الممتدة للاحتلال لتهجير الفلسطينيين، إلا أن الدبلوماسية المصرية نجحت فى وأد تلك المؤامرة فى مهدها وبشكل واضح وحاسم. وتنظر مصر للقضية باعتبارها إحدى دوائر أمنها القومى المباشر، ما دفع سلطات الاحتلال للتراجع رسميًا عن تصريحات التهجير. ولعل التحركات الدبلوماسية المصرية دفعت الدول الغربية والولايات المتحدة لتبنى موقف مغاير، والإعلان صراحة عن رفض المخطط الإسرائيلي. آنذاك، تواصلت الدولة المصرية مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة والمؤثرة من أجل التوصل لوقف فورى للعنف، وتحقيق تهدئة والتوصل إلى اتفاق الهدنة، فى ظل إصرار نتنياهو وتعنته بعرقلة جميع جولات مفاوضات الهدنة وصفقة التبادل، من خلال وضع شروط جديدة فى كل جولة. ◄ حائط صد أمام سلاح التجويع الإسرائيلي وقفت مصر بقوة فى مواجهة استخدام إسرائيل التجويع سلاحاً ضد الشعب الفلسطينى على مدار عام من عدوان قوات الاحتلال على قطاع غزة، حيث لم تكتف إسرائيل بحصار القطاع طيلة 17 عاماً وتحويله إلى أكبر سجن فى العالم، إنما أرادت إبادة شعبه البالغ عدده 2.3 مليون شخص، عبر حرمانهم من الاحتياجات الأساسية كالغذاء والدواء ومياه الشرب، إلا أن الجهود المصرية طيلة الأشهر الماضية مثلت شريان حياة لأهالى غزة. ومنذ اللحظة الأولى للعدوان الذى خلق أوضاعاً إنسانية كارثية، كانت مصر الداعم الأول لإنقاذ الفلسطينيين، حيث لم تغلق معبر رفح، بينما عملت إسرائيل على احتلال الجانب الفلسطينى منه منذ مايو الماضي. ■ المساعدات المصرية لاهالى قطاع غزة لم تتوقف منذ اليوم الأول من العدوان الإسرائيلى واشترطت القاهرة إدخال المساعدات الإغاثية لأهالى غزة قبل خروج الرعايا الأجانب من القطاع، كما خصصت مطار العريش لاستقبال المساعدات من كافة دول العالم، وساهمت بتقديم 87% من إجمالى المساعدات التى نفذت إلى القطاع منذ بداية العدوان وحتى نهاية أبريل الماضي، سواء المقدمة من الدولة المصرية أو مؤسسات المجتمع المدني. وبلغ حجم المساعدات التى أدخلتها مصر لقطاع غزة 123 سيارة إسعاف و43.073 ألف طن مواد إغاثة و10.235 ألف طن من الوقود و129.329 ألف طن من المواد الغذائية، وتم استقبال أكثر من 6 آلاف فلسطينى من الحالات الإنسانية والمرافقين، فيما استقبلت المطارات المصرية 582 رحلة جوية تقل مساعدات من دول العالم لقطاع غزة. الهلال الأحمر المصرى بدوره أنشأ مخيمين إغاثيين فى مدينة خان يونس جنوبى قطاع غزة بهدف استيعاب آلاف النازحين من شمال القطاع. ولعبت القوات المسلحة المصرية دورًا كبيرًا فى إنزال آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية على أهالى غزة. وتلقت جهود الإغاثة الدولية لقطاع غزة دفعة كبيرة بفضل قمة الاستجابة للأزمة الإنسانية فى غزة التى عقدت فى يونيو الماضى برئاسة مشتركة من الرئيس عبدالفتاح السيسى والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش فى منطقة البحر الميت. القمة التى شهدت حضوراً على أعلى المستويات واهتماماً رسمياً وإعلامياً من أكثر من 90 دولة بحضور رؤساء دول وحكومات؛ مثلت نداء لضمير العالم لإنقاذ مئات الآلاف من الفلسطينيين. ودعا البيان الختامى للقمة إلى «إرساء وقف فورى ودائم لإطلاق النار يحظى بالاحترام الكامل، والإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع الرهائن وجميع المدنيين المحتجزين بشكل غير قانوني»، فضلاً عن إنهاء العملية المستمرة فى رفح. وألقى الرئيس السيسى الضوء خلال كلمته فى القمة على ضرورة إلزام إسرائيل بإنهاء حالة الحصار، والتوقف عن استخدام سلاح التجويع، وإلزامها بإزالة كافة العراقيل أمام النفاذ الفورى والمستدام والكافى للمساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة من كافة المعابر، وتأمين الظروف اللازمة لتسليم وتوزيع هذه المساعدات إلى أبناء القطاع فى مختلف مناطقه، والانسحاب من مدينة رفح. وفق تقديرات الأممالمتحدة يحتاج أهالى غزة إلى مساعدات عاجلة بقيمة 2.5 مليار دولار حتى نهاية العام الجاري، تشمل 930 مليون دولار للغذاء والتغذية، و400 مليون دولار للصحة والدواء، و700 مليون دولار للمأوى والصرف الصحي، حيث تحدث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية مارتن جريفيث فى القمة عن ضرورة توفير 300 مليون دولار شهرياً للسلع الأساسية التى تدخل عن طريق مصر. ◄ دبلوماسية الهاتف واللقاءات المكوكية جهود ضخمة بذلتها مصر من أجل التوصل لهدنة إنسانية فى غزة منذ اليوم الأول لحرب الإبادة الجماعية، والمستمرة حتى اليوم. ودعت القاهرة إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب تعريض المدنيين للمزيد من المخاطر. ومنذ الساعات الأولى لاندلاع الحرب، تلقى الرئيس عبدالفتاح السيسى سلسلة اتصالات هاتفية طارئة كان أبرزها من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون والرئيس الفلسطينى محمود عباس، والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثاني، حيث جرى التوافق على مواصلة وتكثيف التشاور والتنسيق بهدف تعزيز جهود تحقيق التهدئة، وصولًا لدفع مسار التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية، على أساس حل الدولتين. وخلال الأيام الأولى لحرب غزة، تلقى الرئيس السيسى اتصالات هاتفية من المستشار الألمانى أولاف شولتس والشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، تم التوافق خلالها على أهمية تكثيف التنسيق والتشاور ودفع الجهود الدبلوماسية الرامية لخفض التصعيد والعنف. ثم تلقى اتصالًا هاتفيًا من كارل نيهامر مستشار النمسا، حيث أكدت مصر على ضرورة دفع مسار التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية. فى الوقت نفسه، تلقى الرئيس اتصالًا هاتفيًا من ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، واتفق الجانبان على مواصلة التشاور والتنسيق بينهما لتأكيد الرؤية العربية بشأن القضية ثم اتصالًا هاتفيًا من الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وتوافقا بشأن أهمية حث كافة الأطراف على الوقف الفورى للمواجهات والعنف. آنذاك، تلقى الرئيس السيسى اتصالًا هاتفيًا أيضًا من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، وأكدا خطورة تلك الأزمة على السلم والأمن فى المنطقة. وتكرر الأمر مع الرئيس القبرصى نيكوس خريستودوليدس. وفى العاشر من أكتوبر 2023 تلقى الرئيس السيسى اتصالًا هاتفيًا من الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، حيث تم استعراض الاتصالات المكثفة الجارية مع مختلف الأطراف المعنية للحث على خفض التصعيد وتحقيق التهدئة. وعلى مستوى وزارة الخارجية، تلقى وزير الخارجية السابق سامح شكرى اتصالات هاتفية من نظرائه فى كندا ميلانى جولي، والمجر بيتر سيارتو، وهولندا هانكى بروينز سلوت، والمملكة المتحدة جيمس كليڤرلي، وإيطاليا أنطونيو تاياني، والبرتغال جواو كرافينيو، والنرويج أنيكين هويتفيلد، وسلوفينا تانيا فايون، للتنسيق والتشاور بشأن التصعيد الخطير فى قطاع غزة ومحيطه، وجهود احتواء الأزمة. وعقب تولى الدكتور بدر عبد العاطى حقيبة الخارجية أجرى عشرات الاتصالات الهاتفية واللقاءت من أجل التوصل لوقف إطلاق النار، من أجل احتواء التوتر الإقليمى الراهن. وعلى هامش الجمعية العامة عقد عددًا كبيرًا من اللقاءات لبحث التطورات من بينها مع وزراء خارجية الصين وانج يي، وأمريكا أنتونى بلينكن، وكوريا الجنوبية تشو تاى يول، وجنوب إفريقيا رونالد لامولا، وبنجلاديش وأورجواى وهولندا والنمسا وفرنسا والمبعوث الأوروبى لدول الخليج وئيس اللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى ورئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر. كما شارك فى سلسلة اجتماعات أخرى بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية والأوروبية وتجمع بريكس ومجموعة العشرين. ◄ وساطات ناجحة بالتخصص دعمت مصر فى كافة المحافل الدولية حق الشعب الفلسطينى فى العيش بسلام على ربوع أراضيه المحتلة. ولم تتوان مصر قيادة وحكومة عن مناصرة حق الشعب الفلسطينى فى حق تقرير مصيره والحفاظ على مقدساته. ومنذ 7 أكتوبر الماضي، طالبت القاهرة بضرورة التهدئة الشاملة للنزاع فى الشرق الأوسط محذرة من تداعيات توسعة نطاق المواجهات فى قطاع غزة وهو ما تأكد صحته لاحقًا. الرئيس عبدالفتاح السيسى وفى كافة اللقاءات الدولية داخليا وخارجيا نبه إلى خطورة الحرب الدائرة تحسبا لتوسعتها بما يضر بشعوب المنطقة، وكانت نداءاته بما تحمله من حنكة سياسية ورؤية ثاقبة لمجريات الأحداث وتوابعها على كافة الأصعدة بمثابة ناقوس خطر سوف تمتد آثاره المدمرة على كافة مناطق الشرق الأوسط. ■ الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته لمعبر رفح من الجانب المصرى تحققت رؤية الرئيس السيسى وامتد بالفعل نطاق الصراع وأجواء الحرب ليس فى قطاع غزة فحسب، بل تمادت قوات الاحتلال الإسرائيلى فى توسعة نطاق المعارك إلى الضفة الغربية ومؤخرًا فتح جبهات قتال جديدة فى لبنان لتدخل المنطقة فى دوامة صراع مستمر حذرت مصر منه مرارا وتكرارا. وفى قلب كل هذا، لم تقف مصر مكتوفة الأيدى بل عمدت جاهدة إلى استضافة جهود الوساطة على أرض القاهرة بين وفود القوى المتصارعة من فلسطين وإسرائيل. ومؤخرا بعد فتح جبهة لبنان شددت مصر على ضرورة وقف إطلاق النار فورا فى غزةولبنان لوقف الوصول إلى مفترق طرق وحرب مفتوحة. وندد وزير الخارجية بدر عبدالعاطى من تمادى قوات الاحتلال الإسرائيلى فى توسعة نطاق المواجهات على كافة الجبهات، محملا إسرائيل مسؤولية إشعال المنطقة. وطالب عبدالعاطى إسرائيل بوقف عدوانها على غزةولبنان والجلوس على طاولة المفاوضات لتهدئة الأوضاع، ووقف الحرب واللجوء إلى السلام المنشود الذى يحقق الاستقرار والهدوء فى منطقة الشرق الأوسط. وكان مجمل حديث وزير الخارجية أمام الجلسة العامة لمجلس الأمن هو ضرورة أن تعى إسرائيل أنها مسؤولة عن توسعة نطاق الصراع مطالبًا المجتمع الدولى أن يتحمل مسئولياته تجاه حياة المدنيين من جراء تلك الحرب المدمرة وضرورة أن تحترم إسرائيل قرارات مجلس الأمن ووقف الصراع فى لبنانوغزة منعا من الدخول فى حرب إقليمية مفتوحة تجر المنطقة إلى مواجهات تزيد من احتقان الأوضاع الملتهبة. وخلال الساعات القليلة الماضية واستمرارا لدورها المحورى المستمر لوقف الحرب من أجل سلام دائم وقائم على احترام الآخر، شدد وزير الخارجية على أن مصر ستستمر فى العمل بلا كلل لوقف الحرب، مشدداً على أن مجلس الأمن قادر على إحداث تغيير على الأرض إذا خلصت النوايا. وأشار إلى أن لمصر دورا مهما تتطلع به مع شركائها لإحلال السلام فى الشرق الأوسط على أن يتضمن إلزام إسرائيل بالوقف الفورى لإطلاق النار فى غزةولبنان. ◄ محطات مصرية في طريق البحث عن حل دبلوماسي ◄ مساندة لا تنتهى شعبياً ورسمياً على مدار أكثر من نصف قرن ارتبطت مصر بالقضية الفلسطينية ارتباطًا دائمًا وثابتًا لا يتغير، وحرصت القيادة السياسية أيًا كان اسمها دائمًا على السعى لإيجاد حل للقضية والدفع بعملية السلام لتحقيق الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط. ومع حرب غزة فى 2023، كثفت الدبلوماسية المصرية من تحركاتها لدعم القضية الفلسطينية فى جميع المحافل الدولية وحرصت على فضح أكاذيب الاحتلال الإسرائيلى وكشف كل المخططات الشيطانية التى تهدف لتصفية القضية. ولطالما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى مرارًا وتكرارًا على ضرورة إيجاد حل للقضية وهو الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ومنذ اللحظة الأولى للعدوان، طالبت القيادة المصرية بوقف فورى لإطلاق النار، وشاركت فى كل المؤتمرات والمبادرات التى تدعم القضية وبادرت بعقد «قمة القاهرة للسلام» بعد أيام قليلة من اندلاع الحرب بحضور أكثر من 30 دولة بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش. بدوره، قال الرئيس السيسى فى كلمته إن مصر ستحافظ دومًا على موقفها الراسخ الداعم للحقوق الفلسطينية والمؤمن بالسلام كخيار استراتيجى وإنها لن تألو جهدًا فى استمرار العمل مع جميع الشركاء مهما كانت الصعاب أو طال أمد الصراع. وعلى مدار عقود مضت، نجحت مصر دائمًا فى لعب دور الوسيط للتوصل لهدن إنسانية، وكان آخرها الوساطة المصرية القطرية منذ نوفمبر الماضى لتحقيق اختراق وتوقيع هدنة بعد اتفاق إسرائيل وحركة حماس، ولولا تعنت تل أبيب لاحقًا لجرى توقيع هدن أخرى. ■ مساعدات عينية تخرج من القرى والمدن المصرية لتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطينى الآن وبعد مرور عام على تصعيد العدوان على غزة، ما زالت مصر تمارس دورها التاريخى لدعم القضية الفلسطينية، وحرص وزير الخارجية وشئون الهجرة بدر عبدالعاطى خلال مشاركته فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التأكيد على موقف مصر من ضرورة وقف حمام الدم بشكل فورى ودائم وغير مشروط وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة والوقوف بمنتهى الحسم أمام أى محاولة لتصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير القسرى أو سياسات الإحلال السكاني. وعلى المستوى الشعبي، تسرى القضية الفلسطينية فى دم كل مصرى وتعاطفهم معها لا حدود له، لذا فالشعب المصرى يصطف حول القيادة السياسية لمواجهة سيناريوهات تهجير الفلسطينيين من أرضهم وتصفية القضية. وبعيدًا عن المساعدات الإنسانية الرسمية التى تقدمها الدولة المصرية، هناك مساعدات عينية تخرج من القرى والمدن المصرية لتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني، كما أن هناك حملات للتبرع بالدم ولمقاطعة المنتجات التابعة لشركات عالمية تدعم الاحتلال الإسرائيلى وذلك تضامنًا مع إخوانهم الفلسطينيين. وهناك شكل آخر من الدعم الشعبى على مواقع التواصل الاجتماعى وهو مشاركة الفيديوهات التى تفضح وتوثق جرائم الاحتلال الوحشية ضد المدنيين فى قطاع غزة.