محافظ كفر الشيخ يعلن الاستعدادات النهائية لانتخابات النواب 2025    ب16 سفينة وتصدير منتجات ل11 دولة أوروبية.. ميناء دمياط يعزز مكانته اللوجيستية العالمية    السعودية.. أمير الشرقية يدشن عددا من مشاريع الطرق الحيوية بالمنطقة    باريس سان جيرمان يكتسح لوهافر بثلاثية في الدوري الفرنسي.. فيديو    روسيا: لم نتلقَّ أى رد من واشنطن حول تصريحات ترامب عن التجارب النووية    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الإخوان الإرهابية تواجه تهديدا وجوديا فى قارة أوروبا.. ترامب: خطة السلام بشأن أوكرانيا ليست نهائية.. تعليق الملاحة فى مطار آيندهوفن الهولندى بعد رصد مسيّرات    القطاع.. قوات حفظ الاستقرار بين تحقيق التهدئة أو إشعال الأوضاع    قطة: سعيد بأول هاتريك مع بيراميدز.. ونريد الحفاظ على لقب دوري الأبطال    حسين لبيب ل السيسي: عايزينك تبص علينا ياريس وإحنا تحت أمر الدولة    توروب: أعرف قيمة دوري الأبطال بالنسبة ل الأهلي.. وكنت أنتظر إمام عاشور    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    جامعة القناة تتألق في بارالمبياد الجامعات المصرية وتحصد 9 ميداليات متنوعة    فليك: فخور بأداء برشلونة أمام أتلتيك بيلباو وسيطرتنا كانت كاملة    عاجل- الداخلية المصرية تحصد المركز الثاني عالميًا في أداء الحسابات الحكومية على فيسبوك بأكثر من 24 مليون تفاعل    حبس 10 متهمين في أحداث مشاجرة بعد مقتل شاب وإصابة 4 آخرين بكفر الشيخ    رحلة انتهت بخلاف.. ضبط سائق نقل ذكي لاحق راكبة واعتدى عليها لفظياً    الوكيل الدائم للتضامن: أسعار حج الجمعيات هذا العام أقل 12 ألف جنيه.. وأكثر من 36 ألف طلب للتقديم    ضباب الشبورة يظهر على الطرق الآن.. كيف تتصرف أثناء القيادة لتجنب الحوادث    د.حماد عبدالله يكتب: مشكلة "كتاب الرأى" !!    دولة التلاوة.. هنا في مصر يُقرأ القرآن الكريم    محافظة الجيزة تكشف تفاصيل إحلال المركبة الجديدة بديل التوك توك.. فيديو    الحلم النووي صار حقيقة    اسرائيل تعلن مسؤليتها عن اغتيال عنصرين من حزب الله بجنوب لبنان    رئيس الوزراء الهند يلتقي نظيره البريطاني والأمين العام للأمم المتحدة في جوهانسبرج    الجيش الهولندي يطلق النار على طائرات مسيرة فوق قاعدة جوية قرب الحدود الألمانية    الري تفتح مفيض توشكى لاستيعاب تدفقات مفاجئة من السد الإثيوبي    الكاتدرائية المرقسية تحتفل بمرور 17 قرنًا على انعقاد مجمع نيقية المسكوني الأول    مصطفى حسنى للمتسابق عطية الله رمضان: ربنا ينوّلنا صحبتك فى الدنيا والآخرة    مخرجة فيلم دخل الربيع يضحك: رميت السيناريو بعد التدريب.. وخليت الممثلين يعيشوا القصة من خيالهم    حكاية أثر| "تماثيل الخدم في مصر القديمة".. دلالاتها ووظيفتها داخل مقابر النخبة    رمضان 2026 - أحمد أمين ودنيا سامي في كواليس "النص 2"    عبير فاروق: محمد صبحي علّمني التمثيل ووقف جنبي في أصعب الظروف    المتحدث باسم الصحة: الإنفلونزا A الأكثر انتشارا.. وشدة الأعراض بسبب غياب المناعة منذ كورونا    طريقة مبتكرة وشهية لإعداد البطاطا بالحليب والقرفة لتعزيز صحة الجسم    خوري والسقا يبحثان ترتيبات احتفالات عيد الميلاد في الأراضي الفلسطينية    "الوطنية للانتخابات" تدعو المصريين بالداخل للمشاركة في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    جدول زمني للانتهاء من مشروعات الصرف الصحي المتعثرة بالقليوبية    أهالى القفايطة بنصر النوبة يشكرون الرئيس السيسى بعد تحقيق حلم تركيب الكهرباء والمياه    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    مصر تبحث مع نيجيريا تعزيز التعاون فى مجالات الزراعة والدواء والطاقة والإنشاءات    الزراعة: زيادة إنتاج مصر من اللحوم الحمراء ل600 ألف طن بنهاية 2025    الرعاية الصحية: أعظم الطرق لحماية الصحة ليس الدواء لكن طريقة استخدامه    القبض على 4 سائقين توك توك لاعتراضهم على غرامات حظر السير| فيديو    معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف نحو مستقبل مستدام    وزيرة التخطيط تشهد الحفل الختامي لجوائز مصر لريادة الأعمال    بث مباشر الآن.. مباراة ليفربول ونوتنغهام فورست في الجولة 12 من الدوري الإنجليزي 2026    شاهد الآن.. بث مباشر لمباراة الهلال والفتح في الدوري السعودي روشن 2025-2026    حبس المتهمين بالاعتداء على أطفال المدرسة الدولية بالسلام 4 أيام على ذمة التحقيقات    سفير مصر بنيوزيلندا: ثاني أيام التصويت شهد حضور أسر كاملة للإدلاء بأصواتها ما جعله أكثر كثافة وحيوية    لحجاج الجمعيات الأهلية .. أسعار برامج الحج لموسم 1447ه – 2026 لكل المستويات    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    الوطنية للانتخابات: بدء فرز الأصوات بنيوزيلندا.. والكويت الأعلى تصويتا حتى الآن    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل لن تركب قطار الرأى العام مرة ثانية!
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 01 - 06 - 2025

هذا حدث فريد فى بريطانيا منذ وعد بلفور، أقرب إلى المستحيل من دولة تفنن سياسيوها فى ‏إهدار القيم الإنسانية فى ثلاثة أرباع المعمورة منذ أسست بريطانيا أولى مستعمراتها الخارجية ‏فى أيرلندا فى القرن السادس عشر، تحديدا فى عام 1556، لم يحدث أن اهتمت النخبة فى ‏الإمبراطورية بأحوال الناس خارج حدودها الأصلية، ولم يرتعش لهم جفن أو يهتز لهم ضمير ‏وقواتهم ترتكب أبشع الجرائم ضد الإنسانية فى آسيا وإفريقيا وأمريكا الشمالية، بل إن بطلهم ‏العظيم ونستون تشرشل تسبب عامدا متعمدا فى مجاعة البنجال الشهيرة، التى أودت بحياة ‏أكثر من ثلاثة ملايين هندى فى عام 1943، لم تكتب عنها الصحافة الحرة كلمة واحدة!‏
والحدث هو رسالة خاصة موجهة من قضاة سابقين فى المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف، ‏إلى كير ستارمر رئيس الوزراء البريطانى، والقضاة هم كريمة المجتمع البريطانى وأحد ‏مصادر فخره القومى، وبالرغم من بعض «الألفاظ المخففة والتعبيرات الاحتمالية»، فإن القضاة ‏يحكمون بأن ثمة أدلة متزايدة على وقوع إبادة جماعية أو على الأقل خطر جدى بوقوعها، ‏مستندين إلى أدلة دامغة، منها تصريحات وزير المالية الإسرائيلى بتسلئيل سموتريش بأن ‏الجيش الإسرائيلى سيمحو ما تبقى من غزة الفلسطينية.
وبالطبع هذه تصريحات لا ينطق بها إلا مجرم حرب محترف!‏
وتقول الرسالة أيضا وهى من صفحتين ومدعمة بمذكرة قانونية من 35 صفحة: «جميع ‏الدول بما فيها المملكة المتحدة ملزمة قانونا باتخاذ جميع الخطوات المعقولة، فى حدود ‏سلطتها، لمنع جريمة الإبادة الجماعية وبمعاقبة مرتكبيها، وضمان احترام القانون الإنسانى ‏الدولى، وإنهاء انتهاكات الحق فى تقرير المصير، يجب أن يكون الجميع أحرارا من ‏الاضطهاد والتهجير والتطهير العرقى، ومن الدمار والموت المتعمدين، إن إجراءات المملكة ‏المتحدة حتى الآن لم تستوف تلك المعايير، إن فشل المجتمع الدولى فى دعم القانون الدولى ‏فيما يتعلق بالأراضى الفلسطينية المحتلة يسهم فى تدهور المناخ الدولى المتمثل فى الفوضى ‏والإفلات من العقاب، ويعرض النظام الدولى نفسه للخطر، يجب على حكومتكم أن تتحرك ‏قبل فوات الأوان».‏
وتضيف أن المساعدات المحدودة التى سمحت إسرائيل بدخولها إلى أهل غزة لا تزال غير ‏كافية لمعالجة الكارثة الإنسانية المتفاقمة.‏
أى أن قضاة بريطانيين سابقين فى المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف أوجعهم ضمائرهم، إلى ‏الحد الذى أجبرهم على كسر نظرية القردة الثلاثة: «لا أرى، لا أسمع، لا اتكلم» التى أدمنتها ‏الحضارة الغربية تجاه القضية الفلسطينية، وأصدروا توصيفا قانونيا:‏
أولا: إسرائيل قوة محتلة لأرض فلسطينية، والاحتلال عمل ضد القانون الدولى.‏
ثانيا: الأفعال الإسرائيلية تعمل على تدهور البيئة السياسية والإنسانية التى يعيش فيها العالم.‏
ثالثا: نشر الفوضى دون عقاب.‏
رابعا: تعريض النظام الدولى لخطر عدم الاحترام الذى قد يؤدى إلى غياب معايير ضبط ‏العلاقات الدولية.‏ وهذا التوصيف يمكن لنقابات المحامين العرب ومنظمات المجتمع المدنى أن يستعينوا به فى ‏قضية شديدة التماسك أمام المحكمة الجنائية الدولية، لإحكام قبضة جريمة الإبادة الجماعية ‏على رقبة حكومة إسرائيل وقادة جيشها!‏
صحيح أن وزير الخارجية البريطانى «ديفيد لامى» أعلن تعليق مفاوضات اتفاقية التجارة ‏الحرة مع إسرائيل قبل الرسالة، لكن الرسالة تحث الحكومة البريطانية على أن تذهب أبعد ‏من مجرد مراجعة الروابط التجارية أو فرض عقوبات تجارية على إسرائيل، إلى عقوبات ‏فورية على الوزراء الإسرائيليين وكبار قادة الجيش الإسرائيلى الذين يحرضون على الإبادة ‏الجماعية أو دعم وتسريع بناء المستوطنات غير القانونية.‏
ورسالة القضاة ليست هى العمل الأول من المجتمع القانونى فى بريطانيا، إذ سبق أن رفع ‏أعضاء فى هذا المجتمع دعوى فى العام الماضى ضد الحكومة يطالبون فيها بوقف مبيعات ‏السلاح إلى إسرائيل، لأنه يعد انتهاكا للقانون، ولا تزال القضية منظورة أمام المحكمة العليا.‏
وعموما الدعوى والرسالة تشى بأن ثمة جديدا يحدث، وأن اللوم العنيف لجرائم إسرائيل ‏صار حالة شائعة فى الدول الأوربية التى تتجرع سموم «الوفاق العاطفى» مع إسرائيل ‏بالرضى أو بالإكراه، مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا، فالألمان لم يعودوا يقبلون تبرير ‏الجرائم ضد الفلسطينيين بأنها عوارض معركة ضد إرهاب حماس، وإن غلفوا وصف ‏الجرائم ب«الأذى الذى لحق بالمدنيين»، أما بريطانيا وفرنسا وكندا فقد أصدروا بيانا مشتركا ‏هاجموا فيه «توسع» إسرائيل فى العمل العسكرى فى قطاع غزة، وقالوا إن الأوضاع فى غزة ‏لا تطاق، وكالعادة حاول نتنياهو ابتزازهم بسلاح تقليدى نابع من خدعة «معاداة السامية» ذات ‏الفاعلية الهائلة، وهو «إن قادة لندن وباريس وإتاوا يقدمون جائزة ضخمة لهجوم الإبادة ‏الجماعية على إسرائيل فى 7 أكتوبر، مع دعوة للمزيد من هذه الفظائع»!‏
لكن لم تفلح محاولة الابتزاز..‏
والسؤال: ما الذى عدل أو غير موقف هذه الدول من التأييد الأعمى الكامل إلى بعض اللوم ‏وإعادة التقدير؟ طبعا لا نستطيع بالرغم من كل هذا أن نقول إن هذه الدول سوف تدير ظهرها لإسرائيل تماما ‏أو تأخذ موقفًا حادا منها، لكن استجابت إلى ضغوط الرأى العام داخلها، أو بمعنى أدق ‏لانت قليلا وبدأت تلقى ببعض الحجارة على إسرائيل، لعلها تتخفف من هذه الضغوط ‏الداخلية، التى قد تؤثر على صندوق الانتخابات مستقبلا، خاصة بعد أن أحيت الجرائم ‏الإسرائيلية فى غزة «موجات العداء الكلاسيكى» لليهود، حتى إن بعضا من التراث الشعبى ‏العالمى فى هذه العلاقة المعقدة بين اليهود والآخرين قد عاد من غياهب النسيان إلى ذاكرة ‏البشرية، تحت وطأة الصورة الرهيبة لمعاناة أهل غزة وحجم الدمار الهائل الذى لحق ‏بالقطاع، بما فيها المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس ومراكز الإغاثة والبنية التحتية.‏
وصحيح أن إسرائيل تشعر بالقلق، وقال يائير جولان وهو سياسى يسارى ونائب سابق لقائد ‏الجيش الإسرائيلى «إن إسرائيل فى طريقها إلى أن تصبح دولة منبوذة، مثلما كانت جنوب ‏إفريقيا، إذا لم نعد نتصرف كدولة عاقلة، والدولة العاقلة لا تشن حربا على المدنيين ولا تقتل ‏الأطفال كهواية»، لكن إسرائيل أيضا لا تشعر بالخوف، ما دامت الولايات المتحدة تقف ‏خلفها وأحيانا أمامها، وتشاركها فى كل أفعالها بالسلاح والمال والدبلوماسية، ولهذا دعا ‏نيتناهو قادة بريطانيا وفرنسا وكندا إلى اتباع رؤية «ترامب» لإنهاء الصراع بين إسرائيل ‏وحماس، بدلا من إصدار بيانات هجوم على إسرائيل!‏
وهذا لا يعنى أن أمريكا عصية على بعض التعديل، فالجريمة التى ارتكبها المواطن إلياس ‏رودريجيز قبل أسبوعين ضد اثنين من موظفى السفارة الإسرائيلية فى واشنطن أمام المتحف ‏اليهودى هى علامة من علامات كثيرة غاضبة داخل المجتمع الأمريكى مما ترتكبه إسرائيل ‏من جرائم، وإن التأييد الذى حظيت به من الرأى العام الأمريكى بعد طوفان الأقصى تقلص ‏إلى حد ما، خاصة بين الأجيال الجديدة، وإن ظل التأييد الأعمى على حاله بين السياسيين فى ‏الحزبين الجمهورى والديمقراطى، فدور اللوبى الصهيونى فى الانتخابات الأمريكية ما زال ‏حاكما بالمال والإعلام ونشاط مئات المنظمات التابعة له فى الحياة العامة، وكلها تعمل على ‏تشويه سمعة معارضى إسرائيل.‏
مؤكد أن إسرائيل لن تستطيع ركوب قطار الرأى العام العالمى مرة ثانية، لأن القطار تحرك ‏بالفعل عكس أهدافها، لكن يبقى العرب سؤالا حائرا أشبه بسكين فى القلب!‏
1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.