«المشاط»: 10 مليارات جنيه استثمارات حكومية لتنفيذ مشروعات تنموية بسيناء    نائب محافظ المنيا يشهد الاحتفال بالذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر    مفاوضات شرم الشيخ تبدأ حول خطة ترامب لإنهاء حرب غزة.. وفود إسرائيلية وأمريكية وحماسية تصل تباعًا    وزير الرياضة يُنهي الخلاف بين "الأنوكا" و"الأوكسا" ويؤكد وحدة الصف الرياضي الأفريقي    "الداخلية" تكشف ملابسات فيديو تعدي على قائد سيارة بالجيزة    الأرصاد تحذر من طقس الثلاثاء 7 أكتوبر 2025: أمطار على هذه المناطق    مصرع طفل سقط من علو في إمبابة    هاني شاكر يشارك جمهوره الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر: "كل عام ومصر دايمًا في انتصارات"    نادية الجندي تحتفل بذكرى حرب أكتوبر.. "خالتي بتسلم عليك"    في ذكرى نصر أكتوبر.. نجوم قدموا أدوارا وطنية من خلال الأعمال الفنية    أوكرانيا تعلن إسقاط 83 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    أبو الغيط يشارك في احتفالية توديع سفير قطر بالقاهرة ومندوبها لدى الجامعة العربية    السعودية تسمح بأداء العمرة لجميع أنواع التأشيرات.. خطوات التقديم عبر "نسك" الرقمية    السفير محمود كارم: قانون وطني شامل ينظم أوضاع اللاجئين على أرض مصر    مجلس "الصحفيين" يهنئ الشعب المصري بذكرى انتصارات أكتوبر ويكرم أبطال الحرب    أحمد شوبير: ملف المدرب الجديد للأهلي لا يزال مفتوحًا والقرار قد يُؤجل حتى نوفمبر    اجتماع حاسم في الزمالك لمناقشة مستحقات اللاعبين ومصير فيريرا    الأهلي يبدأ إجراءات توفير تطعيم الملاريا قبل السفر إلى بوروندي    وزير العمل: القانون الجديد أنهى فوضى الاستقالات    علاء نصر الدين: 2 مليار دولار حجم الفجوة التمويلية للشركات الناشئة في مصر    وزير الإنتاج الحربي: أبو زعبل للصناعات المتخصصة من أكبر القلاع الصناعية العسكرية في الشرق الأوسط    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير ورفع كفاءة نفق "كوبري السمك" بحي غرب شبين الكوم    وزارة الدفاع الإسرائيلي: وفيات الجيش والأمن منذ 7 أكتوبر وصل إلى 1150    بعد اعتقال إسرائيل للنشطاء.. إسبانيا تعتزم تقديم شكوى للجنائية الدولية في أحداث «أسطول الصمود»    علي الدين هلال: شخصية السادات ثرية ومعقدة صنعتها خبرات وأحداث طويلة    هل تنسى بسرعة؟.. 7 نصائح فعالة لتنشيط ذاكرتك وزيادة التركيز    أسعار مواد البناء اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025    أفلام لا تُنسى عن حرب أكتوبر.. ملحمة العبور في عيون السينما    «طقوس السطوح» عرض مسرحي يعلو القاهرة ضمن مهرجان «دي-كاف»    في الثانية وخمس دقائق.. كنائس الشرقية تدق أجراسها احتفالاً بذكرى نصر أكتوبر    «الصحة»: عبدالغفار يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    المديريات توجه المدارس بمتابعة تسجيل الطلاب على منصة تدريس البرمجة    متخصصون من معرض دمنهور للكتاب: البحيرة تمتلك مستقبلًا واعدًا في الصناعة    نجم الزمالك السابق يعتذر لمحمد مجدي أفشة    فالفيردي يغيب عن معسكر منتخب الأوروجواي    رئيس الاتحاد السكندري: نستعد لضم صفقات قوية في الميركاتو الشتوي.. والجمهور درع وسيف للنادى    مجلس الوزراء: سيناء.. الإنسان محور التنمية ونهضة عمرانية شاملة تحقق حياة كريمة لأبناء المنطقة    ممثلو «خور قندي الزراعية» يشكرون الرئيس لاستكمال صرف مستحقات أبناء النوبة    3 علماء يفوزون بجائزة نوبل في الطب لعام 2025 (تفاصيل)    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025 في المنيا    التوعية والتمكين وتحسين البيئة للعاملين ..أبرز حصاد العمل بالمحافظات    «الداخلية»: ضبط متهم بالنصب على مواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    نائبا رئيس الوزراء يشهدان اجتماع مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية.. تفاصيل    بسبب التقصير في العمل.. إحالة الطاقم الإداري لمستشفى كفر الشيخ العام للتحقيق (تفاصيل)    «عبد الغفار» يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    محافظ البحيرة تضع إكليلًا من الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول بمناسبة انتصارات أكتوبر    رئيس الوزراء الفرنسي بعد استقالته: لا يمكن أن أكون رئيسًا للوزراء عندما لا تستوفي الشروط    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو يُظهر اعتداء على مواطن وأسرته بدمياط    عالم بالأزهر: سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بأهل مصر خيرا    جمهور آمال ماهر يتفاعل مع سكة السلامة واتقى ربنا فيا بقصر عابدين    ضبط ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء فى إمبابة والتحفظ على أكثر من ألف قطعة    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    ما حكم وضع المال فى البريد؟.. دار الإفتاء تجيب    دار الإفتاء: الاحتفال بنصر أكتوبر وفاء وعرفان لمن بذلوا أرواحهم فداء الوطن    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروعه الأدبى انتصر للكلمة على الخوف: صنع الله إبراهيم.. ضمير الرواية العربية

فى زحام العابرين على أرصفة الأدب العربى، هناك من يمرّون كظلّ عابر، وهناك من يتركون بصمة كأنها نقشٌ على صخر. والكاتب الكبير صنع الله إبراهيم من الفئة الأخيرة؛ كاتب لا يُشبه إلا نفسه، وكتابة لا تُشبه إلا ما يكتبه هو. لا يمكن أن تفتح رواية له دون أن تشعر بأنك أمام «نصٍّ شقىّ»، يتمرد على الشكل والمضمون، ويجرّ القارئ إلى مساءلة العالم لا إلى الاكتفاء بمتابعته من الخارج.

ولد صنع الله إبراهيم فى القاهرة عام 1937، وعاش حياةً لم تنفصل يومًا عن قضايا الإنسان والمجتمع والحرية. كانت بداية مسيرته فى الصحافة، لكنه انحاز إلى الرواية بوصفها الوسيلة الأصدق لقول ما لا يُقال. ومنذ ذلك الحين، صار السرد عنده وسيلة مقاومة، وأداة تفكيك للعالم من حوله.
حين صدرت روايته الأشهر «اللجنة» عام 1981، استقبلها القراء بدهشةٍ ممتزجة بالقلق. كان بطل الرواية بلا اسم، يتنقّل بين المكاتب والغرف لاستجوابٍ لا تنتهى حلقاته، ولا يُعرَف له سبب. يكتب صنع الله وكأنّه ينسج كابوسًا بيروقراطيًا لا فكاك منه. يقول فى «اللجنة»:
«كان الباب مواربًا قليلًا. دفعتُه برفق، ودخلت. الغرفة خالية. جدرانها بيضاء، وفيها مكتب وثلاثة كراسٍ. لا شىء يدلّ على ما ينتظرنى».
وكأنّه بهذا المشهد يُمهّد لدخول القارئ إلى قلب المتاهة، لا ليخرج منها، بل ليفهم أنها حياته نفسها.
تميّزت أعمال صنع الله بارتكازها على تقنيات السرد الوثائقى، حيث يدمج بين السرد الأدبى والوثيقة الواقعية، كصحف قديمة، أو تقارير رسمية، أو أحداث تاريخية. فى روايته «شرف»، وهى من أهم رواياته وأكثرها تداوُلاً، يرسم صورة لسجن مصرى تتكثف فيه طبقات المجتمع. البطل، شاب يُدعى «شرف».. يدخل السجن بسبب جريمة دفاع عن النفس، لكنه يكتشف أن وراء القضبان حياةً كاملة تحكمها الطبقية والفساد.
يكتب: «لا يمكن أن تتكلم عن العدالة وأنت ترتعد خوفًا. إن كانت الكلمة ستؤدى بك إلى الزنزانة، فقلها، وادخلها مرفوع الرأس».
وكأنّه يصف مسيرته الأدبية بأكملها، حيث الكلمة أعلى من الخوف.
وربما لا تكتمل صورة صنع الله إلا بذكر روايته البديعة «وردة»، التى تتبع حياة فتاة عُمانية تنخرط فى صفوف الثوّار، فى سردٍ لا يخلو من العاطفة والاشتباك السياسى مع قضايا المنطقة. فى «وردة» كما فى بقية أعماله، نجد المرأة ليست كائنًا هامشيًا، بل فاعلة، قوية، ورمزًا للمقاومة. كتب فيها:«لم أكن أدرى أن الحلم قد يتحول إلى وطن، وأن الوطن قد يُسجن فى غرفة واحدة».
أما روايته «ذات»، فهى من أعمق أعماله وأكثرها اشتباكًا مع الواقع المصرى، إذ تتبع حياة موظفة بسيطة تدعى «ذات» منذ السبعينيات حتى التسعينيات، وتسرد من خلالها تحولات المجتمع المصرى: سياسيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا. استخدم فيها تقنية المزج بين اليوميات والقصاصات الإخبارية الحقيقية، فخلق توازناًً بين الخاص والعام، الفردى والجمعى.
يكتب فيها: «كانت الأخبار تتكدّس فوق بعضها، كأنها لا تخصّ أحدًا. لكن ذات، حين قرأتها، شعرت أنها تخصّها وحدها».
صنع الله إبراهيم ليس فقط كاتبًا، بل موقف. كاتب رفض الجوائز التى لا تتماشى مع مبادئه، مثلما رفض جائزة الدولة التقديرية عام 2003 احتجاجًا على غياب الديمقراطية. وبهذا الموقف، لم يكن يخسر شيئًا، بل كان يؤكّد على أن «الكلمة موقف».
هذا الاتساق (النادر فى زماننا) بين ما يكتب صنع الله وبين حضوره فى المجال العام يجعله بمثابة ضمير للرواية العربية، والمجتمع كله.
أسلوب صنع الله لا يتورّع عن كسر النمط، واقتحام مناطق المسكوت عنه، وتمزيق الأقنعة. تتسم لغته بالاقتصاد والدقة، لكنها مشحونة بطاقة رمزية، وبنبرة حادة لا تعرف المجاملة. السرد عنده ليس ترفًا فنيًا، بل عملية بحث دؤوب عن الحقيقة، حتى وإن كانت موجعة.
يبقى صنع الله إبراهيم من القلائل الذين يصمتون كثيرًا ليكتبوا قليلًا، لكنهم حين يكتبون، تظل كلماتهم حية، قادرة على الاشتباك مع مرور الزمن.
وتحمل كتابته بصمته الخاصة.. بمجرد أن تقرأ سطوره؛ تقول: «صنع الله».
2


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.