فى خطوة تؤكد اهتمام القيادة المصرية ببناء الوعى الفكرى السليم، والدعوة والدعاة قام الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، الثلاثاء الماضى، بحضور حفل تخريج دورة الأئمة الثانية (دورة الإمام محمد عبده) عقب تأهيلهم لدى الأكاديمية العسكرية المصرية على مدار ستة أشهر، وذلك بمركز المنارة فى التجمع الخامس؛ حيث وجّه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، كلمة مهمة للأئمة فى احتفال الأكاديمية ووزارة الأوقاف بتخريج الدفعة قائلًا: «نحتفل اليوم بتخريج كوكبة جديدة من الأئمة الذين سوف يحملون على عاتقهم أمانة الكلمة، ونشر نور الهداية، وترسيخ قيم الرحمة والتسامح والوعى». واستطرد: «كنت قد وجّهتُ وزارة الأوقاف، بالتعاون مع مؤسّسات الدولة الوطنية، وعلى رأسها الأكاديمية العسكرية المصرية، بوضع برنامج تدريبى متكامل يُعنى بصقل مهارات الأئمة علميًا وثقافيًا وسلوكيًا، بهدف الارتقاء بمستوى الأداء الدعوى، وتعزيز أدوات التواصل مع المجتمع؛ ليكون الإمام نبراسًا للوعى، متمكنًا من البيان، بارعًا فى الإقناع، أمينًا فى النقل، حاضرًا بوعى نافذ وإدراكٍ عميق لمختلف القضايا الفكرية والتحديات الراهنة». أضاف قائلاً: «ها نحن اليوم أمام ثمار هذا التعاون البَنّاء، نرى فيه هذه النخبة المشرقة من الأئمة الذين تلقّوا إعدادًا نوعيًا يمزج بين أصول علوم الدين الراسخة وأدوات التواصل الحديثة، متسلحين برؤية وطنية خالصة، وولاءٍ لله ثم للوطن، وإدراكٍ واعٍ لتحديات العصر ومتغيراته، مع المحافظة على الثوابت». وشدّد الرئيس عبدالفتاح السيسي: «إنه فى زمن تتعاظم فيه الحاجة إلى خطاب دينى مستنير، وفكرٍ رشيد، وكلمة مسئولة، تتجلّى مكانتكم بوصفكم حَمَلة لواء هذا النهج القويم. وقد أدركنا منذ اللحظة الأولى أن تجديد الخطاب الدينى لا يكون إلاّ على أيدى دعاة مستنيرين، أغنياء بالعِلم، واسعى الأفق، مدركين للتحديات، أمناء على الدين والوطن، قادرين على تقديم حلول عمليةٍ للناس، تداوى مشكلاتهم وتتصدى لتحدياتهم، بما يُحقق مقاصد الدين ويحفظ ثوابته العريقة». ولفت إلى أنه لا تنحصر مهمة تجديد الخطاب الدينى فى تصحيح المفاهيم المغلوطة فحسب؛ بل تمتد لتقديم الصورة المشرقة الحقيقية للدين الحنيف، كما تجلّت فى حياة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكما نقلها الصحابة الكرام، وكما أرسَى معالمها أئمة الهُدى عبر العصور. وقال الرئيس فى رسالة للدعاة الخريجين: «اليوم وأنتم تتخرّجون، وتخطون أولى خطواتكم فى هذا الدرب النبيل؛ فإن أعظم ما نعول عليه منكم هو أن تحفظوا العهد مع الله، ثم مع وطنكم بأن تكونوا دعاة إلى الخير، ناشرين للرحمة، وسفراء سلام للعالم بأسره. وإن مصر، بتاريخها العريق وعلمائها الأجلاء ومؤسّساتها الراسخة، كانت وستظل منارةً للإسلام الوَسَطى المستنير، الذى يُعلى قيمة الإنسان، ويُكرّم العقل، ويحترم التنوع، ويرسى معانى العدل والرحمة.. وما نشهده اليوم يؤكد مضيَّ الدولة المصرية بثباتٍ وعزمٍ فى مشروعها الوطنى لبناء الإنسان المصرى بناءً متكاملاً، يُراعى العقل والوجدان، ويجعل من الدين ركيزةً للنهوض والتقدم، فى ظل قيم الانتماء والوسطية والرشد». واستطرد قائلاً: «أُحيّى كل عقلٍ وفكرٍ ويدٍ أسهمت فى إنجاز هذا العمل الجليل، من وزارة الأوقاف، ومن الأكاديمية العسكرية المصرية، ومن كل مؤسّسة وطنية، آمنت بأن بناء الإنسان هو بناء للوطن، وتحصين لجيلٍ قادم، وتمهيدٌ لمستقبل أكثر إشراقًا.. وفقكم الله جميعًا، وبارك فى جهودكم، وجعلنا دائمًا فى خدمة الحق والخير والإنسانية». كما وجّه سيادة الرئيس عدة رسائل تحمل رؤية الدولة فى إعداد إنسان متوازن ومسئول، قادر على الإسهام الإيجابى فى المجتمع، مشيرًا إلى أهمية الاقتداء بالإمام السيوطى كنموذج يُحتذى به، إذ حاز علومًا متعددة وأتقنها، فأنتج 1164 كتابًا فى حياته التى لم تزد على 62 عامًا. وأكد السيد الرئيس أن الكلمات وحدها لا تكفى لإحداث تأثير فى المجتمع؛ بل يجب أن تُترجم إلى أفعال إيجابية وفعالة تُشكل مسارًا يُتبع ويُنفذ، وضرب مثالًا على ذلك بحسن استغلال المساجد والارتقاء برسالتها، وترسيخ القيم التى تحض على محاسن الأخلاق كحُسن معاملة الجيران، والاهتمام بتربية الأبناء، ومواكبة التطور دون المساس بالثوابت. واختتم السيد الرئيس حديثه بتأكيد أهمية الحفاظ على اللغة العربية، ودور الدعاة فى أن يكونوا حماة للحرية، بما يعكس رؤية شاملة للتنمية المجتمعية، مؤكدًا سيادته أن الدورة التى حصل عليها الأئمة بالأكاديمية العسكرية المصرية عكف على إعدادها علماء متخصصون فى علم النفس والاجتماع والإعلام وكل المجالات ذات الصلة؛ إلى جانب الدراسات الدينية والعربية التخصصية التى تولت وزارة الأوقاف اختيار محتوياتها وأساتذتها. فخر واعتزاز شهد الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، احتفال وزارة الأوقاف بتخرج دورة الأئمة الجدد بالأوقاف، دفعة «الإمام محمد عبده»، بتشريف وحضور فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وذلك بمركز المنارة. وأكد أن وزارة الأوقاف لتتشرف بأن تقدم اليوم إلى الوطن وإلى الإنسانية، جيلًا جديدًا، من الدعاة إلى الله تعالى على بصيرة بُذلت فى تكوينهم وإعدادهم جهود مضنية وصادقة، ابتداء من أسرهم الكريمة التى قدمت أولادها إلى الأزهر الشريف مع أمل عظيم فى أن يكونوا نجومًا وشموسًا مزهرة فى حمل أمانة الكلمة ومواريث النبوة.. ثم حلقة أخرى من الجهود المضنية المبذولة من هؤلاء الأبناء الكرام على مدى سنوات طويلة من الدراسة فى مختلف مراحل تعليمهم على مدى سنوات من الصبر والمثابرة والتعلم، وتحمل المشقة، واجتياز الاختبارات والعكوف على الدراسة، مع أفئدة نبيلة متعلقة بأمل عظيم، فى النجاح والتوفيق والتفوق والتألق. ولفت إلى الجهود المضنية من أجيال متتابعة من أساتذتهم، الذين عكفوا على تعليمهم فى مختلف مراحل دراستهم، وما بخلوا عليهم يومًا بالعلم والمعرفة، بل علَّموا وصبروا، بجود وسخاء وكرم، والجود بالمعرفة والعلم هو أعلى صور الكرم، حتى مضت سنوات من العطاء، والتهذيب والتعليم، وبث الروح، ونقل الخبرة، حتى تخرج هؤلاء الأبناء الكرام. وشدد أنه: «حينئذ تخرج هؤلاء الطلاب، وأكملوا مسارهم الدراسي، وتأهلوا للعمل فى صفوف وزارة الأوقاف أئمة وخطباء ودعاة إلى الله، لكن جاءت حلقة أخرى بل نقلة نوعية من العطاء والجهد حيث وجه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بإلحاقهم بدروة تدريبية مكثفة، فى واحدة من كبريات قلاع صناعة البطولة، وهى الأكاديمية العسكرية المصرية، بغرض إكرامهم، بتقديم أعلى صور التدريب وصقل الشخصية، وحشد العلوم والمعارف والمهارات الصانعة للجدية والخبرة والانضباط والقوة». وقال وزير الأوقاف: «انطلقت هذه الدورة التدريبية المكثفة على مدار ستة أشهر، فأضافت حلقة جديدة من حلقات جهود الإعداد والصقل والإكرام لأبنائنا الكرام، فكل الشكر والتقدير للسيد الفريق أشرف سالم زاهر وللأكاديمية العسكرية المصرية بكل رجالها وأبطالها الكرام. واستطرد: «لقد وجه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي عناية فائقة دفعت وزارة الأوقاف والأكاديمية العسكرية وكافة مؤسسات الدولة للتضافر والتشبيك، لتقديم الخبرة والإعداد الرفيع لهذا الجيل ولا يكتفى فخامة الرئيس بالتوجيه بذلك، بل يعتنى عناية تامة بهم طوال فترة تدريبهم، ويوجه للعناية بهم فى كل شئونهم، ويتوج كل ذلك بتشريف سيادته وحضوره الحفل اليوم تخريجهم، دعمًا وإكرامًا». وقال وزير الأوقاف: «إنها الدولة المصرية عندما تنطلق لتنفيذ رؤية حكيمة فى بناء الإنسان وإعداده على أعلى وأبهى صورة .. واليوم جاء وقت حصاد ثمرات ذلك كله، حيث تسعد الأسر الكريمة التى قدمت أبناءها، وتسعد أجيال الأساتذة التى علمت وتسعد الأكاديمية العسكرية بعد كل جهودها التى صقلت وأعدت، وتسعد قلوب أبنائنا المتدربين بتتويج ثمرة جهودهم فى كل ذلك المسار الممتد، ويسعد فخامة الرئيس ويسعد الوطن، بتخريج دفعة جديدة من أبنائه الذين يعقد عليهم أملًا عظيمًا فى رفع رايته وحمايته، ونشر الوعى بين أبنائه، وخدمة شعبه الكريم، وبث القيم والأخلاق والعلوم والنور والمعرفة والحكمة فى كافة ربوعه. ميثاق العهد للدعاة وقام وزير الوقاف بالتوجيه بأن تقرأ الدفعة المتخرجة وأن نقرأ جميعًا معها سورة الفاتحة قراءة جماعية توثيقًا للعهد والميثاق وجاء فى نص القسم: «اللهم بحرمة سورة الفاتحة والسبع المثانى والقرآن العظيم، أن تفتح اليوم خزائن التوفيق لأبنائنا الدعاة الكرام، اللهم إنا قد أعددنا لك ظواهرهم لشرف الدعوة إليك، وجميل الثناء عليك، فتول أنت إصلاح بواطنهم، ونور بصائرهم، واشرح صدورهم ويسر أمورهم، ومدهم بمددك ومعونتك وسدد قولهم. اللهم جمِّل أخلاقنا ووسِّع أرزاقنا واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، احفظ مصر بحفظك الجميل، وابسط فيها بساط الرخاء والأمان والعافية والسداد والحكمة والبصيرة، واجمع شمل أهلها على الخير والهدى، اللهم احفظ خير أجناد الأرض وسدد رميهم واقذف الرعب فى قلوب أعدائهم، اللهم يا من تتوجه إليه الآمال فتعود ظافرة، وعلى باب عزته تحط الرحال فتغشاها منه الفيوضات الغامرة، يا من وسعت كل شيء رحمةً وعلمًا، وحكمةً وحلمًا، من ذا الذى طرق بابك فرددته؟ من ذا الذى تذلل إلى عظمتك فحرمته؟ اللهم أعزنا بعزك وانصرنا بنصرك، وأيدنا بتأييدك، وأعنا على ذكرك وشكرك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين».