حالة جدل جديدة يُثيرها د.سعد الدين الهلالى من خلال تصريحاته حول الميراث وأنه ليس فريضة، وأن من حق المجتمع الاستفتاء حول تقسيم الميراث بما يتوافق مع المصلحة، وهو ما أثار حالة من الغضب داخل أروقة الأزهر باعتبار أن تلك الدعوة مخالفة لشرع الله وما تم الإجماع عليه. الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، كانت له دعوات سابقة حول موقفه من الميراث ومطالبته بالمساواة بين الرجل والمرأة معتبرًا أن رأيه هو تبيان لأحكام الشريعة.. واعتبر أن عملية الميراث فى نهاية المطاف هى قرار شعبى وليس قراره أو قرار أى فرد آخر، مشيرًا إلى أن المطالبة بالمساواة فى الميراث ليست ممنوعة بنص صريح فى القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية الشريفة، خاصة بين المتساوين فى درجة القرابة كالأخ والأخت. ولفت الهلالى إلى أن هذه المساواة قد تحققت بالفعل فى تركيا منذ عام 1937، كما أنها موجودة جزئيًا فى مصر فى توريث المعاش بموجب القانون 148 لسنة 2019، حيث يتم توريثه للذكور والإناث على حد سواء. وأشار أيضًا إلى الممارسات الواقعية فى بعض الأسر المتراحمة التى تتقاسم التركة بالتساوى وبالتراضى. وفى تفسيره للآية القرآنية «يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين»، طرح الهلالى معنيين محتملين: الأول هو وصية الله بتمييز الذكر، والثانى هو وصية الله بعدم حرمان الأنثى من نصيبها ولو كان سهمًا واحدًا من سهمين، ودعا إلى فهم النص القرآنى على أنه قد يوصى بالضعيف (المرأة) لضمان عدم حرمانها من الميراث. وأشار الهلالى إلى أن ظاهر الآية لم يتم العمل به بشكل كامل حتى نهايتها، مستشهدًا بسياق الآية حول نصيب النساء فوق اثنتين ونصيب الأم فى حالة عدم وجود ولد للمتوفى، وكيف أن الفقهاء اختلفوا فى تفسيرها وتطبيقها، بما فى ذلك اختلاف الصحابة فى عصر عمر بن الخطاب حول نصيب الأم. وأكد أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن مسائل الميراث هى مسائل فقهية تعتمد على الفهم والتفسير، وأن الفهم الذى يرضى الأغلبية هو الذى يجب العمل به، مع التأكيد على حرية كل فرد فى فهمه دون فرض وصاية من أحد. وفيما يتعلق بآلية تطبيق المساواة، أكد الهلالى على أن الميراث حق، وأن حكم الحاكم يقطع الخلاف فى القضايا القانونية.لافتا إلى أنه إذا اتفقت الأسرة على تقسيم التركة بالتساوى بالتراضى، فلا يوجد ما يمنعهم قانونًا من ذلك. واقترح أن يتم ترك الأمر للمجتمع كحوار مجتمعى، وإذا توصل إلى توافق على جعل الميراث متساويًا بين المتكافئين فى درجة القرابة، فإن الإدارة يمكنها التوجه لتغيير القانون بناءً على هذا القرار الشعبى المتسامح، مؤكدًا أن الله لا يمنع التسامح الشعبى. وحول وجود فقهاء نادوا بالمساواة فى الميراث عبر التاريخ، أشار الهلالى إلى وجود «باب التخارج» فى الفقه الإسلامى الذى يعطى الحق للوارث فى التنازل عن نصيبه بالتراضى. وأشار إلى جواز التنازل عن الميراث المحتمل قبل حصوله وفقًا للمالكية ورواية عند الحنابلة، وكذلك التنازل عن الميراث المجهول. واقترح الهلالى إجراء استفتاء شعبى لتغيير قوانين الميراث بما يتوافق مع رغبة المجتمع، مع التأكيد على أهمية استقرار المجتمع وسيادة القانون الحالى لحين حدوث أى تغيير. ردود أزهرية كلام د.الهلالى أثار غضبًا عارمًا بين علماء الأزهر الشيف وقاد بعضهم هجومًا عبر صفحاته على الفيس بوك ضد د.سعد الهلالى.. كما ظهرت ردرود علمية ضد كلام الهلالى كان من بينها رد د.عباس شومان الأمين العام لهيئة كبار العلماء الذى نشره عبر صفحته قائلا: إن الله تعالى يقول: «يُوصِيكُمُ 0للَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ 0لأُنْثَيَيْن.. فَرِيضَةً مِّنَ 0للَّهِ..» فقسمة الميراث بالكيفية المذكورة فريضة لا يملك لبشر تغييرها، ويحق لصاحب الفرض دون سواه التنازل عنه أو بعضه كالديون. ولفت إلى أن القول بأن قسمة الميراث هى حق وليس فريضة مغالطة، فالميراث حق فى جهة الورثة، يمكن للوارث وحده التنازل عنه أو بعضه، أما تمكينهم من أنصبتهم كما وردت فى كتاب الله ففرض بنص كتاب الله ليس من حق أحد تغييره. وشدد أن القول بأن الإنسان حر فى حياته فى تقسيم أمواله دون التقيد بنظام المواريث،حيث يمكنه كتابة أمواله لبناته حتى لا ينازعهن أعمامهن -إخوة الميت- باطل لا دليل عليه بينما هاجم د.عبد المنعم فؤاد أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر عبر صفحته قائلا: «هذا الذى يختبئ خلف يافطة أستاذ بجامعة الأزهر: (والأزهر أعلن انحراف فكره من قبل): يريد استفتاء الشعب فى قضية الميراث التى بين حدودها رب العالمين، وعلى ضوء هذا الاستفتاء على القضاء أن ينفذ ما قرره الشعب لا ما شرعه الله!!!. خيّبك الله، ما أكذبك! وهل يستفتى الشعب على ما شرعه الله ؟!!!(قتل الخراصون) والمتحدث باسمهم. رد علمى وفى تفصيل علمى ردًا على دعوة د.الهلالى أوضح الدكتور عبدالحميد متولى من علماء الأزهر ورئيس الجامعة الإسلامية بأمريكا اللاتينية: إن الله تعالى حدد الميراث بنصوص قرآنية حيث يقول تعالى «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ...» وقال ل«روزاليوسف»: لقد اطلعتُ على التصريح الأخير للدكتور سعد الدين الهلالى -وفقه الله للحق-، والذى وصف فيه أحكام الميراث بأنها «حق» لا «فريضة»، ويجوز للشعب أن يُستفتى فيها، وهو قول يُخالف النصوص القرآنية القطعية، ويضرب بثوابت الشريعة عرض الحائط. وشدد أن الميراث فى الإسلام فريضة منصوص عليها فى القرآن الكريم، حيث قال تعالى: «فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا»، وقال عز وجل «نَصِيبًا مَّفْرُوضًا»، موضحًا أن هذه نصوص قطعية الثبوت والدلالة، تدل بوضوح أن الميراث ليس اجتهادًا بشريًا، وليس رأيًا فقهيًا خاضعًا لتصويت أو استفتاء، بل هو «تشريع إلهى» واجب النفاذ. أضاف: إنه لا اجتهاد مع النص القطعى، حيث إن القاعدة الأصولية عند علماء الأمة لا اجتهاد فى مورد النص، ولا مخالفة للنصوص القطعية بالتأويل، وحين يتعلق الأمر بآيات محكمات فى كتاب الله، فليس من المنهج السليم تركها لرأى الشعب أو حتى اجتهاد العلماء، لأن الله تعالى قال: «وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا...». وقال د.عبد الحميد: «الشعب لا يُستفتى على أحكام الله، فقد تكون الاستشارة فى بعض السياسات أو الأمور الإدارية مشروعة، لكن لا يجوز بأى حال من الأحوال أن تُترك الفرائض الإلهية لاستفتاء أو تصويت بشرى، فإنّ فى ذلك فتح لباب التلاعب بأحكام الشريعة وتبديل دين الله، وهو ما حذّر منه القرآن الكريم بوضوح فى قوله تعالى «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ». واستطرد: إن العلماء ورثة الأنبياء، لا مبدّلون لأحكامهم، ويجب على العلماء أن يُبلّغوا ما جاء به الوحى، وأن يُنزهوا أنفسهم عن تتبع هوى العامة، أو السعى وراء إرضاء الجماهير على حساب ثوابت الدين. قال النبى صلى الله عليه وسلم: «العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورّثوا العلم». واختتم قائلا: «ندعو الدكتور سعد الهلالى إلى مراجعة أقواله فى ضوء النصوص القطعية، وإلى بيان الفارق بين ما يُجتهد فيه وما هو مفروض من عند الله، كما ندعو الأمة إلى التمسك بدينها وثوابتها، والحذر من العبث بأحكام الميراث أو غيره من التشريعات القطعية. الستار الخداع من جهتها قالت دار الافتاء المصرية فى بيان لها: «الحمد لله الذى بيَّن فرائض هذا الدين فأحكمها، وحدَّد مواريث العباد فأقام بها ميزان العدل، نحمده سبحانه على ما أنزل من الكتاب، وما شرع من الأحكام، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم المبلِّغ عن ربِّه والمبيِّن لشرعه. وأكدت أنها تابعت باهتمام بالغ النقاشات الدائرة حول الدعوة إلى المساواة المطلقة فى الميراث، تحت لافتة التطوع أو الاستفتاء الشعبى، وانطلاقًا من مسئوليتها وواجبها أشارت إلى أن التبرع الفردى لا ينتج تشريعًا عامًا يلغى أصل جواز التبرع ويجعله إلزامًا قانونيًّا، حيث لا خلاف بين العلماء فى جواز تبرع الشخص لأخته أو غيرها من ماله أو نصيبه من الميراث، كما لا يوجد ما يمنع من تبرع الأخت لأخيها ومساعدته من مال الميراث أو غيره أيضًا، إذ التبرع باب من أبواب الإحسان، ولكن أن يُتخذ هذا الجواز الفردى ذريعة لاقتراح تشريع عام ملزم يُلغى أصل جواز التبرع علاوة على أحكام المواريث القطعية، فذلك خلط بين التصرف الفردى والتشريع الإلزامى، وهو مغالطة لا تخفى على ذوى العقول والبصيرة. ولفتت إلى أن الفرضيات الجدلية لا تُنتج أحكامًا شرعية، فحين يُقال «لو تراضى المجتمع على المساواة بين الذكر والأنثى فى الميراث، فلماذا لا يُشرّع ذلك؟»، فهذه فرضية مفتعلة لا تُغير من الحقيقة شيئًا؛ فإن الأحكام الشرعية توقيفية لا تُغيَّر بالتصويت ولا بالتوافق المجتمعى، وخصوصًا أن من يدعون إلى ذلك أوينادون به يتغافلون أن من أسماء هذا العلم علم الفرائض، جمع فريضة، وهو ينزع عنه صفة الفريضة والواجبة عند التوزيع إلى صفة الحق فقط، وينسى أن الله تعالى قال فى آيات الميراث: «فريضةً من الله» فأحكام الميراث ليست حقًا فقط لصاحبه التبرع به؛ بل واجب وفريضة وليس رأيًا بشريًّا قابلًا للإلغاء أو التطويع. ولفت إلى أن القياس بين التبرع (وهو مباح) وبين تغيير فريضة الميراث (وهو محظور) هو قياس فاسد، أشبه بمن يقترح توزيع أموال الأغنياء بين الفقراء بالقوة لأنهم «يستطيعون التبرع بها!» فلو كان هذا منطقًا سليمًا، لما بقى حقٌ ثابت ولا مالٌ مصون. واعتبرت دار الافتاء أن الدعوة للاستفتاء حول الميراث المقصد الحقيقى منه زعزعة قدسية النص، حيث يُراد فعليًا من هذه الدعوات ليس المساواة كما يُدعى؛ بل نزع القداسة عن النصوص القطعية، وتحويلها إلى ساحة نقاش وجدال، لكنها أمور محفوظة بحفظ الله لها، لأنه إذا قُبل هذا المنطق غير المستقيم، فستُفتح الأبواب لكل تأويل باطل، يُقاس فيه المشروع «التبرع» على غير المشروع «تغيير الفرائض»، ويمهد لهدم الضروريات الخمس، تحت غطاء «الاجتهاد المجتمعى»، والواقع أنه إلغاء للشريعة باسم الاجتهاد. وشددت أنه إذا ما تم تشريع المساواة فى الميراث، فلن يعود التبرع خيارًا؛ بل يُصبح حقًا قانونيًّا يُمكن أن يُقاضى الأخ إن لم يعطِ أخته ما لم يُفرض عليه شرعًا، فيُسلَب الإنسان ماله، ويُحمّل ما لم يُكلّفه الله به، وهذا هو عين الظلم. وأوضحت دار الافتاء أن الثوابت ليست محل تصويت، وأن الثوابت ليست قاصرة على العبادات أو أركان الإسلام، بل كل قطعيات الدين، أى التى ثبتت بنص قطعى الثبوت وقطعى الدلالة سواء فى كل مجالات التشريع الإسلامى، كما لا يخفى ذلك على العامة فضلًا عمن ينتسب للعلم. واعتبرت إن هذه الدعوى من شأنها قلب الموازين، فبدل أن يحمى التشريع القانونى الحق الشرعى ويضمن تنفيذه على خير وجه، يحاول صاحب هذا الطرح أن يجعل التشريع القانونى معتديًا على الحقوق الشرعية وطريقًا لسلب الناس حقوقهم وأموالهم، مستندًا فى سلبه إلى قابلية الحق للتبرع بعد وجوبه، وهو من أغرب أوجه الاستدلال وأبعدها عن قواعد النظر السليم، وتحريف لمفهوم الإحسان عن موضعه الصحيح. واختتمت دار الإفتاء قائلة: إن الدعوة إلى المساواة المطلقة فى الميراث، تحت لافتة التطوع أو الاستفتاء الشعبى، ليست إلا ستارًا خادعًا يراد به نقض الحكم الشرعى، وإسقاط القدسية عن النص، وإلحاق الأمة بركب مفاهيم دخيلة لم تُنتج إلا اضطرابًا وانهيارًا فى مجتمعاتها، فالنص القطعى ليس مادة لإعادة التشكيل؛ بل هو نور يُهتدى به، وحدٌّ لا يُتجاوز. حسم أزهرى بينما حسم مركز الفتوى الألكترونية المسالة بإصدار توضيح شرعى حول قضية المواريث وأنها ثابتة وقطعية ولا يمكن التعديل حولها، وقال بيانه الشرعى: «إن نصوصُ الميراث قطعية لا تقبل التغيير ولا الاجتهاد، والدعوة لصنع «تدين شخصى» افتئاتٌ على الشرع، أو لصنع «قانون فردى» افتئاتٌ على ولى الأمر، وإعادة إنتاج للفكر التكفيرى المنحرف، وتجديدُ علوم الإسلام لا يكون على الشاشات أو بين غير المتخصصين. إن صدمةُ الجمهور بإقامة استدلالات غير صحيحة على تحريم حلال أو تحليل حرام؛ جريمة فكرية تهدد الأمن الفكرى والاستقرار المجتمعى، مؤكدًا أن الشَّحن السَّلبى المُمنهج تجاه الدّين وتشريعاته، والانتقالُ من التشكيك فى حكم من أحكامه إلى التشكيك فى غيره، ونسبةُ المعاناة والإشكالات المُجتمعية إلى تعاليمه ونُصوصه؛ جريمة كبرى تغذى روافد الانحراف الفكرى والسلوكى، ونذير خطر يؤذن بتطرف بغيض. وقال مركز الفتوى: إن الانتقاء والتدليس وصدمة الجمهور بالاستدلالات غير الصحيحة على تحليل الحرام أو تحريم الحلال بغرض تطبيع المنكرات داخل المجتمع؛ جرائم فكرية ومعرفية ينبغى محاسبة مرتكبها والداعى إليها. ورفض مركز الفتوى تفسير «أولى الأمر» فى القرآن الكريم ب«الشعب»، لمنحه سلطة عليا فى التشريع والحكم ولو بمخالفة أحكام الشريعة والأعراف المستقرة؛ معتبرًا أن هذا شذوذ فى تفسير الآية الكريمة، ودعوة للتجرؤ على أحكام الدين وتشريعاته، وإهدار لمواد الدستور المصرى ومقرراته، وافتئات واضح على حق ولى الأمر فى تنظيم شئون الدولة ومنازعة له فيها، وإعادة إنتاج لمنهج التكفيريين والمتطرفين فى تفسير القرآن الكريم وإسقاط النظم التشريعية والرموز الوطنية. وقال بيان الأزهر: إنه ليس ثمة تعارض بين الفقه الإسلامى فى جهة والدستور والقانون المصرى فى جهة أخرى، حتى يُختلَق صراع أو تُعقَد مقارنات بينهما، ولاسيما أن تشريعات القانون المصرى وضح أكثرُها من أحكام الفقه الإسلامى، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية ضابط حاكم لجميع مواده كما أفاد الدستور فى مادته الثانية، بيد أن اختلاق صراع بين الفقه والقانون تكأةُ زورٍ استند إليها التكفيريون والمتطرفون فى انتهاج العنف وتكفير المجتمع واستحلال دمه. واعتبر مركز الفتوى بالأزهر أن إغراءُ فئةٍ من الشعب بالتمرد على القانون، بزعم أحقيتها فى تفسيره تفسيرات شخصية أو رفض تطبيقه بالكلية، ثمرةٌ من ثمرات الفكر المعوج الداعى ل «الفردانية»، والتى تعنى أحقية كل فرد فى تشكيل مبادئ تدينه الخاص وقوانينه الشخصية؛ وفقًا لأهوائه ومطامعه الدنيوية، وبما يخالف الشرع والقانون والنظام العام، ولا يخفى الأثر السلبى لهذه الفوضى على السّلم والاستقرار المجتمعى والوطنى. وقال: إن الادعاء الدائم أن أحكام الشريعة لا تناسب الزمان وتطور العصر؛ طرحٌ كريه لا يراد به إلا عزل الإسلام عن حياة الناس، فضلًا عن كونه فتنة عظيمة فى دينهم؛ لا يجنى المجتمع منها إلا الانحراف الفكرى والتطرف فى إحدى جهتيه. وجدد مركز الفتوى تأكيده على أن النصوص المتعلقة بعلم الميراث فى الإسلام نصوص قطعية مُحكمة راسخة لا تقبل الاجتهاد أو التغيير بإجماع الصحابة، والعلماء فى كل العصور، وتناسب كل زمان ومكان وحال، فقد تَولَّى رب العالمين الله عز وجل تقسيم المواريث فى القرآن الكريم؛ لأهميته، وعِظَم خطره، وإزالةً لأسباب النِّزاع والشِّقاق. وأكد تجديد الفكر وعلوم الإسلام حِرفة دقيقة لا يُحسنها إلا العلماء الرَّاسخون، المشهود لهم بالديانة والتَّمكن، داخل الأروقة العِلمية، وليس على الشّاشات أو بين غير المُتخصّصين، والفكر المُتطرف فى أقصى جهتيه جامد يرفض التجديد بالكلية فى جِهة، أو يُحوِّله إلى تبديد للشَّرع وأحكامه فى الجِهة الأخرى. وأوضح الأزهر أن علم تقسيم الميراث فى الإسلام مرتبط ومتشابك مع قضايا وأحكام عديدة، ومدعى قصوره؛ لا يبين -عمدًا- صلته بتشريعات كثيرة فى قضايا النفقة والواجبات المالية؛ إذ إن بيانها يقضى بعدالته. وحذر مركز الأزهر من التَّستُّر خلف لافتات حقوق المرأة للطعن فى أحكام الدين، وتصويره كعدوٍّ لها، مؤكدًا أنها حيلة مغرضة تستهدف تنحية الدين وتقزيم دوره، وتدعو إلى استيراد أفكار غربية مشوهة، دخيلة على المُجتمعات العربية والإسلامية؛ بهدف ذوبان هُوُيَّتِها وطمس معالمها. واختتم مركز الفتوى بيانه الشرعى حول الدعوة للنظر فى المواريث قائلا: لا يشكك فى الدين وأحكامه إلا طاعن، يتغافل عن الجوانب التعبدية للشرع الشريف؛ فالمُسلم الحق هو الذى استسلم لله سبحانه وتعالى، فى الحكم والتشريع، وهو الحَكَم العدل المُحيط، الذى يعلم خلقه، ويعلم ما يُصلحهم، فقد قال الله رب العالمين فى عقب آيات المواريث: «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ». 2 3 4