رغم استمرار نزيف قناة السويس المصرية، إلا أن اقتصاد مصر نما بأسرع وتيرة عند 3.5% خلال الربع الأول من السنة المالية (2024-2025)، وذلك بفضل تحسن عدة قطاعات أبرزها قطاع الصناعات التحويلية الذى نما خلال الربع الثانى على التوالى بمعدل بلغ 7.1% على أساس سنوى بين يوليو وسبتمبر الماضيين، تزامنًا مع سياسات الإصلاح الاقتصادى والإجراءات الحكومية الداخلية فى مارس (2024)، كل ذلك عوّض التراجع المستمر لإيرادات قناة السويس بسبب اضطرابات الملاحة بالبحر الأحمر، وذلك وفقًا لبيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية الصادرة أواخر العام الماضى، وفى مارس الماضى اتخذت الحكومة المصرية إجراءات لتوحيد سعر الصرف للقضاء على أزمة العملة، ووقعت مع صندوق النقد الدولى اتفاق قرض موسعًا بقيمة «8» مليارات دولار مما ساهم فى تخفيف أزمة تكدس البضائع بالموانئ، وتعزيز صادرات البلاد، ورغم استمرار تراجع النشاط فى قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية بالنسبة للحكومة المصرية- حتى وقتنا هذا نتيجة للاضطرابات الجيوسياسية فى المنطقة، لتنخفض الإيرادات بنسبة 63% إلى 0.97 مليار دولار خلال الربع مقارنة مع 2.6 مليار دولار فى الفترة المقبلة، ورغم خسارة قناة السويس بما لا يقل عن 7 مليارات دولار من إيراداتها خلال (2024) بسبب الاضطرابات الناتجة عن هجمات الحوثيين على سفن الملاحة بالبحر الأحمر، حيث أغلقت هذه الهجمات فعليًا جنوبالبحر الأحمر وأجزاء من خليج عدن أمام معظم شركات الشحن الغربية مما منعها من استخدام قناة السويس لنقل البضائع بين أوروبا وآسيا، ومع انكماش نشاط البترول 6.2%، وانكماش إنتاج الغاز الطبيعى 18.8% خلال تلك الفترة، إلا أن هناك توقعًا بزيادة النشاط خلال الأرباع المقبلة، مع توصل الحكومة المصرية لاتفاق مع شركات النفط الأجنبية العاملة فى البلاد، لسداد باقى مستحقاتها خلال الأشهر القليلة المقبلة، حيث كانت متأخرات شركات النفط الأجنبية لدى الحكومة قد بلغت 4.5 مليار دولار فى مارس الماضى، لكنها تقلصت إلى مليار دولار فحسب بعدما سددت الحكومة ثلاث دفعات آخرها فى نوفمبر الماضى، وطبقًا لتوقعات الحكومة باستمرار التحسن فى معدلات النمو ليبلغ 4% للعام المالى الحالى بأكمله، وهو ما يتوافق مع توقعات صندوق النقد الدولى البالغ 4.1% فى أكتوبر الماضى كل هذا رغم حجم التوترات التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط كما كان هناك نمو فى عدة قطاعات أخرى مثل قطاع السياحة الذى نما بنسبة 8.2%، مدفوعًا بارتفاع عدد السائحين إلى 4.41 مليون زائر، وزيادة عدد الليالى السياحية حيث سجلت مصر رقمًا قياسيًا بلغ 15.78 مليون سائح فى 2024، وتحقق ذلك رغم الحرب بين إسرائيل وحماس على الحدود الشمالية الشرقية لمصر، والصراع بين روسيا وأوكرانيا، وهما الدولتان اللتان كان مواطنوهما يشكلون ذات يوم نسبة كبيرة من الزوار، وهو ما ساهم فى تعويض التراجع الحاد فى إيرادات قناة السويس، بينما شهد قطاع النقل والتخزين نموًا كان الأعلى بنسبة 15.7%، كما نما قطاع الاتصالات والتكنولوجيا بنسبة 12.15%. وفى النهاية، وبالرغم من العواصف العالمية وبشهادة ورؤية صندوق النقد الدولى ومحللين سياسيين واقتصاديين للأوضاع الاقتصادية الحالية فى مصر هناك تأكيد على أن الإصلاح الاقتصادى فى مصر يؤتى ثماره، وأن مصر تسير بخطى ثابتة تجاه تحقيق الاستقرار الاقتصادى والتنمية المستدامة.. تحيا مصر.