مطلوب للعمل رئيس تحرير لجريدة أو مجلة قومية مَن لديه رؤية لتطوير المطبوعة التى يتولى رئاستها يتقدم بطلبه لمجلس الشورى على أن يجيد المتقدم لهذه الوظيفة الكتابة، وأن يكون لديه حلول للتغلب على خسارة الإصدار فى حالة الخسارة لا سمح الله، وأن يمتلك القدرة على الإدارة الرشيدة. هذه بعض من شروط شغل الوظيفة كما حددها مجلس الشورى مالك المؤسّسات الصحفية القومية والتى قالوا عنها إنها معايير وشروط وضعت للغد وليست لليوم للقضاء على تلال الفساد فى هذه المؤسّسات وأيضًا لتأديب وتهذيب العاملين فيها الذين تطاولوا على جماعة الإخوان المسلمين ونوابهم فى مجلسى الشعب والشورى. بالطبع التأديب والتهذيب لا بُدّ أن يكون من نصيب المتطاولين أمثالنا فى «روزاليوسف» والتى نالت النصيب الأكبر من هذا التأديب لأن مؤسّستنا العريقة من وجهة نظرهم تعد أحادية التوجه ولا تجد فى مصر من تهاجمه سوى جماعة الإخوان ونوابها.. الكلام عن أحادية التوجه لم نقله نحن أو غيرنا إنما أطلقه وصرّح به زعيم الأغلبية فى مجلس الشورى «علي فتح الباب» فى حواره لجريدة أخبار اليوم الذى أعلن فيه اعتزازه ب«روزاليوسف» كمؤسّسة قومية، ثم عاد وقال: ولكنها تهاجم تيارًا معينًا على طول الخط وتخرج عن الموضوعية وجميع أعمدتها تهاجم الإخوان المسلمين، وتمنّى زعيم الأغلبية أن يرى فى «روزاليوسف» مقالاً واحدًا يؤيد الجماعة ويشيد بها وبإنجازاتها التى قدمتها لمصر. وهنا تحديدًا أجد أنه من واجبى أن أقول لزعيم الأغلبية ولمن يدورون فى فلكه ويسيرون على منهج جماعته أنه لن يرى فى «روزاليوسف» مقالاً يبشر أو يدعو لجماعة الإخوان المسلمين ما دامت الجماعة تدعو للدولة الدينية، كما أن سياستهم وأقوالهم تكشف عن كراهيتهم البالغة لفكرة الدولة المدنية التى تدعو لسيادة القانون والمواطنة التى يؤمن بها أبناء «روزاليوسف» كما يؤمن بها غالبية المصريين، ويبدو أن زعيم الأغلبية جعل من «روزاليوسف» هدفًا للتنشين دون باقى المؤسّسات الصحفية ما دامت تهاجم الجماعة ونوابها لأنه لم يجد مقالاً يشيد بجماعته فقرّر أن «يذبح لها القطة» متدخلاً بذلك فى سياستها التحريرية لكى يرشدنا ويهدينا وإن لزم الأمر يعلمنا كيف نتعامل مع المادة الصحفية بصفته الخبير والعالم ببواطن الأمور فى عالم الصحافة والصحفيين، دليلى على ذلك أنه يشترط أن تكون السياسة التحريرية للجريدة أو المجلة فى عهد رؤساء التحرير الجُدد الذين سيقع عليهم الاختيار واضحة وموضوعية. بصراحة؛ أنا لا أفهم كيف ستكون السياسة التحريرية واضحة وموضوعية، فهل يعنى سيادته أنه لا بُدّ أن يقدم أى رئيس تحرير فى مطبوعة قومية سياسته التحريرية وخطواته التى سيسير عليها لتحقيق هذه السياسة لمسئولى مجلس الشورى المتمتع فيه هو وحزبه بالأغلبية كى يوافقوا عليها أم لا وإذا ما رفضت هذه السياسة هل سيجرى عليها أعضاء الشورى بعض التعديلات التى بالضرورة لا بُدّ أن يوافق عليها رئيس التحرير حتى ينال الموافقة والرضا. يقينى هنا أن مجلس الشورى لا يريد رئيس تحرير لمطبوعة قومية وإنما يريد موظفا يقول لرئيسه آمين على طول الخط بحجة أن هذه المطبوعة ملك للشعب المصرى الذى أوكل بدوره مهمة الإشراف عليها إلى مجلس الشورى. وعن قول زعيم الأغلبية بأنه يريد أن يرى فى مانشيتات الصحف القومية مانشيتات وطنية ولا تميل ناحية فصيل على حساب فصيل آخر، أو تقف جريدة أو مؤسّسة ضد أحد فى توجهها، فأود أن أقول له إن جميع العاملين فى الصحف القومية وغير القومية وما يسطرونه فى مطبوعاتهم هو وطنى بالدرجة الأولى ولا يبغون منه سوى مصلحة الوطن، ولكنه الاختلاف فى وجهات النظر الذى ترونه أنتم من جانبكم جريمة، فالحديث عن الوطنية لا تملكون «سك» الكلام عنها دون غيركم من المصريين إلا إذا كنتم وما زلتم تعتمدون مبدأ «من ليس معى فهو ضدى» علمًا بأن هذا المبدأ أصبح لا وجود له الآن؛ خصوصًا بعد ثورة 25 يناير التى جعلت من جماعتك أغلبية فى مجلسى الشعب والشورى، وجعلت منك شخصيًا زعيمًا للأغلبية وهو ما ارتضيناه عن طيب خاطر بعد أن قرّرنا الاحتكام للصندوق. الأمر الأكثر غرابة والذى لا تعلمه الجماعة الصحفية حتى الآن كان فى المعيار الذى وضعه نواب الشورى وهو الخاص باختيار رؤساء تحرير يجيدون الكتابة، ولا أدرى هل عند تطبيق هذا المعيار على رؤساء التحرير كما قال زعيم الأغلبية سيتم استكتاب المختارين أمام لجنة تضم أساتذة فى اللغة والنحو والصرف لضمان إجادة الكتابة وحسن الصياغة، ثم عاد وقال «فتح الباب» فى نفس الحوار إن إجادة الكتابة معيار مهم لأن هناك كُتّابًا كبارًا لا يجيدون الكتابة، وأن هناك أيضًا من يكتب للبعض منهم. ومن هنا أطالب زعيم الأغلبية بالكشف عن أسماء هؤلاء الكتّاب الكبار لأن ما صرح به فى هذا الشأن يعد حقاً للمجتمع الذى أعتقد أن هؤلاء الكتاب يعدون من قادة الفكر والثقافة والرأى فى المجتمع، أمّا فى حالة إذا ما تمسك سيادته بإطلاق هذه التهمة على كتاّب كبار دون أن يفصح عنهم صراحة؛ فإن ذلك يعد جريمة ويدخل تحت بند إطلاق الاتهامات دون دليل، ولا يصح أن تصدر عن زعيم الأغلبية فى بلاد «الواق.. الواق» لأنه مسئول مسئولية كاملة عمّا يصرح به. وإذا كان لا يمكن لأحد منّا ومن الجماعة الصحفية أن ينكر الكفاءة والمهنية عند اختيار رئيس التحرير؛ إلا أن مجلس الشورى عاد وصب البنزين على النار حينما حدّد هذه الكفاءة بضرورة ألا يتصيد رؤساء التحرير الأخطاء للبعض الذى أراه هنا هم نواب التيار الإسلامى وجماعتهم، وهذا يعد تدخلاً صريحًا فى صميم أعمال رئيس التحرير والمطبوعة، وهنا هم يريدون مطبوعات على الكيف ولا يجوز لها أن تتصدى لمن يصفهم بسحرة فرعون أو لمن يقول نحن أسياد البلد أو لمن يتهم الإعلاميين بتلقى شيكات من دول أجنبية، فتصيُّد الأخطاء عند الشورى غير مقبول؛ لأن الله يغفر الذنوب، وما أخطاء عمليات التجميل، أو الوقوف على جانبى الطريق ليلاً بأخطاء، وما هى سوى افتراء لا مبرر له على عباد الله. وإمعانًا فى فقد هيبة منصب رئيس التحرير تضمنت المعايير ضرورة تقديم المتقدم لأرشيفه الصحفى وسيرته الذاتية، فهذا المعيار من وجهة نظر واضعيه لا ينتقص من قيمة المنصب؛ وإنما هذا المعيار يضمن متابعة الخطة الموضوعة المتمثلة فى سياسة تحريرية تليق بواضعى هذا المعيار من نواب حزب الحرية والعدالة صاحب الأغلبية فى المجلسين، فإذا خرج رئيس التحرير عن هذه الخطة؛ فإقالته واجبة؛ خصوصًا أن التابعين لهذه الأغلبية كثر!. السادة نواب الشورى؛ لا أنكر عليكم التغيير الذى تنتوونه بحكم أن القانون يعطيكم هذا الحق، ولكن كان الأجدر بكم أن تناقشوا ملكية الصحف القومية التى تصرون أن تكون فى يدكم لأنكم وبصراحة لا تستطيعون القيام بهذا الدور، وأعتقد أن مجلسًا قوميًا أو وطنيًا أو أى شىء آخر قد يكون أجدى لأنه وقتها سيكون ممثلاً من أهل المهنة الذين هم أدرَى بشعابها. أمّا أن يكون كل دَور مجلسكم منصبّا فى تغيير رؤساء تحرير الصحف القومية دون فعل أى شىء آخر؛ خصوصًا فى هذا التوقيت الحرج الذى تمر به البلاد؛ فهذا ما لا أرتضيه لكم. وأخيرًا أقولها لكم صريحة حال المؤسّسات القومية الصحفية لن ينصلح بتغيير رؤساء التحرير والأجدَى لكم ولنا أن نبحث عن كيفية انتشال هذه المؤسّسات من أزماتها للقيام بدورها على الوجه الأكمل وحتى نضمن حياة كريمة للعاملين فى هذه المهنة وإعادة النظر فيما يتقاضاه الصحفى من أجر تريدون اقتسامه معه حينما تفتق ذهن أحدكم عن ضرورة أن يُقتطع جزءٌ من أرباحها فى حالة تحقيق أرباح ليذهب إلى موازنة المجلس، وعندما صرّح أحدكم أيضًا بضرورة أن يمثل بعضكم فى الجمعيات العمومية للمؤسّسات الصحفية لضمان سير العمل والخطة التى توافقون عليها، ولا مانع من صرف بدل حضور عن جلسات هذه الجمعيات، «وأهو كله بثوابه ويا بخت من نفع واستنفع».