الائتلاف المصري لحقوق الإنسان والتنمية يصدر تقريرًا تحليليًا حول النظام الانتخابي    وزير العمل: إصدار القانون الجديد محطة فارقة في تحديث التشريعات الوطنية    رئيس «العربية للتصنيع» يتفقد أعمال إنشاء مصنع تدوير المخلفات الصلبة بمدينة بلقاس    المشاط: الإحصاءات تُمثل ركيزة أساسية في صنع القرار ودعم مسيرة التنمية    اصابه 11 شخصاً في انقلاب ميكروباص بالشرقية    محافظ المنيا: إزالة 1709 حالة تعدٍ على أراضي الدولة والزراعية خلال الموجة ال27    عاجل- رئيس الوزراء يتابع مع محافظ بورسعيد عددًا من المشروعات الاستثمارية بالمحافظة    السيسي يتسلم أوراق اعتماد 23 سفيرا جديدا لدى مصر ويؤكد تقديم كافة سبل الدعم والمساندة اللازمة    استمرار دخول شاحنات المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح    ماذا دار بين حكام غرفة ال «VAR» في الكلاسيكو؟ تقارير تكشف    جاهزية نجم اتحاد جدة لمواجهة النصر    مدرب برشلونة: أجواء برنابيو أربكت يامال وغياب ليفاندوفسكي أثّر على الفريق    وزيرة التخطيط تشهد إعلان نتائج التعداد الاقتصادي السادس    «أكثر 100 ألف قطعة أثرية».. موعد افتتاح المتحف المصري الكبير 2025 وأسعار التذاكر    مسلسل محمد سلام الجديد.. قصة وأبطال «كارثة طبيعية»    الخميس.. العرض المسرحي تطبق العروض والأحلام بمكتبة مصر الجديدة العامة    4 أساسيات للانش بوكس المثالي للمدرسة.. لفطار رايق وصحي    طريقة عمل شاي اللاتيه بمذاق ناعم    بكين: المقاتلة الأمريكية تحطمت أثناء تدريب عسكرى فى بحر الصين الجنوبى    وزير الخزانة الأمريكى: واشنطن وبكين اتفقتا على إطار عمل لاتفاقية تجارية    رئيس اتحاد الاسكواش تعليق علي فوز يحيي النوساني : طول عمرنا بنكسب الإسرائيليين وبنعرّفهم حجمهم    عاجل بالصور الصحة: إنقاذ ناجح لسائحة إسبانية أصيبت داخل هرم سنفرو المنحني بدهشور    علاج 1674 مواطنا بقافلة طبية بالشرقية    3 مصابين في انهيار داخلي لعقار بمنطقة العصافرة في الإسكندرية.. والمحافظ يتابع الحادث    طفل يقود ميكروباص في بني سويف ووزارة الداخلية تتحرك سريعًا    تأجيل محاكمة 24 متهما بالإنضمام لجماعة الأخوان الإرهابية لمرافعة النيابة العامة    محافظ الإسكندرية يتابع تداعيات انهيار أجزاء من عقار بالعصافرة بحري    أسعار الفراخ اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    رضا عبد العال: السوبر سيكون الاختبار الحقيقي لتوروب مع الأهلي    حقيقة مفاوضات الأهلي لضم «دياباتي» نجم السويد    بكم طن عز الآن؟ سعر الحديد اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 محليا و أرض المصنع    تخصيص جزء من طابور الصباح لتعريف طلاب القاهرة بالمتحف المصري الكبير    الشاطر يتذيل شباك تذاكر إيرادات السينما الأحد.. كم حقق في 24 ساعة؟    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف حقيقه تعرض القاهرة الكبرى لأمطار خلال ساعات    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    جامعة الإسكندرية تحقق إنجازا عالميا باختيار مركز القسطرة ضمن أفضل 7 مراكز خارج الولايات المتحدة    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    متحدث الأوقاف: «مسابقة الأئمة النجباء» نقلة نوعية في تطوير الخطاب الديني    الأمم المتحدة تعرب عن قلقها البالغ إزاء الوضع في الفاشر السودانية وتدعو لوقف فوري لإطلاق النار    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    وزير الخارجية يبحث مع نظرائه في فرنسا واليونان والسعودية والأردن تطورات الأوضاع    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    التعليم تقرر : 25 جنيها رسم إعادة قيد طالب الثانوى المفصول بسبب الغياب    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    وزير الزراعة يعلن فتح السوق الفنزويلية أمام صادرات مصر من الرمان    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في بورسعيد    بالصور.. مصرع وإصابة 28 شخصا في حادث تصادم أتوبيس بسيارة نقل بطريق رأس غارب - الغردقة    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 27اكتوبر 2025 فى المنيا    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    إسرائيل تنسحب من منطقة البحث عن جثث المحتجزين في غزة    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    «عائلات تحت القبة».. مقاعد برلمانية ب«الوراثة»    الزمالك مهدد بالاستبعاد من بطولات إفريقيا لكرة اليد.. الغندور يكشف التفاصيل    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمن الخيول البيضاء قصة كفاح شعب أبى الخضوع
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 26 - 11 - 2023

لا يستطيع قلم أن يصفها، مأساة تدمى قلوب البشرية، قتل وإبادة وتدمير لم نره من قبل فى عصرنا الحديث.. إلا أن هذا الشعب الأبى تاريخه زاخر بمقاومة منقطعة النظير، ولم تكن المقاومة فقط بأيدى ترفع حجر أمام دبابة وإنما كانت هناك مقاومات أخرى، فمنهم من أخذ على عاتقه أن يعرف العالم حقيقة ما يحدث فى أرض السلام فيسافر من بلد إلى بلد ويلتقى مع القادة والساسة وغيرهم ومنهم من أخذ يقاوم بقلمه وهم كثر.

تمر أرض فلسطين الشقيقة بمأساة إنسانية فقد كانت الأحداث الدامية والظلم المتلاحق لشعب فلسطين مادة خصبة للأدباء والروائيين والمفكرين فكان النتاج الأدبى لا مثيل له.
استطاع العدو أن يوجه أسلحته لأطفال أبرياء لا حول لهم ولا قوة ولكنه لم يستطع أن ينزع روح المقاومة داخل شعب أبى أن يخضع أو يستسلم.
استطاع العدو أن يبيد بيوتًا ومنازل ويدمر مدنًا بأكملها، إلا أنه لم يستطع أن يقصف قلمًا مقاومًا سجل وأرّخ كل ما يحدث وسطر كل انتهاكاته وسجلها فى روايات مختلفة طافت العالم كله وستظل باقية فى تاريخ أدب هذا العالم.
فى يوم ما ستحل القضية الفلسطينية، ولكن ستبقى انتهاكات ووحشية هذا العدو محفورة فى ذاكرة التاريخ كما حفر اسم مدرسة بحر البقر فى أذهان العالم حتى الآن.
فى هذا الباب الاستثنائى «مقاومة قلم»، سنعرض أهم الكتب التى تناولت القضية الفلسطينية وسجلتها للتاريخ والتى حاول فيها الكتاب والأدباء أن يعرضوا فيها قضيتهم لتصل لكل بقاع العالم، ليس الساسة والقادة فقط، بل وجهوا أقلامهم لشعوب هذا العالم حتى يتضامنوا معهم بما يملكونه من إنسانية قد تغيب عن حكامهم.
ولقد كانت مقولة بن جوريون «سيموت كبارهم وينسى صغارهم» هى المحرك الأساسى لكتابة ملحمة فلسطينية خالصة، فهى كانت الدافع الأساسى للشاعر والروائى الأردنى الفلسطينى «إبراهيم نصرالله»، التى جعلته يعكف على توثيق وتأريخ القضية الفلسطينية فأفرزت لنا الملهاة الفلسطينية والتى كتبت فى سبع روايات هي «قناديل ملك الجليل، زمن الخيول البيضاء، طفل الممحاة، طيور الحذر، زيتون الشوارع، أعراس آمنة، تحت شمس الضحى، وآخرها مجرد 2 فقط».
ويقول نصرالله عن ملهاته «هى مشروع روائى حلم راودنى طويلاً منذ أكثر من 16 عامًا، مدفوعًا فى البداية من منطلق المسئولية، حيث بدأ كثير من أجدادنا وآبائنا يرحلون حاملين الجزء الأكبر من ذاكرتهم معهم إلى قبورهم، وقد كنت قرأت جملة ل بن جوريون تقول: «سيموت كبارهم وينسى صغارهم»، وقد أفزعتنى هذه الجملة حينها، ولذا بدأت بجمع شهادات شخصية لعدد من كبار السن الذين يملكون ذاكرة قوية، وكانت الحصيلة بعد عام ونصف من العمل أكثر من 70 ساعة من الشهادات».

وسنتناول فى هذه الحلقة «زمن الخيول البيضاء» تلك الرواية التى كانت من المفترض أن تكون هى بداية هذه السلسلة إلا أنها كانت هى نهايتها فى الكتابة وكانت أعظمها.
وعلى الرغم من أن الملهاة والتى تتناول تاريخ 125 عامًا من النضال فإنها ممكن أن تقرأ منفصلة دون أن تشعر بحاجة للرجوع لأى جزء لكى تتواصل مع الآخر.
تدور أحداث رواية « زمن الخيول البيضاء» من نهاية القرن التاسع عشر حين كانت فلسطين تحت الحكم العثمانى وتنتهى مع القرن العشرين حين يسلمها البريطانيون لليهود مثل الملعقة الذهب كما يصفها الكثيرون يتناول فيها تاريخ قرية فلسطينيّة واحدة فقط، لم يسبق لأحد الحديث عنها بهذا التّوسّع مع تسليط الضّوء على فترات زمنيّة مختلفة لثلاثة أجيال من أسرة معيّنة فى القرية التى اختار الحديث عنها.
ويجسد نصرالله أحداثه فى قرية «الهادية» فى دار الحاج محمود وأبنائه وعلى رأسهم «خالد» الذى سيصبح على رأس النضال ويقود المقاومة والثورة ضد الإنجليز وعصابات اليهود فيما بعد.
خالد أو الحاج خالد الذى يعشق الخيل الأصيل فينتقل معه القارئ من الرّبع الأخير من القرن التّاسع عشر، المرور بالحكم العثمانيّ والانتداب البريطانيّ حتّى الوصول إلى النّكبة وما بعدها، وكأنّ القرية التى ركّز الكاتب عليها تنقل الصّورة الحقيقيّة لمأساة الشّعب الفلسطينيّ بمثابة ردّ على الرّواية الصّهيونيّة التى تنفى أحقيّة الشّعب الفلسطينيّ بأرضهم.
ولم يتغاض نصرالله فى روايته عن ذِكر الصّراعات الدّائمة بين الفلاحين الفلسطينيين وزعامات الرّيف والمدينة، كذلك الصّراعات مع الإنجليز والأتراك، وأيضًا المهاجرين من اليهود، حتّى صراعاتهم مع القيادات العربيّة الأخرى، وإبراز الأحداث المهمة التى تعكس تراث شعب حقيقيّ يسعى ليحيا فى أرضه؛ الصّخب، والفرح، والتّوتر، والحزن، والمآسى.
نهاية الرواية هى الأكثر إيلامًا عندما جسد نصرالله مشهد انسحاب جيش الإنقاذ ليلًا من القرية وهم نائمون، ودخول القوات الإسرائيلية للقرية وهجومهم على الناس وهم نيام، فأصبحت الملاجئ قبورًا.
وكيف عندما عقدوا الهدنة وقرروا الخروج من الهادية وجلسوا على قارعة الطريق بما استطاعوا أخذه من أرضهم التى استُبيحت، ينتظرون القافلة القادمة لأخذهم إلى مسكن جديد، وكيف رأوا منازلهم تُقصف على مرأى منهم كلما همّ أحدهم بالعودة، فجروا منزله.
وعندما أتت الشاحنات التى تقلهم وركبوا يودعون قريتهم، وجدوها أشعلت النار فيها، وتُمحى آثارهم من الوجود.
إن رواية زمن الخيول البيضاء هى سيرة عائلية على امتداد ثلاثة أجيال وتجسد امبراطوريات تحتضر وحكامًا يستبدلون بآخرين، وصراعات مريرة تدور بين أتراك وإنجليز ومهاجرين يهود وقادة فلسطينيين، من المدن والأرياف.
عندما بدأ إبراهيم نصر الله بكتابة رواية زمن الخيول البيضاء فى العام 1985، اعتقد أنها ستكون الجزء الأول فى سلسلة روايات تحت مسمى «الملهاة الفلسطينية»، لكنه احتاج لعقدين من الزمن كتب خلالهما أربع روايات أخرى حتى عاد وأكمل كتابة الرواية.
ويقول نصرالله فى بداية روايته «فى عام 1985 كنتُ أظن أن هذه الرواية هى (الملهاة الفلسطينية)، ولهذا بدأت العمل عليها إعدادًا وتسجيل شهادات وتكوين مكتبة خاصة بها، ولكن أفضل ما يحدث أن الأمور لا تسير حسب رغباتنا دائمًا، إذ أصبح العمل الطويل عليها هو الباب الذى ستدخل منه خمس روايات ضمن هذا المشروع، وبهذا فالرواية التى كان من المتوقع أن تكون الأولى أصبحت الأخيرة!
أنجزتُ العمل على جمع الشهادات الشفوية الطويلة، التى أفادت منها (زمن الخيول البيضاء) بشكل خاص، بين عامى 1985 و 1986، حيث قدَّم فيها عدد من الشهود، الذين اقتلعوا من وطنهم وعاشوا فى المنافى، شهاداتهم الحيّة عن تفاصيل حياتهم التى عاشوها فى فلسطين، ومن المحزن أن هؤلاء الشهود قد رحلوا جميعًا عن عالمنا قبل أن تتحقق أمنيتهم الكبرى بالعودة إلى وطنهم شهود من أربع قرى فلسطينية حلموا الحلم ذاته وماتوا الميتة ذاتها: غرباء».
ويقول أيضًا «هذه الرواية تحية إليهم وتحية لعشرات الشهود الآخرين الذين لم يتوانوا عن تقديم خلاصات ذكرياتهم، أو استمعتُ لبعض حكاياتهم، مصادفة، على مدى عشرين عامًا، وكذلك للكتّاب الفلسطينيين والعرب الذين ساهمت مذكراتهم وكتبهم فى إضاءة الطريق لى».
رواية زمن الخيول البيضاء «تُرجمت إلى اللغة الإنجليزية، ودخلت فى القائمة النهائية (القصيرة) للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2009، المعروفة بجائزة «بوكر» ووصفتها الأديبة العربية الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسى بأنها «الإلياذة الفلسطينية».
اشترت «شركة طارق زعيتر وشركاه فى الأردن» حقوق رواية «زمن الخيول البيضاء»، وقام نصر الله بكتابة السيناريو المسلسل، وعُرض المشروع على المخرج العربى السورى حاتم على ليخرجه، إلا أن عدم وجود فضائية أو جهة تتكفّل بإنتاج هذا المشروع الذى وصف بالضخم، أدى إلى تأجيل المشروع أكثر من مرة ومن ثم تجميده، حيث صرّح إبراهيم نصر الله معلّقا عن هذا الموضوع قائلًا إن: «هيلارى كلينتون تسببت فى منع مسلسلى (زمن الخيول البيضاء)».
ولد إبراهيم نصر الله فى مخيم الوحدات فى الأردن فى العام 1954، وقد هجرت عائلته فى العام 1948 من بيتها فى قرية البريج المدمّرة التى تقع على بعد سبعة وعشرين كيلومترًا غربيّ القدس.
وهو أديب وشاعر كبير من أصل فلسطيني، ودرس فى مدارس وكالة الغوث، وبعد إكمال الثانوية حصل على الدبلوم فى علم النفس، سافر إلى المملكة العربية السعودية بعد عام 1976م ثمَّ عاد إلى عمَّان وعمل فى الصحافة، ثمَّ مستشارًا ثقافيًا فى مؤسسة عبدالحميد شومان فمديرًا للنشاطات الأردنية إلى أن تفرغ للكاتبة عام 2006م، حصل على العديد من الجوائز الأدبية أهمها: الجائزة العالمية للرواية العربية البوكر، جائزة العويس للشعر العربى، جائزة القدس وغيرها، ويعدُّ حاليًا من أهم الروائيين العرب، ومن أهم مؤلفاته: حرب الكلب الثانية، قناديل ملك الجليل، زمن الخيول البيضاء.
ترجمت أعماله للعديد من اللغات، ومن رواياته : طيور الحذر، طفل الممحاة، أعراس آمنة، قناديل ملك الجليل، تحت شمس الضحى، وأرواح كليمنجارو. زمن الخيول البيضاء هى أولى روايته التى تصدر باللغة العبريّة.
2


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.