هناك مَثلٌ مصرىٌ شهيرٌ يقول: (تعرف فلان.. أيْوَه أعرفه.. عاشِرته.. لا.. يبقى ما تعرفوش).. وهو مَثلٌ يوضّح أن أجدر الناس بتحليل شخص ومعرفة حقيقته هو من عاشَرَ هذا الشخص ورافقه لفترة كافية؛ لأنه يراه على طبيعته وفى جميع الأحوال.. وربما كان حضور الكاتب الصحفى «أنور الهوارى» لفترة الإعداد لإطلاق صحيفة «المصرى اليوم» ثم توليه رئاسة تحريرها فى بداية صدورها كانت فترة كافية ليرَى حقيقة رجُل الأعمال «صلاح دياب» من أقرب مسافة ممكنة ولأطول فترة سَمحت له أيضًا لأن يَطلع على أسرار وتحالفات «دياب» وجماعة الإخوان الإرهابية التى كشفت عن وجهها الإجرامى عقب «ثورة 30 يونيو» وتؤكد بجرائمها كل كلمة كتبها الصحفى أنور الهوارى فى مَقالة عن نوايا الجماعة قبل 2011 فى هدم أركان الدولة وتقويض أمنها؛ وذلك باستخدام جريدة دياب كأحد الأسلحة الناعمة طبقًا لما كتبه «الهوارى» فى مَقال نُشر على صفحات «الأهرام المسائى» فى أغسطس 2010، وللأسف لم ينتبه لتحذيره أحد وقتها. «الهوارى» كتب عن «دياب» وقال: (هو رَجُل أعمال لم يكن معروفًا إلا فى دوائر ضيقة جدًا، حلويات، خدمات بترولية، زراعات تطبيعية مع دولة معينة.. الآن، هو رَجُل صاحبُ نفوذ هائل، هو القائم على أمْر صحيفة «المصرى اليوم»، وهى صحيفة لها ظاهر مُعلن أمام الناس، ولها باطن تغلى فيه مَراجل النار. يَعرف هذا الباطن ويقف على حقيقته صلاح دياب وآخرون ليسوا كثيرين من الناحية العَددية؛ ولكن الحقيقة معروفة واضحة لا خفاء فيها، وربما يأتى وقت قريب أو بعيد، تنكشف فيه هذه الحقائق، ويحكى لسان التاريخ ما استخفى وما استتر، وهو ما لا أشك فيه لحظة واحدة. «المصرى اليوم» لها أچندات كثيرة، منها أن تتطوّع أو تكلف أو تبادر، أو ذلك كله؛ لتقف إلى جانب الإرهاب، والفوضَى، والخروج على الشرعية، والعمل خارج نطاق الدستور؛ بالاصطفاف إلى جانب جماعة الإخوان الإرهابية المحظورة دستورًا وقانونًا. فى الانتخابات البرلمانية فى 2005، حَملت «المصرى اليوم» راية الإخوان، حملت المُصحَف والسّيفين، حملت عبء الدعاية للإخوان، جندت نفسَها لخدمة معركتهم الانتخابية. «المصرى اليوم»، تقود الحربَ على أركان ومقومات الدولة القائمة وتبشّر بدولة الإخوان، وتروّج لهم، وتدافع عنهم، وتنشر أفكارَهم، وتكاد تندمج معهم، وتكافح حتى تحتكر هذه الوظيفة وتنفرد بها لنفسها وتسعى لوأد أى منافسة من غيرها من الصُّحُف الخاصة، فهى تكاد تحتكر الحديث باسم الإخوان، وتنجح فى التغلب على منافِستها «الشروق» ومنافِستها «الدستور» فى هذا المَلعب الخطير. «المصرى اليوم» اختارت، وقرّرت، وحسَمت أمْرَها منذ خمس سنوات.. اختارت الدعوة إلى دولة الإخوان.. واختارت العمل النشط لهدم أركان الدولة القائمة.. صلاح دياب يؤمن من أعماقه أن صعود الصحيفة مرتبط بصعود الإخوان والإرهاب... «المصرى اليوم» حكايتها مثل حكاية الإخوان. ظاهر براق.. وتحته باطن تغلى فيه النار.. الصحيفة والجماعة كلتاهما ألغاز وأسرار.. مستوطنة سرّيّة هى الصحيفة.. تنظيم سرّى هو الجماعة.. صلاح دياب ومهدى عاكف والدكتور بديع، إخوان تجمعهم راية واحدة؛ ليست راية الإسلام، وليست راية حرية الصحافة.. راية الفوضى الخلاقة). انتهت سطور مقال الهوارى؛ ولكن لم تنته معه خطورة دياب يومًا.. فعلى مَدار سنوات كثيرًا ما ارتبط اسمه بأفعال يُجرمها القانون وتضر بالوطن، فقائمة الاتهامات التى وجّهتها له النيابة العامة على مَدار سنوات منذ عام 2011 حتى الآن أصبحت أكبر من أن تُذكر فى تلك السطور؛ ولكن بالنظر إلى بعضها ستعرف أن كل بيزنس عمل به «دياب» كان واجهة لارتكاب جريمة ما، فالعمل بمجال الاستثمار الزراعى كان واجهة للحصول على مساحات شاسعة من أراضى وزارة الزراعة بطريق «مصر- الإسكندرية» الصحراوى بأسعار زهيدة وتحويلها إلى منتجعات سياحية، ففى عام 2011 تم توجيه تهم إليه مع آخرين بالاستيلاء على أراضى الدولة ومنع استخدامها فى الأغراض المخصّصة من أجلها، وهو الاستصلاح والاستزراع، بالتواطؤ مع رئيس مجلس إدارة هيئة التنمية والمشروعات الزراعية. قضية أرض المطار وعقب أحداث يناير 2011 استغلت شركة «أواسيس» الترفيهية المملوكة لصلاح دياب مساحة 24 ألف متر مربع من ممتلكات المطار المجاورة لمَقرها بمنطقة الشيراتون وأقامت عليها مطاعم وملاعب دَرت عليها ربحًا لم تسدد عنه حصص شركة الميناء والمحددة بموجب العَقد المُبرَم بنسبة (24 % من أرباح «أواسيس» عن مدة الشراكة)، علاوة على مستحقاتها عن استغلال الأرض وأجّرت بعضها لشركات أخرَى وفشلت محاولات الحصول على حقوق المطار من الشركة، وحينها أصدرت وزارة الطيران المدنى قرارًا إداريًا طبقًا للقانون بإزالة التعدّيّات بالقوة الجَبرية واستعادة الأرض بَعد فشل محاولات الطيران المدنى على مَدار سنوات فى استعادتها أو تحصيل مُقابل حق استغلالها إلى أن وصل الأمْرُ لرئاسة الوزراء. وكان المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء آنذاك، عقد جلسة مع رَجُل الأعمال ووزير الاستثمار ومسئول وزارة الطيران المدنى، وتم الاتفاق على سَداد مَبالغ مالية لشركة ميناء القاهرة الجوى مالكة الأرض مقابل حق استغلالها؛ إلا أن «أواسيس» لم تلتزم بالاتفاق، وهو ما دفع مجلس إدارة الميناء إلى اتخاذ قرار بسَحب الأرض، وأرسلت وزارة الطيران إنذارًا للشركة، ثم إنذارًا على يد مُحضر بسبب عدم الالتزام بمَحضر الاتفاق الذى تم فى مكتب رئيس الوزراء. وفى مايو 2016 استردت سُلطات مطار القاهرة أراضى مساحتها 24 ألف متر مربع قيمتها نحو 800 مليون جنيه من شركة «أواسيس» المملوكة لصلاح دياب كانت قد ضمّتها إلى مَقرّها المجاور لمنطقة الشيراتون منذ عام 2011 دون سداد قيمتها للمطار. قضية البساتين كما وُجّهت له اتهامات بالاستيلاء على أراضى الدولة والبناء عليها دون ترخيص مصانع خاصة بمحلات الحلويات التى يملكها «لابوار» بمنطقة البساتين فى القاهرة، بالإضافة إلى اتهامه بعدة قضايا؛ منها الضرائب العامة والقيمة المضافة وتَهَرُّبه من دفع المَبالغ المستحقة عليه للدولة، وبلغت خلال عدة سنوات 11 مليارًا و135 مليون جنيه. كما طُرح عدد من التسويات كانت معروضة على رجل الأعمال فى هذه المخالفات؛ إلا أن مَصيرها لم يُحسَم بَعد. أچندات مشبوهة! وفى إبريل 2020 ومن خلال سلسلة مَقالات نُشرت فى «المصرى اليوم» موقّعة باسْم «نيوتن» والذى صرّح لاحقًا الإعلامى عبداللطيف المناوى أنه هو نفسه صلاح دياب الذى طالب من خلال تلك المَقالات بفصل سيناء عن الدولة ومنحها حُكمًا ذاتيًا لمُدة 6 سنوات، وهو ما أعاد تساؤلات واتهامات سابقة عن تعاون «دياب» وتطبيعه مع جهات تسعى لتفكيك مصر وتقسيمها لأقاليم باستخدام جريدته. اتهامات كان من الصعب إثباتها عليه وقتها بشكل مباشر؛ لأنه لم تكن هناك وثيقة تُدينه أو اتفاق مُسَجل يمكن تقديمه كدليل ضده؛ ولكن «دياب» مشكورًا يومًا بَعد يوم يقدم القرائن ويُدين نفسَه بنفسه. حتى لو لم تكفِ تلك القرائن لإدانته قضائيًا بتهم العمل ضد أمن واستقرار الدولة؛ إلا أنها تكشفه أمام المواطن المصرى.. المصرى الذى وضعه على لافتة جريدة يومية استهدف بها هذا المواطن وخدعه بعض الوقت. ولكن يومًا بَعد يوم تتكشف الحقائق. 1