سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استعدادا لمناقشة تقريرها أمام لجنة «مناهضة التعذيب» بجنيف نوفمبر المقبل : لأول مرة.. الخارجية المصرية تفتح باب الجدل مع المنظمات الحقوقية لتعزيز العدالة الجنائية
استمرارًا للجهود المصرية المبذولة للوفاء بالالتزامات الدولية فى مجال حقوق الإنسان، وتنفيذا لأهداف الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية والتى تنص فى محورها الأول الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فى البند المعنى بالحق فى الحياة والسلامة الجسدية على الحاجة إلى مراجعة الجرائم الأشد خطورة التى توقع عليها عقوبة الإعدام. تستعد مصر فى نوفمبر المقبل لتقديم تقريرها الخاص للجنة الدولية لمناهضة التعذيب والتابعة للأمم المتحدة بجنيف حرصا منها على تعزيز الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الموقعة عليها. وفى هذا الإطار، عقدت الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان والتابعة لوزارة الخارجية المصرية مؤخرا ورشة عمل موسعة لتعزيز العدالة الجنائية فى مصر، حيث شارك فيها عدد كبير من القضاة والنواب والمحامين وأعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان، وممثلين عن المجتمع المدنى. عقوبة الإعدام علمت «روزاليوسف» أن الورشة تأتى فى إطار سلسلة من الحلقات النقاشية التى سوف تعقدها اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان خلال الأشهر المقبلة لمناقشة قضية مهمة وهى دراسة كيفية العمل على تقليل عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام، حيث من المقرر استضافة عدد من علماء الاجتماع ورجال الدين الإسلامى والمسيحى لتبادل أوجه النظر المختلفة فى هذا الشأن وفقا للظروف المجتمعية والدراسات المتخصصة فى هذا الشأن . وفى هذا الإطار، كشف السفير خالد البقلى مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان والمسائل الاجتماعية والإنسانية الدولية ورئيس الأمانة الفنية ل«اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان» أن الحلقة النقاشية استعرضت أوراقًا ودراسات حول الأطر التشريعية الداعمة للحق فى التقاضى وضمانات المحاكمة العادلة المنصفة، وكذلك مفهوم الجرائم الأشد خطورة والضوابط الإجرائية وضمانات توقيع عقوبة الإعدام وتنفيذها، سواء على المستوى الدولى أو وفقًا للتشريعات الوطنية، بالإضافة إلى بحث أبرز الاتجاهات والتجارب العالمية، جاء ذلك فى بيان رسمى أصدرته اللجنة مؤخرا. كما لفت البقلى أن المناقشات تناولت أيضًا عددًا من الموضوعات ذات الصلة، ومنها ازدواجية بعض المواد القانونية والتطبيقات القضائية الحديثة بشأن حق المتهم فى الدفاع، حيث بحث المشاركون حزمة من المقترحات، التى تساهم استنادًا للدستور فى تحقيق أهداف «الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، على صعيد تعزيز العدالة الجنائية، جنبًا إلى جنب مع تأكيد الالتزام الوطنى بالاتفاقيات والمواثيق الدولية التى انضمت إليها مصر. حسب المناقشات التى دارت بين المشاركين فى ورشة العمل فإن الموقف الثابت يؤكد حرص مصر على عدم إلغاء عقوبة الإعدام ولكن تقديم مقترحات موسعة لحصر عدد الجرائم المتعلقة بهذه العقوبة مع طرح التشريعات والقوانين اللازمة وفقا لرؤية المجلس القومى لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدنى. موقف مصر وفى السياق ذاته، يجب أن نشير هنا أن المستشار عمر مروان وزير العدل كان قد استعرض تقرير مصر المقدم للجنة حقوق الإنسان المعنية بالعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية بجنيف فى فبراير الماضى، حيث قال فى نص كلمته أمام اللجنة.. أنه لا وجود لأى حق آخر بعد فقد الحياة، مستطردا تؤكد مصر على إيمانها العميق بهذا الحق وفقًا لمفهومه الواسع الذى كفلته المادة السادسة من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، مشيرا إلى أن التنظيم التشريعى والتطبيقى لعقوبة الإعدام على المستوى الوطني، يعد تنفيذًا لما التزمت به مصر.. فلا تطبق تلك العقوبة إلا على الجرائم البالغة الخطورة، والأصل فى القضاء بها أنها اختيارية وليست وجوبية إلا فى حالات محددة، من بعد إجراءات قانونية سليمة ومحاكمة عادلة على حد قوله. كما لفت مروان أن بقاء وجود تلك العقوبة وفق التنظيم المقرر لها، إنما يأتى إدراكًا للعديد من الاعتبارات متعددة الجوانب، أخصها وجود جرائم القتل بدافع الشرف أو الثأر، بحيث يبقى وجود العقوبة رادعًا وإلا زادت أعداد الأرواح المزهقة بدلاً من تحجيمها. وفيما يتعلق بأوضاع المسجونين، أكد تقرير مصر أنه تم وضع استراتيجية لإنشاء وتحديث مراكز الإصلاح والتأهيل (السجون)، من أبرزها مجمع مراكز مدينتى بدر ووادى النطرون، من بعد إغلاق العديد من السجون السابقة، وتلبى تلك المراكز الجديدة الاستحقاقات الدستورية والقانونية المستهدفة، إذ أقيمت وفقا لأحدث الطرازات المعمول بها عالميا، وشهدت طفرة إنشائية تواكب المعايير الدولية لحقوق الإنسان من حيث السعة الصحية للغرف، والإضاءة، وجودة التهوية، والمراكز الطبية المجهزة. كما التزمت قرارات الحبس الاحتياطى الصادرة عن السلطات القضائية المختصة بكافة الضوابط والضمانات الدستورية والقانونية، وراعت النيابة العامة حال إصدارها أوامر الحبس الاحتياطى الظروف المصاحبة لانتشار جائحة كوفيد 19، فتوسعت فى تطبيق بدائل قانونية للحبس الاحتياطى مثل إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه، أو إلزامه بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة فى أوقات محددة، وحظر ارتياد المتهم أماكن محددة. وفيما يتعلق بالحق فى التقاضى والمحاكمة العادلة بحسبانه حقًا مكفولًا بموجب المادة الرابعة عشرة من العهد؛ فقد وضعت وزارة العدل منذ مطلع العام 2020 خطة مركزية تستهدف النهوض بالمنظومة القضائية من مختلف جوانبها، البشرية والفنية والإنشائية والتقنية واللوجيستية، وصولًا لغاية نهائية وهى كفالة الحق فى التقاضى وتحقيق العدالة الناجزة .. مع رفع قدرات أعضاء الجهات والهيئات القضائية. وعلى المستوى التقنى واللوجيستي؛ فقد استُهدِف تطبيق التقاضى الإلكترونى على كافة مراحل التقاضى من مبتداه لمنتهاه، واستلزم ذلك إعداد البنية التحتية اللازمة، بما تشمله من مد شبكات وخطوط الربط، وتوفير الأجهزة والمعدات اللازمة، وبناء قواعد البيانات ذات الصلة. تعديل تشريعى فيما أوضحت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان إن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها الرئيس السيسى فى 11 سبتمبر 2021، استهدفت استحداث تعديل تشريعى يتيح لغير القادرين ماليا الطعن أمام محكمة النقض على الأحكام الصادرة بالإعدام، مع وجوب انتداب محام للمحكوم عليهم بالإعدام. وشددت ماعت فى تقريرها المقدم إلى اللجنة المعنية لحقوق الإنسان بجنيف والخاص بمصر أنها خطوة مهمة مفترض فيها معالجة الثغرة التشريعية التى كانت موجودة فيما قبل والمتمثلة فى خلو قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 من وجوب انتداب محام للمحكوم عليهم بالإعدام، وأيضا عدم تمكين غير القادرين ماليا من المحكوم عليهم بالإعدام من الطعن أمام محكمة النقض.. مشيرة إلى أن هذا يعد مطلبا أساسيا لمنظمات المجتمع المدنى. وكشف تقرير ماعت أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فى إطار البند الأول الخاص بالحق فى الحياة والسلامة الجسدية، أكدت على استمرار مكافحة التعذيب بجميع أشكاله والتحقيق فى كافة الادعاءات ذات الصلة وحماية حقوق الضحايا بما يتفق والدستور والالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان التى صادقت عليها مصر مع الحد من كافة أشكال الممارسات الفردية التى تعد بمثابة انتهاكات لحرمة الجسد سواء فى المؤسسات التنفيذية أو الأماكن العامة والخاصة. ضرورة التوافق مع الشريعة الإسلامية أما المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والتى عقدت سلسلة من ورش العمل الخاصة بعقوبة الإعدام بالتعاون مع الفيدرالية الدولية ترى أن عقوبة الإعدام هى العقوبة الوحيدة التى لا يمكن إعادة النظر فيها إذا ظهرت أدلة جديدة تثبت براءة من أدين.. مشددة أن دراسة القضية تتطلب اجتهاداً فقهيًا من فقهاء الشريعة الإسلامية مع عدم إلغاء عقوبة الإعدام فى الجرائم التى تنص عليها الشريعة الإسلامية مثل القتل العمد انطلاقا من تطبيق مبدأ «من قتل يقتل». وأوصت المصرية لحقوق الإنسان بضرورة إعادة النظر فى الجرائم التى تطبق فيها عقوبة الإعدام؛ وحصرها مع قصرها على الجرائم الأشد خطورة، مع وضع آليات محددة ومعروفة لتنفيذ تلك العقوبة. وترى منظمات المجتمع المدنى ضرورة عرض المواد التى تناولت عقوبة الإعدام فى المواثيق والمعاهدات والقرارات الدولية والتشريعات الوطنية، وتحليلها عن طريق إثبات مدى تطبيق تلك المواد على أرض الواقع بصورة سليمة، فى إطار المنهج الوصفى لوصف كل الإجراءات التى تقوم بها الجهات الحكومية والأجهزة الرسمية؛ فيما يخص الحقوق الأساسية للمدانين بعقوبة الإعدام وصدور الأحكام القضائية فى هذا الشأن. الجدير ذكره، أن الأمانة الفنية ل«اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان» قدمت، خلال العام الأول لتنفيذ «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، ما يزيد على 30 مقترحًا تشريعيًا، كان من بينها التعديل، الذى وافق عليه مجلس النواب، فى 26 أكتوبر الماضي، بشأن أحكام القانون، رقم (394) لسنة 1954 الخاص بالأسلحة والذخائر، والذى أعطى للمحكمة السلطة التقديرية، للنزول بالعقوبة من الإعدام، إلى السجن المشدد، حسب ظروف وملابسات كل قضية. 3