شهدت الدولة المصرية على مدار تاريخها الممتد لقرون طويلة مضت، الكثير من الشخصيات البارزة الخالدة بأعمالها وإنجازاتها العظيمة، سواء من المواطنين المصريين أو ممن وفدوا إليها ووجدوا فيها الملاذ الآمن لإبداعاتهم الفكرية والعلمية من العلماء والمفكرين وعلماء الدين، فى هذا الإطار وعرفانًا بدور هؤلاء، وجَّه رئيس الجمهورية الرئيس عبدالفتاح السيسى، بعمل مقبرة تحمل اسم «الخالدين»، تضم رفات عظماء ورموز مصر من ذوى الإسهامات البارزة فى البلاد. وأمر الرئيس عبدالفتاح السيسى بتشكيل لجنة لتقييم موقف نقل المقابر فى منطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعى فى القاهرة، وجاء فى بيان للرئاسة المصرية، إنه «انطلاقًا من حرص مصر على تقدير رموزها التاريخية وتراثها العريق على النحو اللائق، وجَّه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بتشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، تضم جميع الجهات المعنية والأثريين المختصين والمكاتب الاستشارية الهندسية، لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي». وبحسب البيان، ستعمل اللجنة أيضًا على «تحديد كيفية التعامل مع حالات الضرورة التى أفضت إلى مخطط التطوير، على أن تقوم اللجنة بدراسة البدائل المتاحة والتوصل لرؤية متكاملة وتوصيات يتم الإعلان عنها للرأى العام قبل يوم الأول من يوليو 2023». «مقبرة العظماء» بفرنسا فكرة مقبرة العظماء يوجد مثيل لها فى فرنسا تأسست فى باريس منتصف عام 1758، وحملت اسم مقبرة العظماء، وتقع تحديدًا فى الحى اللاتينى فى باريس، وتضم رفات بعض عظماء الفرنسيين، الذين كان لهم تأثير كبير فى البلاد، تم بناؤها فى البداية لتكون كنيسة لسانت جينيفيف، قبل تحويلها لمقبرة تضم جثامين أو بقايا عدد من العسكريين والعلماء والمفكرين الفرنسيين. مواقع مقترحة ونصت توجيهات السيد رئيس الجمهورية بإنشاء «مقبرة الخالدين» فى موقع مناسب، لتكون صرحًا يضم رفات عظماء ورموز مصر من ذوى الإسهامات البارزة فى رفعة الوطن. وبناء على ما سبق، ترك الإعلان الرئاسى موقع المقبرة للجنة لتقييم الوضع. بدوره، اقترح مجدى شاكر، كبير الأثريين فى وزارة السياحة والآثار، أن يكون موقع المقبرة فى نفس موقع الجبانة المنفية الواقعة فى سقارة، التى تمتد من الجيزة إلى بنى سويف، وأن تكون فى محيط المناطق التى يزورها السياح، حيث يتيح الموقع التعرف على جزء من تاريخنا. مقتنيات المقبرة وعلى طراز ملوك الفراعنة وبحسب ما ورد فى بيان الرئاسة المصرية، وجه الرئيس السيسى أن تتضمن المقبرة متحفًا للأعمال الفنية والأثرية الموجودة فى المقابر الحالية، ويتم نقلها من خلال المتخصصين والخبراء، بحيث يشمل المتحف السير الذاتية لعظماء الوطن ومقتنياتهم. وفى هذا السياق، قال مجدى شاكر كبير الأثريين فى وزارة السياحة والآثار، إن «فكرة مقبرة الخالدين تعد تقديرًا وتعظيمًا لرموز مصر وأبنائها»، مشيرًا إلى ضرورة تصميم المقبرة على الطريقة المصرية ونقلها كما هى بذات الطابع المعمارى المميز من زخارف وكتابات ونقوش. ولفت إلى أن المقابر التاريخية يوجد فيها رخام تم جلبه من بلاد أخرى، متمنيًا أن تكون مقبرة الخالدين بنفس طرازها المعمارى، وأن تدخل فيها التكنولوجيا الحديثة كمتحف ومكتبة لعرض الأعمال الفنية والأدبية، مثل الكاتب والروائى يحيى حقى والشاعر محمود سامى البارودى لتعرض فيه يوميًا أحداث فنية من عروض مسرحية. فيما اقترح أن تحّول المقبرة إلى ساحة من المسابقات، مثل قراءة القرآن الكريم بقراءة الإمام ورش (المتوقع نقل رفاته إلى المقبرة المقترحة)، كما أن المؤسسات الثقافية سوف تدعم هذه الفكرة إلى جانب وزارة السياحة والآثار. تفاصيل بناء المقبرة وحول الشكل العام للمقبرة الذى من المقرر تصميمه، قال الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة الأسبق، إن المقبرة ستُشيد على أحدث مستوى ومتطورة، وستشمل الرفات والمقتنيات، بالإضافة إلى السيرة الذاتية لكل شخصية. إشادة بالفكرة فى هذا الإطار، أشاد خالد عبدالعزيز مقر المحور المجتمعى بالحوار الوطنى بإنشاء مقبرة الخالدين لنقل رفات العظماء إليها. وأضاف إنه لا يوجد فى الهندسة شيء ليس له حل وفى حالة عمل طرق وكبارى، المكاتب الاستشارية ترصد الأمر على أرض الواقع وتطرح حلولًا ويكون تأثيرها أقل، مؤكدًا أن اللجنة التى وجه الرئيس بتشكيلها ستخرج بحلول جيدة. وكانت محافظة القاهرة قد أصدرت قرارًا بإزالة 2700 مقبرة، ونقلها إلى أماكن جديدة فى مدينتى 15 مايو والعاشر من رمضان. وعندها أثيرت حالة من الجدل مع إزالة عدد من المقابر الكائنة فى نطاق ما يعرف ب«القاهرة الفاطمية». وكانت الحكومة تعتزم استخدام المنطقة فى توسعة طريق صلاح سالم، وإنشاء جسر مرورى لتسهيل الحركة المرورية، وفق ما ورد فى تصريحات حكومية فى وقت سابق. ومن الجدير بالذكر، أن المنطقة المقصودة بقرارات الهدم يوجد بها مقابر لشخصيات عامة ومشاهير، منهم شيخ الأزهر الأسبق محمد مصطفى المراغى، الشاعر ورئيس الوزراء المصرى الأسبق محمود سامى البارودى، وعميد الأدب العربى طه حسين، إضافة إلى قبور عدد من الأمراء والمماليك. 2