فى قلب ميدان التحرير، يستضيف مركز التحرير الثقافى بالجامعة الأمريكية النسخة الثانية من مهرجان «هى الفنون she arts festival» من 30 سبتمبر حتى 4 أكتوبر)، لتحتفل القاهرة ب18 عرضًا موسيقيًا مَحليًا ودوليًا، وثلاثة عروض رقص، وثلاثة عروض أفلام، وعرض مسرحى، بالإضافة إلى ورش عمل، ومعرض بعنوان «هى ملهمة دائمًا» وندوات. «المهرجان يدعم المرأة فى المشهدين الفنى والثقافى ويُلقى الضوء على أهمية إتاحة الفرصة وخَلق مساحات جديدة للفنانات للعرض وتبادُل الخبرات وإلهام الأخريات».. تحكى نيفين قناوى مؤسِّسة ومديرة «هى الفنون She Arts» ورئيسة البرمجة بمركز الفنون بمكتبة الإسكندرية فى حديثها ل«روزاليوسف»: تقام الدورة الثانية من المهرجان برعاية وزارة الثقافة والهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحى وبشراكة ودعم من الاتحاد الأوروبى واتحاد المعاهد الثقافية الأوروبية وبعض الشركاء الدوليين والمحليين. ومن الفنانات والفرق الموسيقية المشاركة فى المهرجان؛ مغنية الأوبرا الميزوسوبرانو فرح الديبانى، فرقة بهججة، فرقة طبلة السّت، ستاند أب كوميدى ست، مغنية الراب ساجى، حلقة تفاعلية طبول مع صابرين الحسامى، عازفة الهارب منال محيى الدين. فى البداية.. حدّثينا عن أسباب تأسيسك لمهرجان she art festival (هى الفنون)؟ - لاحظتُ من خلال عملى بمجال الإدارة الثقافية منذ سنوات أن المشهد الثقافى يحظى بعدد كبير من الفنانات والموسيقيات المحترفات الموهوبات سواء على المستوى المحلى أو الدولى أثناء حضورى لمهرجانات دولية، ولكن مع ذلك التألق للفنانات لا يُسلط الضوء عليهن وعلى فنهن وموهبتهن بشكل كافٍ!. لِذا فكرت فى تأسيس مهرجان «she arts» ليُتيح هذه الفرصة للفنانات ويخلق لهن مساحة جديدة لعروضهن ويُلقى الضوء على نجاحهن بالإضافة إلى خَلق مساحة مشتركة فى المهرجان لتبادل الخبرات بين الفنانات وصانعات الموسيقى من دول مختلفة، ويكون المهرجان مُلهمًا لنساء أخريات يرغبن فى بالعمل بالموسيقى والفنون المختلفة ويُصبح مسارًا مهنيًا لهن. ولكن نُلاحظ أن المساحة متوافرة للمغنيات ولكن نادرًا ما نلقى دعمًا لموسيقيات ومُلحنات ومُوزعات، ولنا فى أم كلثوم تاريخ ومساحة حاضرة وبقوة. المهرجان يدعم المرأة الفنانة فى كل الفنون، ويستمر معنا للعام الثانى للمهرجان معرض فوتوغرافى بعنوان «هى ملهمة دائمًا»، وكما استهدفنا فى الدورة الأولى أن نُلقى الضوء فى المعرض على تأثير الفنانات المصريات على المشهدين الثقافى والفنى فى القرن العشرين من خلال صور فوتوغرافية من مجموعة مكتبة الكتب النادرة بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة بما فى ذلك صور أم كلثوم تغنى فى قاعة إيوارت بالجامعة الأمريكية وصور شريهان التى التقطها فان ليو. بينما نخصص هذا العام فى المعرض صورًا تستعرض تاريخ النساء المصريات القديمات على جدران المعابد منذ آلاف السنين؛ حيث عازفات الهارب والدفوف وآلات النفخ الخشبية والنحاسية، الراقصات وغيرهن. وهو ما يؤكد على أن المرأة المصرية بطبيعتها مبدعة وصاحبة أيادٍ بيضاء على تاريخ الفن والحضارة الإنسانية منذ آلاف السنين. وما يستهدفه مهرجان «هى الفنون» هو تشجيع مزيد من الفنانات وتوفير مساحة أكبر من تلك المتاحة لهن الآن. على ذكر حديثك عن تاريخ الفنانات الحاضر على جدران المعابد منذ آلاف السنين.. فى رأيك لماذا تراجعت هذه المساحة للنساء الآن فى الفن وهو ما دفعك لتدشين مهرجان يعزز مكانتهن.. ما الذى حدث لهذا التحول؟ - المساحة لم تنحسر وتتراجع تمامًا؛ ولكنها طيلة الوقت لم تكن كافية للنساء الفنانات، دعينا نعود لتاريخ الفن على مر العصور نلاحظ أن عدد الفنانات أقل من الرجال، وهو يعود لأسباب كثيرة، منها اجتماعى، المناخ العام لا يشجع النساء للعمل بالفن، الضغوط والمسئوليات الملقاة على عاتق النساء كأم وزوجة ومربية للأطفال قد يعرقلها من استكمال مشوارها الفنى كثيرًا. لذا هذا هدفنا فى «she arts festival» دعم وتشجيع الفنانات اللواتى يعملن وسط هذه الظروف، وتمكينهن لتصبح الفنون مهنة تحقق لهن العائد الاقتصادى والاستقلال المادى وليس ممارستها كهواية. فيما يتعلق بحديثك عن الأسباب الاجتماعية.. ألا ترين أن النساء يدفعن الثمَن أكثر من الرجال؛ حيث الرفض المجتمعى والعائلى أيضًا لانخراط الفتيات فى مجال الفنون؟ - فى رأيى النظرة تغيرت كثيرًا فى السنوات الأخيرة، وأصبح المجتمع يعى دور الفنانة المرأة فى كل المجالات سواء موسيقى، سينما، فن تشكيلى، رقص..إلخ، وأكبر دليل على ذلك كون وزيرة الثقافة السابقة والحالية سيدتين فنانتين، فالدكتورة إيناس عبدالدايم عازفة فلوت ناجحة جدًا، والدكتورة نيفين الكيلانى راقصة باليه مميزة. وهذا يدل على اختلاف الرؤية واحترام وتقدير الدولة والمجتمع للفنانات، ونحن فخورون بكون المسئولة عن الفن والثقافة فى مصر تتولاه امرأة فنانة ونأمل أن يستمر ذلك التقليد دائمًا. ما جديد النسخة الثانية؟ - نجحنا هذا العام فى تدشين وتكوين «أوركسترا هى الفنون- She Arts Orchestra» التى تتكون من 25 عازفة مصرية على مستوى عالٍ من الاحترافية والموهبة والجودة، وتقود الأوركسترا الألمانية Magdalena Klein بمصاحبة الصولو كمان الألمانية Magda Makowska، وتُشاركهن الغناء المصرية العالمية الميتزو سوبرانو فرح الديبانى. ونحن فخورون للغاية بهذه التجربة وميلاد هذا المشروع الجديد للأوركسترا النسائية الذى لم يكن سهلاً، واستغرق تكوينه وجمع العازفات مجهودًا وعملاً كبيرًا، ولكن بفضل شغف العازفات وإيمانهن بالفكرة خرج للنور أخيرًا، فضلاً عن العائد الترويجى المُلهم عن مصر وتميزها فى مجال الفنون وأن لديها عازفات موهوبات وصوتًا قويًا وعالميًا ك«فرح الديبانى» أبهر الشعوب على كثير من مسارح الأوبرات العالمية، كما تخلق هذه الأوركسترا مع وجود مايسترو ألمانية وعازفة فرصة للتبادل الثقافى والفنى والخبرات المشتركة. ومن مفاجآت النسخة الثانية أيضًا، غناء المصرية كاثى حليم الفائزة فى مهرجان «she arts» فى نسخته الأولى مع «أوركسترا هى الفنون» لأغنيتها «الناس الحلوة» بتوزيع أوركسترالى جديد أبدعت فيه الفنانة الموزعة دنيا الدغيدى التى بذلت مجهودًا كبيرًا نود الثناء عليه، وفخورون جدًا بهذه التجربة التى تتشارك فيها كاثى وفرح غناء «الناس الحلوة» بمصاحبة المايسترو الألمانية ماجدلينا كلين.. فى افتتاح المهرجان. جدير بالذكر أن أغنية «الناس الحلوة» من كلمات وألحان كاثى حليم، وساهم مهرجان «هى الفنون» فى إنتاجها للفائزة «كاثى» العام الماضى وحصدت مشاهدات كبيرة بمجرد طرحها على اليوتيوب. وماذا عن المسابقة هذا العام؟ - استقبلنا هذا العام أعدادًا كبيرة عن الدورة الأولى من الفنانات، الملحنات، العازفات والمغنيات، ووصل عدد المتقدمات هذا العام من خلال الاستمارات ل 25 مُشاركة، وتمّت التصفية من خلال لجنة التحكيم ليصل عددهن إلى 8 فنانات، سوف يقدمن عروضهن ويحصلن على الجوائز خلال المهرجان. وما أسماء أعضاء لجنة التحكيم؟ - تتكون لجنة التحكيم من خمس عضوات، هن: دكتورة منال محيى الدين عازفة الهارب، مغنية هولندية Joana Almeida وعازفتان من البرتغال هما Sónia Sobral، Ana Ferreira، وأنا نيفين قناوى.
وماذا عن التمويل والرعاة لمهرجان فكرته حديثة.. كيف واجهت هذه التحديات؟ - لم يكن الأمر سهلاً؛ فقد استغرق التحضير له عامين، وتسببت جائحة «كوفيد - 19» فى التأجيل أكثر من مرة، حتى خرج للنور فى سبتمبر العام الماضى، ولكن لاقت فكرة المهرجان قبولاً وترحيبًا كبيرين سواء من مركز التحرير الثقافى بالجامعة الأمريكية، الذى أعتبره بيت المهرجان، قدّموا للمهرجان كل الدعم اللوچيستى لينطلق فى نسختيه الأولى والثانية. ويقام المهرجان للعام الثانى على التوالى تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية. كما حصلنا على دعم من بعض الشركاء الدوليين كالاتحاد الأوروبى واتحاد المعاهد الثقافية الأوروبية، وفخورون جدًا هذا العام بالدعم المادى الذى حصلنا عليه من «الهيئة العامة لتنشيط السياحة المصرية»، ونرحب جدًا بدعمهم للمهرجان لأنه يعكس رسالة مهمة جدًا وهى تقدير قيمة ودور حدث دولى فنى فى تنشيط السياحة المصرية، فالمهرجان يستضيف هذا العام فنانات من ثمانى دول، عندما يزُرن مصر وتتابع فنونها والمهرجان والنهضة الثقافية والفنية، ستعود الفنانات بصورة مختلفة تمامًا لبلادهن عن بلد متحضر وليس «عالم ثالث» وهو ما يُساهم فى الترويج السياحى لبلد عظيم كمصر. كما تلقينا تعاونًا وترحيبًا كبيرين من عدة سفارات أجنبية بمصر ساهمت فى تسهيل سفر الفنانين وحضورهم لمهرجان «she arts» يدعم المرأة فى الفنون.
وما فلسفة اختيار الفنانات والفرق الموسيقية المشاركة فى المهرجان..نلاحظ طيفًا كبيرًا من الغناء الكلاسيكى والبوب إلى الراب؟ - كما ذكرتُِ حرصنا على التنوع والاختلاف فى رؤيتنا لاختيار الفنانات المشاركات، وأن يضم المهرجان كل أنواع وأشكال الموسيقى والغناء، فمثلاً هذا العام لأول مرة نقدم عرضًا مسرحيًا بعنوان «ضلع مؤنث سالم» لفرقة «سودوكو»، بالإضافة إلى ثلاثة عروض راقصة، منها (عرض راقص لإيمى سلطان - فرقة كنعان للتراث والفنون الشعبية الفلسطينية) بدًلا من عرض واحد فقط فى العام الماضى. هناك من ينتقد تصنيف الفنون وعنونتها بسينما المرأة أو غناء وفرق موسيقية نسوية..ما رأيك؟ - أحترم وجهة نظر الجميع، ولكن دعونا لا نختلف على المسميات ونتفق على الأهداف. مهرجان «هى الفنون» هدفه تمكين النساء فى صناعة الموسيقى والفنون المختلفة ودعم المرأة فى المشهدين الثقافى والفنى.. وهنا السؤال ويبقى النتيجة للمتابعين والمنتقدين: هل المهرجان ساهم فى إبراز دور المرأة فى الساحتين الثقافية والفنية وألقى الضوء على أهمية إتاحة الفرصة وخَلق المساحات أمْ لا؟ وما التحديات التى تُواجه النساء فى صناعة الموسيقى؟ - تحديات ذكورية، أبرزها لو هناك باند موسيقى بقيادة امرأة فنانة يكون %90 من العازفين معها رجال، وعادة فكرة قيادة المرأة لرجال غير مقبولة فى مجتمعنا الشرقى، ثانيًا المهنة صعبة ومواعيدها ليست ثابتة كالمهن التقليدية، فهناك مواعيد تتطلب تأخيرًا سواء فى البروفات أو الحفلات، وهو ما ترفضه الكثير من العائلات لبناتها، فضلاً عن الصعوبات الإنتاجية التمويلية وهو واقع منقول من السينما، كم منتجًا يثق فى نجمة امرأة ليصبح الفيلم بطولتها؟ وهكذا، لذا من أحد أنشطة المهرجان هذا العام- مثلاً- لقاء مفتوح مع المخرجة والمؤلفة هالة خليل للحديث عن الصعوبات التى تواجه النساء فى صناعة السينما. تُقدم النسخة الثانية ل «she arts» ورشة عمل على «الإيقاع» مع العازفة صابرين الحُسامى.. هل يراعى المهرجان التوزيع الجغرافى فى قبول المشاركات؟ وماذا عن فتيات من أسوان أو المحافظات الأخرى؟ - فى الحقيقة لا يستطيع المهرجان تحمُّل نفقات الانتقالات والإقامة لفتيات من خارج القاهرة ولكن حاولنا التبكير فى مواعيد الورش وأن تكون فى ال 6 مساءً وتوفير 100 طبلة لتتدرب عليها 100 فتاة على الإيقاع، كما ننظم ورشة أخرى لكتابة السيناريو لفيلم قصير. أخيرًا.. الراقصة إيمى سلطان، نجمة المهرجان هذا العام، ألا تقلقين أن يكون اسمها عبئًا على المهرجان فى ظل قيود الحفاظ على قيم الأسرة المصرية مؤخرًا؟ - «إيمى» راقصة لديها رؤية محددة وتريد توصيلها للناس بأن الرقص الشرقى هو فن عريق من الفنون الشعبية المصرية ويُعَبر عن هويتنا، ولكن الفكرة كيف يُقدم؟ ليس لنا علاقة بالراقصات الأجنبيات اللاتى يُقدمن عروضهن فى الملاهى الليلية، ولكن لكل مقام مجال، وحقيقى لا أفهم كيف للعالم بالخارج يقدّر فنونه الفلكلورية الشعبية ونحن ننبذها فى مصر؟!، ألسنا مبهورين حتى الآن بجَمال وروعة وموهبة الفنانات الكبار مثل تحية كاريوكا وسامية جمال؟! ولستُ قلقة من اسم ووجود «إيمى سلطان» فى مهرجان «she arts»؛ بل على العكس «إيمى» رؤيتها تتوافق تمامًا مع رؤية المهرجان، وسوف تحضر وتُقدم عرضًا استعراضيًا راقصًا، يليق بالمهرجان وبالمكان الذى يستضيف المهرجان فى حرم إحدى الجامعات العريقة بمركز التحرير الثقافى بالجامعة الأمريكية. «والناس مش هتقدر تحكم غير لمّا تشوف العرض» يوم 2 أكتوبر الجارى. 1 2