يجعل كلامنا.. قوتنا الناعمة وقوتنا المفرطة

الشهادة لله أن من سيعيد تقييم الدراما المصرية سيتوقف كثيرًا عند مرحلة سلسلة الاختيار، والتى تجعلنا نضع خطًا فاصلاً أو نقطة ومن أول السطر.. بمعنى أننا سنؤرخ لمرحلة ما قبل الاختيار وما بعدها، لكن ما يهمنا الآن هو المرحلة نفسها التى استعادت الدراما المصرية دورها كقوة ناعمة، بعد سنوات من التيه كانت الدراما فيها تهتم بأى شىء إلا الدراما نفسها، الاختيار فعلها وأخذ فى طريقة أعمال أخرى مهمة أعادت للفن المصرى هيبته ومكانته وأظهرت أن القوى الناعمة يمكنها أن تفضح ميليشيات الظلام التى استولت على الحكم فى غيبة من الزمن وتصورت أنها يمكن أن تستمر فى خداع الناس.
مشهد من مسلسل الاختيار كفيل بأن يجعل الصياح للركب على السوشيال ميديا، تسجيل يتم وضعه فى السياق الدرامى فيتسبب فى حالة هلع داخل تنظيم بقياداته وقواعده، هذا التنظيم الذى أنفق مليارات على الدعاية للترويج لمظلومية كاذبة انتهت بعرض كام مشهد.
لو أردنا وصفًا دقيقًا للموسم الرمضانى لن نجد أفضل من «مصر تستعيد عافيتها الدرامية».. الأمانة تقتضى أن قوتنا الناعمة هذا العام كم كانت قوة مفرطة على كل المؤلفة جيوبهم والقوات المحمولة فى السوشيال ميديا.
النظرة الأولى للإنتاج الدرامى فى رمضان فى مختلف الشاشات العربية تجعلنا نشعر بالفخر.. ما أنتجناه مقابل ما أنتجه الآخرون.. يؤكد أننا نبحث عن قيمة، أنتجنا الاختيار 3 والعائدون ونصوصًا لأسامة أنورعكاشة وعبدالرحيم كمال فقديما كانت لدينا الريادة التى تعرضت لهزة مثلما تعرضت أشياء كثيرة، الآن نحن نستعيد القمة.
خالد النبوى واحد من القوى الناعمة المصرية المؤثرة وأحد صناع البهجة.. شخص يمتلك موهبة تكفى جيلاً كاملاً.. جميل أن يجد النبوى نصًا مثل «راجعين يا هوى» للكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة.. الأجمل أن نجد عملاً بهذا الشكل المميز.
عودة مسلسل الكبير بهذا الشكل هى انتصار لكوميديا افتقدناها كثيرًا.. ميزة أحمد مكى ومن معه من ممثلين مثل محمد سلام وبيومى فؤاد وغيرهما أنك لا تتوقع الضحك.
مهم أن يترك الممثل نفسه للمخرج بعد أن يناقشا كل تفاصيل العمل ويتفقا على كل شىء.. فى المشوار وجدنا محمد رمضان الممثل.. هنا «الممثل» الذى اختفى كثيرًا تحت سطوة «النجم».
جزيرة غمام.. مسلسل يأخذك بعيدًا من خلال عالم عبدالرحيم منصور والذى يشارك فيه طارق لطفى ومى عز الدين التى تقدم دور عمرها.
جميعنا مدينون بالاعتذار لموهبة أحمد أمين التى تأخرنا فى اكتشافها ثم قدمناها بالقطارة.. لا أعرف كيف سمحنا لأنفسنا بأن نترك الموهبة الشاملة للحظة دون أن نستفيد من طاقته.
لو أردت تطبيقًا عمليًا لمقولة أن الدور مش بمساحته فأمامك الممثلة غادة طلعت.. التى ظهرت العام الماضى فى الاختيار 2، ولفتت الأنظار بشدة، فى مشاهد فض رابعة، فى هذا العام تعود من جديد مع محمد رمضان وتقدم دورًا مميزًا فى المشوار، مساحة الدور ليست كبيرة، لكن الأداء الذى قدمته يؤكد أننا أمام موهبة متوهجة.
أكرم حسنى قدم اعتذارًا علنيًا للجمهور عن مسلسل العام الماضى من خلال مسلسله الجديد مكتوب عليا.. والسقا قدم نفس الاعتذار العملى للجمهور عن نسل الأغراب بالمشاركة فى الاختيار 3 وهو نفس ما فعله أمير كرارة عن نفس المسلسل لم يتبق سوى مى عمر التى ينبغى أن تقدم «اعتذارًا» أو «اعتزالاً».
أسوأ ما فى الجزء الثانى من مسلسل المداح أنه يروج لثقافة الجهل وينشر الدجل والشعوذة، بالمناسبة الحلقات الأولى من المسلسل لم يكن بها أى مسلسل.. فقط محاولة خلق حالة الخوف لدى المشاهد، من خلال مؤثرات صوتية وبصرية، تجعله يستقبل ما سيتم طرحه فى الحلقات التالية وهى نفس طريقة الدجال الذى يسيطر على مشاعر الشخص ليلغى عقله ويجعله يصدق ما سيقوله له.. مسلسل المداح حمل فى الجزء الثانى اسم «أسطورة الوادى» أخشى أن صناع العمل يأخذهم الحماس ويتحفوننا العام القادم بالجزء الثالث تحت عنوان «أسطورة الدلتا».
ملحوظة:
هل تخيلت منظر حازم أبوإسماعيل فى السجن وهو يجرى خلف خيرت الشاطر بين عنابر السجن ويحاول الإمساك به بعد التسجيلات التى ظهرت فى الاختيار 3؟
تخيلت.. طيب امنع الضحك.