شعاع أمل ..«مُحرم».. انكسارات وانتصارات

كنت أفكر أن أكتب عن شهر أغسطس، ذلك الشهر من العام الذى اشتهر بارتفاع درجات الحرارة به ومحاولة الناس الخروج ليلاً لمحاولة الحصول على نسمة هواء لطيفة أو الذهاب إلى الشواطئ والمتنزهات.. لكن الحقيقة أن فى هذا الشهر على مَرّ العصور به أحداث جسام حتى من قبل الميلاد.. ولكنى غيرت رأيى وسوف أكتب عن شهر الله الحرام «المحرم».. والسبب أن الله قد ذكر فى كتابه العزيز «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ » التوبة 36.. وشهر المُحَرَّم آخر الأشهُر الحُرم الثلاثة (ذو القعدة وذو الحجة والمُحرم).. ولقد سُمّيت بالأشهُر الحُرُم لتحريم القتال فيها، وهى معروفة عند العرب منذ أيام سيدنا إبراهيم.. فهم يحرمونها حتى قبل الإسلام؛ ذلك لتمكين الناس من الحج إلى بيت الله الحرام وهم آمنين.
فشهر المُحرم هو أول شهر فى التقويم الهجرى، ومن أحداثه أنه فى ليلة ظهور هلال المحرم من السنة السابعة لبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم قامت قريش بتعليق صحيفة المقاطعة لبنى هاشم وبنى عبدالمطلب وبنى عبد مناف فى سقف الكعبة، والتى تنص على عدم المبايعة أو الزواج أو التحدث معهم.. واستمرت هذه المقاطعة ثلاث سنوات حتى لم يجد المسلمون المحاصَرون فى الشعب أى طعام حتى أكلوا أوراق الشجر وكان يسمع بكاء الأطفال والصبية من الجوع من خارج الشعب.. إلى أن أكلت الأرضة الصحيفة ولم يعد بها سوى لفظ الجلالة.. فخرج المسلمون وهم فى حالة صحية سيئة فمات أبو طالب عَمّ الرسول الذى كان يَمنع عنه أذى قريش بعد ستة أشهُر وماتت السيدة خديجة زوج النبى التى كانت نِعْمَ السَّنَد له فى الحياة بعده بثلاثة أيام.. وقد سُمى بعام الحُزن.
وشهد شهر المحرم استشهاد الإمام الحسين حفيد رسول الله فى موقعة كربلاء فى العراق.. كما شهد الشهر انتصارات مبهرة فى موقعة القادسية.. وكانت هناك موقعة المنصورة فى مصر عام 648 هجرية وانتصر فيها المسلمون.
وتدلنا كتب التاريخ على أن الله قد نجا نبى الله نوح من الغرق فى شهر المحرم كما نجّا الله سيدنا موسى من فرعون وجنوده يوم انشق له البحر أيضًا فى هذا الشهر الحرام.. والأحداث كثيرة لا يمكن حصرها فى مقال.. وما هى إلا تذكير بأيام الله فى خَلقه.