جامعة بنها ضمن أفضل 10 جامعات على مستوى مصر بتصنيف كيواس للتنمية المستدامة    وزير التعليم العالي يبحث سبل تعزيز التعاون مع السفير السعودي بالقاهرة    أسعار النفط تهبط بعد تقرير ارتفاع مخزونات الخام والوقود في أميركا    19 نوفمبر 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    رئيس الجمارك: وزير المالية يسعى لتخفيف الأعباء عن المستثمرين لتيسير حركة التجارة    التضخم في بريطانيا يتراجع لأول مرة منذ 7 أشهر    تداول 97 ألف طن و854 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لمجلس إدارة صندوق حماية البيئة    ما هي مبادرة الرواد الرقميون وشروط الالتحاق بها؟    "الأونروا" تؤكد استعدادها لإدخال مساعدات لغزة وتحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    رئيس القابضة لمصر للطيران في زيارة تفقدية لطائرة Boeing 777X    برشلونة يعود رسميا لملعب كامب نو في دوري أبطال أوروبا    ضبط 5.4 طن دجاج وشاورما غير صالحة في حملة تموينية بأجا بالدقهلية    أخبار الطقس في الإمارات.. ارتفاع نسب الرطوبة ورياح مثيرة للأتربة    الحبس 15 يوما لربة منزل على ذمة التحقيق فى قتلها زوجها بالإسكندرية    6 مطالب برلمانية لحماية الآثار المصرية ومنع محاولات سرقتها    معرض «رمسيس وذهب الفراعنة».. فخر المصريين في طوكيو    مهرجان مراكش السينمائى يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 22    وفد من المجلس العربي للاختصاصات الصحية يزور قصر العيني لاعتماد برنامج النساء والتوليد    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    اليوم.. أنظار إفريقيا تتجه إلى الرباط لمتابعة حفل جوائز "كاف 2025"    موعد مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدوري أبطال أفريقيا.. والقنوات الناقلة    تنمية متكاملة للشباب    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    وزير الري يؤكد استعداد مصر للتعاون مع فرنسا في تحلية المياه لأغراض الزراعة    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    الإسكندرية تترقب باقي نوة المكنسة بدءا من 22 نوفمبر.. والشبورة تغلق الطريق الصحراوي    مصرع 3 شباب فى حادث تصادم بالشرقية    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    زيلينسكي: الهجوم الروسي أدى لمقتل 9 أشخاص    بولندا تستأنف عملياتها في مطارين شرق البلاد    هنا الزاهد توجه رسالة دعم لصديقها الفنان تامر حسني    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    رحلة اكتشاف حكماء «ريش»    بعد غد.. انطلاق تصويت المصريين بالخارج في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    الصحة: «ماربورج» ينتقل عبر خفافيش الفاكهة.. ومصر خالية تماما من الفيروس    صحة البحر الأحمر تنظم قافلة طبية مجانية شاملة بقرية النصر بسفاجا لمدة يومين    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    أسعار الفاكهة اليوم الاربعاء 19-11-2025 في قنا    بعد انسحاب "قنديل" بالثالثة.. انسحاب "مهدي" من السباق الانتخابي في قوص بقنا    الضفة.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 100 فلسطيني شمالي الخليل    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    زيلينسكي يزور تركيا لإحياء مساعي السلام في أوكرانيا    بحضور ماسك ورونالدو، ترامب يقيم عشاء رسميا لولي العهد السعودي (فيديو)    زيورخ السويسري يكشف حقيقة المفاوضات مع محمد السيد    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناصر - حليم - السعدنى إعلان حالة الطوارئ فى شقة السعدنى! "الحلقة 22"

ذهب حليم وناصر والسعدنى والحلم على حاله لم يتحقق منه أى شيء على الإطلاق بل إن مساحة الحلم تضيف يوما بعد يوم، ويبقى أن نعود إلى واقعة رائعة تثبت كيف كان حليم إنسانًا رائعًا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فى العام 1971 بالتحديد يوم 13 مايو.. بدأت الأمور تتكهرب فى منزلنا بالجيزة المطل على نيلها الخالد وأدركنا أخواتى هالة وأمل وهبة رحمها الله وحنان... وشخصى الضعيف.. أن هناك كارثة حدثت.

ولكننا لم نعلم أبعادها ولا تفاصيلها.. الولد الشقى السعدنى الكبير يغلق باب منزلنا بإحكام.. ويصدر أمرًا بأن نطفئ الأنوار ولا نرد على الهاتف وطرقًا لا مثيل له على الباب وكأن التتار على وشك غزو بيتنا المتواضع وقتل أسرتنا المسالمة ومخبرين ينتشرون فى الطرقات.. ويخرج الولد الشقى متأخرا جدا يتجه إلى الجراج القريب من منزلنا ليقود سيارته.. فيخرج إليه عم إبراهيم مسرعًا وهو السايس العجوز ويستوقف السعدنى قائلاً: امشى من هنا يا أستاذ وبسرعة.. فى مخبرين نايمين فى الجراج وواحد فتح العربية وقاعد فيها امشى.. امشى ويمتثل السعدنى للأمر ويشير إلى تاكسى ويختفى وسط الظلام الذى حل ليس بالمكان فقط، ولكنه تعدى ليشع ظلمه وسوادًا فى أعيننا جميعًا، ويختفى السعدنى 16 شهرًا كاملة لا نعلم عنه أى شيء حتى موعد المحكمة وصدور الأحكام، بعدها انتقل إلى سجن القناطر الخيرية.. وهناك تعرفنا وتشرفنا بضباط السجن وكانوا أشبه بملائكة للرحمة والإنسانية وعنوانا للرجولة ومنبعا لا يجف للشهامة العم محسن السرساوى وكان نقيبًا صغيرًا فى السن.. واللواء محمد صبحى المأمور واللواء نظمى الجولى المأمور الثانى للسجن وكان أحدهما مسلمًا والآخر مسيحيًا ولكننا عشقنا الاثنين معا ولم يكن هناك أى علامة يمكن أن تفرق بها بينهما بل كانت أسباب المحبة لا تحصى وأسباب البهجة والسعادة بوجود هذا الثنائى بالنسبة لنا لا حدود لها فقد سمحا لنا بالزيارة حتى الزيارة عبر السلك.. أصدرا أوامر بمنعها نهائيًا، فقد حدث أن مر المأمور يعاين أحوال الزيارة والمساجين فاستمع إلى أم تستحلف ابنها لكى يمرر إصبعه الصغير من خرم السلك حتى تطبع عليه بوسة يومها بكى المأمور والأم والمسجون معًا.. وأمر بفتح الزيارة للأم لاحتضان ابنها.. ذلك لأن الرحمة دومًا فوق القانون.. وهكذا لم يكتب لنا أن نرى السعدنى من خلف السلك أبدًا.. حتى جاء يوم تبدلت فيه الأحوال وجاء ضابط اسمه البندارى.... لم نكره أحدًا فى كل حياتنا مثلما كرهنا هذا الرجل فى إحدى الزيارات ونحن نستعد للقاء الولد الشقى جاءوا بالسعدنى فى الكلابشات مع الشاويش وفك الرجل الكلبش وقبل أن نتجه للسلام.. صدر صوت خرج من حنجرة البندارى وكأنها صرخة قائد عسكرى يأمر جحافله بالتقدم لدحر العدو.. واكتشفت أن البندارى يوبخ الشاويش لأنه جاء بالسعدنى فى غرفته فى حين أن الزيارة سلكاوى.. وهنا قال الشاويش أن الزيارة السلكاوى اتلغت علشان الأطفال.. فقال: إحنا فى سجن مش فى وزارة التضامن.. اتفضل رجعه الزنزانة أو يكمل الزيارة من السلك واخترنا إنهاء الزيارة بالطبع..
ولم يمض أسبوع على هذه الواقعة التى لم تبارح أذهاننا يومًا على الإطلاق إلا وتلقينا اتصالاً هاتفيًا من أحد أقارب الضباط يطلب منا أن نتجه فى اليوم الثانى لزيارة السعدنى للأهمية القصوى على أن نأخذ معنا عامودين للمأكولات التى يعشقها ومعهما طرشى عم عبدالنبى الجيزاوى.
واتجهنا إلى سجن القناطر حيث كان الطريق عبارة عن لوحة فنية أبدع صنعها الخالق عز وجل لم يتبق منها اليوم أى شيء على الإطلاق بعد أن امتدت ايادى الخيرين أيام مبارك إلى كل ما هو أخضر فدمروه وزرعوا مكانه غابات الأسمنت المؤذية للصحة المشوهة للبيئة الرذيلة على القلب.. المهم أننا وجدنا أمامنا نفس الرجل حسن البندارى ساعتها خرجت شهقة من الجميع، وكأن لسان حالنا يقول تانى حيزلونا. وجدنا ابتسامة عريضة ترتسم على وجه الضابط وهو يسلم علينا فردا فردا ويعتذر عما بدر منه فى المرة السابقة ويأمر بإحضار «الأستاذ» محمود ويأتى السعدنى دون عسكرى وبلا كلابشات وتبادل السلام مع البندارى وكأنهما أصدقاء اتولدوا وعاشوا معًا فى حضانة واحدة.. تعجبت وقلت يا سبحان مغير الأحوال.. لا يمكن أن يحدث هذا التغيير إلا.. إذا.
واكتشفت أن السبب وراء هذا الأمر هو عندليب العرب الأسمر ومطرب الأمة الأعظم عبدالحليم حافظ.
ذات مساء حضر البندارى إلى سجن القناطر ودخل إلى مكتبه بعد أن انتهى من التفتيش على السجن والعنابر ومراجعة الوارد والصادر.. ثم أمر الشاويش الخاص بأن يذهب لكي يحضر له السعدني.. وكان السعدني ساعتها يمارس هوايته المفضلة في القراءة وعندما شاهد العسكري الخاص بالبنداري قال في سره: إحنا اصطبحنا بوش مين النهارده. وسأل الشاويش: خير!! وقال الشاويش: الباشا عاوزكم.. وامتثل السعدني للأمر.. وهو يضرب أخماسا في أسداس.. ويا ترى ويا هل ترى.
وعندما دخل السعدني على البنداري.. قابله وإذا بالضابط العبوس ترتسم على قسمات وجهه علامات البشر وينظر للسعدني وكأنهما الشتيتين اللذين التقيا بعد أن ظنا كل الظن أن لا تلاقيا.. واندهش السعدني من هذا الترحاب الذي ليس له أي مبرر خصوصًا بعد العملة المهببة للضابط الكبير يوم الزيارة السلكاوي.. وهنا دعا الرجل السعدني للجلوس وقام ومنحه سيجارة كليوباترا من النوع السوبر المفتخر وأشعل له سيجارته وهو يقول: عاوزك تسامحني على الموقف البايخ اللي عملته.. أنا آسف والله.. إنت عارف إنك مسجون سياسي وأن التعليمات واضحة ومحددة وأي مخالفة حتكون عواقبها سيئة جدًا بالنسبة لي.. لكن يا سيدي الفاضل.. أنا من يومين أخدت أوامر ما أقدرش أكسرها من حد أهم عندي من أي مسئول.. وطلب مني أني أوصل لك أمانة.. وسحب من خلف المكتب شنطة بها علبة سجاير «كنت» وهي بمثابة العملة المتداولة كأنها الدولار داخل السجن - وأيضًا علبة شيكولاتة - وقال دي هدية من عبدالحليم حافظ وهنا كادت دموع الولد الشقي تخدعه.. فها هو الصديق الطيب المخلص الوفي يتذكره في محنة السجن في حين أن أعز أصدقاء العمر، وإن شئت الدقة بعضهم، تنكروا للسعدني وعابوا عليه ما اقترفه في من «جرم» في حق الرئيس السادات وجاهروا بهذا الرأي في وسائل الإعلام.. ولعل نفس موقف حليم تكرر والسعدني يشاهد برنامج في التليفزيون المصري أيام عزه، حيث لا فضائيات ولا إبراشي ولا أديب ولا موسى ولا غيره حيث كان سعيد صالح هو الضيف.. سألته المذيعة عن مشواره في عالم الفن وتكلم سعيد صالح عن معاناته وكيف وصل إلى القمة.. وأهم من عمل معهم من المؤلفين والمنتجين والمخرجين والممثلين ثم سألته عن أحب النقاد إلى قلبه.. قال علي الفور: محمود السعدني.. هو الكاتب الوحيد اللي أنا حريص على كل كلمة بيكتبها.. وكان سعيد بالتأكيد يعلم أن السعدني خلف أسوار السجن وبالطبع المذيعة التي دخلت في حيص وبيص لأنها تعلم هي الأخرى أن الكلام عن السعدني ممنوع ولكنها الأصالة عندما تتجلى في إناء بشري طيب.. يمثله مرة عبدالحليم حافظ وأخرى سعيد صالح.. انشكح السعدني بشدة وهو يحدق في الضابط الذي تحول إلى إنسان بمعنى الكلمة.. وقال له سلم لي على عبدالحليم وأشكره وقوله السعدني مش حينسى لك الموقف ده أبدا وهنا أيضا ينبغي أن أذكر بالخير أحد عمالقة القلم في الصحافة المصريه أستاذنا الكبير مصطفى أمين الذي أرسل ذات يوم خرطوشة سجاير «كنت» أيضا ومعها صندوق تفاح أمريكاني والشىء الغريب أن مصطفى أمين كان مسجونا هو الآخر.. والحق أقول إن الزيارة في عهد هذا الضابط تحولت إلى شيء يشبه المتعة الحقيقية فقد أصبحنا نجلس إلى الولد الشقي في السجن أكثر مما كنا نجلس إليه أيام الحرية فهو دائم الخروج والسهر.. إذا كان في قاهرة المعز.. وهو كل شهرين لا بد من أن يسافر إلى خارج الحدود.
1
6


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.