لا يختلف أحد على أن المرأة المصرية تعيش أزهى عصورها من حيث دعم القيادة السياسية المقدِّرة لدورها الداعم للدولة، لذلك يتبقى أن تغتنم المرأة هذه الفرصة التاريخية؛ لتتحرَّر من بعض القيود الثقافية التى تحد من قدرتها، واستكمال مسيراتها ومكتسباتها فى الجمهورية الثانية.. وفى دراسة حديثة، أعدتها د. «نسرين البغدادى» أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية وعضو المجلس القومى للمرأة، رصدت فيها كيفية حماية الدولة للمرأة، فى جميع الأحوال والظروف التى قد تمر بها المرأة وما تحتاجه المرأة، فضلاً عن كيفية قيام الدولة لمساعدة المرأة للتغلب على ما تحتاجه من خلال التشريعات والقوانين، وما قام به المجلس القومى للمرأة لحماية المرأة. اعتمدت الدراسة على البحث العلمى الاجتماعى الميدانى، الذى يُعد بمثابة آلية من آليات صنع الاستراتيچيات، وسماع صوت المستهدفين منها. مشيرة إلى أن المجلس القومى للمرأة كان قد أعد استراتيچية تمكين المرأة فى عام 2017، وهى الأولى من نوعها على مستوى العالم، متخذة من البحث العلمى الاجتماعى مرتكزًا أساسيّا فى صياغتها، وقد رصد البحث العلمى الميدانى أولويات واحتياجات المرأة المصرية من أجل سماع صوتها فى إطار مختلف الفئات العمرية، بتنوع خلفياتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وأصبحت الاستراتيچية نموذجًا استرشاديّا اتخذته الأممالمتحدة لجميع الدول، وفى العام نفسه تم إعلان 2017 عامًا للمرأة المصرية؛ حيث قامت الاستراتيچية على عدة محاور، تمت ترجمتها إلى تشريعات وسياسات إجرائية. التمكين الاقتصادى للمرأة صدر حديثًا عن هيئة الرقابة المالية كتاب دورى لحث الشركات المقيدة بالبورصة المصرية والعاملة فى الأنشطة المالية غير المصرفية على تبنِّى الالتزام ببنود الميثاق الأخلاقى لمنع التحرّش الجنسى والعنف والمضايقات داخل بيئة العمل. وهذا الإصدار من شأنه أن يكون مثالًا يُحتذَى به فى تطبيق مبادئ المساواة ، وتكافؤ الفرص، والحماية من جميع أشكال العنف وحماية حقوق المرأة وتمكينها، وخَلق بيئة عمل مناسبة تستطيع أن تبدع المرأة من خلالها، وقد أعدت هذا الكتاب الهيئة وتم تنفيذه بالتعاون مع كل من المجلس القومى للمرأة ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ومنتدى الخمسين سيدة الأكثر تأثيرًا؛ حيث جاء الكتاب لتأكيد قيم العدالة والمساواة بين الجنسين، وتكافؤ الفرص، وضمان حقوق المواطنين والمواطنات. تشريعات حماية المرأة رصدت الدراسة صدور حزمة من التشريعات التى تمكِّن المرأة اجتماعيّا، وقد خرجت العديد من التشريعات التى أنصفت المرأة خلال السنوات الست السابقة، ومن بينها تعديل قانون الميراث، وقانون تنظيم عمل المجلس القومى للمرأة، وقانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، وقانون التأمينات الاجتماعية وإقرار قانون بشأن التهرب من النفقة وقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات والتأمين الصحى، وتم تعديل قانون صندوق التأمين الأسَرى وقانون الخدمة المدنية. التمكين السياسى للمرأة بعد مرور 65 عامًا على صدور القانون رقم 73 لسنة 1956 الخاص بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية أو قانون الانتخابات وعضوية مجلس الأمّة لأول مرّة فى التاريخ المصرى، وفقًا لدستور 1956 بعد تاريخ حافل من الكفاح والمثابرة من أجل الحصول على هذا الحق، نجد أن القيادة السياسية قد قامت بإرسال العديد من الرسائل التى تركز على إتاحة الفرصة كاملة للمرأة لمشاركتها فى عملية التنمية. طرح الرئيس «عبد الفتاح السيسى» العديد من القرارات التى أنصفت المرأة وأسهمت فى تحقيق المزيد من المشاركة السياسية والمجتمعية، وفى ضوء فخرنا بتمثيل المرأة فى البرلمان والحكومة بنسبة هى الأعلى فى تاريخ مصر. وتجدر الإشارة إلى أن عدد الوزيرات فى مصر قد وصل إلى 8 وزيرات، بنسبة 25 %، و4 نائبات للوزراء، ورُغم انتشار جائحة فيروس كورونا، التى ألمّت بالعالم أجمع وعملت على تقليص فرص العمل على مستوى جميع القطاعات؛ فإن المرأة المصرية أحرزت مراكز متقدمة فى العديد من المواقع، وفى هذا الإطار فقد أجريت انتخابات مجلسَىْ الشيوخ والنواب، ورُغم نص التعديلات الدستورية بتخصيص نسبة 10 % للمرأة؛ فقد بلغت النسبة 14 % من خلال التعيينات، فضلًا عن وصول أول سيدة إلى منصب وكيل مجلس الشيوخ، أمّا فيما يخص نسبة تمثيل المرأة فى مجلس النواب فقد بلغت 28 %، وهى النسبة الكبرى فى التاريخ، بعدد 162 نائبة رُغم أن التعديلات الدستورية قد نصّت على نسبة 25 %. حماية المرأة وعن محور الحماية الذى يعمل على حماية المرأة من جميع أشكال العنف، وذلك عن طريق التشريعات التى تحمى حركتها فى المجتمع وتضمن حمايتها من التحرّش، رصدت الدراسة تغليظ عقوبتَىْ ختان الإناث والتحرّش الجنسى، بالإضافة إلى قانون حفظ سرّية بيانات المجنى عليهن فى جرائم التحرّش والاعتداء الجنسى، مما انعكس بالإيجاب على تمكين المرأة المصرية علاوة على حمايتها من الحرمان من أى حق من حقوقها فى المجال العام ومن العنف المنزلى. كما تم إنشاء العديد من الوحدات الخاصة بحماية المرأة من العنف داخل أقسام الشرطة، وداخل الجامعات والمستشفيات وإنشاء العديد من دُور الرعاية للمرأة المُعنَّفَة فى العديد من المحافظات، كما تم إنشاء مكتب شكاوَى المرأة؛ حيث يعمل منذ إنشائه على رصد المشكلات التى تتعرض لها المرأة المصرية وتقديم الاستشارات القانونية المجانية، وإتاحة تمثيلها أمام القضاء والمساعدة فى تنفيذ الأحكام. استراتيچية «القومى للمرأة» حرص المجلس القومى للمرأة على إعداد دليل تدريبى باللغة العربية، يُعد الأول من نوعه على مستوى الدول العربية؛ لإدماج منظور النوع الاجتماعى فى جميع القطاعات؛ حيث يسعى إلى نشر ثقافة النوع الاجتماعى، ويُعد وثيقة استرشادية لكل مؤسّسات الدولة لدمج منظور النوع الاجتماعى فى كل الخطط والسياسات التنموية. كما أعد المجلس مرصدًا بالتعاون مع مركز بصيرة للرأى العام، باعتباره آلية منهجية لمتابعة السياسات والإجراءات التى وضعتها الجهات المختلفة، من أجل تنفيذ استراتيچية تمكين المرأة المصرية 2030، ومن ثمّ أصبح المرصد بمثابة مرآة لجهود الجهات المختلفة التى تساعد فى تحسين مؤشرات المرأة؛ حيث يهدف إلى متابعة المستهدفات الخاصة بوضع المرأة. وعى المرأة فى مواجهة كورونا ومنذ اندلاع جائحة كورونا ومع تنفيذ تدابير الإغلاق كانت مصر من أولى الدول التى تقدمت بورقة سياسات لحماية المرأة فى ظل «كوفيد - 19»، والتى سلّطت الضوء على أن هذا الفيروس المستجَد يشكِّل تهديدًا خطيرًا على مشاركة المرأة فى الأنشطة المجتمعية المختلفة، كما قد يتسبب فى زيادة الفجوة بين الجنسَين، ومن ثمَّ بدأت الحكومة المصرية باتخاذ إجراءات وتدابير لاحتواء ومكافحة انتشار كورونا، طبقًا لمعدل انتشاره، وعملت على الاهتمام بجميع الفئات المحتمل تضرُّرها من اتخاذ هذه الإجراءات والتدابير، وأشارت الورقة إلى محاور الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والدعم النفسى، وتناولت مكوِّن المرأة واتخاذ القرار، والحماية من العنف، ومكوِّن الفرص الاقتصادية، والمكون الرابع تضمّن البيانات والمعرفة إلى جانب مرصد السياسات والبرامج المستجيبة كآلية لرصد ومتابعة تنفيذ تلك السياسات فى الفترة من مارس 2020 حتى يناير 2021. وقام المجلس بإصدار أول دليل من شأنه رفع وعى المرأة المعاقة وحمايتها، وتوضيح كيفية التعامل مع هذا الفيروس، كما أُنشئ بداخل المجلس مرصد لمتابعة ما يتم اتخاذه من سياسات لدعم قضايا المرأة، وأيضًا لرصد كل التغييرات، وتسجيل الإحصاءات المتعلقة بهذا الشأن، وقد تم رصد 162 تدبيرًا وقرارًا وإجراءً وقائيّا داعمًا للمرأة المصرية؛ وبذلك احتلت مصر المركز الأول فى التقرير الصادر عن هيئة الأممالمتحدة للمرأة وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائى حول الإجراءات التى اتخذتها الدول حول العالم لمساندة المرأة. فى السياق نفسه، نجحت مصر على المستوى الدولى فى قيادة مبادرة فى الأممالمتحدة لطرح قرار أمام الجمعية العامة مع الشقيقتين الجزائر والسعودية، بالإضافة إلى الصين وزامبيا بشأن تعزيز الاستجابة الوطنية والدولية السريعة لتأثير «كوفيد - 19» على النساء والفتيات، ونجحت فى حشد الدعم والتأييد بشكل غير مسبوق فى إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بإجماع الآراء خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، والمعنية بالمسائل الاجتماعية والثقافية. 2_2105121023091445 3