بلا شك، أصبح شهر رمضان موسماً غنائياً يتسابق فيه صناع الموسيقى بكل قوتهم لنيل إعجاب الجمهور، ففى هذا الشهر يخصص المواطنون أغلبية أوقاتهم لمتابعة الأعمال الدرامية وما يتخللها من إعلانات، وهو ما فتح الباب أمام المغنين والموسيقيين للتنافس الكبير. التترات الدرامية وأغانى المسلسلات تتيح لصناع الأغانى تقديم نوعية مختلفة من المحتوى المعتاد تقديمه فى الألبومات العاطفية، فهى تعطى مساحة أوسع للتعبير عن مواضيع اجتماعية، سياسية، دينية، بل إنها قد تسمح للبعض بتقديم نقد ساخر للكثير من الأزمات والمشكلات التى يعانى منها المجتمع.
ولذلك عندما نحاول الوقوف عند جودة أى محتوى غنائى مقدم فى هذا الشهر، فيجب أن نجد مجموعة من المعايير، منها أن تكون الأغنية معبرة عن أحداث العمل الدرامى من حيث مضمون الكلمات وكذلك التناول الموسيقى، يجب أن نلاحظ أن هناك اختلافا بين ما يقدمه صناع الأغانى فى ألبوماتهم وبين ما يقدمونه فى موسم رمضان، يجب أيضا أن تكون هذه الأغانى معبرة عن النطاق الزمنى الذى يدور فيه أحداث المسلسل. وما قيل عن المسلسلات سنطبقه على الإعلانات أيضا. أول تتر يتوافر فيه كل هذه العوامل، هو (نسل الأغراب) للفنان «تامر حسنى»، من كلمات «سارة نبيل» وألحان «هيثم سعيد» وتوزيع «فهد»، فقد وجدنا «تامر حسنى» يتغنى باللهجة الصعيدية وهذا أمر جديد عليه ولا يقدمه فى ألبوماته، أيضا أحداث المسلسل تدور فى صعيد مصر، فكان من الضرورى أن يعبر عن ثقافة الصعيد الموسيقية، فاستمعنا إلى «الربابة» و«المزامير» وهذه الآلات تعبر عن «هوية المكان» الذى تدور فيه أحداث المسلسل. أما فى أغنية (ممثلين) من مسلسل (بين السما والأرض)، فاستمعنا للمرة الأولى إلى صوت الفنان «رامى جمال» فى السباق الرمضانى، الأغنية من كلمات «نور الدين محمد» وألحان «أحمد العدل» وتوزيع الثنائى المتجانس «إلهامى دهيمة» و«أحمد حسام»، وهذا الفريق استطاع أن يصنع ل«رامى جمال» أغنية مختلفة تماماً عن كل ما يقدمه فى ألبوماته الغنائية، وذلك بفضل النقد الذاتى المقدم فى الأغنية ومخاطبة العامة بالكثير من السلبيات التى ربما نكون نمارسها بشكل يومى دون مراجعة أو محاسبة للنفس. كذلك من ضمن الأعمال التى قدمت إلينا المغنين بشكل مغاير عما اعتدنا عليه فى أعمالهم السابقة، كان تتر مسلسل (المداح) للفنان «حمادة هلال» من كلمات «محمد أبو نعمة» وألحان «مصطفى شكرى»، وتوزيع «ميدو مزيكا»، ومن اسم العمل «المداح» فكانت الأغنية معبرة عن الروح الفنية للمداحين وأسلوب حلقات الذكر والحضرة من حيث التوزيع الموسيقى أو حتى من طريقة الغناء والكلمات وترديد كلمة «مدد» بشكل مكثف طوال الأغنية، فهذا الشكل من الغناء جديد على «حمادة هلال»، وبذلك نستطيع أن نصف هذا العمل بأنه إضافة جيدة فى رصيد مشواره الفنى، لأنها أكسبته نوعا من التنوع فى الأشكال التى يقدمها. وبنفس المنهج فى الأغانى المعبرة عن أحداث العمل التى صنعت من أجله، سنجد أغنية (كان ياما كان) للفنانة «أصالة» من مسلسل «بنت السلطان»، حتى لو كانت الأغنية نفسها متشابهة مع النوعية التى تقدمها أصالة فى ألبوماتها، وتتحدث فيها عن المرأة القوية بمخالفة المفهوم الشعبى السائد بوصف الست «مكسورة الجناح»، ولكن تبقى أن الأغنية معبرة عن محتوى الحلقات الأولى التى شاهدناها فى المسلسل، ومعبرة عن أحداثه، ولكن ربما لا تضيف هذه الأغنية مساحة للتنوع فى المواضيع التى تقدمها بأغانيها. يتبع. 2