شكلت المقاطعة العربية لقطر، فى 5 يونيو 2017، أحد أكبر التحديات، التى تواجهها إلى الآن على جميع المستويات: السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، لذلك حاولت الدوحة بشتى الطرق الالتفاف على هذا القرار. وفى محاولة فاشلة، قامت الدوحة بحملة للوصول إلى شخصيات بارزة فى واشنطن للتأثير على القرار الأمريكى. والضغط على الدول العربية للعدول عن موقفها، لكن السرعة التى أرادت بها قطر التأثير على القرار الأمريكى، جاءت بنتيجة عكسية؛ خصوصًا وأن الرأى العام الأمريكى على قناعة تامة بأن قطر تمول الإرهاب.
فى السطور التالية.. ترصد «روز اليوسف» تفاصيل دور اللوبى القطرى، والشبكة التى تدريرها والأموال الباهظة التى أنفقتها للتأثير على القرار الأمريكى، لغسيل سمعة الدوحة داخل دوائر صنع القرار الأمريكية، من خلال مراكز الأبحاث ومعاهد الدراسات السياسية. التسول إلى يهود أمريكا بعد أربعة أشهر من المقاطعة العربية لقطر، قرر تميم بن حمد التودد إلى اليهود فى أمريكا، مهما كلف الأمر فى الوصول لهم؛ أملًا فى التأثير على الجمهوريين فى هذا التوقيف. فى سبتمبر من العام 2017 تعاقدت قطر مع (نيكولاس موزين) Nicholas Musin، مقابل 50 ألف دولار شهريا، بالإضافة إلى دفع مبلغ 8 ملايين دولار على دفعتين، لإعادة بناء الثقة من جديد، خصوصًا بعد زيادة الضغط على قطر بسبب انفتاحها على إيران، وعلاقتها مع الجماعات الإسلامية المتطرفة. ونيكولاس موزين هو محامى يهودى، شغل منصب مدير التحالفات فى المؤتمر الجمهورى للكونجرس الأمريكى، وعمل أيضا ككبير المستشارين للسيناتور تيد كروز، الذى كان مرشحا حزبيا منافسا للرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى الحزب الجمهورى فى الانتخابات الحزبية عام 2016. وكان الهدف من الاستعانة ب«نيكولاس» هو التأثير على إدارة الرئيس ترامب، التى تدعم جهود السعودية فى عزل قطر عن محيطها، بسبب دعمها للإرهاب؛ لكن ما حدث خلف الكواليس، ولم ينتبه له الكثيرون، هو أن النتيجة جاءت عكسية تماما، حيث انضم مجموعة من الشخصيات إلى الجهود المبذولة، للضغط على قطر حتى تتماشى مع القواعد التى وضعتها المملكة العربية السعودية، حتى تقبل عودة قطر مرة أخرى إلى محيطها العربى. وتربط المحامى اليهودى، علاقة غامضة بشخص آخر اسمه Joey Allaham، رجل أعمال سورى الأصل، له علاقات قوية بصناع القرار فى أمريكا، يعيش فى مدينة نيويورك، ولديه عدد من مطاعم الشاورما. وبحسب تقرير مصلحة الضرائب، الذى قدمه نيكولاس، فإن رجل الأعمال السورى حصل منه على مبلغ 2.3 مليون دولار، لصالح شركة استشارية أسسها لمصلحة قطر، وهى شركة Stonington Global LLC، التى فتحت أبوابها فى مدينة نيويوركوواشنطن العاصمة، برئاسة نيكولاس واللحام، على أن يقدموا استشارات فى الأمن القومى، والأمن المعلوماتى. الهدف المعلن للشركة كان تقديم خدمات للعملاء المحليين والعالميين فى مجالات الضغط السياسى والشئون العامة، كما ستساعد الشركة المستثمرين- بما فى ذلك صناديق الثروة السيادية- على تحديد الفرص فى الولاياتالمتحدة وخارجها. وتستفيد الشركة الجديدة من علاقاتها الوثيقة مع السياسيين وقادة الأعمال، مع إتاحة الوصول إلى كبار جماعات الضغط والمتخصصين فى العلاقات العامة فى واشنطن، بما يعود بالفائدة على قطر من خلال العلاقات القوية مع أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وجميع الوكالات الفيدرالية. وعلى هذا النحو ، حاولت قطر التسلل للبيت الأبيض والكونجرس، حيث قام Muzin و Allaham ببناء مستوى كبير من العلاقات، فى محاولة لتقليل الضغط على قطر. استهداف شخصيات أمريكية لصالح قطر استمرت محاولات قطر لغسيل سمعتها فى واشنطن، حيث تلقى اثنان من جماعات الضغط المعروفة بمساعدة قطر، فى كسب تأييد حلفاء الرئيس الأمركى دونالد ترامب ما يقارب 4 ملايين دولار، من شركة علاقات عامة غامضة مرتبطة بالحكومة القطرية، بعد أن اشتد حر صيف 2017، على قطر نتيجة المقاطعة العربية لقطر. واستعانت قطر بشركة ساهمت بتأسيسها بمساعدة المحامى اليهودى وصديقه السورى، للتخفيف من وطأة الضغوط التى تتعرض لها قطر، داخل الولاياتالمتحدة، حيث أعدت الشركة قائمة تضم 250 شخصا، يعتقدون تأثيرهم على رؤية ترامب وسياساته نحو قطر، وشملت تلك القائمة «ألان ديرشوفيتز» و«مايك هاكابى» ومصمم برامج نيويورك «ستى ستيف ويتكوف»، والإذاعى «جون باتشيلور». وتلقت الشركة مبلغا مبدئيًّا بقيمة 3 ملايين دولار أمريكى، ثم دفعة أخرى بقيمة 3.9، فضلا عن50 ألف دولار شهرية. صفقة فاشلة أفاد موقع تتبع الإرهاب IPF أن قطر دفعت ل6 أعضاء كونجرس ديمقراطيين فى العام 2018 لزيارة الدوحة، فى محاولة بائسة لتخفيف حدة الضغط العربى عليها فى العاصمة واشنطن، بسبب تصرفات قطر المشينة فى تمويل الارهاب، حيث التقى أعضاء الكونجرس بنائب وزير خارجية قطر ووزير الخارجية القطرى، ودار حديث وقتها حول القاعدة العسكرية الأمركية فى قطر، فى محاولة لإظهار ولاء قطر للولايات المتحدة. وشملت قائمة النواب الذين زاروا قطر دفعه واحدة، امى بيرا، نائب من ولاية كاليفورنيا، والنائب رو كنان ممثل ولاية كاليفورنيا، والنائب اندر كارسون من ولاية انديانا، والنائب دان كادى عن ولاية ميتشجان، وكذلك النائب دونالد ناركوس من ولاية نيو جرسى، وجم هاميس، الذى خرج من الكونجرس يناير العالم الحالى. وبحسب الصحفى بن سميث، الذى شارك فى منتدى الدوحة، قال أنه هاجم النائب فى الكونجرس الأمريكى دونالد ناركوس؛ وطالبة بالإفصاح عن تلقيه أموال للذهاب إلى قطر. وتعرض أعضاء الكونجرس لهجوم كبير داخل الكونجرس، خصوصا أن من بين المشاركين محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيرانى، ومطلق القحطانى، مبعوث قطر لمكافحة الإرهاب، وهو نفسه الشخص الذى لا يلقى قبولا فى الكونجرس، حيث قال أن حماس ليست تنظيما إرهابيا. ما زاد وضع أعضاء الكونجرس سوءا، هو حساسية المناصب واللجان الذين ينتمون إليها، حيث إن أندور كارسون، وجيمس هاميس، أعضاء فى لجنة الاستخبارات فى الكونجرس، ودونالد ناركوس، عضو فى لجنة القوات المسلحة فى الكونجرس. وأشار موقع IPF إلى أن قطر تعد واحدة من أكبر ممولى جماعة الإخوان المسلمين، وهى موطن الشيخ يوسف القرضاوى الراديكالى، بحسب وصف الموقع، كما أوضحت أن قطر مولت العديد من الجماعات الإرهابية، بما فى ذلك حماس والقاعدة، موضحًا أن قطر أنفقت 5 ملايين دولار فى العام 2017، على ثلاث شركات ضغط فى واشنطن، تسعى من خلالها لتحسين صورتها. دعم قطر للصهيونية العالمية هرعت قطر إلى المنظمة الصهيونية العالمية، طالبة ودها لتقليل نتائج المقاطعة العربية ودعمتها بالأموال والدعوات منذ العام 2017 والهدف كان إرضاء اليهود فى أمريكا وخصوصا رجال الأعمال، آملا فى الوصول بشكل أفضل لصناعة السياسة فى أمريكا. لكن سرعان ما اكتشفت المنظمة الصهيونية العالمية، اللعبة التى تقوم بها قطر، مؤكدة أن المنظمة الصهيونية العالمية ليست لعبة فى يد الدوحة، حيث قالت المنظمة إن قطر تعانى من قصور فى التفكير، واستنكرت على نطاق واسع فى الصحافة الأمريكية فى العام 2017 والعام 2018، ما حاولت الدوحة القيام به من استغلال لليهود. اكتشفت فضيحة قطر بالتبرع للمنظمة الصهيونية العالمية، بعدما قام جوزيف اللحام، عضو مؤسس فى Stonington Strategy بتمويل قطرى، بإدراج تبرعات كبيرة لمنظمتين مواليتين لإسرائيل، تم تقديمهما «نيابة» عم أمير قطر، إحداها للمنظمة الصهيونية الأمريكية العالمية، التى تلقت دفعتين تبلغ كل منهما 50 ألف دولار، وقد جذبت اهتمامًا إعلاميًا كبيرًا، بسبب غضب رئيس منظمة الصهيونية العالمية، مورتون كلاين، حيث بدا أنه غير وجه نظره، بشكل كبير فى قطر، الداعمة للجماعة الإرهابية «حماس»، وهى موطن لكثير من قادة الجماعات الإرهابية، على حد وصفه. الجهة الأخرى التى تلقت تبرعًا قيمته 100 ألف دولار هى منظمة (OSS)، وهى منظمة صغيرة مؤيدة لإسرائيل، وتقوم بترتيب جولات لضباط رفيعى المستوى، فى جيش الدفاع الإسرائيلى فى المعابد والكلية الناطقة باللغة الإنجليزية، والجامعات فى جميع أنحاء العالم. وتم التبرع فى 30 أكتوبر 2017، قبل أربعة أيام من حفل عشاء المنظمة فى 2 نوفمبر، حضره أكثر من 700 ضيف، فى كابيتالى، وهو مكان للمناسبات فى «سوهو» الضاحية السياحية الغنية فى نيويورك. جاء هذه «الرشاوى السياسية» بمبلغ 1.45 مليون دولار، تم توثيقه من قبل Allahham من قطر، لخدمة مصالحها الولاياتالمتحدة، وقد تم إدراج هذه الأموال فى ملف تسجيل وكلاء الأجانب. العائلة المالكة فى قطر تمول معاهد أمريكية أفاد موقع تتبع الإرهاب IPF أن العائلة المالكة فى قطر تمول برامج فى معهد بروكنجزالأمريكى، وجامعات وكليات فى أمريكا، بما فيها جامعة جورج تاون الشهيرة. لم تتوقف قطر فقط عن تمويل المعهد فى واشنطن فقط، بل أنشأت فرع له تحت نفس الاسم فى الدوحة، من أجل التأثير على حيادية دراسات المعهد، للاستفادة من شهرته فى خلق رأى عام مغاير للواقع القطرى الممول للإرهاب بحسب نفس الموقع. والمفترض أن معهد بروكنجز، مؤسسة غير ربحية تعنى بالسياسات العامة، وتتخذ من واشنطن العاصمة مقراً لها، إلا أن تدخل الموال القطرية، وضعه تحت قائمة الشبهات. وبحسب الأرقام المعلنة، فإن المعهد له ميزانية ضخمة، ففى العام 2017 مجمل الأموال التى حصل عليها المعهد قدرت بحوالى 117 مليون دولار أمريكى و 336 آلاف دولار، فيما بلغ مجمل المصروفات للمعهد كانت 97 مليون دولار، أى أن المعهد كان لديه فائض فى الميزانيه بما يفوق ال20 مليون دولار، وهو أمر نادر الحدوث؛ والعام 2017 هو نفس العام التى قامت فيه قطر بتمويل مراكز ضغط للتأثير على الرأى العام، داخل صناعة القرار فى أمريكا.