لا تزال «موائد الخيانة » عامرة.. وأروقة التآمر زاخرة.. ولعبة تدوير عناصر «الإرهاب الدولى» محتدمة فى رءوس من لا تزال أيديهم ملطخة بدماء الأبرياء فى الشرق الأوسط.. إذ إن الهدف هذه المرة، هو «شمال إفريقيا» بشكل مُركز.. وقاعدة الانطلاق هى «ليبيا» بصورة تحكمها - يقينًا- المعلومات، لا التكهنات! وفى هذا السياق، يأتى لقاء «الثلاث ساعات» المغلق، الذى جمع بين كل من الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان» وأمير الدويلة القطرية «راعية الإرهاب» تميم بن حمد أمس الأول .. إذ وصل إردوغان إلى الدوحة، عصر الخميس، مع وفد من المسئولين الأتراك بينهم وزير الدفاع « خلوصى أكار» ورئيس جهاز الاستخبارات «هاكان فيدان» ووزير المالية «بيرات البيراق»، وكان فى مقدمة مستقبليهم بالمطار وزير الدفاع القطرى خالد بن محمد العطية..
1 زيارة مفاجئة
الزيارة المفاجئة التى أجراها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، إلى قطر ولقاؤه بأمير قطر تميم بن حمد، مصحوبًا بعدد من المسئولين الأتراك؛ ركزت مناقشاتها غير المعلنة على كيفية التنسيق بين البلدين فى بعض الملفات المشتركة على رأسها التدخل التركى فى العديد من الدول العربية مثل ليبيا وسوريا والعراق، وكيفية الحصول على الدعم القطرى فى مواجهة الضغط الكبير على تركيا فى ظل التدخل الإرهابى فى ليبيا وكيفية دعم الميليشيات الإرهابية وغيرها من الملفات.
إردوغان وأمير قطر، تميم بن حمد عقدا- حتى الآن- 26 لقاءً فى غضون خمس سنوات، حيث تحرص تركيا على اتخاذ قطر بمثابة وسيلة لتحقيق الأطماع وتنفيذ أجنداتها ضد دول عربية، وتأتى الزيارة وسط تطورات متسارعة فى عدد من الملفات الإقليمية، وعلى رأسها الأزمة الليبية، حيث تقف الدوحةوأنقرة خلف الميليشيات التى تقاتل ضد الجيش الوطنى الليبي.
وتتولى تركيا تزويد حكومة طرابلس بالأسلحة والمرتزقة السوريين، فى محاولة لترجيح كفة المتشددين، بينما تقدم قطر دعمها، فى الخفاء، فضلًا عن تسخير أذرعها الإعلامية لإضفاء الشرعية على التدخل العسكرى التركى فى ليبيا.
2 خريطة الإرهاب:
التحركات التركية التى وصفها البعض بأنها إعادة لرسم خريطة الإرهاب فى الشرق الأوسط، تستهدف -فى ظل التدخل التركى السافر فى الأزمة الليبية- شمال إفريقيا بشكل رئيسى، حيث تم نقل الأسلحة والميليشيات الإرهابية لتأجيج الصراع الداخلي، وهو ما هاجمته فرنسا رسميًّا وكان السبب الرئيس وراء انسحابها من عملية «حارس البحر»، متهمة تركيا بانتهاك حظر السلاح المفروض على ليبيا.
واعتبر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن تركيا باتت أكبر متدخل فى شأن ليبيا فى الوقت الراهن، مشيرًا إلى أنها تراجعت عن أى التزام قطعته بخصوص الملف الليبي، وأن أنقرة زادت حضورها العسكرى فى ليبيا بعد مؤتمر برلين، كما «أرسلت إرهابيين ومرتزقة إلى ليبيا»، قائلًا: «إن تركيا هى «الطرف الخارجى الأول الذى يتدخل» فى ليبيا التى تشهد نزاعا منذ 2011» .
واعتبر أن السياسة التركية فى ليبيا غير مقبولة لأنها تهديد لأفريقيا، ولاسيما أصدقاء فرنسا فى تونس والنيجر ومصر، وتهديد لأوروبا، خاصة لجهة إرسال إرهابيين إلى هذه الدول الأفريقية العربية.
3 قاعدة تركية:
على صعيد الأوضاع الميدانية، كشفت مصادر عن اجتماع عدد من القيادات التركية بقيادات التنظيمات الإرهابية فى ليبيا للهجوم على سرت، وذلك بعد نقل أنقرة أسلحة ومعدات ثقيلة لليبيا خلال الأيام الماضية، حيث ترغب تركيا فى استقرار الأوضاع من أجل إنشاء قاعدة بحرية لها فى ليبيا، تحت مسمى ميناء بحرى كبير، بعد أن انتهت من بناء مصنع للطائرات المسيرة.
وتسعى تركيا لإمداد القيادى الإرهابى خالد الشريف وعناصره فى مدن ومناطق غرب بالطيران المسير، باستخدام عدة مطارات صغيرة وتحويل سيطرتها للجماعة الليبية المقاتلة والتى تحول بعض عناصرها إلى داعمين وموالين لأنصار الشريعة والقاعدة ومجالس الشورى التى تكونت فى السنوات الماضية داخل ليبيا.
وأكد المصدر أن بقايا العناصر المتطرفة داخل طرابلس وبتوجيه من الصادق الغريانى مفتى ليبيا السابق والمدرج على قوائم الإرهاب تسعى للحصول على أسلحة متطورة من تركيا ضمن صفقات متتالية مع حكومة الوفاق.
تركيا ترغب من تحركاتها في توحيد الميليشيات تحت إشرافها بقيادة عبد الكريم بلحاج أمير الجماعة الإسلامية فى ليبيا، حيث إن حكومة الوفاق تتفق مع قيادات الميليشيات على دمجهم فى مؤسسات الدولة، حيث يتصاعد الحديث فى طرابلس حول انتشار التنظيمات الإرهابية فى المناطق التى سيطرت عليها حكومة الوفاق.
صحيفة «شؤون تركية» أكدت أن تنظيم «داعش» الإرهابى بدأ يتواجد ويبسط سيطرته فى المناطق الخاضعة لنفوذ حكومة الوفاق فى المنطقة الغربية، حيث ظهرت أعلام داعش فى مناطق تسيطر عليها حكومة الوفاق، فى مدينة جنزور وكوبرى دائرى غوط شعال فى طرابلس.
وكشفت تقارير إعلامية عودة تنظيم «القاعدة» لاتخاذ مدينة صبراتة الليبية مركزًا لعملياته، بعد سيطرة الوفاق على المدينة فى أبريل الماضي، باعتبارها تمثل موقعًا إستراتيجيًا على الساحل الغربى لليبيا.
مصادر ليبية، مطلعة كشفت عن وجود قيادى فى تنظيم القاعدة، يدعى «أبو خالد المصري»، يوصف فى أوساط المتشددين ب«الجنرال»، ضمن المجموعات المتطرفة فى صبراتة، وكان «المصري» متواجدًا مع تنظيم داعش فى إدلب السورية، قبل أن ينتقل إلى صبراتة بغرب ليبيا مع مجموعات المرتزقة السوريين الذين نقلتهم تركيا.
4 موطن الإرهاب الجديد
مراقبون يشيرون إلى أن تركيا تسعى لتحويل ليبيا إلى ملاذ جديد للتنظيمات الإرهابية خاصة «داعش» و«القاعدة» خدمة لأجنداتها المشبوهة، من خلال عمليات نقل العناصر الإرهابية الخطيرة من سوريا «جبهة النصرة، داعش» إلى ليبيا تشرف عليها غرفة عمليات مكونة من ضباط بالجيش التركى تقود المرتزقة فى ليبيا، بالإضافة إلى إشرافها على تجنيد المقاتلين السوريين من فصائل جهادية مختلفة وتدربهم على أراضيها ثم ترسلهم عبر مطارى غازى عنتاب واسطنبول إلى الأراضى الليبية.
وبحسب خبراء فى الشأن التركي، فإن التدخل التدخل التركى فى ليبيا يأتى من أجل تحقيق أطماع أردوغان فى إقامة قواعد عسكرية دائمة فى البلاد لدعم نفوذه فى شمال وغرب ووسط أفريقيا من أجل السيطرة على خيراتها.
5 نهب ثروات إفريقيا:
تدفع بعض السيناريوهات بأن وجود قواعد عسكرية لتركيا فى ليبيا أو زيادة نفوذها بالداخل يؤثر بشدة على باقى دول القارة وبالأخص المنخرطة فى صراعات إرهابية كتشاد ونيجيريا ومالى وغيرها، وبالأخص فى ظل رعاية تركية لجماعات الإرهاب ووجود تاريخ قريب من المساعدات والعلاقات الاقتصادية الآخذة فى النمو بين أردوغان وهذه الدول الغنية بالثروات الطبيعية.
وكشفت المصادر أن أنشطة أردوغان فى ليبيا وفى أفريقيا، تبرهن على معادلة النفوذ التركى المعتمد على تسليح الجماعات الإرهابية والمرتزقة لتفتيت أوضاع الدول النفطية الغنية بمصادر الطاقة والثروات الطبيعية فى أفريقيا ومن ثم اقتراح تشييد قواعد عسكرية بداخلها للسيطرة التامة على مقدراتها بمساعدة تيارات الإسلام السياسى التي يتم تصعيد بعضها للسلطة السياسية فى ظروف صعبة، وهو ذات النموذج الذى طبقته فى الصومال وتسعى لتطبيقه فى ليبيا ودول الساحل والصحراء الأفريقى ودول وسط أفريقيا الغنية بالمعادن النفيثة والمناجم إلى جانب الصراعات الإرهابية والعرقية والإثنية.
6 تصدير الإرهاب:
وزارة الخارجية الأمريكية وصفت تركيا بأنها بلد مصدر للإرهابيين، وأنها تسهل عبور المقاتلين الإرهابيين الذين يسعون للانضمام إلى مناطق الصراع فى سوريا والعراق، موضحة أن أنقرة استخدمت حركة الانقلاب الفاشلة فى عام 2016 ذريعة لها فى تصفية المعارضين، واعتقال المواطنين.
وكشف تقرير الدول ومكافحة الإرهاب لعام 2019 الذى أعدته وزارة الخارجية، عن انتهاكات تركيا لحقوق الإنسان واعتقال مواطنين أتراك، ومواطنين أجانب مقيمين فى تركيا، بما فيهم مواطنون أمريكيون، وموظفون محليون فى بعثة الولاياتالمتحدة إلى تركيا، بزعم ارتباطهم بحركة جولن المعارض التركى للرئيس رجب إردوغان.
وأفاد التقرير بأن تركيا بلد يسهل عبور المقاتلين الإرهابيين، الذين يسعون للانضمام إلى داعش والجماعات الإرهابية الأخرى التى تقاتل فى سوريا والعراق، رغم أنها عضو نشط فى التحالف العالمى لهزيمة داعش. 7 سرقة الأموال:
ليبيا، تعد المحطة الثانية لإردوغان بعد سرقته النفط السوري، حيث بدأ التعاون المشبوه مع حكومة الوفاق يجنى ثماره لحكومة إردوغان التى تعانى أزمات اقتصادية طاحنة، بعد أن حصل الصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا على تفويض من حكومة السراج، بتحويل ودائع ليبيا فى البنوك الأوربية والتى تقدر ب8 مليارات دولار إلى مصرف تركيا المركزي، وهى ودائع لمدة 4 سنوات، دون أى فوائد أو تكاليف لإنقاذ الليرة التركية، فضلًا عن ما أسماه تعويضًا بقيمة 3 مليارات جنيه للشركات التركية المتعاقدة مع الدولة الليبية إبان حكم الرئيس الراحل معمر القذافي.
وبحسب خبراء فإن الودائع التى حصل عليها إردوغان ستستخدم لسد العجز المتفاقم فى البلاد، إذ أظهرت بيانات من معهد الإحصاءات التركي، ارتفاع عجز التجارة الخارجية لتركيا 102.7 % على أساس سنوى فى مايو إلى 3.42 مليار دولار، كما سجلت الليرة التركية فى منتصف يونيو الماضي، أدنى مستوى لها منذ نحو شهر، بهبوطها أكثر من 1 % إلى 6.8610 مقابل الدولار.
وتمثل الودائع مرحلة جنى إردوغان لثمار التدخل العسكرى التركى فى ليبيا، حيث وقعت حكومة السراج عقودًا خاصة بالطاقة والإسكان ومشاريع أخرى مع الجانب التركى منذ عدة أشهر، تصل قيمتها إلى خمسة مليارات دولار.