إنهم لا يعرفون من هم

اشتهرت المحليات منذ زمن بالفساد وارتبطت به شكلاً وموضوعًا ولم يترك الرئيس عبدالفتاح السيسى أى مناسبة إلا وتحدث فيها عن هذا الموضوع ومدى خطورته على التقدم والتنمية.

وفى افتتاحه مؤخرًا للعديد من المشروعات القومية بمناسبة العيد «السابع» لثورة 30 يونيو المجيدة أكد على أننا لن نعود لما كنا عليه من فوضى فى كل شيء، فقد كانت مرحلة عشناها وانتهت وتحملناها حتى تصل الدولة إلى ما تستطيع به أن تجابه تحدياتها ومشاكلها.

وفى صورة صارخة لمخالفات البناء قال الرئيس «إن الموضوع ليس فسادًا ولكن الناس مش عارفة هى مين سواء رئيس حى أو محافظ».

نعم يا سيادة الرئيس إنهم لا يعرفون من هم ولو كانوا يعرفون لما انتشرت كل تلك المخالفات والإشغالات وهذا الكم الهائل من التعديات على أملاك الدولة فى مختلف الأحياء والمحافظات والتى تضرب بكل الأعراف والقوانين عرض الحائط.. فالموضوع ليس فسادًا بل هو أكبر بكثير من الفساد.. ولقد نالنى مع الأسف الشديد نصيب منه منذ عدة سنوات، فالشارع الذى أقطن فيه بمدينة نصر لا يتعدى عرضه «عشرة أمتار» بما لا يسمح بتجاوز أدوار أى مبنى فيه طبقًا للقانون أربعة طوابق ولكن فوجئ سكان الشارع بمالك يقوم ببناء برج سكنى تتعدى أدواره «الخمسة عشر» وعبثًا حاول الأهالى منذ بداية المخالفة أن يتصدوا لتلك المهزلة وخاضوا تجربة مريرة مع الحى الذى أغمض عينيه وأصم أذنيه عن أى شكوى أو محضر شرطة كان يقدم إليه وارتفع البرج وتمتع سكانه بالكهرباء والماء وانتصر الفساد.. ولم يكن غريبًا أن حذا البعض حذو هذا المالك وأصبح الشارع يعانى من قلة المياه وانفجار مواسير الصرف بين الحين والآخر لأن جميع الخدمات التى تم تنفيذها بالمنطقة قامت على أساس عرض الشارع والعلو المسموح به قانونًا.. كل هذا والخلافات شبه يومية على حجز أماكن للسيارات فى الشارع فجراج البرج لا يعمل.

لذلك نطالبك يا ريس كما قمت فى وقت وجيز بكل تلك الإنجازات الهائلة والمتتالية فى مختلف مناحى الحياة وتحققت نهضة اقتصادية كبرى وتنمية شاملة جعلت مصر قاب قوسين أو أدنى من منافسة البلاد المتقدمة فى العالم أن تعيد هيكلة المحليات من جديد على أسس علمية وأخلاقية وقانونية فهى تحتاج إلى إجراء ثورة حقيقية تطيح بالفاسد وبالنظام البائد فالمحليات من أخطر القطاعات التى تتعلق بخدمات المواطنين وتعتبر الباب الذى يساهم فى تقدم الأمم وتنمية المجتمعات وتحقيق الطمأنينة والأمان.. فكما قلت يا ريس «الأمن مش أنك تمسك مجرم.. إنك تمنع فاسد».