ساهم التطور التكنولوجى الكبير فى ابتكار نوع جديد من الفنون، يعتمد على التحرر من الأنماط والقوالب التقليدية، وحتى على الأدوات التقليدية.. فالريشة والأوراق يمكن استبدالها بالآيباد والتابلت لخلق رسومات ثلاثية الأبعاد.. بهذة الطريقة لم يعد رسم لوحة يحتاج لفنان بالمعنى التقليدى.. فقط كل ما تحتاجه هو قواعد استخدام البرامج والأدوات التى من شأنها تسهيل مهمتك.
وفى الأشهر القليلة الماضية تبنى عدد من الفنانون فى العالم تقنية Augmented Reality للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بطرق ملائمة أكثر للتطور التكنولوجى وأكثر تأثيرًا فى متابعى الفنون.. وأصبح موقع التواصل الاجتماعى «انستجرام» بمثابة معرض مكشوف لتلك الفنون.. التى شهدت تفاعلًا كبيرًا.. ويتوقع الكثيرون أن تصبح تلك التقنيه مستقبل فنون الحكى والرواية بطريقة تعتمد على إنشاء حوار مع المتلقى وإدخاله فى تفاصيل الحكاية وكأنه يعيشها.
شارك عدد من مبدعى فنون ال AR تجاربهم الشخصية فى دخول ذلك المجال الجديد مع متابعيهم وهو ما سنلقى عليه الضوء فى السطور التالية لتشكيل صورة أوضح عن فنون الواقع الافتراضى ومستقبلها.
خلال عملها كفنى وسائط متعددة فى شركة Apple اكتشفت «هيذر سميث» الإمكانات الإبداعية للتكنولوجيا، ما دفعها لدراسة الوسائط المتعددة التفاعلية بدافع الرغبة فى رواية القصص التى خلقت حوارًا بين الفن والجمهور بدلًا من كونها مونولوجًا من طرف واحد. وتقول «سميث»: «الأعمال الفنية التى تعتمد على تكتولوجيا الوسائط المتعددة تعمل على تعزيز العلاقات الحقيقية مع أعضاء الجمهور وتفتح لهم علاقات عاطفية أعمق مع الفن.. وبالنسبة لى فإن الفن هو ما ينشئ ذلك الحوار والصلة بين الفنان والجمهور».
تعتمد «سميث» على تخطيط تصورها الفنى على الورق أولا وتحويلها بعد ذلك إلى رسومات رقمية، من خلال إضافة عناصر تفاعلية وعناصر جذب للمتابعين قائلة :«إن الواقع المعزز جيد بشكل خاص فى السماح للأشخاص بتجربة وجهات نظر ووقائع مختلفة.. فعندما يصبح بمقدورنا جعل الخيال أقرب للواقع يصبح الأمر مثيرًا ويجعل العمل مؤثرًا حقا.. خاصة إذا كانت القطعة الفنية تستجيب لرد فعل الجمهور ويصبح الخط الفاصل بين الفن والجمهور غير واضح ما يؤدى إلى التفاعل بشكل أعمق».
اعتاد «أندرو ويلسون» تجريب الخط اليدوى بالحبر على الورق قبل ست سنوات، لكنه بمجرد أن اتجه إلى الكتابة الرقمية على iPad Pro بدأ مرحلة جديدة إذ سمحت له الحروف الرقمية بدمج الرسوم المتحركة فى عمله، وأصبحت فنون الواقع الافتراضى بالنسبة له عالمًا جديدًا بالكامل.
يقول ويلسون: «أنا أستمتع بإنشاء حروف ذات جودة ملموسة.. شيء يخلق وهم العمق باستخدام الضوء والظل.. ومنذ حوالى عام بدأت أرى أشخاصًا يجربون الواقع المعزز باستخدام Slide AR، وهو تطبيق غير معقد يتيح لك ترتيب ملفات PNG وGIF فى مساحة ثلاثية الأبعاد.. بالنسبة لى فهذه طريقة رائعة للتوسع فى العناصر ثلاثية الأبعاد التى كنت أحاول بالفعل تقديمها إلى عملى».
على الرغم من أن الAR هو وسيط جديد، فإن «ويلسون» يستمد الإلهام من تقنيات الحروف التقليدية مثل الرسم على الجدران، والكتابة على الجدران: «أريد دائمًا إنشاء شيء له وزن وملمس.. وأن عملى كله يمكن أن يتم بين يديك.. ومع كل قطعة أتعلم شيئًا جديدًا.. لدى حاجة لا تشبع لكل قطعة لتشعر بأنها حقيقية أكثر».
بالنسبة إلى سوزى فيتر فإن استخدام الواقع الافتراضى يجلب القليل من السحر إلى الحياة اليومية، ما بدأ كتجربة للعب والاستمتاع أصبح جزءًا من سير عملها: «هناك هذه اللحظة السحرية عندما تقوم بتغيير العالم المادى أو تحسينه بشيء افتراضى.. هذا هو التوتر الذى أحب العمل معه فى الواقع المعزز وما أركز عليه فى عملى.. أحب القيام بالقفز من رسم بالقلم الرصاص فى العالم المادى إلى قطعة فنية منتهية فى الواقع الافتراضى.. وعند إنشاء قطعة فنية باستخدام الAR، أحب أن أعتبرها جزءًا ضروريًا من العمل الفنى وليس زخرفة».
اكتشفت سوزى مستوى من المشاركة والتعاون بشأن الأفكار فى مجتمع الواقع الافتراضى نادرًا فى التقنيات الجديدة، وتأمل أن يُساعد ذلك على تطوير الوسائط والأدوات المستخدمة فى ذلك المجال:«أتمنى حدوث تطور بشكل أكبر فى الوسائط المستخدمة بحيث لا يقتصر الجزء الافتراضى من التجربة الفنية على جهاز صغير مثل الهاتف أو الكمبيوتر اللوحى».
بالطريقة نفسها بدأ «مثيو راى» فى إنشاء عوالم خيالية قبل سنوات من توفر أدوات مثل ARKit من Apple، من خلال دمج صوره ثلاثية الأبعاد المفعمة بالحيوية مع التصوير الفوتوغرافى للمناظر الطبيعية.. وعلى مدار الأشهر الستة الماضية، تم تحويل سير عمله بفضل الأجهزة والبرامج المتطورة التى جعلت AR متاحًا لمنشئى المحتوى المستقلين، ويقول :«انجذبت إلى الواقع المعزز من خلال الرغبة فى رؤية مظهر خيالى ممزوج بواقعنا المادى فى شكل قابل للمشاركة».
ويوضح «راى»: « إنشاء منحوتات AR ضخمة الحجم ووضعها فى مواقع لا تتوقعها تؤثر على مشاعر الأشخاص الذين يرونها.. لأن العين والدماغ تبحث باستمرار عن المدخلات البصرية والأشكال والألوان والتصاميم الجديدة.. ويتيح لنا الواقع الافتراضى إجراء تجارب فنية غامرة يرغب الناس فى استكشافها حتى يكتشفوها».
من جانبها، تقول نادين كولودزى، فنانة بصرية ورسامة مقيمة فى برلين: «إن VR تجربة فريدة للغاية تركز على الشخص الذى يرتدى النظارات.. لكن مع استخدام تقنيات الواقع الافتراضى الجديدة أصبحت تلك الفنون موجهة لكل الناس ولا تتطلب أى مجهود من المتلقى ما يضيف إلى الطريقة التى نتواصل بها حيث ننتقل من العارض أو الزائر إلى المستخدم وهذا يُحدث فرقًا كبيرًا فى استقبال الفنون».
انضمت نادين مؤخرًا إلى المجتمع المتنامى للفنانين الذين يصممون تجارب Instagram :«إن سحر شيء لا يمكن التنبؤ به وجديد يجعل الواقع الافتراضى مرحًا جدًا.. إنها فقط تبنى شخصيتها وقواعدها.. بالنسبة لى كمبدعه، إنه وقت رائع لاستكشاف ومتابعة تطورات هذا العالم الجديد وحتى استكشاف الأفكار فى رأسى»
بعد العمل الحر لما يقرب من 20 عامًا، قررت الرسامة «دارين بوث» تجربة تقنيات iPad وتقول: «لقد فتح عالمًا جديدًا بالكامل وأعاد تنشيط الأفكار داخلى.. كما قادنى اختبار مجموعة جديدة من الأدوات ومجموعة متنوعة من التطبيقات بشكل طبيعى إلى الواقع الافتراضى.. وأدركت بسرعة أن تلك التقنيات الجديدة لديها القدرة على تغيير كيفية استخدام الفن والتفاعل معه».
انتهت «دارين» من دورة تدريبة لمدة 12 أسبوعًا مع Adobe، وتجربة Adobe Aero. Aero، هو أحد التطبيقات الرائدة المصممة لجعل تصميم AR أكثر سهولة: «أنا لا أحب الأعمال الفنية ثنائية الأبعاد.. لكن مع الواقع الافتراضى من المثير جدًا أن يكون لديك مراحل اكتشاف مرة أخرى.. وأشعر بالفضول حيال كيفية إنشاء شيء ليبدو حقيقيًا».