يلجأ الكثيرون إلى الذهب خاصة فى أوقات الأزمات مثل تلك التى يمر بها العالم حاليًا بسبب فيروس كورونا، باعتباره الملجأ الآمن، وهو ما تسبب فى قفزات متتالية فى أسعار المعدن النفيس فى محال الصاغة والمجوهرات، لكن العديد من المحال تستغل الأزمة وتطلب مبالغ مضاعفة فى أسعار المصنعية ما يسبب ارتفاع الأسعار عند الشراء وانخفاضها بشكل مبالغ للراغبين فى البيع.
عدد من مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى قرروا مواجهة استغلال باعة الذهب من خلال تدشين مجموعات على «فيس بوك» لشراء وبيع الذهب المستعمل بأسعار مخفضة ومصنعية أقل مما يتم تداولها فى محال الصاغة، وصل عدد المتفاعلين على الجروبات، لآلاف المستخدمين يوميًا.
«روزاليوسف» قامت بجولة داخل هذه الجروبات للتعرف على العالم الافتراضى لصفقات بيع الذهب «أونلاين»، وكيف تجرى عمليات البيع والشراء. مصنعية أقل
أدمن «جروب بيع الذهب المستعمل بأقل مصنعية فى مصر»، كشف أن عملية البيع تتم من خلال الوزن وعرض المصنعية، بعض المستخدمين يملكون فاتورة شراء والبعض الآخر لا، والأمر يرجع بين البائع والشارى، لا نتدخل كجروب فى شىء، نضع مجموعة من القوانين لا يجب مخالفتها من قبل الأعضاء ونعفى أنفسنا من عمليات الشراء، بعد توضيح كيفية تجنب الوقوع فى فخ النصب الأون لاين.
وأضاف: إن الوزن الذى يعرضه العضو عرضة للصواب والخطأ، لذلك يكون الفيصل الوزن عند صائغ فى منطقة وسط بالاتفاق بين عند محل صاغة غير محدد، وبالتالى يتم وزن القطعة الذهبية، وبيعها بسعر اليوم مع إضافة المصنعية، التى تعد الفيصل والميزة الوحيدة، فى عمليات البيع أونلاين، خاصة أن بعض المحال تضع مصنعية من 85 جنيهًا إلى 200 فيما أكثر حسب ماركة القطعة المباعة ووزنها والشغل المبذول فيها، لكن فى حالة الشراء أون لاين الأمر يختلف، فالمصنعية قد تصل ل 10 جنيهات فقط، وفى بعض الأحيان لا يتم احتساب مصنعية بحسب الاتفاق.
وتشمل قواعد الجروب أن تتم عملية البيع من خلاله مع أخذ كل عضو الاحتياطات اللازمة، فالجروب خدمى وليس هدفه الربح، وكل عضو يعرض ذهبه مع كتابة المحافظة التابع لها، تفاصيل القطعة المعروضة من «وزن، مقاس، ماركة، والمصنعية 15 جنيهًا للشغل العادى مثل الغوايش المسح والخواتم السادة و20 جنيهًا للماركات وعلى رأسها إيجيبت جولد، ولازوردى، كما يتم إضافة صور واضحة للمشغولات، وهذه هى الضوابط التى يتم بموجبها الموافقة على المنشور -البوست-.
البعد عن جشع التجار
إيمان فاروق واحدة من أعضاء الجروب قالت إن السبب فى لجوئها شراء الذهب أون لاين كثرة المعروضات وعدم الحاجة إلى النزول واللف على المحلات والتعرض لجشع التجار فى الصاغة، فضلًا عن أن مصنعيته أقل سواء فى الذهب الجديد أو المستعمل: «لضمان عدم النصب نتقابل عند الصائغ اللى أنا أختاره مش البائع اللى العضو العارض اختاره».
وأوضحت أن التعاملات أون لاين ساعدتها على معرفة بعض التفاصيل والأسرار الخاصة بالذهب مثل أن القطع الذهبية التى تحتوى على «فصوص» يتحمل تكلفتها الطرفان، ولا تنزع من الذهب، عكس المعتاد فى الصاغة عند بيع المستعمل، وهذا أفضل كثيرًا خاصة مع تسجيل الذهب أسعارًا متفاوتة يوميًا. البيع بدون محل
أما خلود سلطان، إحدى البائعات عبر السوشيال ميديا فتقول: «لا أملك محلاً لبيع الذهب، لكنى أتاجر فيه كأى منتج ثانٍ على العكس زبون الأون لاين أفضل كثيرًا من الزبون العادى، أعتمد فى الأساس على الذهب الخليجى وارد الخارج ونحصل عليه من خلال تجار معروفين لشغل الأون لاين، بجانب الذهب المستعمل ويكون ربحنا فى المصنعية فى بعض الأحيان بجانب أوقات ارتفاع وانخفاض الذهب نحصل على فرق أسعار كبير يساعدنا فى المكسب». ولفتت إلى أن أصعب شىء فى البداية بناء الثقة بين العميل والبائع -لأن دا دهب مش حاجة أى كلام، واحنا بنراعى ربنا فى أكل عيشنا-، لذلك يمكن لأى عميل وزن الذهب ومعاينته عند أى محل صاغة بمعرفته ويكون معه مندوبنا وبعد التأكد من الوزن ومصداقية القطعة تتم عملية البيع.
أكدت خلود أن الربح لا يكون كبيرًا كما يعتقد البعض لأن تجار «أون لاين» مكسبهم يعتمد على بيع قطعة أو 10، لكنه مشروع جديد ومربح على المدى البعيد.
تجارة الذهب أونلاين
سعيد إمبابى المدير التنفيذى لمنصة «آى صاغة» لتجارة الذهب والمجوهرات عبر شبكة الإنترنت، كشف أن حركة التغيرات السعرية للذهب تحدث بعنف على مدار اليوم، ومتوسط تغير الأسعار اليومية خلال الأسبوع الماضى سجل 20 مرة، موضحًا أن الوقت الحالى غير مثالى للشراء، نظراً للتغيرات السعرية الحادة، فى حين يعتبر السعر مثاليًا لتحقيق أرباح عبر بيع المواطنين ما فى حيازتهم للاستفادة من فروق الأسعار، ثم العودة مرة أخرى للشراء مع تراجع أسعار الذهب.
حيل محال الصاغة
بعض تجار الذهب بعد انتشار تداوله عبر الإنترنت قرروا إنشاء صفحات لبيع وشراء الذهب المستعمل وجروبات مغلقة على العملاء للاستفادة من عمليات البيع أون لاين وللترويج للمحل لزيادة إقبال العملاء.
الحاج عبد العال صاحب محل صاغة فى منطقة عين شمس وجد حالة ركود فى سوق الذهب بسبب عدم الاستقرار، فضلاً عن اتجاه كبير من العملاء للشراء والبيع عبر الإنترنت لرخص المصنعية وكثرة المعروض، ما دفعه لتبنى فكرة ابنه بإنشاء جروب أضاف عليه كل عملائه عبر الواتس أب ومن ثم إنشاء صفحة على فيس بوك باسم المحل وتعيين شخص متخصص فى السوشيال ميديا للقيام بالمهمة كاملة.
لجأ الحاج عبدالعال إلى وسيلة أخرى من خلال تخفيض المصنعية كنوع من المنافسة، وهو ما ساهم فى انتشار المحل، وأصبح المحل ينافس مصنعيته محال كثيرة من خلال ترشيح العملاء له، وبالتالى أصبح لى منافذ بيع مختلفة بمحل واحد فقط.
أما عماد أحد تجار الذهب فى منطقة المعادى فقال: إن ارتفاع الأسعار أو انخفاضها لا يمثل مشكلة، ولكن فترات عدم الاستقرار فى الأسعار تمثل الخطورة الحقيقية، حيث تتوقف حركة البيع والشراء، فضلًا عن أن الأسعار تختلف على مدار اليوم، بمتوسط 10 جنيهات، وهاجس الخسارة يسيطر على التجار والمستهلكين، والمضطرون فقط هم من يقبلون على الشراء والبيع سواء للزواج أو للحاجة. وعلّق إيهاب واصف نائب رئيس شعبة الذهب بالغرف التجارية، على الأمر قائلًا: «حركة بيع المشغولات الذهبية عبر الإنترنت لم تؤثر على سوق الذهب فى شىء على الإطلاق، ولكنها لا تخلو من المشاكل اليومية، فلا يمر يوم دون شكوى من المواطنين بتعرضهم للنصب بسبب شراء ذهب مستعمل عبر الإنترنت من جروبات لأشخاص مجهولى الهوية، سواء كان غشًا فى الميزان، أو نوعية المنتج وتزوير ماركته أو بيع ذهب مكسور على أنه جديد.. وهكذا، ما جعلنا نرفع البلاغات إلى مصلحة الدمغ والموازين، لأنهم أهل الاختصاص فى هذا الشأن».
وأضاف أن أصحاب الجروبات يستخدمون أسماء وهمية غير معروفة ولا علاقة لها بمحل صاغة معروفة ما يجعل المواطن أكثر عرضة للنصب بسبب غياب الرقيب، مشيرًا لوجود شكاوى يومية من سيدة تدعى «نانى» تقوم بالنصب على العملاء بالبيع عبر الإنترنت.
ورجّح «واصف» وجود مافيا تعمل خلف هذا الاسم، ولها صفحات بيع بالمحلة والمنصورة وكفر الشيخ، ولكن لا أحد يعرف عنهم شيئًا، والمواطن يذهب ويتم إغراؤه بالمصنعية المخفّضة رغم أن هذا الأمر نفسه يدعو للتشكك والتساؤل عن هذا الفرق الكبير فى المصنعية بين المحلات والجروبات.
وأكد صفحات للبيع عبر الإنترنت التابعة للمحلات المعروفة تقتصر على عرض المنتجات الموجودة وهو ما لا ضرر منها، حيث يتم بيع أى قطعة بفاتورة، وإذا حدث أى نصب على المواطن يمكن هنا الرجوع له، على عكس جروبات مجهولة الهوية، لذلك دائمًا ننصح المواطنين بالحذر وعدم شراء الذهب المستعمل عبر الإنترنت.