وفقًا لبعض التقديرات العلمية، يمكن للأسلحة البيولوجية أن تدمر ما يصل إلى ثلثى سكان العالم فى عام واحد فقط، وإن «فيروس» واحدا مُصمما فى مختبر سيكون قادرًا على تحقيق هذا الهدف فى فترة زمنية قصيرة، وبأقل تكلفة، ودون ترك آثار للجانى! منذ اليوم الأول الذى انتشر فيه وباء فيروس كورونا، الذى أصاب قرابة 4 ملايين شخص حول العالم، وأودى بحياة أكثر من 260 ألف شخص حتى الآن، كانت أصابع الاتهام تشير إلى تصنيع وتطوير الفيروس فى مختبر بيولوجى، فى الوقت الذى تؤكد فيه عدة منظمات، بأن ظهور (COVID-19) هو نتيجة طبيعية للتطوارت البيئية، والتكنولوجية، وغير ذلك.
وبالنسبة لنظرية (الفيروس المصنع بيولوجياً)، فإن الدولتين الأكثر عرضة لهذا الاتهام، كانتا «الصين»و«الولاياتالمتحدة»، اللتين وصلتا إلى ذروة الخلاف خلال الأسبوع الماضى، بسبب تبادل الاتهامات، بأن معامل كل منهما البيولوجية، هى التى طورت هذا الفيروس.
فقد أعرب وزير الخارجية الأمريكى «مايك بومبيو»- منذ أيام- عن قلقه حيال الإجراءات التى تتخذها «الصين» بشأن أمن مختبراتها الحساسة وسط جائحة كورونا، رافضاً استبعاد الادعاءات التى اشارت إلى تسرب الفيروس من مختبر فى مدينة «ووهان» الصينية. وقال: «عليكم أن تتذكروا أن هذه المختبرات لا تزال مفتوحة داخل الصين. هذه المختبرات التى تحتوى على مسببات أمراض معقدة كانت تجرى دراستها. ليس فقط فى معهد ووهان لعلم الفيروسات».
وعليه، خرجت السلطات الصينية للرد، ودعمت فى الوقت نفسه الموقف الرسمى لدولة «روسيا»، وهو اعتبار أنه من الخطر استمرار وجود المختبرات البيولوجية الأمريكية فى أراضى الدول الأجنبية. إذ صرح بذلك الممثل الرسمى لوزارة الخارجية الصينية «جينج شوانج»، قائلاً: «لقد انتبهنا إلى بيان المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية «ماريا زاخاروفا»...لقد قامت «الولاياتالمتحدة» بإنشاء العديد من المختبرات البيولوجية داخل أراضى «الاتحاد السوفيتى» سابقاً، مما يسبب قلقاً خطيراً بين شعوب الدول المعنية، والدول المجاورة...يصر المجتمع المحلى على إغلاق هذه المرافق. نأمل أن يتخذ الجانب الأمريكى موقفا مسئولا.. ويتخذ خطوات حقيقية لإزالة هذه المخاوف».
كانت «ماريا زاخاروفا» علقت يوم 17 أبريل على وباء (COVID-19)، بأن عملية تطوير العوامل المسببة للأمراض الخطيرة اجريت فى المختبرات البيولوجية الأمريكية الموجودة فى الخارج، مشددة على أن «موسكو» لا يمكنها تجاهل حقيقة أن الأمريكيين يؤسسون بنية تحتية، ذات إمكانيات بيولوجية خطيرة على مقربة من الحدود الروسية!
وبالفعل، تمتلك «الولاياتالمتحدةالأمريكية» العديد من المعامل البيولوجية حول العالم، وهو أمر كشفته صفحات «سرى للغاية» بمجلة «روزاليوسف» منذ شهر أكتوبر 2018، حيث أزيح الستار عن وجود معامل أمريكية فى 25 دولة فى مختلف انحاء العالم وذلك من خلال صور ووثائق، ناهيك عن معامل أخرى لا تزال سرية حتى الآن تمولها «وكالة الحد من التهديدات الدفاعية» (DTRA)، ووزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون). وتقع تلك المعامل فى دول مثل: «جورجيا»، و«أوكرانيا»، ومنطقة «الشرق الأوسط»، وجنوب شرق «آسيا»، و«أفريقيا». وتتضمن مشروعاتهم العوامل البيولوجية، ومسببات الأمراض، ذات الإمكانية الوبائية. كما ذُكر فى صفحات المجلة تفصيلاً أهم المعامل، والأوبئة المصنعة أمريكياً داخل تلك المعامل، وأيضاً المعامل الأجنبية الأخرى.
وبالعودة إلى عملية تبادل الاتهامات بين المعسكرين الأمريكى، والصينى. فقد صار كل من الباحثين، والخبراء، وحتى الرأى العام العالمى منقسمين الان بين هذين المعسكرين، أكثر من غيرهما. ولكن، ماذا إن كسرت هذه الصورة، وتم الكشف أن المعسكرين متورطان سوياً فى تطوير هذا الفيروس داخل أحد المعامل البيولوجية الأمريكية؟!
معلومات جديدة قد تغير النظريات السابقة التى حاولت تفسير سر ظهور وانتشار (COVID-19) الغامض، كشفتها الصحفية البلغارية المستقلة «ديليانا جايتاندزييفا» فى تحقيق عن المعامل البيولوجية الأمريكية، التى بدأته منذ أكثر من عامين، ولا تزال مستمرة فيه حتى الآن.
فقبل عامين، حققت الصحفية فى حادث مختبرى مزعوم فى مركز «لوجار»، التابع للبنتاجون فى العاصمة الجورجية «تبليسى»، والذى أدى إلى وفاة فلبينيين يعملان فى المختبر. وتم إخفاء حالات الوفاة من قبل السلطات المحلية هناك، لكنها سجلت أقوال الشهود، الذين رأوا هذا الحادث المأساوى ووثقت شهاداتهم. فوفقاً للتحقيق قام هذا المركز بالعديد من الإختبارات، والدراسات المثيرة للرعب، وهو ما سنطرق إليه فى هذا التقرير لاحقاً.
أما فيما يخص فيروس كورونا، فقد نشرت الصحفية منذ أيام، أنه أثناء استكمالها للتحقيق، نجحت فى الوصول الى وثائق تؤكد أن مركز «لوجار» اكتشف فيروسات كورونا من الخفافيش، وتتوقع الوثائق التى يعود تاريخها الى عام 2014 بأن تحدث (جائحة محتملة).
كما أكدت الصحفية البلغارية أن وزارة الدفاع الأمريكية أطلقت فى عام 2017 برنامجًا بقيمة 6.5 مليون دولار بالتعاون مع مركز «لوجار» يتضمن دراسات جينية على فيروسات كورونا على 5 ألاف خفاش تم جمعها من دول: «جورجيا»، و«أرمينيا»، و«أذربيجان»، و«تركيا»، و«الأردن».
ومن المصادفات المريبة، قامت منظمة «Eco Health Alliance» المكلفة ببرنامج أبحاث الخفافيش، التابع لوزارة الدفاع الأمريكية بجمع الخفافيش، والفيروسات التاجية المعزولة مع (العلماء الصينيين فى معهد ووهان للفيروسات). كما تم منح منظمة «Eco Health Alliance» منحة بقيمة 3.7 مليون دولار من «المعهد الوطنى الأمريكى للصحة» (NIH) لجمع الخفافيش، وعزل فيروسات كورونا فى «الصين». وكانت مدة المشروع 5 سنوات (منذ 2014، حتى 2019)، وتم تنفيذه فى «معهد ووهان للفيروسات»، وهو مختبر بيولوجى من (المستوى الرابع) من السلامة البيولوجية، بمقاطعة «هوبى». وهى نفس المقاطعة، التى يعتقد أن جائحة كورونا بدأت فيها منذ ديسمبر 2019، قبل الانتشار فى جميع أنحاء العالم.
يذكر أن مستوى السلامة البيولوجية (BSL)، أو مستوى الحماية، هو مجموعة من الاحتياطات المتعلقة بالاحتواء البيولوجى اللازمة لعزل العوامل البيولوجية الخطرة فى منشأة مختبرية مغلقة. ففى أدنى مستوى من السلامة البيولوجية، تكون الاحتياطات من غسل اليدين بانتظام، واتباع الحد الأدنى من معدات الحماية. أما المستويات الأعلى للسلامة البيولوجية، فتشمل احتياطات أشد حرصاً، تصل للاهتمام بأنظمة تدفق الهواء، وغرف الاحتواء، والتدريب المكثف للموظفين، والمستويات العالية من الأمن للتحكم فى الوصول إلى المنشأة، وغير ذلك من احتياطات مشددة.
وبالعودة للوثائق، فقد كشفت أن أهداف المشروع هي:
- التقاط، وأخذ عينة غير قاتلة ل5 آلاف خفاش فى فترة 5 سنوات (منذ 2017، حتى 2022). - جمع 20 ألف عينة مثل: (المسحات الفموية، والبراز، والدم)، وفحص فيروس كورونا، باستخدام (PCR) فى المختبرات الإقليمية فى «جورجيا».
وفقًا للمشروع، أخذت «Eco Health Alliance» -بالفعل- عينات من 270 خفاشًا من 9 أنواع فى ثلاث دول بغرب «آسيا»، و90 خفاشًا من «تركيا» فى أغسطس 2018، و«جورجيا» فى سبتمبر 2018، و«الأردن» فى أكتوبر 2018.
وتضمن مشروع فيروس كورونا الأمريكى (R01AI110964) فى «الصين» الأنشطة التالية: فحص الخفافيش التى تم اصطيادها من الأنواع البرية من 30 نوعًا أو أكثر، بحثًا عن فيروسات كورونا، باستخدام اختبارات جزيئية ثم معرفة التوصيف الجينى، وعزل فيروسات كورونا الجديدة. هذا الى جانب إجراء تجارب عدوى الفيروس عبر مجموعة من مزارع الخلايا من الأنواع المختلفة، والفئران المتوافقة مع البشر.
من جانبه، أخبر رئيس منظمة «Eco Health Alliance» «بيتر داسزاك»، جريدة «الديمقراطية الآن» أنه جمع عينات من الخفافيش مع (زملائه الصينيين). لكن، «مختبر ووهان»، لم يضم ثقافة فيروسات الخفافيش، بل تسلسلها الجينى فقط. وهنا يظهر تساؤل، إذا لم يتم تخزين الفيروسات فى «معمل ووهان» الصينى، فأين تم نقلها، وتخزينها؟
على كلٍّ، هذا ليس المشروع الوحيد الذى تموله «الولاياتالمتحدة». فقد درس العلماء الأمريكيون الخفافيش فى شرق «آسيا» بشكل عام، و«الصين»، و«أفريقيا» بشكل خاص من 2009 إلى 2019 فى إطار برنامج تابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، الذى بلغت تكلفته 200 مليون دولار، والذى كان هدفه الأساسى، هو التنبؤ بالأوبئة بدقة. فقد منحت الحكومة الأمريكية منظمة «Eco Health Alliance» عقودًا مدنية، وعسكرية على حد سواء لنفس النشاط، للبحث عن فيروسات كورونا الجديدة فى الخفافيش حول العالم.
فى عام 2016، أطلقت منظمة «Eco Health Alliance»، و«الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية» مشروع فيروس عالميًا. وقدرت تكلفة المشروع الطموح بما لا يقل عن 1.6 مليار دولار لمدة 10 سنوات. وهدفه الرئيسى، هو تحديد الأمراض الناشئة الكامنة فى البرية، التى يمكن أن تنتشر إلى البشر وتتسبب فى جائحة.
خبايا مركز «لوجار» البيولوجى
أما مركز «لوجار» البيولوجى الأمريكى، ففى عام 2012، قام المركز بالتعاون مع «المركز الأمريكى لمكافحة الأوبئة» (CDC)، بجمع وأخذ عينات من 236 خفاشًا لبحثها فى «جورجيا». وقد تم تمويل المشروع من قبل «وكالة الحد من التهديدات الدفاعية» (DTRA)، التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية. وتم شحن جزء من العينات إلى «مركز السيطرة على الأمراض» (أتلانتا)، لفحص مسببات الأمراض المتعددة، وتم تخزين جزء آخر فى «مركز لوجار»، من أجل إجراء المزيد من الأبحاث، والدراسات.
وفى عام 2014، أطلق «المركز الأمريكى للسيطرة على الأمراض» مشروعًا ثانيًا، بعنوان: «مسببات الأمراض الحيوانية المنشأ، الناشئة من الخفافيش الجورجية». وقد تم تمويل هذا المشروع من قبل «المركز الدولى للعلوم والتكنولوجيا» (ISTC)، الذى تأسس فى عام 1992، كبرنامج دولى ل(منع الانتشار)، مما يوفر لعلماء الأسلحة البيولوجية، والكيميائية السابقين فرصًا جديدة للعمل المستدام. ووفقاً لوثائق مشروع (ISTC)، تبين أن سبعة من العلماء الجورجيين المشاركين فى مشروع أبحاث الخفافيش، هم علماء أسلحة بيولوجية سابقين، عملوا سابقًا على تطوير الأسلحة البيولوجية. ومن بينهم «باتا إمنادزى»، نائب مدير المركز الجورجى الوطنى لمكافحة الأمراض (NCDC).
كما الوثيقة ذكرت أنه تم اختبار 250 خفاشا لوجود مسببات الأمراض «ليسا، كورونا، يريسينيا، ليبتوسبايرا (الباكتيريا البريمية)، وبروسيلا». وأشارت إلى أن 30 % من عينات البراز، ومسحات الشرج، كانت إيجابية لفيروسات كورونا بواسطة (PCR) من خمس مجموعات مختلفة من السلالات!
حصانات دبلوماسية
وكان مركز «لوجار» قد أثار الجدل حوله، عندما كشفت الصحفية عن وثائق تورط دبلوماسيين أمريكيين فى نقل مسببات الأمراض وتجربتها، تحت غطاء دبلوماسى وذلك بعد أن تم تسريب تلك الوثائق إليها من قبل مصادر جورجية. إذ تقوم السفارة الأمريكية فى «تبليسى» بنقل الدم البشرى المجمد، ومسببات الأمراض فى أمتعة الدبلوماسيين لبرنامج عسكرى أمريكى سرى.
وفقًا لهذه الوثائق، يوجد عدد من علماء (البنتاجون) فى «جورجيا»، تم منحهم حصانة دبلوماسية، رغم أنهم ليسوا دبلوماسيين. وذلك، بموجب اتفاق «الولاياتالمتحدة»، و«جورجيا» الذى اُبرم فى عام 2002، بشأن التعاون الدفاعى، والبحث عن الأمراض الفتاكة، والحشرات، والقوارض فى مركز «لوجار». وبالتالى، يمكن للعلماء، والشركات الخاصة المتعاقده مع (البنتاجون) أداء مهاماتها السرية، تحت غطاء دبلوماسى، لحكومة الولاياتالمتحدة»، ودون أن تكون تحت السيطرة المباشرة للدولة المضيفة.
يقع مقر مركز «لوجار» على بعد 17 كيلو مترًا فقط من القاعدة الجوية العسكرية الأمريكية «فازيانى». ولكن لا يمكن الوصول إلى هذا المختبر إلا لموظفى «الولاياتالمتحدة»، الذين لديهم تصريح أمنى، إذ يصنف على أنه مختبر من (المستوى 3) للسلامة البيولوجية (BSL).
لم تكتف وزارة الدفاع الأمريكية بالحصانة الدبلوماسية بل وفرت المزيد من السرية من خلال التعاقد مع شركات خاصة لتوفير المواد المستخدمة داخل المعمل وبالتالى لن يستطيع الكوندرس محاسبة هذه الشركات يوماً لانها خارج نطاق اختصاصه وفى الوقت نفسه يمكن للبنتاجون الادعاء بأنه لا يعرف التفاصيل لأن الشركات الخاصة هى المسئولة عن المعمل. العاملون بالشركات الخاصة ايضاً حصلوا على حصانة دبلوماسية وبالتالى فهم يقومون بعملهم السرى تحت الغطاء الدبلوماسى دون مسائلتهم من سلطات الدولة التى يوجد المعمل على ارضها.
وبعيداً عما يحدث خلف أبواب المعامل البيولوجية الأمريكية، وتحركات علمائها وموظفيها السرية، يذكر أن «الولاياتالمتحدة» ليست اللاعب الوحيد- بالطبع- فيما يخص تطوير الفيروسات والبكتيريا كأسلحة بيولوجية ولكن، بعد هذه الاكتشافات، التى لا تزال فى بداياتها، هل يمكن أن نطلق على بروبجاندا الاتهامات الأمريكية- الصينية جملة (الصراع العلنى السياسى، والتعاون السرى البيولوجى)؟ وهل الجانبان الأمريكى، والصينى هما اللاعبان المتورطان فقط فى هذه الجائحة التى يعانى منها العالم، أم لا تزال هناك أيادٍ خفية لم تظهر بعد، خاصة بعد تورط «جورجيا»، وفى ظل وجود معامل بيولوجية أمريكية فى عدة دول؟. هل (COVID-19) انتشر كعملية مقصودة، أم تسرب عن دون قصد بسبب قلة الحرص فى مستوى السلامة بالمعامل البيولوجية؟ وهل يمكن أن نكتشف أن الاتهامات المتبادلة بين «الصين»و«الولاياتالمتحدةالأمريكية» منذ انتشار الفيروس هى وسيلة للتغطية على خطأ وقع خلال برنامج بيولوجى مشترك؟