ظنّ بعض مَن يتابع الهجوم المكثّف ضد مصر من قبل بعض نوّاب البرلمان الكويتى أن «فيروس كورونا» صناعة مصرية.. كان الأمر مدعاة للسخرية؛ لأن الهجوم غير المبرر، كعادته، جاء من الوجوه ذاتها مع نفر جديد من ذوى الحناجر الصّاخبة والأهداف الواحدة، رغم تعدد الأيديولوجيا. سؤال حائر دائمًا يبحث عن إجابة: ما هو سبب الكراهية والهجوم على مصر بافتعال الأزمات، وما الداعى للزج باسم مصر ومواطنيها (الوافدين للكويت)، بأزمة انتشار فيروس كورونا المستجد داخل الأراضى الكويتية رغم أننا، وبشهادة منظمة الصحة العالمية، لم نكن قد سجلنا وقتها سوى ثلاث حالات فقط، (كندى وصينى ومصرى عائد من صربيا)، وأن الحكومة المصرية تتعامل مع الأمر بمنتهى الشفافية والمهنيّة؟. وعلى الرغم من أن غالبية مَن يهاجمون مصر من الكويت هم قيادات تنظيم الإخوان الإرهابى وحلفاؤهم من السلفيّين أو حتى التيارات الأخرى؛ فإن هناك أسبابًا أخرى ومصالح يسعى إليها المنتفعون للوقيعة بين البلدين، لصالح التقارب مع دول أخرى أبرزها قطر وتركيا وإيران.
صفاء الهاشم «فساد امرأة»
عادت النائبة «الحنجوريّة» صفاء الهاشم لتتصدر مشهد الهجوم على مصر، بادعاء حفظ أمن بلادها، ورعاية مصالح الشعب الكويتى المتضرر من انتشار «كورونا»، ودون أدنى سبب منطقي، غير أنها مريضة بالكراهية، وانهالت بالتصريحات التى تطالب بوقف دخول العمالة المصرية للبلاد. وقالت الهاشم، فى تصريحات لإحدى الصحف الكويتية: «إذا كانت مصر لا تريد الإعلان عن عدد الإصابات بين مواطنيها، فهذا أمر راجع لهم، كيفهم لا يعلنون، لكن علينا القيام بالدور المطلوب منا هنا لحماية بلدنا وشعبنا من هذا الوباء»، على حد زعمها. وتقدم صفاء الهاشم نفسها داخل البرلمان بأنها محاربة للفساد وحامى حمى المال العام، لكنها فى الوقت ذاته كانت متهمة بقضية فساد كبرى. ففى 2013، وبعد أن تمكنت الهاشم من دخول البرلمان الكويتى بعد محاولات متعثرة، فاجأها النائب الدكتور عبدالله الطريجى بتقديم ملفات فساد لشركة «ادفاتنج» للاستثمارات التى كانت صفاء الهاشم تترأس مجلس إدارتها. وأوصت لجنة حماية الأموال العامة بصفتها لجنة تحقيق فى علاقة الشركة الكويتية للاستثمار بشركة (أدفانتج) للاستشارات الإدارية والاقتصادية على الحكومة، بإحالة التقرير إلى النيابة العامة للتحقيق مع المختصين فى «الكويتية للاستثمار» المسئولين عن ذلك التعامل الذى أهدر المال العام ولما ارتكبوه من تزوير وتدليس فى ميزانية الشركة عن عامى 2008 و2009. وذكر تقرير اللجنة عددًا من المخالفات التى شابت الشراكة بين «الكويتية للاستثمار» وشركة (أدفانتج)، منها خسارة الشركة الكويتية لكامل نسبة مساهمتها فى شركة (أدفانتج) مبلغا وقدره 156 ألف دينار. وبعد أقل من شهر من الفضيحة الكبرى، والتى صنّفتها الصحافة المحلية بأضخم جرائم الفساد فى البلاد، اضطرت الهاشم لتقديم استقالتها من المجلس والاختفاء تمامًا عن أعين الكاميرات والوسط السياسي، لتعود للترشح عام 2016 بعد أن نسى الشارع الكويتى القضية، لكنها لم تجد مساحة مناسبة للفساد التى أصبحت نموذجًا له، فعملت على ملف كراهية الوافدين المصريين، الذى راق لعدد كبير من ناخبيها. ولا يخفى على أحد أن «الهاشم» مجرد أداة يتم استخدامها لإحداث ضجيج فارغ؛ بهدف الشوشرة والتعتيم على بعض الأحداث وملفات الفساد، وكثيرًا ما ينجح صوتها العالى ومصطلحاتها المفعمة بالكراهية فى التغطية على أى فشل حكومى فى تقديم الخدمات، وأى فشل فى أى قطاع بالدولة ومنها قطاع التعليم حيث تلقى بالمسئولية على المعلمين المصريين وتروّج إلى أن التعليم الكويتى لم يكن ناهضًا إلا على يد الفلسطينيين، رغم أن الحقيقة غير ذلك، فقديمًا كان المعلم المصرى يأتى ومعه الكتب الخاصة بالمناهج، كما أن جامعة الكويت وهى الجامعة الحكومية الوحيدة حتى الآن، قامت على أكتاف وخبرات مصرية وكان رؤساؤها فى سنواتها الأولى وكذلك عمداء الكليات مصريين. فى إبريل 2017، طالبت صفاء الهاشم، خلال اجتماع مجلس الأمة الكويتى بعدم الاعتماد على العمالة الوافدة، تحديدًا العمالة ذات النسبة الأكبر، حسب تصنيفها المغالط، وهى العمالة المصرية (فالعمالة الأكبر هى الهندية وغالبيتهم من فئة العمالة المنزلية لدى الكويتيين ويبلغون أكثر من 800 ألف هندى فى حين أن المصريين 500 ألف بمن فيهم ربات البيوت والأبناء)، إذ قالت: «لماذا نحتاج للسباك والكهربائى من مصر؟»، ثم أضافت: «لماذا نحتاج إلى هؤلاء، نحنُ نفتقد الياقات الزرقاء فى الكويت».
صفاء وعبدالله جيران السوء
على بعد أمتار من محل إقامة صفاء الهاشم بالدائرة الثالثة وفق تقسيم دوائر البرلمان يسكن النائب عبدالله الكندري، وهو الوجه الآخر لجارته، وهو أحد أبرز المتطاولين على مصر وشعبها داخل المجلس. و«الدائرة الثالثة» تعد من معاقل السّلف والإخوان بمهاجمتها مصر والمصريين، فهو يغازل هؤلاء الناخبين كإضافة إلى أبناء عائلته الذين بطبيعة الحال يعطونه أصواتهم كما هو شائع فى النظام الاجتماعى العائلى والقبلى فى الكويت. وبزغ نجم «الكندري» المتحالف مع الإخوان خلال الفترة الماضية بعد أن طالب بالتعامل مع القادمين من مصر بحذر وإخضاعهم للفحص والحجر الصحى حال ثبوت أعراض على أى شخص قادم منها، وذلك بعد أن أعلنت السلطات الفرنسية عن إصابة شخصين بفيروس كورونا قادمين من مصر وحالتهما خطرة، موضّحًا أن شفافية مصر بالإعلان عن المصابين ليست شأننا، لكن ما يعنينا هو التعامل بحذر مع الحالات القادمة من هناك. ووجه الكندرى سؤالاً برلمانيًا إلى وزير العدل المستشار فهد العفاسى حول توقيع هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» مذكرة تفاهم مع هيئة الرقابة الإدارية المصرية فى مجال تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد. وقال النائب: «طالعتنا وكالة الأنباء الكويتية «كونا» بخبر حول توقيع مذكرة تفاهم بين هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» وهيئة الرقابة الإدارية المصرية فى مجال تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، متسائلاً: «عن ترتيب كل من مصر والكويت فى مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية. وتابع «هل تمت مراعاة ترتيب الكويت بالمقارنة مع مصر فى معايير اختيار النموذج المصرى لتوقيع مذكرة التفاهم معه؟، مستفسرًا عن أسباب اختيار النموذج المصرى فى الرقابة ومكافحة الفساد دون النماذج العربية الأخرى الأفضل فى التصنيفات، وعن محاور مذكرة التفاهم التى تم توقيعها. وواصل: «ما الجدوى والإضافة المستفادة المتوقعة من توقيع مذكرة تفاهم مع هيئة الرقابة الإدارية، مطالبًا بتوضيح عمّا إذا كان لدى مصر نموذج ناجح فى مكافحة الفساد حسب معايير الشفافية العالمية، حتى تستورد الكويت تجربتهم وخبراتهم للاستفادة منها، مع تزويده بنسخة من هذه المذكرة». ومن أشهر حلفاء جماعة الإخوان «الإرهابية» النائب محمد المطيري، صاحب التغريدة الأخيرة بشأن كورونا والذى قال فيها: «تواصلت مع وزير الصحة وأبلغته بأن هناك أنباء وأخبارًا عن انتشار الكورونا بشكل كبير فى مصر مع تعتيم إعلامي»، مطالبًا حكومة بلاده بوضع خطة إجلاء عاجلة للطلبة الدارسين فى مصر حال ثبوت وانتشار الفيروس المستجد. وأكد المطيرى ضرورة عدم التهاون فى الأمر، وأن يوضح المكتب الصحى الكويتى فى القاهرة حقيقة الوضع قبل فوات الأوان، مناشدًا رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد بإصدار توجيهاته فى هذا الشأن؛ كى تكون خطة الإجلاء جاهزة حال صحّت المعلومات المتواترة عن وجود كورونا هناك.
السلف حلفاء الإخوان
أشهر نوّاب السلف المعادين لمصر هو الرئيس السابق لجمعية مقومات حقوق الإنسان (جمعية حقوقية دشّنها التيار السلفى مقابل جمعية حقوق الإنسان الكويتية وهى تيار مدنى تربص بمصر فى أكثر من تصريح وموقف تحت قبة مجلس الأمة فيما يتعلق بكورونا ومنها هذه التغريدة التى طيرها عبر حسابه الرسمى بوقع تويتر: «يجب أن نحافظ على أن تكون حالة الوفيات صفر.. يجب تطبيق قوانين الوقاية بصرامة، خاصة مع دول كإيران ومصر (تعمد ربط مصر بإيران الموبوءة). أما نواب الشيعة الذين يمثلون نحو 30% من البرلمان الكويتي، فهم يهاجمون مصر لمصالح اقتصادية، ويعتقدون أن محاصرة المنتجات المصرية فى السوق الكويتية تصب لصالح المنتج الإيرانى وكانوا من أبرز المشككين فى سلامة المنتجات المصرية التى تجد رواجًا كبيرًا فى الكويت؛ نظرًا لغياب المنتج السورى المنافس وكذلك لكون المصريين يفضّلونها عن غيرها من المنتجات. كما يحرصون على تواجد المنتج الإيرانى فى الجمعيات التعاونية الموجودة فى المناطق الشيعية. ويعتبر صالح عاشور، أشهر نواب الشيعة، الذين يعتقدون أن وجود العنصر المصرى (السُّني) لا يصب فى صالحهم ومن ثم فإن التخلص منه أو تقليله يعطى فرصة لاستقدام الإيرانيين وغيرهم من المذهب الشيعى فى الدول العربية.