انطلقت فعاليات الدورة ال51 لمعرض القاهرة الدولى للكتاب بمركز مصر الدولى للمؤتمرات بالتجمع الخامس، أمس الأول والتى تستمر حتى 4 فبراير، وتحمل هذه الدورة شعار «مصر إفريقيا – ثقافة التنوع»، إضافة لاختيار المفكر جمال حمدان شخصية لهذه الدورة، والسنغال ضيف شرف. وتشارك فى الدورة الحالية 900 دار نشر بزيادة قدرها 25 % عن الدورة السابقة، ويبلغ إجمالى عدد الأنشطة المقرر إقامتها 925 فاعلية، بجانب حضور 3502 مشارك فى الفعاليات المختلفة؛ من 38 دولة. ولم يخل المعرض منذ يومه الأول من المفارقات، بداية من وفاة صاحب كتاب «إعلان عن قلب وحيد» بأزمة قلبية، وحتى عزوف الجمهور عن كتب تاريخ ملوك الدولة العثمانية. جولة داخل معرض الكتاب شهد المعرض إقبالا كثيفا منذ اليوم الأول لاستقبال الجمهور، فمن العاشرة صباحا اصطفت مئات الأسر والشباب على البوابات الرئيسية، فى حماس لدخول الحدث الثقافى الأهم فى الشرق الأوسط. بمجرد دخولك من بوابات المعرض؛ تجد نفسك أمام كرنفال ثقافى، فهناك العديد من الفرق الموسيقية التى التف حولها الشباب، كما تجذبك أصوات ضحكات الأسر والأطفال الذين يستمتعون بالأنشطة التى يقدمها المركز القومى لثقافة الطفل كفن «الأراجوز» ومسرح العرائس. لتبدأ بعد ذلك رحلتك وسط الأجنحة المخصصة لدور النشر المشاركة، حيث الآلاف من الكتب المتنوعة، وسط تواجد للشباب والنساء والأطفال والعجائز باحثين عن كتبهم المفضلة. إضافة لتواجد الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان بقوة خلال المعرض، حيث تواجدت لتقديم استشارات نفسية مجانية للجمهور، وكانت حصيلة اليوم الأول 25 حالة تعانى الإدمان، تم مساعدتهم وإرشادهم للمستشفيات التابعة لهم لتقديم العلاج .
حضور مؤسسات الدولة حمل جناح وزارة الدفاع شعار «العملية قادر 2020»، وكان له نصيب كبير من الإقبال الجماهيرى،حيث اصطف زوار المعرض لالتقاط الصور التذكارية بجوار نصب مقاتلى الجيش ونسر العلم المصرى والتجول بداخل الجناح. وضم الجناح مجموعة من كتب التراث العسكرى،أبرزها كتاب بطولات الجيش المصرى عبر التاريخ، وكتاب الجيش المصرى وسبعة آلاف عام من الزمان، التى تستعرض تاريخ القوات المسلحة المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ إلى اليوم، بجانب قسم للمعرفة العامة، وأعداد مختلفة لمجلة الدفاع والقوات البحرية والقوات الجوية والكلية الحربية. بالإضافة لوجود ركن خاص لكتب دور حروب الجيل الرابع فى إسقاط الدول، وآخر للشخصيات العسكرية بداية من ملوك الفراعنة وحتى الزعماء والقادة الذين أثروا فى تاريخ العسكرية المصرية، ومن بينهم أبطال حرب أكتوبر 1973. شهد أيضًا جناح وزارة الداخلية، إقبالا كبيرا هو الآخر، فقد ضم العديد من الدراسات، من أبرزها: دراسات الأمن القومى الخاصة بمخططات إسقاط الدول من الداخل وكيفية مواجهتها، ودراسات إثارة النزعات العرقية والطائفية وتأثيرها فى تفكيك الدول، ودراسات الإعلام الموجه لإسقاط الدول وكيفية مواجهته، ودور وسائل التواصل الاجتماعى فى تزييف وعى المواطنين. وتضمن الجناح قسما لدراسات مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان، وكتبا عن تاريخ التطرف والإرهاب، وكيفية إدارة الأزمة الإرهابية، وأخرى عن حماية حقوق الإنسان والوسائل المستحدثة للتحقيق الجنائى،ودور الشرطة فى دعم المواطنة فى ضوء حقوق الإنسان. وجاء حضور جناح الأزهر الشريف كمنصة تجذب القراء من مختلف الدول والجنسيات، إذ شهد جناح الأزهر فى قاعة التراث رقم « 4» إقبالا كثيفا من المواطنين وطلاب الأزهر المصريين والأجانب، لينهلوا من المعرفة الدينية الذاخرة لكتب الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية والكتب الدينية المختلفة، وحضور الفعاليات الثقافية المتنوعة. ويضم الجناح عدة أركان، مثل قاعة للندوات، وركن للفتوى، وبانوراما الأزهر، وركن للخط العربى،فضلا عن ركن للأطفال والأنشطة والورش الفنية، حيث تشارك من قطاعات الأزهر هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، جامعة الأزهر، ومرصد الأزهر، ومركز الترجمة، وإحياء التراث. بجانب مشاركة قطاع المعاهد الأزهرية، بعدد من المؤلفات العلمية والثقافية التى تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتقترب من نحو 311 عنوانا، وتستعرض حلولا واقعية لكثير من القضايا المجتمعية الشائكة، كما تفند العديد من الشبهات الفكرية المثارة وترد عليها بمنهجية علمية واضحة.
العثمانيون «قتلة بلا جمهور» لم تغب صراعات الشرق الأوسط عن ساحة معرض الكتاب، لكن القراء من زوار المعرض كانوا الحكم والفيصل، حيث إن كتب تاريخ الدولة العثمانية الملطخ بالدماء كانت حاضرة بمعرض الكتاب المصرى،إلا أن وعى المواطنين وكشفهم للأكاذيب التى مررت إليهم عن تاريخ العثمانيين خلال سنوات، ومتابعتهم للدور العدائى التى تمارسه تركيا بالمنطقة، وموقف الدولة المصرية من تلك الممارسات، جعلت تلك الكتب ودور النشر التى تعرضها منبوذا من الجمهور. وأكد أحد موزعى إصدارات «دار الخير» عزوف الجمهور عن شراء كتب تاريخ الدولة العثمانية، مثل كتاب «101 من عمالقة آل عثمان» الذى يمجد السفاحين العثمانيين من «الغازى أرطغرل» ومن تبعوه، حتى سقوط الدولة العثمانية. وكذلك «دار الانبعاث» التى عرضت العديد من الكتب العثمانية مثل: بصمات خالدة فى التاريخ العثمانى، عبرات العثمانيين بطولات وتضحيات، وأخرى عن تاريخ سلاطين العثمانيين، إذ حاولت دور النشر جذب الجمهور بتقديم تخفيضات كبيرة على الأسعار، لكن على العكس تماما؛ انفض عنهم وعما يقدمونه من كتب التزييف العثمانى.
أزمة قلبية لصاحب «القلب الوحيد» رغم أن أول أيام المعرض شهد عددًا من الفعاليات والأنشطة المختلفة مع تلافى أخطاء السنوات السابقة، خيم الحزن على رواده فى أولى ساعاته، إثر إصابة الكاتب الشاب «محمد حسن خليفة» بأزمة قلبية أودت بحياته، بعد جولة قصيرة قضاها فى الصالة رقم «1» التى تعرض بها مجموعته القصصية «إعلان عن قلب وحيد»، لتكتب نهاية حياته أمام جناح الهيئة العامة لقصور الثقافة. ومن المفارقات أن الراحل كتب على صفحته فى موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» قبيل ساعات من وفاته، جزءا مقتبسا من قصة «روحى مقبرة» إحدى قصص المجموعة وفيها: «علقت خبر موتى أمامى على الحائط، كل صباح ومساء كنت ألقى نظرة عليه، لأطمئن أن ورقة الجرنال التى كتب فيها الخبر بخط كبير، وصفحة أولى، بعيدا عن الوفيات، مازالت سليمة، وتستطيع أن تقاوم معى الأيام القادمة».
العائلة المقدسة والأزمة الليبية لم تغب العائلة المقدسة عن فعاليات معرض الكتب، حيث شاركت مصلحة سك العملة بمجموعة تتكون من 12 ميدالية مصنوعة من الفضة المطلية بالذهب، تمثل مسار السيد المسيح فى مصر من فارما إلى درونكا، وذلك فى إطار اهتمام الدولة بمسار العائلة المقدسة، وقد تم عرض كتاب موضح للمسار يحمل توقيعا للبابا تواضرس، جاء فيه «مصر تفتخر بين الأمم باستقبال العائلة المقدسة فى بدايات القرن الأول الميلادى،هى بركة ونعمة لكل المصريين». وعلى جانب آخر، حيث إحدى الندوات، اجتمع شباب القارة السمراء فى « ملتقى شباب إفريقيا»، إذ دار النقاش عن التحديات التى تواجه القارة، ودور الشباب فى التنمية، وضرورة الدمج بين الشعوب العربية والأفريقية أصحاب الأرض الواحدة. وتحدث ممثل الشباب الليبيين عما تتعرض له الدولة الليبية من انتهاكات دولية معادية، أو منظمات إرهابية تتسبب فى قتل آلاف الأبرياء من الشعب الليبى،وأن ليبيا بحاجة لزعامة وطنية تعيد السيادة وتحمى الثروات. كما وجه الشكر للدولة المصرية متمثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى،لموقفها المساند لليبيا، مؤكدا أن مصر هى قاطرة الدول العربية والأفريقية.