من قبل كان الآباء يضحون بأنفسهم من أجل أبنائهم.. لكننا نشاهد حاليًا العديد من القصص الغريبة على مجتمعنا التى يضحى فيها الوالدان بأولادهما من أجل أن يظفر كل منهما بحياة أخرى سعيدة بعد الانفصال. فلم تكن بطلة قصتنا قد تجاوزت الرابعة عشرة عامًا حين تزوجت.. فكان لها جسد طفولى نحيف ضعيف ضئيل.. ورغم ذلك جدتها تَُزَوِجها لشاب يكبرها بخمسة عشر عامًًا، حيث كان فى التاسعة والعشرين من العمر، بينما هى فى الرابعة عشرة.. أيامها لم يستطع أحد من الجيران أن يوجه اللوم لجدتها أو يتهمها بأنها ظلمت حفيدتها.. فلم يكن أمامها حل آخر. عروس المولد تبدأ الحكاية.. حين تعرف والدها فى بداية شبابه على فتاة وأحبها.. وخلال أسابيع قليلة من معرفتها يقرر الزواج منها.. ويطلب من أمه أن تخطبها له..ولم تمانع الأم.. تذهب معه لبيت الفتاة لخطبتها.. لكن لم تسترح الأم لأسرة العروس.. فوالدتها يبدو عليها أنها سيدة مستهترة.. فكانت تتلفظ بألفاظ نابية دون تحرج.. وترتدى ملابس لا تخلو من خلاعة. وتنزعج والدة العريس من جرأة العروس، وعدم حيائها فهى تنظر لابنها بوقاحة أمام أمها وأبيها، وتجلس بجواره على نفس الأريكة الضيقة.. كما تبالغ والدة العروس فى طلباتها وتشترط شبكة كبيرة ومهرًا أكبر.. وتؤكد لها أنهم لن يشاركوا فى الجهاز وعلى العريس أن يتكفل بكل شىء. وبعد مغادرة بيت العروس ترفض الأم أن يتزوج ابنها من هذه الأسرة التى تبدو مستهترة.. غير محافظة.. ولكن الابن يصر ويخاصم والدته.. وأمام إصراره وتهديده بترك البيت توافق الأم على مضض.. ويتزوج الابن من الفتاة التى ترفضها أمه. وخلال ثلاثة أعوام تنجب طفلين.. بنتًا وولدًا.. لكنها لا تهتم بهما وتهملهما وتظل طوال اليوم إما خارج البيت أو تتحدث فى التليفون، ورغم أن الولد مازال رضيعًا وعمره تسعة أشهر فقط وكثيرًا ما تذهب الجدة فتراه ينفطر من البكاء دون أن ترضعه أمه.. بينما أبوهما يعمل بالغردقة ويحضر أسبوعًا إجازة كل شهر.. تحزن الجدة من أجل حفيديها فتقوم بنقلهما لبيتها لتنظيفهما وإطعامهما، والاهتمام بهما خصوصًا أنها تسكن فى بيت مجاور لهما.. وأمهما لا تمانع فهى تريد أن تتخلص من مسئوليتهما. وفى أحد الأيام.. بينما الحفيدان يبيتان لدى جدتهما.. تختفى الأم، ولم تسأل عنهما ليومين.. فتسأل الجدة عليها فى بيتها ولم تجدها.. ثم تسأل عنها فى بيت أبيها لتؤكد لها أمها أنها لم تشاهدها منذ أسبوع.. وتمضى الأيام ولم تظهر أمهما.. ويأتى زوجها ولم يجدها.. فيجن جنونه ويبحث عنها فى كل مكان إلى أن يصل للحقيقة ويعرف أن زوجته قد هربت مع عشيق لها، ولا يعرف مكانها. أهمل الزوج عمله ونفسه وأبناءه وصار هدفه الوحيد الوصول لزوجته وعشيقها للانتقام منهما.. وبعد أن يأس من الحصول عليها.. عاد لعمله بالغردقة، وتزوج من سائحة ألمانية وسافر معها ليعيش بألمانيا تاركًا طفليه لوالدته التى طالها المرض، وأصيبت بالقلب حزنًا على ابنها.. وظلت الجدة المريضة تفعل كل ما فى وسعها لتربية حفيديها رغم صحتها المتدهورة.. ويمرض الولد الصغير ويموت وعمره عشرة أشهر، بينما تظل الحفيدة معها.. تقوم الجدة برعايتها وتربيتها وإدخالها المدرسة.. لكنها طوال الوقت تشعر بالخوف والقلق عليها.. فتخشى أن تموت وتتركها وحيدة تتلطم فى هذه الدنيا، وتتصل الجدة بقريب لها. وتفصح له عن قلقلها وخوفها على حفيدتها وتطلب منه أن يجد لها عريسًا يكون متدينًا، وعلى خلق وعليك أن توضح له مخاوفى وأسباب رغبتى فى ترويجها مبكرًا.. كى أجد من يحميها ويصونها ويحتويها بعد موتى.. وتؤكد له الجدة أنها مستعدة أن تتكفل بكل تكاليف الزواج.. وستحضر شقة باسم حفيدتها وتجهزها لها.. يتعاطف قريبها معها ويقرر أن يزوج ابنه لحفيدتها.. حتى تكون تحت رعايته هو أيضًا.. وتتزوج الفتاة الصغيرة بعد أدائها امتحان الشهادة الإعدادية، وقبل ظهور النتيجة. وترتدى البنت الصغيرة الضئيلة فستان الزفاف الطويل الأبيض.. وتلون خديها وشفتيها باللون الأحمر فتبدو فيه كعروس المولد. بينما تشعر الجدة بالارتياح والاطمئنان على حفيدتها.. فلن تترك وحيدة فى هذه الحياة.. لكنها لم تكن تدرك أنها سلمتها بنفسها للموت.. لقد ماتت الصغيرة وهى تلد مولودها الأول.. فجسدها النحيف الضئيل لم يتحمل الحمل والولادة. محاكمة طفلة طفلة غاضبة لم تتجاوز العاشرة من عمرها.. قابلتها فى إحدى مؤسسات رعاية الأحداث، كانت جريمتها ضرب مخدومتها بزجاجة على رأسها فسببت لها جرحًا غائرًا وعشرين غرزة.. وتخبرنى الصغيرة بحكايتها بصوت لا زال يحتفظ بنبرات طفولتها الحزينة. أمها انفصلت عن أبيها وتزوجت من شخص آخر وسافرت لتعيش معه فى قرية بعيدة عن قريتهم.. وتركتها مع أبيها، هى وأخوها الذى يكبرها بأربع سنوات، بينما كان عمرها ثمانى سنوات.. كما تزوج أبوها من أخرى.. وكانت زوجة أبيها تكرهها هى وشقيقها.. حتى إنها أخرجت أخاها من المدرسة.. وجعلته يعمل بورشة نجارة وطلبت من أبيها أن يبيت ابنه فى الورشة ولا يعود للبيت مرة أخرى.. فهى لا تريده والأب يسمع كلام زوجته دائمًا غير متعاطف معهما. كما كانت زوجة أبيها تضربها وتعذبها وتجعلها تقوم بمسح البيت وتنظيفه.. وسمعتها فى يوم تطلب من أبيها أن يضعها فى ملجأ أطفال.. فهى لا تطيق وجودها فى البيت وتهدده أنها ستترك له البيت لو ظلت ابنته فى نفس البيت.. ولكن الأب الذى لا يحمل أى مشاعر أبوة .. يقترح عليها اقتراحًا يراه أفضل من وجهة نظره، وهو أن تعمل كخادمة لدى إحدى السيدات بمدينة طنطا مقابل راتب شهرى يأخذه الأب.. وأنه بذلك يبعدها عن البيت ويستفيد من تشغيلها بدلًا من إيداعها فى ملجأ دون أن يستفيد شيئًا من ورائها.. وتفرح زوجة الأب بالفكرة. ويأخذها أبوها ومعها حقيبة ملابسها ويركب بها ميكروباص.. وينزلا فى مكان كبير مزدحم.. كانت لأول مرة تغادر قريتها.. وترى تلك المدن المزدحمة.. ويصطحبها لإحدى البنايات العالية.. وتركب المصعد لأول مرة فى حياتها.. وفى الدور التاسع يطرق باب إحدى الشقق.. لتفتح لهما سيدة تشبه زوجة أبيها على حد قولها.. وتجذبها من ذراعها لداخل الشقة.. ويتركها الأب وينصرف دون أن يودعها.. وتشعر الصغيرة بالخوف والرعب والتيه.. فهى لا تعرف هذه السيدة التى عاملتها بحدة منذ الوهلة الأولى.. وأخذتها على الفور للمطبخ وطلبت منها أن تغسل الأطباق.. فكانت تغسلها وهى تبكى.. ولكن السيدة تنهرها وتصرخ فى وجهها.. لقد غرقت المطبخ أثناء الغسيل.. فتطلب منها أن تمسحه.. وفى نهاية اليوم تلقى لها بطبق به بعض الأرز وقطعة صغيرة من اللحم.. لتأكلها فى المطبخ.. الذى ستبيت فيه أيضًا. وكان للسيدة ابنة صغيرة فى مثل عمرها تقريبًا لا تقل حدة وغلظة عن أمها.. تسيئ معاملتها أيضًا فتأمرها وتنهيها وتنهرها أحيانًا.. وتذهب البنت كل يوم للمدرسة.. وتقوم الخادمة الصغيرة بتنظيف حجرتها.. وكان أكثر ما يعجبها فى الحجرة العرائس والدباديب واللعب التى تملأها والتى حرمت منها طوال عمرها.. وتمنت لو تمتلك عروسًا منها.. فكانت تلعب خلسة بها أثناء تنظيفها لحجرة الفتاة التى تكون فى المدرسة.. وتتعلق الخادمة الطفلة بإحدى العرائس ربما لأنها لها ضفائر مثلها.. حتى إنها لم تشبع من اللعب معها.. فتقرر أن تصطحبها معها إلى حيث تنام بالمطبخ لتلعب بها ليلًا حين ينامون. وبقيت معها عدة أيام تلعب بها.. ولم تلحظ الفتاة الأخرى غياب عروستها.. فلديها الكثير غيرها.. ولن يلفت انتباهها غياب إحداهن.. وفى أحد الأيام تدخل الفتاة المطبخ ليلا لتحضر كوب ماء.. فترى الخادمة نائمة على فرشتها بالركن الصغير المخصص لنومها بالمطبخ وتحتضن عروستها.. فتنزعج الفتاة حين تجد عروستها فى أحضان خادمتها.. فتركلها بقدميها لتوقظها وتتهمها بسرقة العروس. بينما تستيقظ الخادمة مفزوعة لتجد الفتاة تشتبك بها وتضربها.. فتدافع الخادمة عن نفسها وتجد زجاجة مياه كانت أخرجتها الفتاة من الثلاجة فتتناولها بغضب وتضرب بها الفتاة فوق رأسها.. فتفتح رأسها.. وتنهمر دماؤها.. بينما تستيقظ الأم على صوت صراخ الخادمة وابنتها لتجد ابنتها غارقة فى دمائها فتنقلها للمستشفى وتسلم الخادمة لقسم الشرطة بعد أن تضربها علقة ساخنة.. ليتم تحويل الخادمة الصغيرة بعد ذلك لإحدى مؤسسات رعاية الأحداث.. بينما أبوها وأمها اللذان تسببا لها فى كل هذه المأساة يعيشان حياتهما.. فالأم تعيش مع زوجها الجديد وتنجب منه أبناء جددًا، ولا تكلف نفسها عناء زيارتها..والأب يعيش مع زوجته الجديدة بعد أن دمر مستقبل ابنته وابنه أيضًا.