يبدو أن الفنان «هيثم شاكر» كان محقًا بشكل كبير عندما قرر طرح ألبومه الجديد باسم (معرفة قديمة) فهو أكثر وصف مناسب لحالته الغنائية. بعد سماع ألبومه الأخير، والذى صدر بعد غياب خمس سنوات، وعلى مدار أسبوعين متواصلين استمعت فيهما إلى أغانيه بشكل يومى لم أجد ل«هيثم شاكر» أى شخصية فنية، وكان ما استمعت إليه مجرد مجموعة من الأغانى الجيدة التى ربما لو كان غناها أى مغن آخر لكانت حققت نفس النجاح وربما نجاح أكبر- لو اعتبرنا أن ما حققه «هيثم» فى ألبومه الأخير نجاح. من الضرورى أن نفرق بين قدرة الفنان على أداء الأعمال الفنية التى يطرحها على جمهوره، وبين رؤيته الفنية التى من المفترض أن تميزه عن باقى الفنانين المتواجدين على الساحة الغنائية. «هيثم شاكر» صوت جميل بلا شك. ولكن ما قدمه فى ألبومه الأخير لم يكن مميزًا بأى شكل على الإطلاق باستثناء (ماتوصونيش، راحتى وياك، حبيبة، بابى مفتوح). وهذا يعود للموزع الموسيقى «شريف مكاوى» الذى جعلنى أشعر بأن هناك أشكالًا موسيقية عصرية متطورة مختلفة عما يقدم فى باقى الأغنيات الموجودة على الساحة خاصة الأغانى التى نفذها «مكاوى» على إيقاعات ال«توربيكال هاوس». ولكن ما أقوله ليس معناه أن باقى الأغانى سيئة، فهى قطعا جيدة، ولكنها جيدة سواء غناها «هيثم شاكر»، أم لم يغنها، فأين دوره إذن؟ بالنظر ل«هيثم شاكر» وتاريخه الغنائى سنجده أنه يعتبر من جيل الفنان «تامر حسنى»، ولكن أين «تامر» وأين «هيثم»؟ لماذا أصبح «تامر حسنى» واحدًا من أهم نجوم الغناء فى الوطن العربى بأكمله، بينما ظل «هيثم شاكر» مجرد صوت جيد يؤدى أغانى بعضها يلقى النجاح الجماهيرى مثله مثل الكثيرين من المغنين الموجودين على الساحة؟! الأمر هنا متعلق بطريقة تفكير «هيثم شاكر» نفسه، هذه الطريقة التقليدية، التى من الممكن أن نصفها ب«القديمة» مثل اسم ألبومه الأخير (معرفة قديمة)، فهو لم يغامر، لم يحاول أن يطرح على الجمهور أمرًا مختلفًا، لم يصنع الجدل فى أى أغنية من أغانيه، حتى لو كان هذا الجدل بشكل سلبى. ربما المرة الوحيدة التى شعرت فيها بأن «هيثم شاكر» كان مستعدًا للمغامرة كان ذلك عندما قدم نفسه للجمهور كملحن وليس كمغنٍ فى أغنية (اعتذري) ل«تامر حسنى« والتى صنفها البعض بأنها تحمل بعض الإيحاءات غير المستحبة. وهنا يبرز الفارق الجوهرى بين «شاكر» (اللى بيمشى جنب الحيط) وبين «تامر حسنى» الذى يحاول دائمًا كسر كل الحوائط والحواجز. على سبيل المثال آخر ألبومات «تامر حسنى» كان بعنوان (عيش بشوقك) غنوة لا تحمل أى مشاعر عاطفية ولا تتحدث عن علاقة الحبيب بالحبيبة، رغم أن هذا الأمر من أساسيات أعمال «تامر» الغنائية، ولكن أحيانًا يكون الفنان من وقت لآخر يكون مطالبًا بتجديد دمائه وأفكاره. حتى على مستوى صناع أغانى ألبومه الأخير، سنجد أن كل الأسماء لامعة وناجحة مع كل المغنين، ويقدمون أعمالًا مشابهة أيضا مع باقى الأسماء الغنائية على الساحة، فأين الاختلاف؟ أين الأغنية التى عندما أسمعها أقول بينى وبين نفسى هذا الشكل من الغناء لا يقدمه سوى «هيثم شاكر»، مثلما أقول لنفسى عندما أسمع (حرقة دم، أو بطلة العالم فى النكد)، أو مؤخرا (تمن اختيار وعيش بشوقك) أن هذه النوعية لا يغنيها إلا «تامر حسنى» –زميل وصديق «هيثم شاكر»- ربما يكون هذا المقال قاسيًا بعض الشئ على «هيثم شاكر» الذى كان ينتظر بعض ردود الأفعال المختلفة، وبالفعل أعتقد أنه نال كثيرًا من المدح والإطراء الإعلامى على ما قدمه، ولكن من المهم أيضًا أن يقرأ آراء مختلفة صادقة تتمنى له الاستمرارية والتميز وأن يكون «هيثم شاكر» مدرسة غنائية منفصلة عن باقى المتواجدين بدلا من أن يظل واحدًا منهم ومثلهم ويشبههم ولا يختلف عنهم سوى فى نبرة الصوت فقط!.