رحلة عذاب مريرة تعيشها المطلقات تبدأ دائمًا بوضعها خلف جدار عازل، حتى لا تنطلق حولها الشائعات، كما تواجه مشاكل فى توفير مصروفات المعيشة لها ولأولادها، وقد تصبح هى حملًا ثقيلًا معنويّا وماديّا على كاهل أسرتها، وهناك أسر تمنع المطلقة من الخروج بشكل نهائى حتى تتزوج مرة أخرى. وإلى أن تتزوج مرة أخرى، تصبح المطلقة منبوذة، فهناك من يمنع ابنته أو زوجته من الاختلاط بها، وتنفض من حولها الصديقات خوفًا على حياتهن الزوجية منها، وتؤدى كل هذه الظروف بالمطلقة إلى فقد الثقة فى المجتمع الذكورى، وتعيش فى وحدة، وتصاب بالاكتئاب بسبب الإحساس بالظلم الواقع عليها. لذلك أطلقت نجلاء عياد مبادرة (بداية جديدة) التى من خلالها، إلى جانب مساعدة المطلقات ماديّا ونفسيّا، تسعى أيضًا إلى تسليط الضوء على هذه القضايا بشكل عام من أجل نشر التوعية المجتمعية لتحسين صورة المطلقة، والتأكيد على أنها إنسانة سوية أخلاقيّا، ولها الحق أن تحيا حياتها بلا أثقال لقب لم تسع إليه باختيارها، كذلك ستقوم المبادرة على نشر نماذج إيجابية لقصص مطلقات كافحن من أجل تربية أولادهن. تأهيل نفسى تقول نجلاء عياد، مؤسسة مبادرة «بداية جديدة»: فكرة المبادرة تخص السيدات المطلقات، وهى عبارة عن رابطة تتكون من عدد كبير من المطلقات، حيث نلتقى أسبوعيّا، بهدف التأهيل النفسى للمطلقات، حتى لا تؤثر حالتهن النفسية على أبنائهن، ويستطعن مواجهة المجتمع، حيث يشارك معنا استشاريون نفسيون، وقد نجحنا فى تأهيل أكثر من 20 ألف سيدة نفسيّا حتى الآن. وأكدت وجود نساء كثيرات تطالب بإخفاء محاولتهن للتأهيل خوفًا من المجتمع، كما يوجد مطلقات تخفى كونهن مطلقات والأقارب فقط هم الذين يعرفون، ودور البرنامج إقناعهن بأن لقب مطلقة ليس مشينًا، وأنها سيدة قوية، ويزرع الإخصائى النفسى الثقة بنفسها، إضافة لتأهيلهن للعمل من المنزل بتدريبهن على الأعمال اليدوية بإعطائهن الخامات، ثم نشترى الإنتاج الخاص بهن، من خلال رجال أعمال. أكدت على عدم وجود وقت محدد لتأهيل المطلقات، فذلك يرجع لقدرتها على استقبالها كل ما حولها من مجريات الأمور، والإعلان عن كونها مطلقة بدون خجل. من جانبها قالت إيمان جابر، إخصائية الطب النفسى بالمبادرة: إن التأهيل يتم من خلال جلسات مع السيدات فى شكل محاضرات، ونحن نسعى للتخلص من الأشياء السلبية التى مرت بحياتنا، وليس الفضفضة أو حل المشاكل فقط، بل اكتشاف الذات عن طريق الرسم والتلوين والتعبير عن النفس. وليس سرد المشاكل مع مختصين ومغادرة المكان كما قد يتصور البعض، فنعلم السيدات المشاركات كيفية البحث عن أنفسهن، واكتشاف ما الذى تغير بعد تلك التجربة، وما عناصر القوة التى ظهرت بشخصياتهن، والمحاضرات تتم بشكل جماعى وأسبوعى، ومدتها 4 ساعات. وأشارت إلى أن أغلب حالات الطلاق للمطلقات بالمبادرة نتيجة الخيانة الزوجية، التى تجعل الزوجة غير واثقة فى نفسها والأشخاص المحيطين بها، ويصعب عليها بناء علاقة جديدة نتيجة عدم الثقة، إضافة إلى الضعف الجنسى عند الرجال. تعددت الأسباب تقول نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصرى لحقوق المرأة: رغم تزايد نسبة الطلاق فإن الثقافة الغالبة حتى الآن هى «ظل رجل ولا ظل حيطة» وبعضهن يكن ليس لديه دخل، مما يجعلها تضطر للاستمرار فى علاقة سيئة مع زوجها. من جانبها توضح جواهر طاهر، عضو مؤسسة قضايا المرأة المصرية أن أسباب الطلاق تعددت والنتيجة واحدة هى انهيار بيت.. فأغلب حالات الطلاق تتم من خلال رفع النساء قضايا طلاق على أزواجهن والقضايا يكون سببها، إما عدم إنفاق الزوج على زوجته أو زواج الزوج على زوجته أو إدمان الزوج للمخدرات أو الضعف الجنسى لدى الزوج أو تدخل الأهل فى الحياة الزوجية أو تعرض المرأة لعنف من جانب زوجها، أو إجبارها على العمل والحصول على أموالها، كما تلجأ بعض السيدات لرفع قضية الطلاق، للحصول على معاش مطلقات، بجانب حقوقهن وامتيازاتهن القانونية.. مؤكدة أن أغلب النساء اللاتى يطلبن الطلاق غالبًا بالعقد الثانى أو الثالث. هدى بدران مؤسسة اتحاد نساء مصر: تؤكد أنه مع تزامن الأزمة الاقتصادية الحالية تزايدت معدلات الطلاق، نتيجة عدم قدرة الزوجين على الاستمرار فى تجربة الزواج مع ضغوط الحياة، ولذلك تزايدت معدلات الطلاق بشكل كبير خصوصًا أن ثقافة الحوار تتراجع ومعدلات العنف سواء لفظيّا أو بدنيّا تتزايد، بالإضافة لعدم وجود برامج لتأهيل الشباب لما قبل الزواج، وساعد على ذلك تغير بالمجتمع المصرى، وهو قدرة الزوجين على اتخاذ قرار الانفصال نظرًا لوجود مساحة من حرية اتخاذ القرار، عكس ما كان فى السابق. بينما ذكرت نيرمين سالم، مؤسسة جروب أمهات مصر المعيلات: المجتمع ينظر إلى المرأة المطلقة، وكأنها تمتلك عيبًا ولديها نقص، وتلك نظرة ظالمة جدًا وسطحية جدًا، وتؤدى لمعاناة المرأة نفسيًا بشكل كبير، فبعد ظلمها من زوجها تتعرض للظلم من المجتمع الذى تعيش فيه. وتؤكد أنه بعد الطلاق تمر المرأة بعنصرية من المجتمع، كرفض أصحاب العقارات تأجير الشقق للمطلقات، وبعض المدارس ترفض قبول الأطفال أولاد المطلقات، بحجة أن مدارسهم لا تحتاج لأطفال معقدين نفسيّا نتيجة طلاق والديهم.