ابتكرت طريقة لمساعدة المكفوفين، لتساعدهم فى إيجاد نور بصرهم، إذ تمكنت من تصميم كتاب خاص بالمكفوفين على طريقة الهاند ميد باستخدام بعض من قماش الجوخ وأقمشة أخرى لصناعة مواد بارزة يتمكن الأطفال المكفوفون من لمسها على طريقة «برايل» وفهمها بسهولة، فيساهم فى تنوير بصرهم المفقود بأناملهم الصغيرة. خيوط وأقمشة وأنامل ناعمة، كانت أدوات «امتثال» ابنة أسيوط لتضع نفسها بين رائدات الصعيد العاملات، مخترقة الحواجز التعجيزية التى واجهتها منذ توجهها لعالم العمل باحترافية وشجاعة شهد بها المحيطون. ففى مشهدٍ يبدو عاديًا، لكنه عبقري، تمكنت امتثال عوض، 33 عامًا أن تصل لشرفة التكريم على منصات المجلس القومى للمرأة ومسابقات قرى صعيد مصر بعد حصولها على المركز الأول بإحدى المسابقات الخاصة بالمنتجات اليدوية. لم يكن تفكير امتثال للعمل فى الهاند ميد صدفة، إذ إنها درست الإرشاد السياحى وتوجهت للعمل مدة بسيطة بإحدى الشركات السياحية، حتى تزوجت وانتقلت للإقامة برفقة زوجها بالصعيد فلم يكن متاحًا أمامها سوى ترك العمل فى الشركة التى كانت تعمل بها، ولم تتمكن روح اليأس منها، فكانت رغبة النجاح وتحقيق الذات لديها أكبر من كل شىء، وبدأت فى العمل بحضانة لتعليم الأطفال، بالإضافة إلى بعض الأعمال التطوعية لخدمة السيدات وأطفالهن، وفى وقت قصير تمكنت من بناء قاعدة جماهيرية فى عالم المرأة والطفل. خدمة سيدات الصعيد كانت الفكرة المسيطرة عليها منذ زواجها، ففكرت فى تعليم حرفة جديدة تتمكن من خلالها تنفيذ هدفها مع المحافظة على حق بيتها وزوجها وأطفالها، ومن هنا بدأت تعلم الهاند ميد، عبر شبكات التواصل الاجتماعى والإنترنت، لأن الوقت لم يسمح لها بالذهاب لدورات تدريبية للتعليم، فعلمت نفسها بنفسها، حتى احترفت خلال شهور، وكان التمرد على الروتين اليومى دافعها الأهم بمسيرتها. قبل الزواج، تمكنت امتثال من احتراف إعادة تدوير الاكسسوارات التالفة، فالخبرة البدائية توفرت لديها بعد قرار إتقان الحرفة عقب زواجها، وتقول ابنة أسيوط: حاولت تعليم نفسى بنفسى لأن وجود مراكز وورش تدريبية بالصعيد ليس بالأمر الميسور، فقرار العمل بالهاند ميد كان من الممكن أن يتوقف ولا يكتمل لولا عزمى على خوض التجربة بنفسى وتعليم ذاتى، وذلك إلى جانب دعم زوجى الدائم لتقدمى بالحرفة التى هويتها منذ الصغر، وزوجى هو الممول المادى لمشاريعى والداعم النفسى المستمر لى، فتحولت لتلميذة من جديد فى عالم الأقمشة والخرز، ولا يشغلنى سواه التميز وإنتاج شيء مختلف عما حولى لحفر بصمتى الخاصة. خلال الأربع سنوات الماضية استطاعت امتثال تحقيق جزء ولو صغيرا من خطتها التى وضعتها لضمان مستقبل جيد لها ولأبنائها، ومن خلال مشغل بسيط، بدأت بتصنيع مجموعة من الميداليات، العرائس، والأشكال البارزة المختلفة، إلى جانب تنظيم مجموعة من الأنشطة الخاصة بالأطفال وتعليمهم التطريز من خلال الجوخ وهو نوع من أنواع القماش المصنع بشكل رئيسى من الصوف وهو تابع لأقمشة اللباد الأقدم بتاريخ الخيوط، إذ عثر عليه منذ ما يقرب من 8 آلاف عام. رغبة الانفتاح وتوصيل منتجاتها للجميع لم تغب يومًا عن أفكارها، فشاركت بمعرض منتجات يدوية منذ سنوات، لكنه فشل بجدارة ولم تجن أى ربح من وراءه، ولم تجد أى صدى له، مما سبب لها إحباطًا، لكن سرعان ما تجاوزت الأمر، حتى سنحت لها الفرصة المشاركة بمعرض الكتاب 2019، وكانت نقلة مختلفة فى حياتها، ومن خلاله صادفها الموقف والسبب الرئيسى فى جائزتها أن أحد الزبائن جاء ليبحث عن كتاب بارز بين الكتب التى صنعتها وعرضتها فنصحته بالتوجه للجناح الخاص بكتب برايل الخاصة بالمكفوفين، لكنه أصر على استخرج نسخة بارزة من بين الكتب الخاصة بامتثال، لسهولة شكلها وملمسها، بدأ الزائر فى لمس الكتب المعروضة وعيناه مغلقتان تمامًا متقمصًا روح المكفوفين ليرى إذا كان نجله سيتمكن من تمييز الرسومات من عدمها، حتى وصوله لرغبته أخيرًا بعد وقت طويل من البحث، والفرحة تغمر وجهه والابتسامة لم تفارقه. وكان هذا الموقف هو البداية لفكرة الكتب الهاند ميد الخاصة بالمكفوفين، فتبلور الأمر بذهنها ولمدة شهرين تمكنت من دراسة احتياجات فاقدى البصر، ومتطلباتهم ليتمكنوا من تمييز المجسمات ومعرفتها بسهولة لترى بعد دراستها المفصلة إعلان عن مسابقة على مستوى قرى الصعيد للمصنوعات اليدوية المقدمة لخدمة ذوى الاحتياجات الخاصة، فتقدمت بكتابها المنفذ خلال 7 أيام من إعلان شروط المسابقة التابعة لجمعية المرأة على مستوى الصعيد، وفازت بالمركز الأول. تصميم الكتاب كان باللون الأبيض، وبه مجموعة من الأشكال الهندسية مبطنة بخامة الفيبر، وبداخل الكتاب نفس الشكل مُخيط على الصفحة بشكل بارز حتى يستطع فاقد البصر التعرف على الشكل ووضع الشكل المطابق له عليه. رغبة امتثال فى تطوير الفكرة بعد ذلك، دفعتها للتعلم أكثر حول متطلبات ذوى الاحتياجات الخاصة وليس المكفوفين فقط. عانت إيمى كما اشتهرت بين زبائنها من صعوبة التسويق، لكنها تعمل جاهدة لتسويق منتجاتها من خلال صفحتها على فيس بوك والاشتراك فى المعارض المختلفة فلديها أحلام كثيرة تمكن فى رغبتها فى فتح مشروع لتصنيع أنشطة تعليمية من الجوخ يكون مصدرًا للرزق للسيدات المعيلات، وأن تعرض منتجاتها فى المزيد من المعارض المحلية والعالمية، وأن تتبنى الحضانات فكرتها وتصمم لهم مناهج وأنشطة للأطفال التعليمية من الجوخ.