عندما نتحدث عن «عمرو دياب» ونشبهه بالبوصلة الغنائية، فإذا سار يمينًا يسير خلفه مغنو الوطن العربى، وإذا سار يسارًا يسيرون أيضًا وراءه، وهذا أمر منطقى خاصة بعد السجل الحافل من النجاحات المتتالية على المستوى المحلى، وكذلك على المستوى الدولى من خلال فكر مؤسسى كامل يهتم بتطوير الموسيقى، وأيضًا طريقة الدعاية والمظهر واكتشاف المواهب الجديدة، وما إلى ذلك من التفاصيل التى تحتاج إلى شرح كبير ونحن لسنا بصدد ذلك لأن هذا المقال لا يتحدث عن «عمرو دياب». ولكن قبل أن ننتقل من حديثنا عن عمرو دياب دعونى أذكركم بآخر «تقليعات» الهضبة فى طريقة نزول ألبومه الأخير «كل حياتى» على طريقة الأغانى (السينجل)، ونستطيع أن نقول إن «عمرو دياب» لجأ لهذا الأمر بشكل إجبارى لأنه لم ينتهِ من تنفيذ جميع أغانى ألبومه الأخير، وفى الوقت ذاته كان ملتزمًا بتعاقدات أبرمها لكى يطرح ألبومه مع بداية موسم الصيف، فلجأ «عمرو» إلى إصدار أغنية من ألبومه كل أسبوع، بحيث يمد فترة تجهيز العمل ويكسب مزيدًا من الوقت، والحقيقة أن هذه الطريقة لم تكن مناسبة للكثيرين من جمهوره الذين فقدوا متعة الاستمتاع بالوجبة الموسيقية الكاملة. الأغرب من كل ذلك هو أننا نرى الآن فنانين يقلدون «عمرو دياب» بنفس المنهج و التفاصيل رغم عدم نجاح التجربة فى «كل حياتى»، وكأن تقليد «عمرو دياب» أصبح منهجًا حتى لو كان التقليد فى الأمور الخاطئة. الآن نرى الفنان «محمد منير» يتخذ نفس منهج «عمرو دياب» فى أسلوب الدعاية لألبومه الجديد «وطن»، ولكن الفرق بينه وبين «عمرو» أن الأخير منتظم فى صدور ألبوماته، حيث يقدم كل عام ألبومًا جديدًا، أما «منير» فكان آخر ألبوماته (يا أهل العرب والطرب) فى 2012، أيضًا «عمرو دياب» متفاعل بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعى ولديه فريق من الخبراء يديرون حساباته الإلكترونية، ولديه خدمة مخصصة فى شركة كبرى من شركات الاتصالات الهاتفية «نفس الشركة الراعية لألبوم منير» والتى تقوم بنشر كل أخبار وأغانى الهضبة قبل نزولها للجمهور المشترك فى الخدمة بشكل حصرى قبل طرحها للجميع، ولذلك لم نشعر بالحضور الخافت الذى تعرض له «منير» لأنه لا يمتلك أى شىء من هذه المقومات، ولذلك نجد أنه من المنطقى أن عدد مشاهدات أولى أغانى ألبومه «طاق طاقية» حوالى 2 ونصف مليون فى 3 أسابيع، وهو رقم لا يتناسب مع تاريخ «منير»، كذلك أغنية «لو باقى فى عمرى» التى عجزت عن تخطى حاجز ال2 مليون فى أسبوعين، وهو أيضًا رقم ضعيف للغاية. «آمال ماهر» هى الأخرى اعتمدت نفس الطريقة فى طرح ألبومها مثل «عمرو دياب»، فأصدرت «بداية بدايتك» منذ 3 أسابيع وحققت أكثر من 3 ملايين ونصف، ثم بعدها بأسبوع أصدرت «ادينى فرصة» وحققت أكثر من 2 مليون ونصف، وبعدها بأسبوع أصدرت «ياما عز عليا بعادك» وحققت حوالى 2 مليون إلا ربع. أيضًا «هيفاء وهبى» أصدرت ألبومها «حوا» بنفس الطريقة فكان الفرق بين نزول كل أغنية وأخرى من أغانى ألبومها حوالى 5 أيام. والحقيقة أن هذه الطريقة (الشنيعة) فى صدور الألبومات أفقدتنا متعة الاستمتاع بالعمل الفنى، فبعد ما كنا نجتمع مع الأصدقاء ونستمع إلى الألبوم كاملًا ونتبادل الآراء حول جودة الأغانى وترتيبها فى الأفضلية، وبعدما كنا نذهب للمتاجر ونشترى النسخ الأصلية ونستمع للأغانى فى السيارات أثناء رحلات السفر، وما إلى ذلك من الطقوس المرتبطة بصدور الأعمال الغنائية الجديدة، تم حرماننا من كل ذلك، وأصبح الفنان يتعامل معنا ب«القطاعى» وأصبحنا مجبرين على انتظار الفترات الزمنية التى يضعها الفنان لكى يقوم بتصبيرنا بغنوة من أغانيه بطريقة مهينة لا تحترمنا ولا تحترم شغفنا بالفن الذى سيقتل جراء هذه الأساليب العجيبة!