مر عام على القرار الذى أغضب الأمة العربية بشكل عام والفلسطينيين خاصة، قرار اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ثم نقل سفارته إليها، الأمر الذى فجر قمة الغضب عند من يقبض على النار بيده، اشتعلت انتفاضة القدس فى جميع الأراضى الفلسطينيةالمحتلة، بدأت بقطاع غزة الذى غمرت الدماء وجهه، فلا يكاد يفرغ من تشييع ثلة من شهدائه حتى يعود فتيانه مرة أخرى إلى مواقعهم عند الحد الذى يفصلهم بالحديد والنار عن سائر أهلهم فى وطنهم المغتصب. يومًا بعد يوم، تتناقص أعداد الإخوة العرب ممن يتابعون أخبار فلسطين عمومًا وغزة خصوصًا. من قبل وعلى امتداد نصف قرن أو يزيد كانت فلسطين هى المقصد والقضية المحورية للوطن العربى كله، هى المشعل والمقصد، مفجر ثورات التحرر للبلدان العربية، فسرعان ما تفجرت فى سوريا ثم فى مصر وبعدها العراق ولبنان وصولاً إلى اليمن. اليوم تبدو فلسطين يتيمة على المستوى الشعبى لا أهل لها ولا نصير، اللهم فى بعض دول الغرب، أما على المستوى الرسمى فمعظم الدول العربية، لاسيما فى الجزيرة والخليج، تمهد للاعتراف بالكيان الصهيونى رسميًا أو عمليًا سواء تحت الضغط الأمريكى أو ممالأة لإدارة ترامب والتسابق إلى إرضائها من قبل أن تطلب. ها هو الشعب الفلسطيني لا يجد من اليوم معينًا فى مواجهة تهديد بلاده بالمستوطنات المسلحة ولا من يرد عنه العدوان الصهيونى المفضوح أو يعينه على مواجهته، خصوصًا وأنه لا يملك من السلاح إلا دمه، غزة المحاصرة لا تجد من ينجدها، توهم نتنياهو وترامب وغيرهما من المراهنين على صفقة القرن «المزعومة» أن الشعب الفلسطينى أصبح جثة هامدة لا يقدر على المقاومة ضد الاحتلال المدجج بأحدث أسلحة العصر ولا مواجهة الإرهاب الوحشى الذى يمارسه الصهاينة ضدهم وامتهان مقدساتهم التى استباحها غلاة الصهيونية، لكن الصدمة لأوهام نتنياهو وترامب بحركات المقاومة الشديدة ضد الصهاينة وكبدتهم خسائر لم يتوقعاها بمصرع وإصابة عدد من العسكريين الصهاينة واشتداد عمليات المقاومة فى جميع الأراضى المحتلة، مما أثار غضب نتنياهو المصدوم وجعله يشطط فى جبروته وإرهابه، لا يمكن علينا التسليم بهذا الأمر الواقع وكأنها نهاية المطاف والتسليم بأن فلسطين قد سقطت نهائيًا فى أيدى الوحش الصهيونى وليس على العرب إلا الرضوخ للأمر الواقع ونسيان خريطة أوطانهم ودماء شهدائهم. الدفاع عن فلسطين والتمسك بها كقضية مقدسة هو تمسك بالهوية ومستقبل السيادة والاستقلال والكرامة للوطن العربى كله، الأرض هى الشرف وهى موضع العزة ومصدر الحرية.. تحيا مصر.