وزيرة التخطيط ل«النواب»: الاستثمارات الكلية المستهدفة تتجاوز 2 تريليون جنيه لأول مرة    القبض على البلوجر نادين طارق بتهمة بث فيديوهات خادشة    أحمد فهمي يعلن موعد طرح فيلمه الجديد مع أحمد السقا "عصابة المكس"    إجازة شم النسيم 2024.. موعدها وعدد أيامها بعد قرار مجلس الوزراء بترحيل الإجازات    رئيس جامعة المنوفية يترأس لجنة اختيار مديري عموم الشئون الإدارية    منتدى وزراء الكهرباء في أفريقيا: 70٪ من سكان القارة بدون وقود طهي نظيف    رغم توافر السيولة الدولارية.. لماذا يرفض التجار استلام بضائعهم من الموانئ؟| تفاصيل    زيادة وتيرة حرب أسعار السيارات الكهربائية في الصين    أوراسكوم للتنمية تطلق تقرير الاستدامة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات    "التخطيط" و"النيابة الإدارية" يطلقان برنامج "تنمية مهارات الحاسب الآلى"    الكويت توقف إصدار تأشيرات العمل للمصريين    تصاعد الحراك الطلابى بالجامعات الأمريكية.. وبنسلفانيا: «لا» لبايدن    روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل 48 طفلاً نازحا بسبب الحرب    بعد المظاهرات المنددة بإسرائيل.. مجلس النواب الأمريكي يطالب باستقالة رئيس جامعة كولومبيا    هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية: تلقينا بلاغ عن وقوع انفجار جنوب شرق جيبوتي    شوط أول سلبي بين طلائع الجيش وإنبي في الدوري    "أنا مش جمهور أنا معزول".. مرتضى منصور يوجه رسالة نارية بعد منعه من دخول الملعب    بالصور- جِمال الوادي الجديد تحصد مراكز متقدمة بمهرجان سباق الهجن بشمال سيناء    قريبا.. مباريات الدوري الإسباني ستقام في أمريكا    محمد علي السيد يكتب: معركة .. «انسحاب الساعة 1300»    رسميا..موعد امتحانات الشهادة السودانية 2024 وتاريخ انتهائها    وزير العدل يختتم مؤتمر الذكاء الاصطناعي التوليدي وأثره على حقوق الملكية الفكرية    حجز قضية مصرع شاب على يد 6 أشخاص في المنصورة للنطق بالحكم (فيديو)    العروسة في العناية بفستان الفرح وصاحبتها ماتت.. ماذا جرى في زفة ديبي بكفر الشيخ؟    الانتصار مفتاح السلام    الملك فؤاد خلال زيارته لمكتبة الإسكندرية: سعيد بوجودي في هذا الصرح العظيم| صور    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    لهذا السبب.. هنا الزاهد تتصدر تريند محرك البحث جوجل    توقعات برج الثور في الأسبوع الأخير من إبريل: «مصدر دخل جديد و ارتباط بشخص يُكمل شخصيتك»    عزف على أوتار الفقد    حكم الاحتفال بشم النسيم.. الإفتاء تجيب    هل هناك أذكار وأدعية تقال في الحر الشديد؟.. رد واضح من الإفتاء    أدعية التوفيق والتيسير في الدراسة.. الأخذ بالأسباب مفتاح النجاح    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    محافظ المنيا: تقديم كافة الدعم للأشقاء الفلسطينيين بالمستشفى الجامعي لحين تماثلهم للشفاء    في الموجة الحارة- أعراض إذا تعرضت لها اذهب للطبيب فورًا    المستشفيات التعليمية: برنامج تدريبي لأطباء الهيئة حول تقييم الحالات لزراعة الكبد    حزب الحركة الوطنية يناقش خطة عمل المرحلة المقبلة والاستعداد لانتخابات المحليات    الخميس ولا الجمعة؟.. الموعد المحدد لضبط التوقيت الصيفي على هاتفك    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    روسيا تبحث إنشاء موانئ في مصر والجزائر ودول إفريقية أخرى    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    هل يجوز أداء صلاة الحاجة لقضاء أكثر من مصلحة؟ تعرف على الدعاء الصحيح    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    تقديرات إسرائيلية: واشنطن لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"    أيمن الشريعى: لم أحدد مبلغ بيع "اوفا".. وفريق أنبى بطل دورى 2003    فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق مستقل بشأن المقابر الجماعية في غزة    اسكواش - فرج: اسألوا كريم درويش عن سر التأهل ل 10 نهائيات.. ومواجهة الشوربجي كابوس    قبل سفرهم إلى أمريكا.. وزير التعليم يستقبل الطلاب المشاركين في مسابقة "آيسف"    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    عمرو الحلواني: مانويل جوزيه أكثر مدرب مؤثر في حياتي    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    بشير التابعي: أتوقع تواجد شيكابالا وزيزو في التشكيل الأساسي للزمالك أمام دريمز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بروتوكولات حكماء «صالات القمار» فى «صقر قريش»!
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 15 - 09 - 2018

تسكن موالد الأولياء فى ذكرياتنا، قد لا نعرف قصة الولى أو سره الباتع أو تاريخه الذى دفع الناس لرفع المقام وإعلاء السيرة والاحتفال بصاحبها.. ليست قصة الولى المجهول هى المفارقة الوحيدة فى موالدنا.. المفارقة الأكبر هى انتشار لعبة القمار فى الليالى الكبرى، وكانت الموالد هى وسيلة نشر اللعبة وتدريب الأطفال عليها، وكلما كبر الصغار لا ترضيهم الرهانات المتواضعة على ترابيزات القمار الشعبية فى الموالد، ووصلوا فى بعض القرى إلى إقامة عشش فى قلب الزراعات للعب القمار، ومن اللاعبين من خسر أمواله ومواشيه ومنزله، وانتهت بعض الحكايات الليلية بحوادث قتل.. ورغم قسوة تلك الحكايات إلا أنها ظلت العبرة الأهم عن أقرب الشياطين إلينا، شيطان عشش القمار.
تذكرت الكثير من الحكايات، من شكل الزهر والترابيزة المثبتة على عربة بعجلات دراجة وورق الكوتشينة ونداءات أصحاب الترابيزات أو حيلهم لجذب الجماهير، وكيف كنا نخسر كل مصروفنا على أبواب المولد لنعود منه «بلا حمص».. تذكرت كل ذلك وأنا أسمع وأقرأ فى أوراق اجتماع رسمى دعت إليه وزارة المالية ممثلة فى مصلحة الضرائب وموجه لمديرى صالات القمار فى مصر لمناقشة قيمة ضريبة القيمة المضافة على أرباح صالات القمار.. بالطبع معظم زبائن تلك الصالات سائحون أجانب.
الاجتماع عقد فى الثالث من سبتمبر الجارى، وضم ممثلين عن مصلحة الضرائب، وممثلين عن شركات إدارة صالات القمار، وامتد الاجتماع لساعات طويلة ولم ينته لنتيجة ترضى أى الأطراف.
الحكايات التى تناثرت على «ترابيزة» الاجتماع لا تقل سخونة عن ذكريات الموالد القديمة أو صراعات القاعات السرية للعب القمار فى مصر، حكايات عن رحلات خاصة لأجانب تستهويهم اللعبة فى مصر وكأننا أصبحنا لاس فيجاس الشرق، وحكايات عن أموال وكأنك تتفحص ثروة على بابا، وبالمناسبة هى أموال تندرج تحت توصيف «أموال ساخنة» أى سريعة الحركة تأتيك فجأة وتختفى فجأة، قبلها حكايات أسطورية عن أرباح خرافية، أو قصص عن نجوم المغامرة الذين يتحولون فجأة من عالم الثراء إلى عالم الفقراء، ورغم قسوة الحكايات إلا أنها تجذب زبائن جددا.. هذا العالم فيه محترفون وهواة، والجميع يخسر ويعود للعب.
هناك قوانين تحكم عالم «صالات القمار»، فدخل الصالات يتم إيداعه فورا فى أحد البنوك، ويقوم البنك بعملية مقاصة من المنبع، نصف ربح صالة القمار يذهب فورا لوزارة السياحة، والربع لمالك الصالة وهو غالبا فندق كبير، والربع الأخير يذهب لمدير الصالة.
وزارة السياحة تمثل الدولة وغالبا كل أموالها تذهب للخزانة العامة، أما المالك فهو يدفع على أرباحه ضريبة مثل أى نشاط، أما الطرف الثالث وهو شركة الإدارة فهى التى تقوم بالإنفاق على تشغيل الصالات من أرباحها، تجهيز الترابيزات وأدوات اللعب وتوظيف القائمين على الإدارة وخدمات أخرى لا يعرفها إلا المتمرسون فى عالم القمار.
صدر قرار إدارى من رئيس مصلحة الضرائب يحمل رقم 821 لسنة 2018 بشأن تشكيل لجنة تتولى إعداد مشروع بروتوكول ينظم تحصيل الضريبة على القيمة المضافة المستحقة على نشاط ألعاب القمار والذى يتم ممارسته من خلال كازينوهات وصالات القمار، وذلك بالتنسيق مع السادة ممثلى هذه الكازينوهات.
بناء على قرار رئيس الضرائب قام قطاع البحوث والسياسات الضريبية بالمصلحة بالدعوة لاجتماع عقد فى 3 سبتمبر الجارى فى مبنى الضرائب بصقر قريش.
طلبت المصلحة من الكازينوهات أن ترسل مندوبين مفوضين بالتوقيع على البروتوكول، وطلبت ميزانيات كاملة بالإيضاحات المتممة لها عن آخر ثلاث سنوات لكل كازينو وعقود الإيجار وعقود الإدارة المبرمة بين الشركات المالكة وشركات الإدارة.
الحضور فى هذا الاجتماع يكشف عن عدد الصالات وخريطة انتشارها بين القاهرة والساحل الشمالى وشرم الشيخ والغردقة، وجميعها داخل فنادق عالمية، وعدد تلك الصالات 25 صالة، والمفاجأة كانت الأرقام التى تناثرت على أطراف ترابيزة الاجتماع الرسمى، وخرجت الأرقام من المستهدفين لدفع الضريبة وهم مديرو تلك الصالات، حسب تلك المعلومات فإن قيمة الرهانات أكبر بكثير من التصورات الحكومية والشعبية، رهانات أرباحها فقط تصل إلى 10 مليارات جنيه.
لا تستهدف مصلحة الضرائب سوى 350 مليونا فقط من إجمالى أرباح صالات القمار، وهى تمثل 14 % قيمة ضريبة القيمة المضافة على دخل شركات إدارة الصالات، والتى تمثل حصتها 25 % من دخل الصالة، ربما لأن ال50 % التى تذهب لوزارة السياحة تذهب جميعها لوزارة المالية، ولا نعرف سر إعفاء ملاك الصالات من تلك الضريبة رغم أن نسبتهم من الدخل مساوية لنسبة شركات الإدارة وهى 25 %، وجميع الأطراف تدفع ضريبة نهائية على أرباحها الإجمالية سنويا، نثق أن هناك مبررا قويا وفلسفة ضريبية فى هذا التوزيع.
المبلغ المستهدف لضريبة القيمة المضافة يمثل 14 % من دخل مديرى الصالات، نفس المبلغ يمثل 3.5 % «ثلاثة ونصف فى المائة» من إجمالى دخل الصالات.. لكن نهاية الاجتماع لم تكن على قدر توقعات مصلحة الضرائب، فقد رفض مديرو الصالات هذه النسبة من الضريبة وطالبوا بألا تزيد على واحد ونصف أو اثنين فى المائة، وقالوا إن أرباح مدير الصالة لا تتجاوز 6 % ولا يعقل أن تدفع شركة الإدارة نصف أرباحها، وأنها تتحمل كل نفقات الصالة، بينما تحصل وزارة السياحة ومالك الصالة على نسبتهما خالصة قبل التكاليف.
الاجتماع انتهى من دون اتفاق، كل فريق يتمسك بوجهة نظره، وما تطلبه الضرائب لا يمكن تطبيقه إلا بعد توقيع البروتوكول الذى دعت الأطراف المعنية لتوقيعه، ومن دون البروتوكول لا يملك البنك - القائم بتقسيم الأرباح أو الدخل - قانونا خصم أى نسبة من حصة مديرى صالات القمار.
لم تلهنى تفاصيل تلك المعركة وسخونتها عن استدعاء ذكريات الموالد الريفية ومطاردات الآباء لعربات القمار لصرفها بعيدا عن مغامرات الأطفال، لكنها كانت تجذب زبائن للمولد من قرى مجاورة.. الآن على حكماء صالات القمار الاستماع جيدا لطلبات مصلحة الضرائب، فالدولة لا يصح أبدا أن تخرج من المولد بلا حمص!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.