بعد زيادة البنزين والسولار، محافظ المنوفية يعلن تعريفة الركوب الجديدة للتاكسي والتوكتوك    إعلام عبرى: حماس أبلغت الوسطاء بوجود جثث إسرائيليين على عمق 7 طوابق وقرب قنابل غير منفجرة    استقبال زيلينسكى فى الولايات المتحدة دون مراسم    فى مقابلة قديمة .. لماذا هاجم صهر ترامب "الصهيونى " محمود عباس بعبارات "مهينة" !    نجوم الجونة وشوشوا الودع على الريد كاربت وقالوا أسرار ومفاجآت.. فيديو    فى ذكراه.. منير مراد الموسيقار المنسى من وزارة الثقافة والغائب عن حفلات ومهرجانات الأوبرا    فلسطين.. الاحتلال يدمر سيارة مواطن خلال اقتحام حي المخفية في نابلس    إعلان الكشوف المبدئية لمرشحي انتخابات مجلس النواب 2025 بسوهاج "مستند"    انتفاضة بيراميدز تتحدى البركان المغربي.. من يفوز بالسوبر الإفريقي غدًا؟    أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة الشرقية لانتخابات مجلس النواب 2025    فنزويلا تطالب مجلس الأمن بموقف حازم تجاه الضربات الأمريكية وانتهاك سيادتها    المخرج أكرم محمود البزاوي يعلن وفاة الفنان «أشرف بوزيشن»    عماد النحاس وجهازه المعاون يصل إلى بغداد لقيادة فريق الزوراء العراقي    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن أسماء المرشحين على النظام الفردي بانتخابات مجلس النواب    انطلاق البطولة المصرية المفتوحة للهواة وسط حضور دولي واسع يضم أكثر من 100 لاعب| فيديو وصور    الحفني: تعزيز السلامة الجوية أولوية تستهدف التشغيل الآمن وفق متطلبات الإيكاو    «مش صديقي.. وبقول اللي حسيته».. رد مثير من كريم نيدفيد بشأن هجومه على رمضان صبحي    القبض على المتهمين بارتداء ملابس فاضحة وارتكاب أفعال خادشة للحياء    إسرائيل ال3.. أسعار البنزين الأعلى تكلفة في العالم (قائمة ب10 دول)    فاروق جعفر يتغزل في نجم الزمالك.. ويؤكد: «قدراته الفنية كبيرة»    ستاد المحور: الكوكي يدرس الدفع ب صلاح محسن في التشكيل الأساسي أمام الاتحاد الليبي وموقف الشامي    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 فى الشرقية    طقس حار نهارًا وشبورة صباحية خفيفة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس الجمعة 17 أكتوبر 2025    «زي النهارده».. وفاة شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود 17 أكتوبر 1978    عاجل- أمن المقاومة يحذر من الشائعات حول مصير أبو عبيدة وسط اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في غزة    سعر الدولار اليوم الجمعة 17102025 بمحافظة الشرقية    اختبر ذكاءك ب10 ألغاز مع الحل.. هل تقدر تجاوب على الكل؟    عاجل - حريق أمام المتحف المصري الكبير قبل افتتاحه    أطعمة طبيعية تساعد على خفض الكوليسترول في 3 أشهر    حيلة لتنظيف الفوط والحفاظ على رائحتها دائمًا منعشة    لو عايز تركز أكتر.. 5 أطعمة هتساعدك بدل القهوة    أسماء المترشحين بنظام الفردي عن دوائر بمحافظة الغربية لانتخابات النواب    حبس متهم بقتل شقيقه فى قنا    الصحف المصرية: إسرائيل تماطل فى فتح معبر رفح    روسيا توسع أسواق نفطها وتستهدف إنتاج 510 ملايين طن    أوقاف الفيوم تعقد فعاليات البرنامج التثقيفي للطفل لغرس القيم الإيمانية والوطنية.. صور    جوتيريش يدعو للعودة إلى النظام الدستورى وسيادة القانون فى مدغشقر    رفضت إصلاح التلفيات وقبول العوض.. القصة الكاملة لحادث تصادم سيارة هالة صدقي    بحضور رئيس مجلس الوزراء.. وزير الشؤون النيابية يشهد ختام أسبوع القاهرة الثامن للمياه    «أفضل لاعب في مصر بمركزه».. فاروق جعفر يتغزل ب نجم الأهلي    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسوان اليوم الجمعة    حماس: إعادة جثث الرهائن من غزة قد يستغرق وقتًا بسبب دفنها في أنفاق    ترامب: لقاء مرتقب مع بوتين في المجر لبحث حرب أوكرانيا    الحفني يشهد توقيع بروتوكول تعاون بين سلطة الطيران المدني وإدارة الحوادث    4 أبراج «مبيخافوش من المواجهة».. صرحاء يفضلون التعامل مع المشكلات ويقدّرون الشفافية    تركي آل الشيخ: «بدأنا الحلم في 2016.. واليوم نحصد ثمار رؤية 2030»    فضل يوم الجمعة وأعماله المستحبة للمسلمين وعظمة هذا اليوم    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ووقتها المستحب    أدعية يوم الجمعة المستحبة للمتوفى والمهموم والأبناء    الداخلية تكشف ملابسات واقعة فيديو «التوك توك» بملابس خادشة للحياء    السيطرة على حريق سيارة ملاكي بميدان الرماية في الهرم    السيطرة على حريق داخل مخزن لقطع غيار السيارات بميت حلفا    تفاصيل لا يعرفها كثيرون.. علاقة فرشاة الأسنان بنزلات البرد    استبعاد هيثم الحريري من انتخابات البرلمان بالإسكندرية وتحرك عاجل من المرشح    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 17 أكتوبر 2025    الرعاية الصحية: المواطن يدفع 480 جنيه ونتحمل تكلفة عملياته حتى لو مليون جنيه    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان الملحدون!

قد تبدو مفارقة غريبة أن تكون مرحلة الصعود للملحدين هى نفسها فترة وصول الإسلاميين للسلطة فى مصر، وأن تكون فترة انتشارهم مواكبة تمامًا لنفس التوقيت الذى صعد خلاله نجم تيارات الإسلام السياسى المختلفة، حتى إن مجلس الشورى المصرى فى عهد الإخوان عقد جلسة طارئة لبحث ظاهرة انتشار الإلحاد بين الشباب. الجلسة لم تخرج منها قرارات محددة؛ وإن حذرت لجنة الشباب فى المجلس من الظاهرة وطالبت بضرورة التصدى لها. أما د. صلاح عبدالمعبود النائب عن حزب النور بمجلس الشورى وقتها، والذى أثار القضية فكان يرى أن أسباب انتشار الظاهرة هو ضعف الوازع الدينى لدى الشباب وضعف التربية فى المنزل وعدم قيام الأزهر بدوره فى التربية الدينية والتعريف بالقيم والأسس الأخلاقية!
حسنًا .. الإخوان وأتباعهم أقروا بأنفسهم ومن داخل مؤسسات الدولة التى حكموها لمدة عام بانتشار ظاهرة الإلحاد فى عهدهم. ظل الإخوان لمدة 80 عامًا يقولون للناس إن «الإسلام هو الحل»، وإذا بهم عندما يصلون إلى السلطة ومن خلال ممارساتهم فى عام واحد يصبح «الإسلام فى حد ذاته مشكلة» لدى كثير من الشباب.
هنا نستحضر الواقعة التاريخية الطريفة التى جاءت فى الأثر، والتى حدثت فى عهد الحجاج بن يوسف الثقفى لما جاءه غلام فصيح وطلب منه الحجاج أن يقرأ شيئًا مما يحفظ من القرآن فقرأ الغلام: بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يخرجون من دين الله أفواجًا، فصاح الحجاج قائلًا: يا غلام الآية تقول ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجًا، فرد الغلام لقد كانوا يدخلون فى عهد رسول الله، أما الآن فبسببك وبسبب أمثالك أصبحوا يخرجون !
الخروج للسطح
بدأ الملحدون السعى للخروج إلى السطح فى مصر منذ عام 2013 بعد وصول الإخوان للحكم، وبدأت أعدادهم فى التزايد مع موجات العنف والتطرف التى شهدتها مصر والمنطقة العربية على يد تنظيم الإخوان، أو من جماعات انبثقت من رحم التنظيم. أعدادهم الحقيقة وتحركاتهم تؤكد أنه لا يمكن تجاهلهم، فقد ظلوا لفترات طويلة فى عالم افتراضى على الإنترنت يتواصلون ويعبرون عن أفكارهم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، ورغم أنهم يفرضون على أنفسهم سياجًا يمنعهم من الكشف عن هويتهم، فإنهم باتوا يعلنون من دون خوف عن أفكارهم، حتى وإن استخدموا أسماء مستعارة، ومنهم من أعلن بشكل واضح عن إلحاده.. ومن أشهر النماذج المصرية للملحدين الروائى المصرى المقيم فى ألمانيا، حامد عبدالصمد والذى يبلغ من العمر 46 عامًا، وهو ملحد مجاهر بإلحاده، وكان عضوًا متحمسًا بتنظيم الإخوان المسلمين أثناء دراسته الجامعية. ويحكى أنه كان يحضر معسكرًا صيفيًا ينظمه الإخوان، وبدأت الشكوك فى الدين تتسلل إليه من كثرة التناقضات التى شاهدها.
أعداد الملحدين
التّجول داخل مدونات الملحدين وصفحاتهم على الفيس بوك قد يعطى مؤشرات على أعدادهم فى مصر، فهناك مئات الآلاف يدخلون على مدونات مختلفة تحت عناوين «ملحد مصرى»، و«أنا الملحد» و«الملحدين المصريين» وغيرها، ومعظم الحوارات الدائرة داخل تلك المدونات هى تهكم على الأديان والدين الإسلامى تحديدًا، والملحدون لا يعترفون بأى دين، ولكنهم يقولون عن أنفسهم إنهم يحملون مبادئ وأخلاقًا يعتبرونها - من وجهة نظرهم - أهم من الدين. عشرات بل مئات المدونات والصفحات على الفيس بوك تتحدث عن الإلحاد تعدى عدد زوارها مئات الآلاف وهم يحرصون على متابعة تدويناتهم والرد عليها والترويج لها.
وكان مرصد الفتاوى التكفيرية، التابع لدار الإفتاء المصرية، قد أصدر تقريرًا رسميًا عن أعداد الملحدين فى مصر فى شهر ديسمبر من العام 2014، انتهى إلى أن أعدادهم وصلت إلى 866 ملحدًا. وأوضح التقرير أن مصر تحتل المرتبة الأولى عربيًا من حيث عدد الملحدين، تليها المغرب ب325، ثم تونس ب320، وتذيلت اليمن القائمة ب32 ملحدًا، الأمر الذى اعتبرته دار الإفتاء تطورًا يدق ناقوس الخطر.
بينما شككت صحيفة «جارديان»، فى دقة عدد الملحدين فى مصر، وأكدت أن هناك دراسة لمعهد جالوب الأمريكى للأبحاث واستطلاعات الرأى عن الملحدين فى مصر فى عام 2012 وهى الفترة التى بدأ فيها بزوغ نجم التيارات الإسلامية وتحديدًا الإخوان المسلمين وتشكيل الأحزاب الدينية، تؤكد أن %70 فقط من المصريين هم المنتمون للديانات وأن نسبة ال%30 الباقية من اللادينيين(ورغم أن فئة اللادينيين لا يمكن تصنيفهم كملحدين لكننا هنا بصدد ظاهرة لا يمكن فصلها عن الظرف الزمنى والسياق السياسى الذى وجدت فيه إبان حكم الجماعة الإرهابية).
فى المقابل، كشفت دراسة أمريكية صادرة عن مؤسسة «بورسن مارستلير» بنيويورك، عن أن عدد الملحدين فى مصر وصل إلى %3 من عدد السكان، أى أكثر من مليونى ملحد، وفقًا لاستطلاع أجرته جامعة إيسترن ميتشيجان الأمريكية، وذلك بعد أحداث 25 يناير 2011.
أبرز جرائم الإخوان
فيما شهدت السنوات الأخيرة، تطورًا نوعيًا فى نهج جماعة الإخوان الإرهابية، حيث اتجه التنظيم إلى ارتكاب جرائم إرهابية فاضحة، ظهرت بكثافة بعد أحداث 25 يناير، كانت الصدمة تزداد بالتوازى لدى قطاع عريض من الشباب الذى ظل لعقود طويلة يرى ويسمع جماعة تتحدث باسم الإسلام.
البداية، حينما أصدر الرئيس المعزول محمد مرسي، إعلانًا دستوريًا فى عام 2012، واعترضت عليه القوى السياسية وأنصارها ونزلوا إلى الشارع فى 5 ديسمبر 2012، وتحرك الآلاف من المعارضين إلى قصر الاتحادية للاعتصام للمطالبة بدستور جديد وإلغاء الإعلان الدستوري. وتظاهر أيضًا أنصار المعزول فى الشارع وهناك حدثت اشتباكات دامية أسفرت عن مقتل 9 أفراد من بينهم الصحفى الحسينى أبوضيف، كما تم رصد قيام مجموعات من عناصر الإخوان بالقبض على المعارضين وتعذيبهم فى المناطق المحيطة بقصر الاتحادية.
وشهدت منطقة بين السرايات القريبة من جامعة القاهرة، واحدة من معارك العنف الأهلى، على خلفية الخطاب الذى أذاعه «مرسى» فى 2 يوليو 2013، وتكررت فى الخطاب كلمة «الشرعية»، مما تسبب نزول أنصار الإخوان إلى الشوارع واشتباكهم مع الأهالى فى منطقة بين السرايات والكيت كات، وأسفرت عن مقتل 19 مصريًا وإصابة 200 شخص آخرين.
وجاءت أحداث الحرس الجمهوري، لتكون أول الأحداث الإرهابية التى قامت بها الجماعة عقب الإطاحة ب«مرسي»، حيث قامت مجموعات كبيرة فى فجر يوم 8 يوليو 2013، بمحاولة اقتحام مبنى دار الحرس الجمهورى، زعمًا أن «مرسي» بداخل المبنى وسيتم الإفراج عنه بالهجوم على قوات الأمن وخروجه.
واشتعلت أحداث عنف فى كرداسة، بين الشرطة والمتظاهرين فى يوم إعلان عزل محمد مرسى فى 3 يوليو 2013، ووقعت مذبحة فى صفوف قوات قسم شرطة كرداسة، التى راح ضحيتها 11 من الضباط والجنود، يوم فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة فى 14 أغسطس من عام 2013، وقامت قوات الجيش المصرى والشرطة باقتحام كرداسة لتطهيرها من الإرهاب والقبض على مرتكبى المذبحة.
وفى الإسكندرية، شهدت منطقة سيدى جابر فى 5 يوليو 2013، اندلاع أعمال عنف من قبل مؤيدى المعزول، تجاه المظاهرات المعارضة لهم، والتقطت الكاميرات وقتها المتهم محمد رمضان الذى حُكم عليه بالإعدام بعد ذلك، وهو يقوم بإلقاء طفل من فوق سطح إحدى العمارات فى المنطقة، وذلك لأنه كان يحمل علم مصر ويعارض المعزول.
وبعد فشل مخططات الجماعة فى الحشد ضد ثورة الثلاثين من يونيو، بدأ قيادات الجماعة فى إرسال بعض التهديدات للشعب المصرى من خلال منصة الاعتصام فى رابعة العدوية، ففى البداية قال القيادى الإخوانى محمد البلتاجي: إن ما يحدث فى سيناء من إرهاب يتوقف فى الثانية التى يعود فيها مرسي، بينما قال صفوت حجازي: اللى هيرش مرسى بالمية هنرشه بالدم، فى حين عاد حجازى ليطلق تصريح: رسالة إلى الكنيسة المصرية، لو تآمرتم وساعدتم فى عزل مرسى فسيكون لكم شأن آخر.
وخلال الأعوام السابقة، وقع العديد من العمليات الإرهابية من خلال المجموعات والتنظيمات الإرهابية التى تتبعها بالأمر المباشر نفذتها ك«المقاومة الشعبية والعقاب الثورى وكتائب حلوان وكتيبة إعدام ومولوتوف، وحسم ومجهولون وكتائب حلوان»، ولجأ التنظيم إلى توجيه الضربات واستهداف مواكب المسئولين، كاستهداف المستشار هشام بركات النائب العام الراحل، عن طريق تفجير موكبه فى 29 يونيو 2015، خلال مروره بمنطقة مصر الجديدة، وكذلك العقيد وائل طاحون رئيس مباحث المطرية السابق، الذى تم اغتياله قبل بركات بشهرين فى شهر أبريل. وفى 11 أغسطس 2016، تبنت حركة حسم محاولة اغتيال الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية السابق.
وشاركت جماعة الإخوان الإرهابية فى أحداث إرهابية عديدة خلال عام 2017م، إما بالتنفيذ أو بالشماتة والتحريض على العنف، كما حدث فى استهداف دور العبادة، وتفجير كنيستين فى محافظتى الإسكندرية والغربية، تزامنًا مع «أحد السّعف» فى التاسع من أبريل، ومن بين العمليات الإرهابية التى شاركت فيها جماعة الإخوان، ما حدث في7 من يوليو، واستهدف عناصر من الجيش المصري، ليستشهد 26 جنديًا مصريًا، ويصاب العشرات من قوات الأمن، فى هجوم على نقطة تفتيش فى مدينة رفح محافظة شمال سيناء.
كما استهدفت جماعة الإخوان، الجيش والشرطة، كما حدث واستهدفت عددًا من الأكمنة فى منطقتى كرم القواديس والخروبة، ونفذت العديد من الهجمات وصل عددهم إلى قرابة 150 عنصرًا، استخدموا السيارات المفخخة، وقذائف «آر بى جي»، وتورطت جماعة الإخوان، فى العمل الإرهابي، الذى شهده طريق الواحات فى الجيزة، وأسفر عن استشهاد 16 ضابطًا ومقتل وإصابة 15 إرهابيًا.
كل تلك الجرائم وغيرها تسببت فى حالة من الصدمة لكثير من الشباب الذين كانوا يعتقدون أن الجماعة الإرهابية تعبر عن الإسلام.. لكن بالعودة إلى التطور الموازى الذى كان يشهده عالم الملحدين فى غضون تلك الأحداث يمكن الوقوف على الملاحظات التالية:
(حساب على فيس بوك وهوية مستعارة) هى أهم الأدوات التى يتسلح بها الملحد لنشر أفكاره وشن هجوم على كل من يقف له بالمرصاد محاربًا فكره، ومع تغير الفترات تتغير آليات التواجد والمقاومة بالنسبة لهم، وحاليًا لا يخلو موقع للتواصل الاجتماعى من صفحات داعية للإلحاد.
أهم أهداف الملحدين وأبرز مطالبهم التى يعلنون عنها باستمرار هى حذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي.
ممارسات الإخوان فى مصر بالعنف والتحريض وترويع الشارع والمواجهات الدامية رسَّخت صورة سلبية للإسلام وكان ذلك دافعًا لدى البعض فى التوجه نحو الإلحاد. خاصة بعدما قدمت جماعة الإخوان نفسها على أنها جماعة وسطية تتكلم باسم الإسلام على مدار عقود مضت.
دار الإفتاء المصرية نقلت عن مركز بحثى أن «عدد الملحدين فى مصر وصل إلى 866 شخصا بالضبط». وفى الحقيقة فإن هذا التقدير أثار سخرية بين الكثيرين خصوصاً الملحدين والعلمانيين فى مصر، والذين يقولون إن الإلحاد آخذ فى الانتشار. بل إن بعض الملحدين قالوا أنه يمكنهم إحصاء ملحدين يتجاوزون هذا الرقم فى جامعة الأزهر وحدها.
وجود مواطنين مصريين لا يؤمنون بإله، أو على الأقل لا يؤمنون بدين ما، ليس اكتشافًا وليس أمرًا مفاجئًا، ولا جديدًا، بل إنهم موجودون فى كل العصور، كل ما هنالك أن شبكة الإنترنت أتاحت لهم الظهور، والحديث بصوت أعلى قليلًا، وسمحت لهم بكشف معتقداتهم حتى من دون كشف هويتهم، وأتاحت الفرصة لهم أن يعبروا عن رأيهم من دون أن يكونوا مضطرين للدخول فى معركة مع المجتمع.
حتى الآن، يسكن الملحدون العالم الافتراضى وشبكات التواصل الاجتماعى ولا يمكن تحديد أعدادهم بدقة.. وما يثير القلق والخوف المجتمعى ويجعل القضية تظهر على الساحة العامة والإعلامية هو وجود ما يشير إلى سعى هؤلاء الملحدين للخروج من هذا العالم الافتراضى إلى الواقع حتى لو كان ذلك من خلال كيان يتم اتخاذه ستارًا لهم، وقد امتلكوا تلك الجرأة فى الظهور منذ وصول الإخوان للسلطة مرورًا بتصاعد جرائمهم.
الشباب والدين
أجرت مبادرة الدراسات المستقبلية فى مؤسسة «طابة» بالتنسيق مع مؤسسة «زغبى للخدمات البحثية» فى دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر لعام 2015 استطلاعًا مهمًا للرأى بعنوان: «مواقف جيل الشباب المسلم من الدين وعلمائه»، وشمل الاستطلاع 5 آلاف و374 شابًا مسلمًا أعمارهم بين 15 و34 عامًا فى 8 دول عربية، وهى الأردن والإمارات العربية المتحدة والبحرين والسعودية وفلسطين والكويت ومصر والمغرب، وذلك لاستكشاف توجهات ومواقف هذه الفئة من الشباب المسلم، من الهوية الدينية والعلماء والدعاة والدين والسياسة والتدين والإصلاح والتطرف الديني. وشملت نتائج الاستطلاع آراء الشباب فى قضايا مهمة مثل أسباب الانضمام لتنظيم داعش ورؤيتهم لتجديد الخطاب الديني، وتكمن أهمية نتائج الاستطلاع بالنسبة للفترة التى أُجرى خلالها، حيث كانت من أكثر الفترات تصعيدًا فى جرائم الإرهاب الإخوانية ضد المصريين شعبًا ودولة، وجاءت أهم النتائج التى خلص إليها استطلاع الرأي:
فيما يتعلق بالهوية عند الشباب المسلم، خلصت الدراسة إلى أن غالبية الشباب فى البلدان الثمانية، يؤمنون بهويتهم الدينية والعربية، ففى الأردن والإمارات والسعودية وفلسطين والكويت والمغرب سبعة من كل عشرة تقريباً قالوا إن هويتهم الأساسية هى «البلد» أو كونهم «عرب»، وجاءت نسبة الشباب الذين يفضلون أن يُعرّفوا بأنهم مسلمون 6 من كل 10 شباب فى دول الإمارات والكويت ومصر والمغرب.
وكشفت الدراسة أنه حين طُلب من الشباب فى كل البلدان التى شملها الاستطلاع أن يختاروا المصدر الأساسى لهويتهم من بين خيارات: «بلدى أو كونى عربيًا أو ديني أو عائلتي»، جاء اختيار «بلدى وكونى عربيًا ودينى» فى المراتب الثلاث الأولى، ففى جميع البلدان ما عدا مصر والبحرين كان المحدد الأساسى للهوية «بلدى وكونى عربيًا»، بينما كان الدين هو الأهم فى مصر والبحرين. وجاء اختيار «الدين» لمصدر الهوية الأساسى أكثرية فى مصر %49 والبحرين %42، واختار الدين أيضًا واحد من كل خمسة شباب فى السعودية والكويت، أى بنسبة %19 وفلسطين %17.
وحول الجانب الأهم فى الإسلام عند الشباب، هل انجذاب الشباب نحو «العيش وفق الأخلاق والآداب الإسلامية» أم «القضايا السياسية التى تواجه المسلمين»، كان «العيش وفق الأخلاق والآداب الإسلامية» أكثر خيار متكرر، وكان فى المرتبة الأولى فى ثلاث دول: مصر بنسبة %47 والإمارات %39 والأردن %23، وجاء فى المرتبة الثانية فى أربع دول، الكويت %25 والمغرب %24 وفلسطين %22 والسعودية %19، أما القضايا السياسية فكانت الخيار الأول فى أربع دول الكويت %36 وفلسطين %31 والسعودية %28 والبحرين %23، والخيار الثانى فى مصر والثالث فى بقية الدول الثلاث.
وردًا على سؤال حول «الإيمان بدين الإسلام للقناعة بأنه دين الحق»، أشار الاستطلاع إلى أنه يوجد إجماع فى السعودية والبحرين والكويت والأردن على أنهم يؤمنون بدين الإسلام لاقتناعهم بأنه الحق، بينما وافق على ذلك تسعة من كل عشرة بنسبة %90 فى مصر والإمارات وفلسطين، وفى المغرب وافق %77.
وردًا على سؤال «أؤمن بدين الإسلام لأننى نشأت فيه»، أوضح الاستطلاع أن غالبية قوية من الشباب فى البحرين %96 وفلسطين %92 ومصر %90 والإمارات %84 والمغرب %77 أنهم يؤمنون بدين الإسلام لأنهم تربوا وترعرعوا فيه، ويقل هذا الرأى فى السعودية %52 والأردن %40 والكويت %29.
وكان أكثر مجال اتفاق فى البلدان الثمانية يتعلق بتدخل الدولة فى «ضمان عدم استغلال الخطاب الدينى فى الترويج للعنف والتحريض والكراهية»، حيث رأى على الأقل ستة من كل عشرة فى كل البلدان، أن الدولة ينبغى أن تتدخل، وجاء الاتفاق الأقوى من مصر %90 والمغرب %89 ثم الأردن %82 فالكويت %77.
وردًا على سؤال «من له الحق فى شرح الدين وبيانه بما فى ذلك الحلال والحرام؟» جاء على رأس الإجابات التى اختارها الشباب فى هذا الاستطلاع «المشايخ» و«مفتى البلاد» فقد كان المشايخ فى أعلى قائمة اختيار الشباب فى الإمارات %83، بالإضافة إلى %46 فى السعودية وجاء فى المرتبة الثانية الكويت %49 وفلسطين %43 والأردن %39 وكان مفتى البلاد الخيار الأول فى المغرب %70 ومصر %61 والأردن %49 وفلسطين %47.
ولم تعد خطبة الجمعة المصدر الأهم للإرشاد والتوجيه إلا فى مصر 44 %، وحلت فى المرتبة الثانية فى فلسطين 29 % والبحرين %20، وفى سبع دول حلت شبكات التواصل الاجتماعى فى آخر مرتبة من خيارات المصادر الأهم للإرشاد فى الحياة اليومية.
وحول سؤال مفاده «إلى أى مدى تعتقد أن جماعات أو حركات كداعش والقاعدة تمثل انحرافًا عن تعاليم الإسلام؟»، أشار الاستطلاع إلى أن ثلاثة أرباع الشباب أكدوا أن جماعات أو حركات كداعش والقاعدة إما تُمَّثِل انحرافًا كاملاً وإما غالبًا على خطأ، واحتلت المغرب المرتبة الأولى بنسبة %93 والإمارات %92 وفى مصر %83 و%65 فى البحرين و%61 الأردن و%58 فلسطين و%57 السعودية، وهناك من رأى أن هذه الجماعات «غالبًا على خطأ ولكنها تثير أحيانًا قضايا أوافق عليها» منهم 39% فى الكويت و%28 فى السعودية و%21 فى البحرين، وقال واحد تقريبًا من كل عشرة من الشباب فى البحرين وفلسطين والأردن إن داعش والقاعدة «غالبًا على صواب ولكنى لا أوافق على بعض أقوالهم وأفعالهم»، ورأى البعض أنها جماعات لا تمثل انحرافًا إطلاقًا وهم %10 فى السعودية و%13 فى الأردن و15% فلسطين ومصر %4.
وحول سبب انضمام شباب وشابات إلى جماعات متطرفة، جاء «الخطاب الدينى المتطرف» الإجابة الأكثر ورودًا فى مصر %46 والخيار الثانى فى المغرب %44 والإمارات %38، بينما جاء اختيار «مستويات التعليم المتدنية» أكثر إجابة شائعة فى الكويت بنسبة %33 وذكرها ثلث الشباب تقريبًا فى أغلب البلدان، وكان «الاحتلال الأجنبى لأراض عربية» أهم أسباب انضمام شباب إلى جماعات متطرفة عند %46 من شباب فلسطين.
لكن القراءة الدقيقة للنتائج الخاصة بالشباب المصرى فى تلك الدراسة المهمة تجعلنا نقف أمام مجموعة من الملاحظات:
فيما يتعلق بالهوية عند الشباب المصري، خلُصت الدراسة إلى أن غالبية الشباب يؤمنون بأن مصدر هويتهم «الدين» %49 ثم «البلد» %43 وجاءت المفاجأة بأن اختيار «كونى عربيًا» يمثل نسبة 5 % فقط .. وهنا توجد العديد من الدلائل، حيث إن تاريخ مصر كان دائمًا ما يشهد أن هويتها ظلت حاضرة فى حوارات الفكر السياسى وخاصةَ خلال مراحل الانتقال من عصر إلى عصر، كما نعيش حاليًا، وكانت الهوية المصرية عادة ما تتأرجح بين خيارين، أو أنها عادة ما تكون جزءًا من هوية «الفضاء العربى والفضاء الإسلامي». لكن الأرقام تؤكد أن الفضاء العربى تراجع بشدة أمام الفضاء الإسلامى فى التأثير على الهوية المصرية، وتبين المؤشرات أن اختيار الشباب ل«البلد» كمصدر للهوية قد شهد تراجعًا أيضًا لكن لا نستطيع أن نعتبره حادًا بل يمكن اعتباره إحدى نتائج المشاهد الثورية وحالة الاستقطاب الحادة التى عاشها الشباب فى مصر على مدار السنوات الماضية.
أوضح الاستطلاع حينما سُئل الشباب عن وجهتهم المفضلة للحصول على إجابة عن أسئلة حول الدين والأخلاق، اختيار %64 من الشباب لإمام المسجد و%58 لشخص ملتزم من العائلة أو الأصدقاء و%36 فضلوا الاتصال ببرامج دينية متلفزة، وهنا نشير إلى أن الشباب المصرى يفضل الاتصال المباشر مع شخص يعرفه ويثق فيه للحصول على إجابة لأسئلته الدينية، حيث إن اختيار النسب الأعلى لإمام المسجد أو شخص من العائلة يشير إلى أن المعيار هنا تتدخل فيه عوامل نفسية خاصة بمدى الثقة فى الشخص نفسه الذى يذهب ليسأله الشاب وليس بمدى أهليته أو كفاءته، وهوما تستغله جماعات العنف والتطرف وفى مقدمتها الإخوان لتجنيد الشباب.
بسؤال الشباب المصرى عن مدى الحاجة لتجديد اللغة التى يتحدث بها العلماء والدعاة عن الإسلام فى خطب الجمعة وعلى المنابر وافق 90 % منهم على ضرورة الحاجة لذلك، وهذا يعنى رفض الشباب المصرى حاليًا للغة السائدة على المنابر وفى خطب الجمعة.
بتوجيه سؤال إلى أى مدى تعتقد أن جماعات أو حركات كداعش والقاعدة تمثل انحرافًا عن تعاليم الإسلام، أجاب 83 % من الشباب المصرى بأنها تمثل انحرافًا عن الإسلام، بينما كانت المفاجأة فى أن 4 % يرون أنها لا تمثل أى انحراف على الإطلاق، ورغم أن الرقم يبدو بسيطًا فإنه يحمل دلالات ومؤشرات غاية فى الخطورة، فمعنى أن 4 % من الشباب يؤيدون فكر داعش أنهم على استعداد من الناحية الفكرية والنفسية على الأقل للانضمام إلى هذا التنظيم الإرهابي.
وبسؤال الشباب عن مدى إمكانية تدخل الدولة لضبط الخطاب الدينى سواء فى الإعلام أو المساجد وافق 87 % من الشباب على ضرورة تدخل الدولة وهذا يشير إلى حاجة الشباب المصرى إلى الاقتراب من سياسة إعلامية عاقلة فى خطابها الديني، مع محاولات جادة نحو إنتاج برامج دينية معتدلة، تتجاوب مع الوسطية الإسلامية.
تقودنا القراءة فى الأرقام الأخيرة إلى فهم أبعاد متشابكة لانتشار الإلحاد، أهمها تصاعد موجة العنف والتطرف على يد الإسلاميين وخصوصًا جماعة الإخوان، بالإضافة لعجز رجال الدين عن تقديم النموذج العملى للحضارة المبنيّة على الإيمان، مع الاكتفاء باجترار الماضى المشرق للحضارة التى شيّدها الأسلاف، الأمر الذى لا يجدى نفعًا مع شباب يبحث عن الحقيقة لكنه يضل الطريق إليها.■


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.