الشيخوخة!

إنسان ضعفت قوته، وضعفت ذاكرته، أصبح يسأل وينسى، يعيد الكلام مئات المرات، فيتضايق منه الناس، تلك هى الشيخوخة، مرحلة ثقيلة على من يصل إليها، وعبء ثقيل على من يرعاه: (اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً..) الروم 54، تتدهور الصحة فى تلك المرحلة، ويصاب الإنسان بالنسيان عند الوصول لأرذل العمر: (..وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) الحج 5، هناك من يتقدم به العمر فيصبح منبوذاً، يكره الناس الجلوس معه، كل ذلك يؤثر فى نفسيته فيرتد طفلاً غاضباً: (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) يس 68.
ولذلك يأمرنا تعالى بالإحسان للوالدين عند الشيخوخة: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا..) الاسراء 23، إذا تضايقت مما يفعله والداك اكتم ذلك فى نفسك ولا تنهرهما، بل قل لهما قولاً كريماً، وتذلل لهما رحمة بهما، وادعو الله أن يرحمهما كما ربياك صغيراً.
الفرق أنك تحب صحبة أولادك، أما صحبة والديك فى الشيخوخة فإنها تصيبك بالملل والضيق، وكلنا ندعو الله أن يطيل عمر أولادنا، وقد يدعو البعض أن يسارع الله بموت والديه ليستريح من عنائهما.
إذا طال بك العمر سيأتى وقت شيخوختك فاعمل لهذا اليوم بأن تحسن معاملة والديك ليحسن أولادك إليك مستقبلاً، والإنسان العاقل هو الذى يتقى الله فى شبابه، فالتقوى أقوى، ومن عاش تقياً عاش قوياً، عن النبى عليه الصلاة والسلام: «اغتنم خمساً قبل خمس»، منها «شبابك قبل هرمك».
وعن النبى: «من تعلم القرآن متعه الله بعقله حتى يموت»، نتعلم القرآن حتى ينعم الله علينا بالعقل فى شيخوختنا، ونتذكر أن ما نعمله اليوم من خير أو شر سنجد نتيجته غداً.