يُحكى أن ملكاً قطع إصبعه بالسكين على مائدة الطعام، فقال وزيره: «خير إن شاء الله»، فغضب الملك وأمر بحبسه، فقال الوزير: «خير إن شاء الله». ثم سافر الملك للصيد فأسرته قبيلة لتقدمه قرباناً للآلهة، وفجأة تركوه وقالوا: «لا نقدم لآلهتنا إلا الأصحاء وأنت لديك إصبع مقطوعة»، ولما رجع الملك أخرج الوزير من السجن وأخبره أنه فهم معنى «خير إن شاء الله»، وسأله: «أين الخير فى سجنك؟، فقال الوزير: لو كنت معك فى رحلة الصيد لقدمونى قرباناً فأنا لا عيب لدى». وعبارة «إن شاء الله» نستخدمها عادة للتعبير عن التزامنا بعمل شىء معين فى المستقبل، ويعتبر الوعد من ضمن أنواع العهد والذى يأتى الوفاء به من صفات المؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) المؤمنون (8)، ويؤكد تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) الإسراء (34)، والمؤمن حين ينوى فعل شىء فهو يقول: «إن شاء الله»، فيربط مشيئته بمشيئة الله أملاً فى تنفيذ ما وعد به: (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً. إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ..) الكهف (24-23). ومع ذلك أصبح الكثيرون لا يلتزمون بوعودهم، والبعض لا يكتفى بأن يعطى وعدا،ً بل يستخدم اسم الله كوسيلة لكى يخلف وعده، فيقول: «إن شاء الله سأفعل»، وهو ينوى ألا يفعل شيئاً، وينسب نقض وعده لمشيئة الله، وهكذا كان يفعل المشركون فينسبون شركهم لمشيئة الله: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا..) الأنعام (148). ويبقى أن الوفاء بالوعد من مكارم الأخلاق وأساس للثقة فى المعاملات، وعدم الوفاء بالوعد مدمر للثقة فى المعاملات، ووصفه النبى عليه الصلاة والسلام بأنه من صفات المنافق: «آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان».