إن الناظر في أحوال الناس اليوم يجد غياب خلق الوفاء بالعهد عن كثير منهم إلا من رحم الله وما أكثر ما يجري بين المسلمين من وعود لا تتحقق ومن عهود لا تنفذ, فلا يفي مقترض بما وعد من رد الدين, ولا يفي صانع بما وعد من إنجاز عمله في الوقت المحدد وبالجودة المطلوبة, ولا يفي من وعد بالحضور في وقت معين بالحضور في ذلك الوقت, ولا يفي زوج بما قطعه علي نفسه عند الزواج بمعاملة زوجته معاملة طيبة, ولا يفي أب بوعود قطعها علي نفسه تجاه أولاده, فمن الآباء من يلقي بالوعود لأبنائه يمينا وشمالا مستهينا بهذه الوعود, ولا يدري المسكين أنه يعلم أبناءه عدم الوفاء بالوعد, بل ومن الناس من يعاهد وفي نيته ألا يفي بما عاهد عليه, حتي أصبحت مقولة إن شاء الله علامة علي عدم الوفاء بالوعد عند الكثير, فإذا أراد البعض أن يأخذ من إنسان العهد علي فعل شيء ما, قال له: إن شاء الله وفي نيته عدم الوفاء, وأصبحت هذه العبارة الجميلة ترتبط عند البعض بعدم الوفاء بالمطلوب, فلتعلم أيها المسلم أن قولك: أفعل كذا إن شاء الله, وفي نيتك عدم الوفاء, هو كذب وخلف للوعد, ومن علامات النفاق, فإخلاف الوعد صفة من صفات المنافقين, فعن عبدالله بن عمرو بن العاص, أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: أربع من كن فيه كان منافقا خالصا, ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتي يدعها; إذا اؤتمن خان, وإذا حدث كذب, وإذا عاهد غدر, أي: ترك الوفاء بالعهد, وإذا خاصم فجر, متفق عليه. والغادر في عهده ووعده له علامة يعرف بها بين الناس يوم القيامة فعن ابن عمر أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إذا جمع الله بين الأولين والآخرين يوم القيامة, يرفع لكل غادر لواء, فيقال:هذه غدرة فلان بن فلان رواه البخاري, وبين النبي صلي الله عليه وسلم أن من لا يفي بعهده ليس من أهل الكمال في الإيمان والدين, فعن أنس بن مالك قال: ما خطبنا نبي الله إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له, ولا دين لمن لا عهد له رواه أحمد, فالمسلم الحق إذا وعد أنجز ما وعد والتزم به, سواء كان قولا أم كتابة مادام الأمر يتعلق بالحق والخير, وإلا فلا عهد في إثم ولا معصية, فالوفاء بالعهد من صفات أهل الإيمان يقول تعالي: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون( المؤمنون:8) فأنت مسئول أيها المسلم عن عهدك الذي قطعته علي نفسك; هل وفيت به أم لا؟ يقول تعالي: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا( الإسراء:34) من علماء وزارة الأوقاف