تمثل مائدة الإفطار واحدة من اهم المميزات الثقافية والاجتماعية لكل بلد، يعكس من خلالها المواطنون ثقافتهم المحلية عبر الأطباق الشهية التى تشتهر بها بلادهم. طقوس الإفطار نفسها تتباين بين بلد وآخر لكونها مرتبطة بشكل مباشر بخصوصية كل مجتمع وبعاداته فى شهر رمضان. تحتضن مصر مئات الأسر من مختلف الأقطار العربية، بعضها قصد القاهرة للعيش فيها هربا من ويلات الحرب كما هو الحال فى سوريا واليمن وفلسطين والعراق، والبعض الآخر اتخذ منها وطنًا ثانيًا، حاولنا الاقتراب منها للتعرف على طقوسها فى رمضان وهل تأثرت بالثقافة المصرية، ورصدنا ملامح المائدة العربية. نادية الأغا، فلسطينية، تقول إن المائدة الفلسطينية مائدة شامية أصيلة نحاول غرسها وتعليمها لأبنائنا حتى يحافظوا على هوية طعامنا من الاحتلال الإسرائيلى الذى يسرق بعض الأطعمة وينسبها لتاريخه، لذلك نعلم أبناءنا، الدخول إلى المطبخ والمشاركة فى تحضير الوجبات فى رمضان، فهو مملكة وثقافة خاصة. تُعد الشوربة هى الطبق الرئيسى على مائدة الإفطار الفلسطينية، وهى نوعان شوربة «لسان عصفور»، والنوع الآخر الفريكة، بالإضافة إلى طبق الأرز باللحمة أو الفراخ ويُدعى «مقلوبة»، وهو طبق مدعم بأنواع الخضار مثل القرنبيط والباذنجان والفلفل واللحوم، وهو الطبق الرئيسى لكل سكان منطقة نابلس فى فلسطين، كما نقدم طبقًا خاصّا للحمص بشكل دائم على الطاولة بجوار الطبق الرئيسى والمخللات الفلسطينية، أمّا المشروبات الأساسية على المائدة فهى الخروب والتمر والعرقسوس، والحلو الكنافة النابلسية والقطائف المحشوة بالقشطة واللوز مع القهوة بشكل دائم. وعن التأثر بالمائدة المصرية تضيف نادية: أحيانًا نضيف طبقًا مصريّا مرّة واحدة فى الأسبوع من الأكلات المصرية الأساسية مثل الحمام المحشى أو الملوخية، وأحيانًا نحضر ونشارك فى عزومات مصرية بطعام مصرى كامل ونكون سعداء بذلك التفاعل. موضحة إن لكل مدينة فى فلسطين لها طبق مفضل وأساسى، مثل غزة الشوربة، ونابلس المقلوبة، والقدس اللحوم أو الفراخ. وتختلف المائدة اليمنية عن الفلسطينية، حيث يقول كريم عبدالغنى، يمنى يعيش فى مصر: «طعامنا الثابت على المائدة فى الغربة هو طبقان أو ثلاثة وباقى تفاصيل المائدة مصرية، فمن الأطباق اليمنية الماندى، والمظبى « وجبة لحوم الأغنام يتم طهيها على الحجر»، والهريس «وهى وجبة عبارة عن لحم وقمح»، والقلابة بالفخار والسحاوق «سلاطة حارة» والحلوى المعصوب والخمير، والمشروبات التمر فى المقدمة، وكما حرص أبناء اليمن على إدخال بعض الأكلات المصرية على موائدهم الرمضانية ومنها المحشى والملوخية والعدس والخبز المصرى. ويضيف عبدالغنى: إن عددًا كبيرًا من المطاعم اليمنية حرصت على توفير هذه الأطباق نظرًا لوجود عدد كبير من المغتربين دون أزواجهم، مؤكدًا أن أساس مائدة رمضان يمنية وتتم إضافة بعض المأكولات المصرية لها. وتؤكد أم أحمد - سورية تعيش فى القاهرة- أن الطعام السورى والمصرى بينهما مزيج كبير على مائدة رمضان، فالسوريون أثروا فى المصريين أيضًا وهذا يظهر بشدة فى الحلويات والوجبات الدسمة مثل الشاورمة. وقالت إن المرأة السورية معروفة بمائدة شهية، ولديها العديد من الأطباق الرئيسية مثل فتة المقدوس بالباذنجان وهى لحوم ممزوجة بالباذنجان تضاف لها السمن الصافى،كما يوجد طبق رئيسى أيضًا يدعى «مرق» وهو عبارة عن لحوم من «الموزة» يضاف لها اللبن الرايب والخبز والبصل، وطبق شاورما الفراخ الشهير فى طعامنا، بالإضافة إلى سلاطة الحمص والثومية والسلاطة والمخللات السورية من اللفت والخيار والبصل.. ولمشروب التمر باللبن مكانة خاصة على مائدة رمضان، والتمر هندى وعصير الليمون، والمائدة لا تخلو من العيش السورى والمقرمشات، وأخذنا من المصرى المحشى والحمام.