فى المطبخ تقضى كثير من النساء معظم أوقاتهن، بعضهن يفعل ذلك بحثًا عن ملء وقت الفراغ، وأخريات ارتبطت سعادتهن بالطهى، فهن يحرصن دائمًا على تقديم الأكلات الشهية، ولديهن شغف بتجربة الأصناف الجديدة. عدد من هؤلاء السيدات قررن الاستفادة من موهبتهن فى فنون الطهى والقيام بعمل يدر عليهن دخلاً، ولا يأخذهن من واجباتهن المنزلية، فاتخذن من موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» معرضًا يروجن من خلاله للأطعمة التى يصنعنها. لم تكن التجربة سهلة فى بدايتها، فقد واجهن صعوبات كثيرة، لكن سرعان ما تغلبن عليها وصارت لهن بصمة فى عالم الأكل البيتى، مشروع مميز بدأ بفكرة صغيرة وتوج بنجاح كبير، سببه المذاق المختلف لأكلاتهن. «إيمان» ورثت الطبخ عن والديها: النفس الحلو أهم حاجة رغبتها فى أن تكون سيدة أعمال جعلتها تخوض أكثر من تجربة كللت بالفشل، فى عام الثورة افتتحت محلاً للأسماك بالأموال التى ورثتها عن والديها، لكن قلة عدد السكان بالمنطقة كان سببًا فى فشل مشروعها وخسارتها مبلغ 60 ألف جنيه، لم تيأس واتجهت إلى بيع العطارة، اشترتها ب 1000 جنيه ثم استخدمتها فى المنزل، هنا اتجهت إلى الفيس بوك لعلها تهتدى إلى فكرة ناجحة، بدأت تتابع المجموعات الخاصة بالمأكولات المنزلية وقررت تطبيقها. تعرفت «إيمان عادل» على أسعار الأكلات المنزلية كى تحدد الأسعار التى تناسب سكان المنطقة التى تعيش فيها والمناطق المجاورة، تقول: «بدأت فى نشر وصفات الأكل الذى أجيد عمله، والبحث عن وصفات جديدة، ثم أنشات جروبا وصفحة خاصة بى وبدأت التسويق لنفسى، تعلمت الطبخ من والدتى ووالدى، وكان لدىّ شغف بإنشاء مشروع خاص بي، لذلك لم ينتبنى اليأس لحظة رغم فشلى فى أكثر من مشروع».. مرت 3 سنوات على عمل المرأة الأربعينية فى الأكل المنزلى على الفيس بوك، حظيت بشهرة جيدة وصلت خلالها إلى الرحاب والهرم وحدائق الأهرام وحلوان وطرة، زهراء المعادى وعرب المعادى وكارفور. تقطن «إيمان» بمنطقة «المعادى»، تخرجت فى معهد السكرتارية، ولديها 5 أبناء، أما زوجها فقد تقاعد، موضحة أنها حرصت فى البداية على تحديد أنواع الطعام المناسبة للمنطقة التى تقطن بها: «هناك أيام تكثر فيها الطلبات وأيام تكون الأجواء بلا عمل، يساعدنى أبنائى فى توصيل الطلبات بالتاكسى وأحيانًا أستعين بدليفرى مخصوص حينما يكونون فى عملهم، وهذا عرضنى إلى مشاكل كثيرة، فهناك دليفرى أخذ ثمن الأوردر واختفي، وآخر جلبه لى بعد أسبوعين من الأوردر». مشيرة إلى أنها تواجه صعوبات كثيرة فى العمل، فهناك من يطلب الأوردر ثم يلغيه بعدما تنتهى من تحضيره: «أحيانًا أتحمل ثمن الأوردر بعد إلغائه، أو أقوم بعرضه على جروبات ليشتريه أحد أو أتبرع به لله، أتعرض لضغط كبير حينما يطلب أحد أوردرا كبيرًا يتخطى ال 2000 جنيه، أظل خائفة ليقوموا بإلغائه بعدما أتعب فى تحضيره»، كما تأخذ الطلبات قبل استلام الأوردر بيومين حتى يتسلمه الزبائن طازجًا، وتضيف: «أتميز بعمل البط بالبرتقال، ممبار مسلوق، كفتة، جولاش ورقاق باللحمة، المحشى بجميع أنواعه لأن الطلب عليه كثير». تؤكد المرأة الأربعينية أن معظم زبائنها موظفون وعرائس وكبار السن، ومن لا يجيدون الطبخ: «منهم من يأخذ الطعام قبل تسويته ومنهم من يطلبه مستوي، العمل مرهق وأقوم به بمفردى وأطبق نصائح والدى لأنه كان يعمل بالأقصر فى الطبخ، أحب الأكل وأهتم بقراءة الوصفات الجديدة والنفس الحلو أهم شىء فى العمل». بعد عامين من الطبخ.. «ماما منى» تصل إلى المحافظات يجلس أبناؤها حولها على طاولة الطعام، لم تكن المرة الأولى التى يخبرونها فيها أن طعامها شهى وله مذاق خاص، اقترحوا عليها فتح مطعم خاص بها، لكن ارتباطها بالمنزل كان يمنعها من اتخاذ الخطوة، طرح عليها زوج ابنتها فكرة العمل فى المنزل والتسويق عن طريق «الفيس بوك»، تحمست لما قاله وبعد فترة قصيرة بدأت رحلتها من الأكل المنزلي. حصلت «منى عبد الرءوف محمد» على بكالوريوس تجارة، لكن كان حلمها مرتبطًا بالطبخ، تقول: «واجهت مواقف صعبة فى البداية، من يطلب أوردر ونكتشف أن العنوان خطأ، أتلقى طلبات من جميع الأماكن والمحافظات وأرفض البعيد منها لصعوبة التوصيل وحتى لا يفقد الطعام مذاقه».. تقطن المرأة الخمسينية فى شارع شهاب بالمهندسين، وتتلقى طلبات من الهرم والمنيل وقليوب: «أتلقى طلبات من دمياطوالمنوفية ولدىّ دليفرى خاص يتولى توصيل الطعام، إذا طلب أحد أصنافًا خارج المنيو أقوم بإعدادها مخصوص فى اليوم التالى». مر عامان على عمل «منى» فى المطبخ، مؤكدة أن لحظات سعادتها؛ تكمن فى الاتصالات التى تتلقاها من زبائنها عقب تناولهم للطعام: «أشعر بسعادة حينما يقولون لى تسلم إيدك، أهتم بعمل الحلويات فى رمضان فقط نظراً لضغط العمل، هناك مجموعة تساعدنى فى العمل مثل رص المحشى أو غسل المواعين، لكن الطعام أقوم بإعداده بمفردى». تبدأ عملها فى المطبخ منذ ال 11 صباحًا وحتى ال 8 مساءً، كما تتلقى طلبات من شركات ومحلات كبرى: «لم أحب فكرة المطعم لأننى لم أعتد على العمل من قبل، فهذه أول تجربة لى فى بيئة العمل، زوجى يشجعنى دائمًا ويساعدنى فى شراء الطلبات ويخبرنى بالأماكن المميزة كى أشترى منها»، مشيرة إلى أن الربح المادى يشجعها دائمًا على العمل، أما اسم صفحتها فقد اختارته ليكون «ماما منى» قائلة: «لدىّ أخ أصغر منى ب 21 عامًا يدعونى دائمًا بماما منى، أحببت الاسم من أجله وقررت أن يكون فى العمل»، كما لعبت والدتها دوراً كبيراً فى عملها، حيث تذكرها دائمًا بالخضار المراد تخزينه والفاكهة لأجل إعداد العصائر فى رمضان: «هى الدليل الذى أعود إليه فى الأكلات الصعبة». هالة: أتمنى تحويل مطبخ «ست الحبايب» لمطعم تركت حياتها العملية منذ أن تزوجت، وتفرغت لتربية أبنائها، كان زوجها كثير السفر نظراً لظروف عمله، لذا لم تملك فرصة الالتحاق بأى عمل، مرت السنوات وكبر الأبناء وبدأت أوقات الفراغ تتسع فى حياتها رويداً رويداً، فلم تجد مفرًا من التفكير فى إنشاء مشروع خاص بها. بدأت «هالة إمام» مشوارها من الجروبات الخاصة بمنطقة «التجمع الخامس» التى تقطن بها، لاحظت زيادة الطلب على الطعام المميز، من هنا قررت خوض تجربة «الأكل البيتى»، وبدأت فى عرض صور الأصناف التى تجيد إعدادها، تقول: «أحب المطبخ ولدىّ نَفَس مميز فى الأكل، ولم أرغب فى عمل إعلانات ممولة واكتفيت بمجهودى الشخصى فى التسويق حتى لا أضع نفسى فى ضغط شغل كبير، استقبلت الطلبات وبدأ الناس يخبرون بعضهم واتسعت دائرة عملى تدريجيًا». «مطبخ ست الحبايب» الاسم الذى اختارته المرأة الأربعينية لمشروعها، مؤكدة أن طلباتها تأتى من المناطق المجاورة لها مثل الدقى والمقطم ومصر الجديدة والمعادى، وتستعين ب «دليفرى خاص» لتوصيل الأوردرات لها: «عندما يكون عندى شغل أخبره قبلها بفترة كافية، يأخذ الطعام ويقوم بتغليفه ثم يسلمه للعميل ويحصل على أجره وفقًا للمسافة التى يقطعها لتوصيل الطعام». تواجه هالة صعوبات فى الاستعانة بالدليفرى: «أحيانًا يحدث له عطل فى الطريق، وأوقات أخرى يعتذر دون أسباب وقبل موعد تسليم الأوردر بفترة قصيرة، لكنى أجيد إنقاذ الموقف كل مرة، وإذا كان العميل لديه سيارة يأتى لاستلام الأوردر بنفسه، ولابد أن يخبرنى قبل الأوردر بيوم ويحدد موعد التسليم». اكتسبت «هالة» أصول الطبخ من والدتها وحماتها، وتحظى طوال الوقت بتشجيع زوجها لها وأبنائها الثلاثة، أما أكل منزلها فتقوم بإعداده ليلاً ليكون جاهزا على التسوية: «بمجرد رؤية طريقة عمل أى شىء جديد أمامى أكتسبها بسهولة، متخصصة فى الأكلات الشرقية مثل المحشى بأنواعه والبشاميل، الجلاش والحمام والفراخ المحشية والبلدى، العروق واللحمة البلدى والرومى»، موضحة أنها تقوم بإعداد أصناف خارج «المنيو» يطلبها العملاء. توضح المرأة الأربعينية أنها تعمل وفقًا لإمكانيات مطبخها، مما أجبرها على استبعاد الأسماك والحلويات: «أسعار الأسماك مرتفعة جدًا واختيارها يكون وفقًا لذوق العميل، والحلويات الطلب غير دائم عليها، وبناتى يساعدننى فى تغليف المحشى ورصه، وإذا كان عندى عزومة كبيرة أستعين بفتاة تتولى أعمال تنظيف المطبخ معي»، أما فى رمضان فيشترط طلب الأوردر قبل 48 ساعة. «سمر».. دكتورة بيطرية فى «الطبخ»: بوصل الطلبات بالتوك توك واجهتها تحديات كثيرة، لكنها لم تيأس لحظة، بدأت حياتها العملية بفتح صيدلية لمدة 6 سنوات، ثم أغلقت أبوابها بعد ارتفاع أسعار الأدوية، اتجهت إلى العمل كمدير إدارى فى «حضّانة» وبعد مرور 8 أشهر أُغلقت بسبب اختلاف الشركاء وأصبحت بلا عمل، أصيبت والدتها بوعكة صحية جعلتها تجلس إلى جوارها وتتولى أعمال الطبخ التى لم تكن تعلم عنها شيئًا من قبل. بدأت «سمر عجور» تتلاحم مع المطبخ حتى صار يشغل وقتًا كبيرًا من يومها، تخرجت فى كلية الطب البيطري، لكنها لم تفضل العمل فى مجالها، لم تجد فيه المتعة التى تجعلها تكرس حياتها لأجله، تقول: «فكرت فى مشروع يناسب ظروفي، أولادى 5 سنين وسنتان، قالت لى أمى عندك موهبة تأكلك دهب وهى الأكل البيتى». تتذكر المرأة الثلاثينية بدايتها مع المطبخ قائلة: «بدأت بالذهاب إلى السوق وكنت فى الفرقة الثالثة وقتها، كانت أول مرة أقف فيها فى المطبخ، اهتممت بشراء أنواع الفاكهة التى لا أعرفها وتعرفت على الوصفات الجديدة واكتشفت موهبتى، أحب أكون ملمة بكل ما يخص المطبخ وأتابع جميع برامج وقنوات الطبخ». تقطن «سمر» فى محافظة المنوفية، مركز «الباجور»، مما جعلها تستقبل ردود أفعال سلبية فى البداية حول مشروعها: «البعض نصحنى بالذهاب إلى شبين العاصمة لأن بها ناس مهتمة بطلبات الأكل البيتى، ولم أستطع لأجل أولادى، وقررت فتح المشروع فى قريتي، كنت خائفة لأن المنطقة صغيرة وليس بها سكان يهتمون بالأكل، لكن تغير هذا الاعتقاد بعد ذلك». أنشأت صفحة على موقع التواصل الاجتماعى وبدأت عرض الأكلات الشهية التى يحبها الجمهور، مؤكدة أن الطلبات توالت عليها بعد وقت قليل، وكانت أول امرأة تفتح مشروع الأكل البيتى فى مركز «الباجور»: «مر عام على مشروعى، أغلب زبائنى، مهندسون ودكاترة، وموظفون بشكل عام ليس لديهم مساحة وقت لدخول المطبخ، فتاة والدتها مريضة، أو تدرس فى الجامعة، جميعهم استبدلوا الأكلات السريعة بشراء الأكل البيتى لظروف حياتهم». لم تحب «سمر» فكرة «المنيو»، لديها شغف دائم بتجربة كل أصناف الطعام الجديدة والمطلوبة منها، تهتم بعمل الحلويات والخبز البلدى والفطير المشلتت والكريب، وتضيف: «أعمل الصوانى والمحاشى واللحوم والأسماك والفراخ، كل هذا تعلمته بمفردى، إذا حدث مناسبة فى العائلة لا نستعين بطباخ وأتولى أنا تحضير الطعام للمعازيم». تقطن المرأة الثلاثينية بالقرب من فيلا «كمال الشاذلى»، مما سهل إمكانية الوصول لها لأخذ الطلبات: «القريبون منى يأتون لأخذ الطلبات بأنفسهم إذا كان لديهم سيارة أو موتوسيكل، وغير القادرين أتولى مهمة التوصيل إليهم بالاستعانة بتوك توك»، تتمنى «سمر» أن تحظى بشهرة كبيرة وتصل إلى جميع المحافظات وتتسع الثقة بينها وبين الناس ثم تفتح مطعمًا خاصًا بالأكل البيتى وتقدم من خلاله برنامج طبخ على شاشة التليفزيون.