من المفترض داخل «المجتمعات الشرقية» أن يكون الرجل هو «عائل المرأة» وسندها.. لا حملاً زائدًا عليها.. لكن.. ماذا لو تبدلت الأحوال، وتغير الحال، وأصبح الرجل (بحسب بطاقته الشخية!)، هو الذى يسعى لأن يرتبط بالمرأة، طمعًا فى راتبها؟! الصورة ليست افتراضية، قطعًا.. لكنها - للأسف - واقعية إلى حد بعيد!.. فوفقًا لدراسة حديثة صادرة عن محاكم الأسرة؛ فإن %49 من الخلافات الزوجية فى مصر تنشأ بسبب رغبة الزوج فى الحصول على راتب الزوجة، وكلها تنتهى بالطلاق. وأشارت الدراسة إلى أن %53 من النساء اللائى كنّ طرفًا فى قضايا عرضت على محكمة الأسرة، شددن فى دعاوى الطلاق والخلع على أنهن اكتشفن بعد الزواج، طمع أزواجهن فى رواتبهن، وهو دافعهم الأساسى فى الزواج. وأوضحت أن مدة حالات الزواج للمطلقات العاملات التى لم تتجاوز العامين فى عش الزوجية، وصلت نسبتها إلى %20، فى حين لم تتجاوز حالات أخرى العام بنسبة %16. كما كشفت إحصائية بالدراسة عن تخطى حالات أخرى 5 سنوات زواجًا بنسبة %30، بينما وصلت حالات أخرى لفترة زواج تراوحت بين 7-10 سنوات بنسبة قدرت ب%44. وأشارت الدراسة إلى أن معظم المطلقات العاملات تعرضن للعنف الجسدى والابتزاز المادى والمعنوى بنسبة %54 بسبب الخلاف على عملهن، وابتزاز الرجل لهن للحصول على ما يتكسبن من عملهن، كما رصدت إحصائية لمحكمة الأسرة أمرًا آخر، وهو أن السيدات اللائى شملتهن الإحصائية، صرّحن أمام محاكم الأسرة بأنهن ندمن على الارتباط، ولا يفضلن العودة إلى الحياة الزوجية مرة أخرى بنسبة %80. ليلى محمد، موظفة بالتأمين الصحى، وفى المساء تعمل مديرة مكتب شركة استثمارات، وعاشت ليلى ما بين العمل الصباحى والمسائى، مع والدتها وكانت مسئولة عن كل شىء بالبيت، واستطاعت ليلى أن تساعد شقيقاتها حتى تزوجن وراح العمر منها، ووصلت منتصف الأربعينيات، وأصبح الرجال يطرقون بابها طمعًا فى الراتب، إلى أن جاء ابن عمها وأقنعها أنه يريد العيش معها حياة كريمة، وكان له أبناء من زوجة أخرى، وأقنعها بترك العمل، وبالفعل تزوجت منه، رغم أنها كانت مستقرة ماديًا فلا تحتاج للرجل، وبعدها اعتقدت أنها سوف تستريح من تعب السنين بالعمل، فكانت لديها رغبة لترك العمل، لكن بعد الزواج لم يتكفل الزوج بمصاريف البيت، ومع الوقت أصبحت هى المسئولة عن الطعام بالبيت، ثم مصاريف المياه والكهرباء، والزوج لا يتحمل شيئًا، خاصة أن الشقة تمليك، استسلمت الزوجة المسكينة للأمر الواقع الذى لا يختلف عن حياتها السابقة، ولم تعد ليلى تهتم بأناقتها وجمالها كما كانت، بسبب أنها تفضل أن يكون راتبها للبيت فقط. م . عبدالعال تقول: «زوجى راتبه قليل، وبعد الزواج أصبح الراتب أقل بكثير نتيجة أقساط الزواج، والإيجار، وأعمل مدرسة، وفى بداية الزواج لم يطلب زوجى منى شيئًا، لكن بعد 6 أشهر من الزواج بدأت تتراكم عليه الديون، أصبح يطالبنى بالإنفاق على البيت ومساعدته، حتى يسدد الأقساط والإيجار، ووافقته على اقتراحه، وبالفعل وفيت بوعدى له، لكن مع الوقت بدأت أدفع الإيجار أيضًا، لكنه طلب منى أن يحصل على الراتب كاملاً ويصرف هو على البيت، لكنى رفضت فكنت أعلم أنه لو حصل على راتبى لن يصرف منه على البيت، بل على نفسه». وأضافت: «عاملنى بقسوة وإهانة، ومع مرور الوقت، رفض العمل وجلس بالبيت، وطالبنى بالإنفاق عليه، وصرفت عليه وعلى بناته، وتحولت حياتى إلى جحيم، بعد أن أصبح دائم العصبية ويضربنى بلا سبب، ويهددنى بالطلاق، وتحملته عشان بناتى، خاصة بعد أن أصبح يدين لجارنا بمبلغ كبير دون علمى، وفوجئت بتوقيعه إيصالات أمانة». ف. محمد، تقول: «تزوجت منذ 3 أعوام، بعد قصة حب 5 سنوات منذ مرحلة الجامعة، فكان شابًا طموحًا، وبعد الزواج اكتشفت أنه غير قادر على تحمل مسئولية البيت، رغم أنه محامٍ فى إحدى الشركات، وأنا موظفة بشركة قطاع خاص، وبدأت الاعتماد على مساعدات أهلى، ووالدتى تأتى لى بمخزون البيت منذ الأسابيع الأولى للزواج، ثم فوجئت به يطالبنى بدفع الإيجار بحجة أن البيت يحتاج مصاريف أكثر من راتبه، وبالفعل بدأت أدفع الإيجار ومع الوقت أصبح لا يدفع شيئًا، ثم حاول الحصول على راتبى كله، وحينما أرفض يفتعل معى المشاكل، وعندما ذهبت للولادة تحمل والدى كل المصاريف، ووصل بى الأمر إلى أننى تركت ابنتى بنت ال4 شهور فى الحضانة ونزلت للعمل، كل ذلك وهو يحاول الحصول على راتبى، وضربني، فتركت له المنزل، وذهبت إلى منزل والدى، وقررت عدم العودة له». رحاب محمد قالت: «كنت أريد أن أكون «ست بيت»، لكن مع ضغط الزوج وأمه، فرض علىّ العمل لأساعده فى مصاريف البيت، بناءً على رأى أمه التى قالت لى: «لازم تساعدى جوزك فى المصاريف وهو لسة شاب بيبدأ حياته، والحياة مشاركة، وبالفعل عادت رحاب للعمل مرة أخرى، موظفة فى إحدى النقابات، بعد ما اعتقدت أنها لم تعد إلا للحياة الشاقة، وأعطت زوجها شبكتها ليستطيع السفر للخارج على أمل حياة أفضل، لتعيش الزوجة مع ابنتها الرضيعة، تذهب كل يوم للعمل وتترك رضيعتها بالحضانة ثم تعود فى الخامسة مساءً لتأخذ طفلتها، ففوجئت بعودة الزوج من الخارج، بعد أن ترك الوظيفة، تصبح الزوجة مسئولة عن البيت بشكل كامل، وسط جلوس الزوج عامين بالبيت بحجة حلم السفر مرة أخرى، لأن العمل هنا لا يناسبه، ومع الوقت بدأ الزوج يأخذ راتب الزوجة حتى يشعر أنه الذى يصرف على البيت كما قال لها الزوج، وخضعت الزوجة لهذا الأمر. وتضيف: «كده كده راتبى ذهب على البيت وعليه لا تفرق أن كان الراتب معه أو معى. تقول الدكتورة إيمان عبدالله، إخصائية علم الاجتماع: إن الزوج الذى يعمل ويحصل على راتب الزوجة يرجع لعدة أسباب أولها تأثره بالأسرة التى تربى فيها، وقيام أمه بدور الرجل، ورؤيته والده يفعل ذلك، كما أن والده لم ينصحه ويعرفه معنى الرجولة، وكيف يحمى زوجته وأسرته ويتحمل مسئوليتهم. وأكدت «عبدالله» أن الزوجة لم يفرض عليها مساعدة الزوج، والزوج يجب عليه أن ينزل للعمل وتحمل المسئولية، ومن ضمن العوامل غياب التقاليد والعادات والرجولة لدى بعض الرجال، ومن المفترض أن الرجال هم من يتحملون المسئولية، وللأسف الزوج أصبح يقول جملته الشهيرة للزوجة «روحى اتصرفى إنتى» مع الوقت أصبح الزوج غير القادر على تحمل المسئولية ليس ظاهرة، بل حالة عامة، ولا يفرض على زوجته أن تدفع فى البيت. وأوضحت أن طبيعة الزوجة المصرية لم تترك بيتها وأبناءها محتاجين، وإعطاء المرأة راتبها لزوجها خطأ كبير، فى حقها وحق أبنائها، لأنه مع الوقت يترك الزوج المسئولية للزوجة وتصبح هى الأم والأب، ولأن الزوجة عاطفية تستسلم لتلك الحياة بهدف الحفاظ على أبنائها، خاصة مع قانون الأحوال الشخصية الذى لا ينصر الزوجة، بل يتركها أمام المحكمة لسنوات بهدف نفقة للأولاد 300 جنيه، وبدل مسكن 600 جنيه، موضحة أن ذلك نتيجة الاختيار الخاطئ للزوج.