كشف لنا لأول مرة قطاع الأحوال المدنية بوزارة الداخلية المدنية عن الارتفاع الرهيب فى نسب الطلاق فى مصر خلال الثلاثة أشهر الماضية، فخلال الشهر الماضى حدث 17 ألفا و791 حالة طلاق، والشهر قبل الماضى 20323 حالة بينما كان عدد حالات الطلاق فى شهر فبراير 17556.. أى أن حالات الطلاق فى مصر تخطت 200 ألف حالة، بينما كان متوسط حالات الطلاق فى الأعوام الماضية أقل من 14 ألفا فى الشهر. آخر إحصائية لحالات الطلاق الصادرة من الأحوال المدنية بوزارة الداخلية من خلال بيان أصدرته عن أعمالها خلال شهر قالت إنها أصدرت خلال الشهر الماضى 946829 بطاقة رقم قومي، و«1209627 ميلاد - 93943 وفاة - 176409 زواج - 17791 طلاق- 40956 قيد عائلي» خلال شهر. كما تم إصدار عدد من الوثائق للمصريين بالخارج عبارة عن «3124 قيد وقائع ميلاد خارج البلاد - 185 قيد وقائع وفاة خارج البلاد - 759 ساقط قيد ميلاد خارج البلاد - 90 ساقط قيد وفاة خارج البلاد - 345 قيد وقائع الزواج بالخارج- 54 قيد وقائع الطلاق بالخارج - 413 قرارات تعديل الجنسية للأم المصرية مواليد الداخل - 372 قرارات التصحيح بنموذج 80، 79 - 325 مستخرج صورة قيد زواج ورقى نموذج 21 - 85 مستخرج صورة قيد طلاق ورقى نموذج 22 - 2011 وثائق مترجمة». واستخرج قطاع الأحوال المدنية بطاقات الرقم القوى ل«677» مواطنا بمحال إقامتهم، وتم تصوير واستخراج بطاقات الرقم القومى ل«3213» مواطنا بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة، وتصوير واستخراج بطاقات الرقم القومى ل«3058» مواطنا بالجامعات والنوادى والهيئات والمؤسسات، وفى مجال الحالات الإنسانية المقدمة للمواطنين، تم إرسال 5 مأموريات تصوير، لاستخراج بطاقات الرقم القومى لعدد من المواطنين من كبار السن والمرضي. هذا فيما أعلنت محاكم الأسرة فى وقت سابق أنه بلغ إجمالى عدد حالات الخلع والطلاق عام 2015 نحو 250 ألف حالة طلاق وخلع بمصر بزيادة عن عام 2014 ب89 ألف حالة. وكشفت إحصائيات الأممالمتحدة ومركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، ارتفاع نسب الطلاق فى مصر من 7 % إلى 40 % خلال الخمسين عامًا الأخيرة ليصل إجمالى المطلقات أخيرا إلى 3 ملايين مطلقة وطبقا لما سبق تحتل مصر المرتبة الأولى عالميًا فى أعلى نسبة طلاق! زيادة نسب الطلاق استوقفت الدكتور عبدالوهاب جودة أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس وكشفت أن 13 % ممن طلقوا لم يستمر زواجهم أكثر من عام، و36 % من الحالات استمرت حياتهم الزوجية فترة تتراوح بين عام وعامين. و18 % استمرت حياتهم الزوجية قبل الطلاق لمدة تتراوح بين 4 و6 سنوات، و19 % لمدة من 7 إلى 10 سنوات، و15 % فقط من حالات الطلاق استمرت حياتهم الزوجية أكثر من 10 سنوات. كما تبين أن هناك عناصر أخرى تساعد على ميلاد فكرة الطلاق فى رأس الزوج أو الزوجة، ومن هذه العناصر: أهل الزوج أو أهل الزوجة، حيث أكدت 6.5 % من الزوجات المطلقات أن أهل الزوج هم الذين فكروا فى عملية الانفصال، بينما أكد 5.2 % منهن أن أهل الزوجة هم الذين فكروا فى الانفصال بالطلاق. وفسرت الدراسة أن أهل الزوج أكثر ميلا إلى التفكير فى عملية الانفصال من أهل الزوجة، يرجع إلى الثقافة المصرية التى تؤكد اتجاه أهل البنت للحفاظ على حياتها الأسرية وعدم هدم بيتها والخوف عليها من الانفصال، أما عن أسلوب التطليق فقد كشفت الدراسة أن 25.6 % من حالات الطلاق تمت عن طريق المحكمة و5.9 % عن طريق الخلع. وأكدت الدراسة أن الزواج السريع أحد الأسباب الرئيسية وراء سهولة الطلاق فى السنة الأولى من الزواج والتى تعتبر من أصعب السنوات فى عملية فهم كل طرف للآخر. بالإضافة إلى أن عدم الإنجاب يعتبر أحد الأسباب المباشرة للطلاق، حيث تنظر الأسرة المصرية والعربية عموما إلى الإنجاب على أنه وظيفة حيوية للأسرة، وبالتالى فإن الإنجاب، يكون من عوامل استمرار البناء الأسري، وبالعكس يكون عدم الإنجاب مؤديا إلى تفكك الأسرة وتحللها بالطلاق أو على الأقل استمرار الخلافات والتوترات الأسرية، حيث كانت 80 % من المطلقات بلا أبناء. أسباب الطلاق - كما كشفتها الدراسة - أن التردد فى الاختيار للزواج يعد عاملا مؤثرا فى تفكك الأسرة، وكشفت عن عدة مبررات تلعب الدور الفاعل فى اختيار الشاب المصرى لشريكة حياته التى يرتبط بها ومنها المركز والتكافؤ الاجتماعى والثروة وتقارب العمر والانسجام والتفاهم، إضافة إلى عامل الحب كأساس للعلاقة الزوجية والواقع الآن. كما أصبح الاختيار يرتكز بشكل أساسى على الغنى والثروة والمركز الاجتماعى أكثر من العوامل الأخري، وهذا السبب كان وراء اكتشاف الدراسة أن 52 % من المطلقات تغيرت وجهة نظرهن تجاه من طلقهن وعدم قناعتهن بمن ارتبطن به. كما كشفت أن الغالبية العظمى من حالات الطلاق شهدت صراعات وخلافات بين أسرتى العروسين واستمرت فى ذهن الزوج والزوجة وأثرت على العلاقة الزوجية ومهدت لحدوث النزاعات الأسرية، ومن ثم الطلاق يضاف إلى هذه الصراعات التدخلات من الأقارب والجيران. وكشفت أن 22.5 % من المطلقين والمطلقات أكدوا عدم استمرار الحب بينهما أكثر من سنة فقط وأن 14.8 % أكدوا أن الحب استمر ثلاثة شهور فقط وأن المشاجرات جرت وأن الخلافات كانت دائمة، وأكد 7 % منهم أن الحب لم يستمر أكثر من عامين، وأكد 6.5 % منهم أنه لم يستمر أكثر من ثلاث سنوات، وقد يقع الطلاق بسبب الغيرة والشك والانفصال العاطفى وعدم الإنجاب أو تأخره أو تدخل الآخرين نتيجة غياب التفاهم أصلا بين الزوجين، كما أن 50 % المشاجرات الدائمة حول كل صغيرة وكبيرة بينهما يمهد لاحتمالات وقوع الطلاق وتفكك الأسرة، ويلى ذلك انتشار الغيرة والشك بين الزوجين بنسبة 47 % ما يدعم استمرارية الخلافات والشجار بين الزوجين داخل الأسرة المصرية ومن ثم حدوث الطلاق والتفكك. وهناك 10.5 % من المطلقين والمطلقات وقعت بينهم حالات انفصال قبل ذلك، بالإضافة إلى عدم الإنجاب كعامل مساعد على زيادة التوتر والقلق وخلق الشجار بين الزوجين ومن ثم حدوث الطلاق، وأن ما يقرب من نصف المطلقات أكدن أن تدخل الأهل فى الحياة الزوجية كان من أسباب الانفصال والطلاق بنسبة 44.6 %، ثم يأتى عامل الخلافات الدائمة والخصام بين أسرتى الزوجين بنسبة 21.9 %، ما يؤدى إلى زيادة اطراد التوتر فى العلاقة الزوجية. كما تلعب عملية إفشاء الأسرار الزوجية للأهل والأصدقاء دورا فاعلا فى تفاقم الخلافات والشجار داخل الأسرة بنسبة 10.7 % ومن ثم الطلاق. الدراسة أشارت إلى أن هناك أسبابا أخرى ترتبط بالزوج وتكون وراء الطلاق وأهمها إهمال الزوج لحقوق الزوجة وهجرها بنسبة 24 % وتأتى بعدها عوامل أخرى هي: عدم تحمل الزوج للمسئولية والتقليل من شأن الزوجة والسخرية منها وعدم احترام آرائها وإحراجها أمام الآخرين، بالإضافة إلى العنف والضرب والإهانة، ثم تأتى بعد ذلك العوامل الاقتصادية وبالتحديد الوضع الاقتصادى للزوج، ثم علاقات الزوج المشبوهة وتعدد الزوجات وزواجه عرفيا من أخريات. وحملت الدراسة الزوجة مسئولية الطلاق فى بعض الحالات لوجود عدة عوامل ترتبط بالزوجة وراء الطلاق وهي: عصبية الزوجة وضعف قدرتها على تحمل الزوج وتصرفاته وهذا يمثل 42.3 % من أسباب الطلاق، ويأتى بعد ذلك عدم طاعة الزوجة لأوامر زوجها وعدم احترامها له والاعتراض على توجيهاته باستمرار، ثم الإهمال وعدم تحمل المسئولية ثم ضعف مشاركتها فى تحمل أعباء الأسرة والشئون الأسرية مع التشاجر مع أهل الزوج وعدم التجاوب العاطفي. الدكتور محمد سمير عبدالفتاح أستاذ علم النفس الاجتماعى بجامعة عين شمس قال لنا: فى كل عام نجد ارتفاعًا كبيرًا فى نسب الطلاق عن العام السابق، وهذا شيء مخيف لأنه يسبب اضطرابًا خطيرًا فى المجتمع فأى مجتمع يبنى على أربع ركائز أو كيانات: الأولى الكيان الاجتماعى للمجتمع، والثانى الكيان الاقتصادي، والثالث الكيان السياسي، والكيان الرابع العسكرى فإذا اهتز أحد هذه الكيانات اهتز المجتمع وهذا شيء خطير. قال الدكتور عبدالفتاح: اكتشفنا الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع نسبة الطلاق فى العام الأخير يرجع لعدة أسباب: أولها وأخطرها أن المرأة أصبحت تطالب بحقوقها كاملة فهى تريد أن تشارك الزوج فى قراراته رغم أنها تعلم مثل زوجها لا تريد أن تشاركه فى مصاريف البيت وتريد أن تخرج وتسهر خارج المنزل بحريتها وهى تعلم أننا مجتمع متدين وذكوري، وبالتالى ما تطالب به المرأة يؤثر نفسيا على زوجها. 2- الجوانب الاقتصادية الآن صعبة يعانى منها جميع أفراد المجتمع، والرجل أكثر تأثرا بهذا العامل فهو يريد أن يعمل براتب يكفيه ويلبى احتياجاته ولا يجد. والنتيجة فى حال فقدانه لعمله الأساسى ومع الذهاب لعمل آخر لا يجد الراتب الذى يكفيه والنتيجة يتجه لطلاق زوجته خاصة مع مطالبته بمصاريف البيت دون التعاون معه والنتيجة الطلاق والذهاب إلى المقاهي. 3- بعض الأعمال الدرامية وخاصة مسلسل «الأسطورة» خرج للمجتمع بقيم غريبة منها أن القتل والسرقة والعنف الشديد يأتى بكم هائل من الأموال وأن القيم والأخلاق ليست مهمة، والنتيجة أصبح عدد كبير من الشباب لا يعنيه قيمة العمل ولا الحفاظ على القيم والأخلاق، المهم المال وهذا من السهل أن يؤدى إلى عدم الحفاظ على الأسرة. 4- إن كل الجمعيات ومجلس النواب والجميع ينادى بحقوق المرأة دون النظر المطالبة بحقوق الرجل، هذه المطالبات المستمرة بالتأكيد تؤثر نفسيا على الرجل أن يجد أن المجتمع ضده، والنتيجة يقوم الرجل بأى رد فعل انفعالى منه اتخاذ قرار الطلاق. هذا بالإضافة إلى ما سبق ومع الارتفاع الرهيب لنسب العنوسة عند الرجل والمرأة، والمتزوجون عادة يحكون مشاكلهم لأصدقائهم الذين قد يكونون غير متزوجين وهؤلاء يشجعون الزوج والزوجة على الطلاق والعيش بحرية مثلهم. الحل: ما يراه د. سمير عبدالفتاح يحتاج إلى فكر وتدخل العلوم الإنسانية ورجال الدين لعمل استراتيجية متكاملة فى جوانب مختلفة فى التربية الاجتماعية والدينية منذ الصغر، لماذ لا نفكر أن نأتى برئيس وزراء ليس مهندسًا، وإنما متخصص فى العلوم الإنسانية لكى يهتم بالنواحى الاجتماعية لمجتمعنا؟!