هناك مكانة كبيرة وثابتة للفنان القدير «أحمد بدير» على المسرح، وهناك ثقة هائلة تأسست على مدار سنوات طويلة بينه وبين الجمهور.. لذلك لم يتردد «بدير» فى العودة طوال الوقت إلى بيته وملاذه - المسرح - وبعد نجاح مسرحيته «غيبوبة»، يعود مُجددًا ب«فرصة سعيدة»، والتى تُعرض يوميًا أمام الجمهور على «مسرح السلام». «روزاليوسف» تواجدت فى كواليس المسرحية للقاء الفنان الكبير والحديث معه. ما سبب قبولك لمسرحية «فرصة سعيدة»؟ - السبب هو سيناريو المسرحية.. الفكرة جديدة فى إطار الإنسان ومواجهته لنفسه.. وكانت فكرة المسرحية حول أخطاء البطل فى حق كل من حوله، ليصل لأحلامه، دون أى اعتبار آخر، والنتيجة يشعر بها البطل، لكن بعد أن وصل عمره ل79 عامًا، وأصبح وحيدًا، فالتقى بنفسه، ليراجع كل ما حدث منذ طفولته فى محاولة منه لتصحيح الأمور. مسرحيتك السابقة «غيبوبة» عبرت عن حال المجتمع المصرى حاليًا.. هل نستطيع القول إن «فرصة سعيدة» لم تبتعد عن ذات المنطقة؟ - «فرصة سعيدة» تمثل حال الكل، فلا بُد من أن يراجع المجتمع المصرى حاله، وأن تعود طاقة الحب بين الناس، لأننا فقدنا الكثير من القيم، ولا بُد أن نعلم أننا لن نعيش بمفردنا دون الآخر. ما الذى شجعك على التعاون مُجددًا مع مسرح الدولة؟ - المسرح الخاص يواجه أزمات وظروفًا إنتاجية صعبة، والمسرح فى القطاع الخاص «صعب ييجى له كل الناس».. لكن مسرح الدولة التذكرة سعرها متوسط، فى متناول الجميع، فالتذكرة فى المسرح الخاص تبدأ من 250 جنيهًا، لكن فى مسرح الدولة ب100 جنيه، ومن هنا يحضر جميع أفراد الأسرة والموظفون والطلبة، وهذا الأمر يسعدنى.. لكن هذا لا يعنى أن مسرح الدولة أهم من المسرح الخاص، فالاثنان يقدمان أعمالاً جيدة، لكن وضع القطاع الخاص اختلف، فهو يمر بظروف صعبة - كما ذكرت - وهذه الظروف جعلت الجمهور يتراجع عنه ليتجه إلى مسرح الدولة. كُنت حريصًا فى «فرصة سعيدة» على تكريم أُسر الشهداء.. - مقاطعًا: من الأمور التى تُسعدنى حضور أُسر الشهداء بشكل يومى لعرض «فرصة سعيدة»، وأحرص على التواصل معهم، والتقاط الصور التذكارية، وهو شيء لا أقوم به اليوم فقط، بل أقوم به دائمًا، فقد كان لهم تواجد أيضًا فى عرضى المسرحى السابق «غيبوبة»، فنكرمهم ونحتفل بهم بحضور أبنائهم، فالشهداء ضحوا بحياتهم من أجل أمان الشعب المصرى، والأمر له وقعه الخاص عندى كإنسان وكفنان. لا نزال نمر بفترة حرجة فى مصر.. برأيك ما دور الفنان فى ظل تلك الظروف؟ - الفنان أمامه طريقان.. إما أن يبتعد عن السياسة.. أو أن يتخذ موقفًا، سواء مع أو ضد.. لكن فى النهاية الفنان لا بُد أن يحافظ على نفسه حتى لا يخسر جمهوره.. وموقفى الدائم والثابت مع مصر.. ولا يهمنى ما يُقال عنى فى مسألة «مع أو ضد»، مادمت أعبر عن الشعب، و«عن مواقف أنا حاسس بيها»، فمن يكره البلد سيكره مواقفى.. وأنا مش أحسن من البلد. هل على الفنان دور فى توجيه الناس والتوعية بأهمية المشاركة فى الانتخابات الرئاسية القادمة مثلاً؟ - طبعًا الفنان له دور فى توعية وتشجيع الناس على أن المشاركة واجب، فهو حدث مصرى مهم، ونحن معنا رئيس ربنا أكرمنا به، فهو رجل وطنى عظيم، ويعمل كل ما فى وسعه من أجل الناس.. أنا معه قلبًا وقالبًا.. وأنا مع أن الناس تعبر عن رأيها من خلال مشاركتها فى الانتخابات. نعود إلى المسرح.. بما أنك ممثل كبير، ولك خبرة فى المسرح الخاص، وكنت ترتجل فى بعض المَشاهد.. هل هذا متاح بنفس القدر على مسرح الدولة؟ - الأمر لا يُحسب هكذا، فالارتجال مُتاح لى على مسرحى الدولة والخاص نتيجة التفاعل مع الشخصية والجُمهور، لكن لا بُد أن يكون دون ألفاظ غير لائقة، فقواعد المسرح ثابتة فى كل مكان. كيف ترى مستقبل المسرح؟ - أنا متفائل جدًا بعام 2018 للمسرح والسينما والدراما، خصوصًا أن «مدينة الإنتاج الإعلامي» ستعود للإنتاج مرةً أخرى، وستعود الدراما بفنانيها الحقيقيين.. و«الدراما» منذ 25 يناير 2011 حتى 2013 وهى فى حالة فوضى، فهناك تطاول، وألفاظ خارجة، وبعضها اتخذ شعار «الحرية»! .. لكن منذ 2014 حتى الآن الأمور أصبحت فى تحسن، أما المسرح - خصوصًا مسرح الدولة - فأنا مستعد أن أعمل فيه ب«بلاش»،؛ خصوصًا إذا كان العرض اجتماعيًا وإنسانيًا ومفيدًا للمجتمع، فالمسرح مهم جدًا فى حياة الجمهور والشارع المصرى. بمُناسبة الدراما، تُصور حاليًا مسلسل «البيت الكبير».. ما دورك فى هذا العمل؟ - المسلسل تدور أحداثه عن الأسرة، وأقدم فيه دور البطل -زوج «سوسن بدر» - ويشارك فى المسلسل «منذر رياحنة»، «أحمد صيام»، «لوسى»وهو من تأليف «أحمد صبحي»، وإنتاج «ممدوح شاهين»، وإخراج «محمد النقلي»، والعمل يتم تصوير مشاهده بشكل يومى لعرضه فى شهر مارس المقبل.. ويدور حول الصراع الكبير على الميراث، فهو مسلسل اجتماعى عن الصعيد، لكن ليس به مشاهد ثأر.. ودورى هو كبير العائلة، المتحكم فى الأمور، والصراعات التى يخوضها فى سبيل ذلك. يبدو أن دورك جاد وهو شيء مختلف عن الصورة التى يراك بها دائمًا الجمهور كنجم كوميدى محبوب؟ - معظم أعمالى فى الدراما والسينما أتخلى فيها عن الشخصية الكوميدية، والمَنفذ الوحيد للأعمال الكوميدية بالنسبة لى هو المسرح، لكن فى الدراما أغلبها تراجيدى أو أدوار مُركبة، وهى أيضًا محبوبة عند الجمهور. كنت مُقلاً فى ظهورك فى الدراما والسينما فى السنوات الأخيرة.. ما السبب؟ - الأمر يعود للسيناريو الجيد، فالعام الماضى تواجدت فى موسم رمضان بمشاركتى فى مسلسل «الحصان الأسود»، والعام الحالى يُعرض لى حاليًا مسلسل «عائلة الحاج نعمان» على إحدى القنوات المُشفرة، وسيتم عرضه فى الفترة المقبلة أمام الجمهور على عدد من القنوات. بمناسبة «عائلة الحاج نعمان».. كان لك تصريح غريب بأنك شعرت بالنفور من الشخصية التى تقدمها فى المسلسل؟! - قبلت الدور، لكن الشخصية البخيلة «بشعة»، فعندما أُمثل الدور أشعر ب«الاختناق»، فتلك الشخصية تعيش معى لوقت طويل، وأنا أكره الشخص البخيل، لأن الرجل البخيل مُرهق، وقد أرهقتنى طباع تلك الشخصية فى المسلسل. دائمًا ما تصف الجمهور ب«الوحش الكبير» ولديك حالة قلق دائمة من رد فعله.. متى ستقضى على خوفك من هذا «الوحش الكبير»؟ - لن يحدث!.. لو وضع أحدهم سماعة على قلبى، فسيسمعون دقاته من القلق كل يوم، خوفًا من رد فعل الجمهور ودائمًا أتابع الآراء بعد كل ليلة من عرضى المسرحى الذى أقدمه. أنت من الفنانين الذين عملوا مع كبار المخرجين مثل «يوسف شاهين».. برأيك فى ماذا يختلف الجيل الحالى عن الجيل السابق من الفنانين؟ - أنا أُشجع الشباب جدًا، وآخر عملين لى كانا مع مخرجين من الشباب، ولكل فترة طابع خاص بها، والشباب لهم دور حاليًا ناجح.. والفنانون الكِبار من الصعب حذف وجودهم فى الأعمال الفنية، بل إن لوجودهم أهمية، فهم يشاركون فى الأعمال المتنوعة بأدوار مختلفة، والسينما والدراما فى حاجة لهم دائمًا. تعاونت مع أكثر الشركات الإنتاجية إثارة للجدل «السبكى» وقد بدأ يتراجع كمًّا عن الإنتاج مُقارنةً بالسنوات السابقة.. ما تعليقك؟ - أفلام «السبكي» ليست كلها سيئة، فقد شاركت معه فى أعمال كبيرة، منها «ساعة ونصف»، «كباريه»، و«الليلة الكبيرة».. لكن فى المقابل قام بتقديم أعمال تجارية مثل أى مُنتج لكى يربح، ونحن فى حاجة لتنوع فى الإنتاج بشكل عام.