ليست الظروف الاستثنائية التى اعتليا فيها هرم السلطة هى فحسب ما يمكن اعتباره وجه الشبه الذى يجمع بين الرئيس عبد الفتاح السيسى (رأس السلطة السياسية) والبابا تواضروس الثانى (رأس السلطة الدينية المسيحية فى مصر) فهما يتشابهان فى عدة صفات حتى إنهما ينتميان لنفس البرج فهما من مواليد نفس الشهر. الرؤية المختلفة للمنصب وطريقة القيادة تعد عاملا مشتركا بين الشخصيتين أيضا، وهو ما جعلهما عرضة للهجوم أحيانا، خاصة ممن تعودوا على نمط معين من الحياة ويرون فى التغيير تهديدا لاستقرارهم. كلاهما يعملان بحب وإخلاص، يجمعهما حب أصيل للوطن, ولا يختلف أحد على وطنيتهما، الاثنان يسيران فى طريقهما وفق ما يريانه لصالح هذا البلد مهما كانت الانتقادات الموجهة إليهما. يعد الرئيس عبد الفتاح السيسى أوضح رئيس يتعامل مع الأقباط بصفته رئيسا لكل المصريين وهو أول رئيس يرفض تصنيف المصريين على حسب ديانتهم ويصر دائما فى حديثه عن الأقباط استخدام كلمة «المصريين» فقط، ويحاول دائما مع البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فى ردع أى محاولة لتقسيم مصر وتمزيق نسيجها الواحد. الرئيس السيسى هو أول رئيس أيضا يهنئ الأقباط بعيدهم من داخل الكنيسة حيث يحرص على الحضور ليلة عيد الميلاد بالكاتدرائية الأمر الذى يقدره بشدة البابا تواضروس مثمنًا أن يختار الرئيس الكاتدرائية ليهنئ منها المصريين جميعا بالعام الجديد. فى هذه السطور يتحدث البابا تواضروس الثانى ل«روزاليوسف» عما قام به الرئيس السيسى خلال 4 سنوات للأقباط بصفتهم جزءًا لا يتجزأ من الوطن. نود فى البداية أن نعرف ما هى طبيعة العلاقة بين الكنيسة القبطية والرئيس؟ - نشكر الله..العلاقة بين الكنيسة وسيادة الرئيس والحكومة المصرية علاقة بدأت تأخذ مسارها الصحيح وذلك منذ أن تم وضع الدستور والإصرار على المساواة وعدم التمييز وأن ما يخص غير المسلمين ينطبق عليهم شرائعهم الخاصة فيما يخص حياتهم واختيار قيادتهم والأحوال الشخصية والحقيقة أن الدولة تنتهج هذا المنهج بالفعل. كما أن العلاقات بيننا طيبة جدا وهذا تقدير عال، والرئيس يعرف أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قديمة ولها تاريخ وحضارة، حيث إنها على أرض مصر منذ منتصف القرن الأول الميلادى بعد تأسيسها على يد القديس مارمرقس الرسول. من وجهة نظركم ما أهم الإجراءات التى قامت بها الدولة لمعالجة مشاكل الأقباط منذ بداية فترة رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى؟ - فى وجود الرئيس السيسى وبعد انتخابه رئيسا للجمهورية وبعد إقرار البرلمان أيضا، أمور كثيرة بدأت تأخذ المسار الصحيح، وأحب أن أذكر بعضها وتأتى طبعا فى مقدمتها إصلاح وترميم الكنائس التى دمرت بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة فى أغسطس 2013 , وكيف أن الدولة تحملت هذا وكانت بمثابة وعد من السيد الرئيس وعددها بالعشرات بالإضافة إلى المواقع المختلفة. ثم إن الانتخابات البرلمانية الأخيرة كان من حصيلتها وجود 39 عضوًا مسيحيًا يمثلون شرائح كثيرة فى المجتمع فى سابقة هى الأولى من نوعها، ثم ظهر قانون بناء الكنائس، هذا القانون الذى انتظرناه لأكثر من 160 سنة، وأخيرًا صار بناء الكنيسة يخضع لقانون وهو الذى أخذ دراسة كبيرة جدا ومناقشات كثيرة فى المجلس التشريعى وتمت الموافقة عليه بأغلبية كبيرة. يضاف إلى ذلك الزيارات المستمرة التى يقدمها لنا السيد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى فى بداية كل عام حيث يأتى لتهنئة كل مصر من خلال الكاتدرائية، وفى السنة الأخيرة عام 2018 كانت المفاجأة مضاعفة حيث افتتح افتتاحا جزئيا للكاتدرائية الجديدة «كاتدرائية ميلاد المسيح» فى العاصمة الإدارية التى تبنيها مصر. وكانت زيارته وتهنئة كل المصريين وجموع المصريين سواء فى مصر أو خارجها أيضا كانت مناسبة طيبة تظهر المحبة الشديدة والعلاقات الطيبة التى على أساسها تتقدم مصر خطوة خطوة نحو المستقبل. كيف تجسد اهتمام الدولة بالكنيسة على دورها فى المجتمع؟ - يضاف إلى كل ما سبق من التطورات التى حدثت للكنيسة خلال الفترة الماضية أمور كثيرة منها مشاركة الكنيسة فى قضايا أخرى وفى لقاءات واجتماعات ومؤتمرات، وصارت الكنيسة كما أقول دائما أنها أحد أعمدة هذا الوطن، فالوطن كله قائم على أعمدة كثيرة مثل الجيش والشرطة والأزهر ومثل الفن والسينما إلخ.. الكنيسة أيضا أحد أعمدة الوطن ولا يمكن الاستغناء عن عمود فى أى مبنى من المبانى ولا على كيان وحضارة مصر. كيف يرى البابا كل هذه التغييرات فى تناول الدولة لملف الأقباط والكنيسة؟ - نحن نسير على الطريق السليم والصحيح فى هذه العلاقات الطيبة التى نصلى من أجلها أن يحفظ سيادة الرئيس وكل المسئولين فى الحكومة والقوات المسلحة والشرطة الوطنية وفى المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية ونشعر أن مصر تستعيد مكانتها العظيمة فى كل مكان. أود أن أضيف إضافة مهمة أنه ولأول مرة يجتمع رئيس الجمهورية مع قيادات الكنائس المسيحية الممثلة على أرض مصر وكان هذا لقاءً طيبًا. وفى هذا اللقاء كانت هناك فرصة لمقابلة الرئيس على انفراد ثم اجتماعه مع كل هذه القيادات التى كانت نحو 13 كنيسة بكل ممثليها، وهذا كان تقديرًا عظيمًا من الرئيس للمصريين المسيحيين الذين يعيشون بين إخوانهم المسلمين فى وطن واحد ومحبة واحدة ووحدة واحدة.. ونتمنى أن يكون المستقبل أكثر إشراقا ونصلى من أجل أن يحفظ الله مصر وكل قادتها وسلامها وأبنائها ومستقبلها.