خيبتنا الثقيلة أننا نحتل المركز الأخير فى جميع القياسات العالمية.. ما عدا فى إنتاج المواليد.. فنحن الأوائل بجدارة ونسبق جميع دول العالم.. والمصيبة أننا لا نكتفى بالإنتاج الطبيعى.. وإنما نلجأ لوسائل مساعدة.. أولها الفياجرا التى تحتل أيضًا المركز الأول فى استهلاكها عالميًا..! لاحظ أن حسنى مبارك تولى حكم البلاد وتعداد السكان أربعون مليونًا.. وتركها وقد تجاوز السكان التسعين مليونًا.. وهى جريمة كبرى تستحق العقاب والمساءلة. الخيبة أننا، وقد تجاوزنا المائة مليون.. أننا نسعى للمزيد حتى نثبت للعالم أننا أمة عفية بحق وحقيقى.. وقد نجحنا فى إنتاج الفياجرا بأسعار زهيدة.. والنتيجة أن معدل الزيادة السكانية فى الوقت الحالى أعلى من معدلاتها فى الصينوالهند شخصيًا..! وزمان زمان.. وفى بداية الثورة أدركت الدولة أن زيادة السكان هى الخطر الأول الذى يهدد خطط التنمية الوليدة.. وكانت أعدادنا وقتها لا تزيد على العشرين مليونًا.. وعندما قامت الوحدة مع سوريا كان التعداد المصرى اثنين وعشرين مليونًا.. فسعت الدولة لإنشاء جهاز تحديد النسل.. الذى أغضب المشايخ.. فتم تعديل الجهاز إلى جهاز تنظيم النسل الذى تربع على عرش الأجهزة الحكومية من حيث الصرف والفشخرة بفضل عشرات المستشارين والمحاسيب.. واكتفى الجهاز بالدعاية العبيطة.. وطوال الخمسين سنة الماضية ارتفع عدد السكان خمسة أضعاف.. فى ظل وجود جهاز تنظيم النسل الذى هو مجرد واجهة وديكور وباب خلفى للصرف والإنفاق الفاحش..! فى جميع دول العالم تتدخل الحكومات من أجل ضبط إنتاج المواليد الجدد.. إما بالخفض أو الزيادة.. بعيدا عن زغزغة الإعلانات.. وعند الخواجة الأوروبى الذى يعانى ضعفا فى الإنتاج.. ومعدلات الزيادة السكانية عندهم لا تزيد على نصف فى المائة.. يمنحون علاوات خاصة للزوجين اللذين ينجبان طفلا.. بالإضافة إلى فتح حسابات بنكية للطفل المولود.. وتتسابق الشركات الصناعية والتجارية والبنوك فى الترحيب بالمولود عن طريق الهدايا والامتيازات.. ناهيك عن التعليم المجانى.. وفى فرنسا يمنحون كل طفل يلتحق بالمدرسة مائتى يورو شهريًا.. مساهمة من الدولة فى تعليمه الذى هو مجانى تمامًا.. وفى سويسرا التعليم والكتب والكراسات مجانية.. وفى بريطانيا التعليم بفلوس يحصل عليها والد الطفل من الدولة.. حتى يتمكن من الإنفاق على الأولاد فى المدارس.. وفى أوروبا كلها التعليم الإلزامى مجانى تمامًا.. وهناك التعليم الإلزامى يشمل المرحلة الابتدائية والإعدادية. الهندوالصين من الدول التى تعانى من الكثافة السكانية.. وفى الهند لجأت الدولة إلى حقن الأزواج بحقن مخصوصة تمنع إنجابهم.. لكنها توقفت عنها تحت ضغط جمعيات حقوق الإنسان التى تعترض بشدة على الإجراء غير المسبوق. وكانت الصين حالة مختلفة.. ويحرم الزوجان من الكثير من الامتيازات الحياتية فيما لو أنجبا أكثر من طفل واحد.. الطفل هناك يحصل على امتيازات هائلة فى الصحة والتعليم.. لكن الطفل الثانى يحرم تماما من أى امتيازات.. وهو النظام الذى تراجعت عنه الصين مؤخرا.. لتسمح للأسرة بولادة طفلين! ولاحظ أن الصين لم تلمح أبدًا لاستخدام حقن الإخصاء.. كما فعلت الهند.. ولم تجرؤ دولة فى العالم على استخدامها سوى فى كوريا الشمالية.. ولا تعرف يا أخى لماذا يلوح البعض عندنا بضرورة استخدامها..! القصد أن دول العالم لا تستخدم الإعلانات العبيطة.. وإنما هى تسعى بوسائل مختلفة وطبقا لخطط محكمة لتنظيم النسل.. ومن هذه الخطط رفع مستوى المعيشة.. لأنه كلما ارتفع المستوى قل إنجاب الأطفال والعكس صحيح تمامًا. وما دامت مصر ولادة.. وفيها الطلق والعادة.. فلا بد من تركيب لولب مناسب لضبط الإنتاج وتحديد النسل.. رغم أنف المشايخ المتشددين.. الذين بفضلهم تضاعف عدد السكان خمسة مرات فى خمسين عامًا!
