لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    الأوقاف: التبرعات ممنوعة بالمساجد .. ورقابة على صناديق النذور | فيديو    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    فى ليلة شم النسيم.. إقبال كثيف على محلات بيع الفسيخ فى نبروه||صور    يمن الحماقي: لا توجد استراتيجية واضحة للصناعة في مصر.. وكل قطاع يعمل بمفرده    أستاذ اقتصاد: المقاطعة لعبة المستهلك فيها ضعيف ما لم يتم حمايته    استشهاد 9 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي على منزل في رفح    ردا على إطلاق صواريخ.. قصف إسرائيلي ضد 3 مواقع بريف درعا السوري    بوتين يحقق أمنية طفلة روسية ويهديها "كلب صغير"    لافروف: الغرب لا يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا    باحث: العلاقات بين السودان وتشاد تشهد حالة من التوتر    قبل معسكر الفراعنة.. «الجبلاية» يلبى طلبات الجهاز.. و«علام»: ندعم المنتخب للتأهيل للمونديال    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    خالد مرتجي يرد على مريم متولي: محدش كلمك ومش هترجعوا الأهلي.. فيديو    تعرف على نتيجة مشروع متطوعي وزارة الشباب والرياضة المقام بمطروح والمحافظات الفائزة    أفضل موبايل سامسونج للفئة المتوسطة بسعر مناسب    مصرع وإصابة 6 في حادث انقلاب تروسيكل بمطروح    بإمكانيات خارقة حتدهشك تسريبات حول هاتف OnePlus Nord CE 4 Lite    سعرها صادم.. ريا أبي راشد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور    الباشا.. صابر الرباعي يطرح برومو أغنيته الجديدة    مدير مكتبة الإسكندرية: الوثيقة لها نظام معين في العرض وليست متاحة للعامة    فلسطين تزين مسيرة سام مرسي قائد إيبسويتش تاون    موعد مباريات اليوم الإثنين 6 مايو 2024| إنفوجراف    طارق مجدي يدير مباراة الجيش والمصرى بالدوري    خبير تحكيمي: مستوى البنا في تراجع شديد.. وسموحة يستحق ركلة جزاء أمام الزمالك    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 3 من جنوده خلال هجوم عند معبر كرم أبو سالم    مصر في 24 ساعة|اعرف طقس شم النسيم وتعليق جديد من الصحة عن لقاح أسترازينيكا    الميزانية السعودية تحقق بالربع الأول العام إيرادات بلغت 293.4 مليار والعجز 12.4 مليار ريال    رياح قوية وسقوط أمطار .. الأرصاد تكشف توقعات طقس الغد على سواحل مطروح    أمطار خفيفة على المدن الساحلية بالبحيرة    كيف استعدت الإسكندرية لاستقبال الضيوف خلال إجازة شم النسيم؟.. "السياحة" توضح    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    3 قتلى و15 مصابًا جراء ضربات روسية في أوكرانيا    عمرو أديب: «مفيش جزء خامس من مسلسل المداح والسبب الزمالك» (فيديو)    أمين الفتوى: الله شرف مصر أن تكون سكنا وضريحا للسيدة زينب    نافس عمالقة ووصل بالأغنية السعودية للقمة.. تعرف على رحلة «فنان العرب» محمد عبده    نقابة البيطريين تحذر من تناول رأس وأحشاء الأسماك المملحة لهذا السبب    عضو الجمعية المصرية للمناعة يقدم نصائح طبية قبل شم النسيم (فيديو)    لدعم صحة القلب والتخلص من الحر.. 5 عصائر منعشة بمكونات متوفرة في مطبخك    حزب الله: استهدفنا مستوطنة مرغليوت الإسرائيلية بالأسلحة الصاروخية    منافسة بين آمال وأنغام وشيرين على أغنية نجاة.. ونبيل الحلفاوي يتدخل (فيديو)    فحص 482 حالة خلال قافلة طبية مجانية في الوادي الجديد    نائب سيناء: مدينة السيسي «ستكون صاعدة وواعدة» وستشهد مشاريع ضخمة    الوزير الفضلي يتفقّد مشاريع منظومة "البيئة" في الشرقية ويلتقي عددًا من المواطنين بالمنطقة    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولايات «المساطيل» الأمريكية!

فى عام 1968 أعلنت إدارة الرئيس الأمريكى الجمهورى «ريتشارد نيكسون» الحرب على المخدرات باعتبارها الخطر الحقيقى وربما الأوحد الذى يهدد مستقبل الولايات المتحدة؛ الآن وبعد نصف قرن إلا نيف، ومع وجود رئيس جمهورى آخر فى البيت الأبيض، يرى الأمريكيون أن الوضع تدهور كثيرا عما كان أيام «نيكسون» فالشعب الأمريكى الآن وبحسب تقاريره الحكومية أصبح كله تقريبا «مسطولا»!
الأمر ليس مبالغة، بل إن الوضع فى الولايات المتحدة قد صار مقلقا بالفعل، فسهولة الوصول إلى المواد المخدرة باختلاف أنواعها أصبحت لا تصدق، كما أن المعدلات العمرية لتعاطى المواد الأفيونية- وليس الكحولية- فى انخفاض مستمر، كما أن الجهة الحكومية لمكافحة المخدرات فيما يبدو ليست مجدية أو هى أضعف من حالة تفشى المخدرات بين المواطنين الأمريكيين على اختلاف ثقافاتهم وأصولهم العرقية، بل وعلى تباين شرائحهم الاجتماعية والتعليمية أيضا!
مؤخرا جدا، وفى الشهر الماضى أصدرت لجنة البيت الأبيض لمكافحة الإدمان وتعاطى المواد المخدرة، أصدرت تقريرا أوصت فيه بشدة بضرورة إعلان الرئيس الأمريكى لحالة الطوارئ لمواجهة الأزمة الاجتماعية الناجمة عن تفشى المخدرات بين الأمريكيين، اللجنة أصلا تشكلت بالأمر المباشر فى مارس الماضى، ولم تلبث اللجنة أن عملت على رصد مدى انتشار المخدرات غير الكحولية فى قطاعات العمل والدراسة المختلفة فى المجتمع الأمريكى، وهالها ما رصدته التقارير الاستطلاعية إلى الحد الذى دفع ب«كريسى كريستى»- رئيس لجنة مكافحة الإدمان- بأنه يهيب ب«ترامب» من أجل سرعة التدخل لمواجهة هذه الأزمة القومية، لا سيما فى ظل عجز برامج الرعاية الصحية التأمينية عن الوفاء بالتزاماتها الأساسية، فما بالك بالتصدى للإدمان ومشكلاته الصحية والنفسية التى لا تدخل ضمن بنود التأمين الصحى الأمريكي!
تتصدر ولايات «فلوريدا»، «الأريزونا»، «مريلاند» المشهد بأزمة إدمانية متفاقمة منذ سنوات، حتى إن الولايات الثلاث قد أعلنت بالفعل حالة الطوارئ على مستودى داخلى نظرا لسهولة تداول المواد المخدرة الطبيعية والتخليقية فيها لا سيما بين الشباب!
بحسب تقارير الرصد الحكومية فإن أغلب الأمريكيين الآن «مساطيل» لدرجة تعيقهم عن العمل وقضاء المهام الحياتية اليومية، هو وضع حالة «سطل» فعلية بحسب التعبير العربى الدراج، فالأمر فى أحيان كثيرة لا تنطبق عليه شروط الإدمان المغيبة تماما عن الوعى كما هو معروف، كما أنه لا يمكن وصفه بأية حالة بأنه «حالة يقظة طبيعية»، فأغلب الأمريكيين فى حالة تعاط متقطع تفصلهم عن الواقع، وما بين حالة «اللاتعاطى» وحالة توافر المادة المخدرة فإن الأمريكى إما مرهق أو نصف واع أو عرضة لآثار خروج الجرعة المخدرة التى تعاطاها، ولكنها تؤثر سلبا فى حالته الصحية العامة ويقظته الطبيعية وقدرته على التفاعل ورد الفعل الطبيعي!
اللافت للنظر أن تقارير الرصد الإدمانى الحكومية تزامنت مع عدة تقارير مستقلة لهيئات عمالية وشركات توظيف وتقييم وظيفى فى مختلف أنحاء الولايات المتحدة لكنها اتفقت على عجز الشركات والمؤسسات الكبرى عن سد حاجاتها من الموظفين والعاملين الكفء، بعبارة أخرى فإن سوق العمل الأمريكى ملأى بالوظائف الجيدة الشاغرة دوما لأنها لا تجد عمالة مناسبة تشغلها، الأمر لا علاقة له بالمتطلبات الوظيفية، كما قد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى سواء من ناحية الدرجة التعليمية أو الخبرة أو سابقة العمل أو حتى المواصفات الشخصية حسبما تبين هذه التقارير المستقلة التى عجزت لفترة طويلة عن الوقوف على السبب الحقيقى وراء عزوف الأمريكيين عن شغل هذه الوظائف وتفسير لغر بقائها شاغرة لفترات زمنية طويلة!
القراءة المتأنية لما خلصت إليه تقارير لجنة البيت الأبيض لمكافحة الإدمان وتعاطى المواد المخدرة من ناحية وتقارير الرصد التوظيفى المستقلة من ناحية أخرى تقود إلى نتيجة واحدة واضحة وهى الإفراط فى تعاطى المواد المخدرة، فالشريحة العظمى من العمالة الأمريكية من غير حملة المؤهلات العليا فى حالة من «السطل» الشديدة التى تعيقهم عن التقدم أو الحصول على الوظائف الجيدة، الغريب أن المخدرات الأفيونية ما زالت تحقق أعلى معدلات الانتشار بين هؤلاء الشباب، لكن الملاحظ كذلك زيادة مطردة فى تعاطى الهيروين- رغم غلو ثمنه- والمخلقات الطبية الكيميائية المخلوطة بعناصر مخدرة تؤخذ عن طريق الحقن!
تحليلات المسئولين اتفقت على «الدوران فى حلقة مفرغة»، فانتشار الإدمان فى سن الإقبال على سوق العمل يعيق عن التقدم للالتحاق بالوظائف المرموقة، وفى نفس الوقت استمرار حالة البطالة بسبب تعاطى المخدرات يدفع الشباب للإدمان بصورة أكبر!
الأرقام لا تكذب، هو الشعار الذى يردده المهتمون بالمسألة فى البيت الأبيض من أجل التحرك قبل انفجار الأزمة، ففى أقل التقديرات فإن %25 من المتقدمين للتوظيف يفشلون فى اختبارات تعاطى المخدرات، بينما تصل هذه التقديرات إلى %50 فى بعض الأحيان مع تحقيق معدلات عالية من نسب المواد المخدرة فى عينات دم المتقدمين للفحص الطبى فى قطاعات التوظيف، أما المفاجأة فهى أن ما يقرب من %6 من المنتمين للشرائح العمرية البالغة المستحقة للعمل لم تتقدم للالتحاق بالوظائف المتاحة لها أصلا إما بسبب المرض أو الإعاقة، فيما ألمحت بعض عناصر الرصد إلى أن «المرض والإعاقة» هى اصطلاحات تشير ضمنا إلى العجز بسبب تعاطى المخدرات، بينما تحفظت مراصد أخرى على الأمر مكتفية بالإشارة إلى أن «نسبة غير محدودة» من هذه الشريحة المتقاعدة هى على الأرجح خارجة عن سوق العمل بسبب تعاطى المخدرات!
الصادم كذلك هو ما حذرت منه بعض الأصوات التى عبرت عن قلقها من «التنميط» المصاحب لمثل هذه الدراسات التى تفترض تلقائيا أن المتضررين/ المتعاطين المتسربين من سوق العمل هم بالافتراض من الذكور، فتقارير الرصد المبدئى كشفت عن «مصيبة» وهى أن نسب تعاطى المخدرات متساوية بين الذكور والإناث بغض النظر عن نوع المخدر ومدى الإدمان عليه، وبالتالى فإن العمالة المتعطلة عن العمل تشمل الجنسين بنفس الدرجة، ومن قبيل الظلم أن نتصور تضرر الرجال وحدهم فيما الرجل والمرأة يتساويان فى حالة «السطل الأمريكية» هذه!
«المذكرة البيج» أو تقارير المسح الاقتصادى الفيدرالى أشارت أكثر من مرة إلى ما وصف بأنه «معاناة أصحاب العمل من أجل إيجاد عمالة أمريكية مناسبة تجتاز اختبارات تعاطى المخدرات»، فيما ذكر مسئولو إحدى أكبر شركات التصنيع الإلكترونى فى «وست فرجينيا» أن نصف المتقدمين للالتحاق بالوظائف الإدارية لديهم إما يفشلون أو يرفضون اجتياز اختبارات التعاطى، وأن الأمر قد صار أقرب للروتين بين طالبى الوظائف فى كل دورة توظيف تقريبا، فيما وصفت إحدى القيادات المهنية الأمريكية البارزة الأمر بأنه «الأخطر على الإطلاق منذ عصر النهضة الصناعية»!
على امتداد التاريخ الأمريكى كان للجمهوريين أصحاب أجندة مكافحة المخدرات عن جدارة، بدءا من «نيكسون» وحتى «بوش الابن»، مرورا ب«ريجان» الذى استخدم اصطلاحا مثيرا للجدل وهو «الحملة الصليبية على المخدرات»، واستهدف حينها خريطة زراعة وترويج المخدرات عالميا فى أواسط آسيا وقيل وقتها إن الهدف الحقيقى هو تقويض النفوذ السياسى والعسكرى الروسى هناك، والغريب أن أمرا مشابها ردده الديمقراطيون عن حملة «نيكسون» لمكافحة المخدرات منذ سنوات فقط مؤكدين أن رئيس الجمهورية اعتبر «المخدرات» حجة آنذاك للقضاء على السود والهيبى الأمريكان بالأساس!!
بغض النظر عن الاتهامات السياسية المتبادلة فى هذا السياق بين الجمهوريين والديمقراطيين، تبقى حقيقة أساسية وهى أن المخدرات أصبحت فى العالم كله «زى الرز»، وربما ليس الأمريكان وحدهم «مساطيل»! 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.