عالم دينى ودبلوماسى، هذا هو ملخص السيرة الذاتية للشيخ «صالح إبيمانا» سفير رواندا فى مصر وليبيا وتونس والجزائر، والذى يقيم بالقاهرة.. يحب الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، ويرى فيه امتدادًا للزعيم الراحل جمال عبدالناصر الذى عمل على تحرير أفريقيا. لعب «إبيمانا» دورًا كبيرًا فى المصالحة الوطنية وحوار الأديان فى بلاده وقت أن كان مفتيًا للبلاد قبل دخوله السلك الدبلوماسى، وهو ما جعله أول مفتٍ فى تاريخ كيجالى يستمر فى منصبه لدورتين متتاليتين، بعد ويلات الحرب الأهلية التى عانت منها بلاده وراح ضحيتها أكثر من 1.5 مليون نسمة فى أكبر وأبشع المذابح فى تاريخ البشرية عام 1994. فى البداية سألناه: هل أثر إغلاق سفارة رواندا لدى القاهرة ووجود السفير بأديس أبابا لأكثر من ثلاثة عقود بالسلب على العلاقات بين البلدين؟ - غلق السفارة لم يكن متعمدا، ولكن كان لظروف الحرب الأهلية والمشكلات التى حدثت على الساحة الرواندية، فلم يكن لدينا ما يكفى لافتتاح سفارات فى كل الدول واضطرت البلاد إلى تخفيض النفقات. ما سر حماس الرئيس «بول كاجامى» لاتخاذ قراره بإعادة افتتاح السفارة بالقاهرة، وهل لذلك القرار علاقة بالصداقة التى تجمع بينه وبين الرئيس «السيسى»؟ - الرئيس «كاجامى» معروف عنه أنه رئيس أفريقى وهو متحمس جدا أن يرى الدول الأفريقية تتعاون مع بعضها البعض، وبأن يكون اعتمادها على الذات، ولذلك من الضرورى أن تكون لنا سفارات فى كل الدول وبالأخص فى مصر التى يراها من الدول الكبيرة والقادرة على تغيير الواقع الأفريقى، كما أن هناك علاقة خاصة وصداقة قوية بين الرئيس «بول كاجامى» والرئيس «عبدالفتاح السيسى». ما الأطر التى يتم فيها التعاون بين البلدين اقتصاديا؟ - رواندا كدولة ناشئة عمرها 23 عاما بعد المجزرة التى وقعت فى عام 1994 وراح ضحيتها أكثر من مليون شخص من التوتسى خلال مائة يوم، تتطلع لبناء الوطن، وبإعادة افتتاح السفارة فى القاهرة نسعى إلى تحفيز الاستثمار فى مجال البنية التحتية وفتح مجالات العمل لشبابنا وبناء الدولة التى نحلم بها. وماذا عن التعاون والتنسيق بين البلدين فى ملف المياه؟ - رواندا ومصر علاقتهما لا تقتصر على التنسيق فى ملف المياه فقط، فإذا كانت المياه هى الرابط الرئيسى بين البلدين، حيث المنبع فى رواندا والمصب فى مصر فهذا لإرادة ربانية. تشيد فى تصريحاتك بدور الرئيس «السيسى» ووصفته بأنه إنسان أفريقى يعود لقارته بعد سنوات من الغياب.. بم تقيم الزيارة الأخيرة للرئيس السيسى لأفريقيا؟ - أنا شخصيا معتز بمواقفه ومسرور بنشاطاته فى البلدان الأفريقية وحماسه الملموس، خصوصا زيارته الأخيرة، فعندما كان مؤخرا فى رواندا وشاهدته كيف كان يحتفى بالشباب، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذا الرجل فخور بأنه أفريقى، وفى هذا السياق هناك سبب علينا أن نشير إليه هو أن الرئيس جمال عبدالناصر أرسل آخر جندى مصرى وأنفق آخر قرش من الخزانة المصرية محررا لأفريقيا، ولكن مهما كانت الظروف وإن غابت مصر لفترة، فهذا هو الرئيس «عبدالفتاح السيسى» يرجع من جديد ويحاول مع إخوته الأفارقة بناء أفريقيا الجديدة القادرة. كيف تستفيد رواندا من خبرات مصر فى إعادة بناء الدولة؟ - فى مجال البنية التحتية التى دمرت بالكامل ومجال التربية والتعليم فلدينا فى رواندا 32 جامعة على مستوى الدولة بعد أن كان لدينا جامعة واحدة فقط فى 1994، ولكن مازلنا فى حاجة إلى مدرسين وفنيين ومهندسين وإنشاء مصانع. وما تقييمك للدور المصرى فى ملف مكافحة الإرهاب؟ - التجربة المصرية فى مكافحة الإرهاب فريدة، فمصر دولة كبيرة تعدادها حوالى 100 مليون، 20 مليونا منهم فى القاهرة وحدها، ومع ذلك الأمن موجود فى كل مكان فى هذا البلد. باعتبارك المفتى السابق للمسلمين فى رواندا.. ما الروشتة التى تقدمها لنبذ العنف ومكافحة التطرف؟ - حسبما رأيته منذ مجيئى إلى مصر منذ عامين، فأنا لا أجد فى أى مسجد من مساجدها ما يسيء للأمن أو للوطن، فالمصريون يحبون بلادهم، التطرف أفكار لا تتواجد فقط فى التاريخ أو المدارس أو المساجد، ولكن فى بيوت الناس وحتى فى تعاملاتهم مع بعضهم البعض، وحل ذلك توافر الإرادة الشعبية مع الإرادة السياسية لتصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة. كيف ترى دور الأزهر فى تجديد الخطاب الديني؟ - الخطاب الدينى فى مصر بدأ يتغير عما كان عليه فى السنوات الماضية، وهذا ما لمسته خلال تواجدى فى بلادكم، والأمر لا يتوقف فقط على الخطاب الدينى، ولكن بتحسين الظروف المعيشية لأن الجماعات المتطرفة تستغل ظروف الناس وضعفهم فتبدأ تبث أفكارها وسمومها، والحل هو الرجوع للأسر وتعليمها وتمكين المرأة. هل هناك نية لإنشاء خط ملاحى أو جوى مباشر بين مصر ورواندا؟ - قريبًا ستكون هناك رحلات جوية من كيجالى إلى الخرطوم، ونسعى أن تكون هناك خطوط «كيجالى - الخرطوم - القاهرة»، وهى خطوة نحاول أن ننتهى منها قبل نهاية العام الحالى.